لطالما فتن الطراز المعماري العريق والمميز في المدن التاريخية اليمنية الباحثين والزوار والمهتمين بالمعمار الأول للحضارات التي قامت في جنوب شبه الجزيرة العربية، لا سيما تلك القصور الطينية والقلاع التاريخية وما احتوت من نقوش ومنحوتات بديعة تجسد تاريخها الزاهي، لكن هذا الإرث المعماري التاريخي والشاهد على حقب زمنية عاشتها البلاد بات اليوم يتهاوى أمام أبنائه جراء تساقط الأمطار الغزيرة التي جرفت أو تسببت في أضرار جزئية أو كلية في بعض الأماكن التاريخية والمباني الأثرية.

 

وشهدت صنعاء القديمة المدينة المأهولة منذ أكثر من 2500 عام، خلال أغسطس (آب) الماضي انهيار منازل تاريخية وتعرض أخرى لانهيار جزئي وتساقط بعض أسقف المنازل المتهالكة منها مما أثار حالة من الهلع والخوف بين الأهالي، وبفضل جهود السكان المحليين تم إنقاذ الأسر من تحت الأنقاض.

 

إهمال السلطات الحوثية

 

وأشار الحسن الجلال، أحد سكان الحي، الذي تعرض منزله للانهيار على رؤوس ساكنيه أن المنازل المجاورة لمنزل أسرته باتت مهددة بالسقوط بسبب إهمال السلطات الحوثية وعدم الاستجابة لمناشدات السكان.

 

وأوضح الجلال أن "الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية التابعة للحوثيين ترفض أي محاولات لإصلاح أو ترميم هذه المنازل، بحجة أن ذلك من اختصاصها، مما يعرض حياة السكان للخطر".

 

وعبر الجلال عن شكره وتقديره لأبناء الحي في نجدتهم في إنقاذ حياة عائلته، مؤكداً أن "الدفاع المدني لم يصل إلى المكان إلا بعد ساعتين من إبلاغهم بحادثة سقوط البيت على ساكنيه".

 

وتعد صنعاء واحدة من أقدم المدن المأهولة، ولديها تاريخ عريق وتمتاز بطابع معماري فريد، مما أهلها لأن تكون ضمن المدن التاريخية العالمية، وهي واحدة من مدن العالم الأكثر جمالاً.

 

 وصنفت مدينة صنعاء القديمة ضمن مواقع التراث العالمي لـ"اليونسكو" بسبب طابعها التاريخي المميز، والخصائص المعمارية الفريدة لمبانيها المتعددة الطوابق والمزينة بأشكال هندسية، لكن الأمطار الغزيرة تشكل تهديداً وجودياً للمواطنين وخطراً على التراث الإنساني والتاريخي للمدينة.

 

حلول جذرية

 

وينتقد سكان صنعاء القديمة، سلطات الحوثيين الانقلابية، بسبب عدم قيامها بإيجاد حلول جذرية للمحافظة على هذه المنازل من الاندثار أو السماح للمواطنين بترميمها في ظل عجز الجهات المعنية في القيام بمسؤولياتها.

 

وأبدى السكان شعورهم بالخيبة لعدم استجابة السلطات الحوثية لنداءات استغاثتهم من أجل التدخل لإنقاذهم، بعد ارتفاع منسوب المياه لمستويات قياسية، واجتياحها حاراتهم وصولاً إلى منازل بعضهم، مخلّفة أضراراً متفاوتة.

 

أكبر القلاع التاريخية والأثرية

 

ولم تقتصر الأضرار على صنعاء فحسب، بل امتدت إلى مدن تاريخية أخرى مثل مدينة زبيد التاريخية التي صنفتها اليونسكو عام 1993 على قائمة التراث.

 

وتعرضت قلعة زبيد، التي تعتبر من أكبر القلاع الأثرية في اليمن، لانهيار جزء كبير من واجهتها الشمالية، كما تضررت أسقف الثكنات الغربية التي تضم متحف الموروث الشعبي.

 

وتشكل "زبيد" موقعاً ذا أهمية أثرية وتاريخية، إضافة إلى أنها كانت عاصمة اليمن من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر الميلادي، وحظيت بأهمية في العالم العربي والإسلامي طيلة قرون من الزمن بفضل جامعتها الإسلامية وتقع في محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر غرب البلاد.

 

أما مدينة "ثلاء" الواقعة في محافظة عمران، شمال غربي العاصمة صنعاء، والتي تعد واحدة من المدن التاريخية العريقة في اليمن، تعود أصولها إلى فترة مملكة حمير، فقد تعرض أحد أبراجها الشمالية للتضرر بسبب الأمطار الغزيرة.

 

وأكدت الهيئة العامة للآثار التابعة لسلطة الحوثيين تضرر أحد أبراج الجهة الشمالية من سور مدينة ثُلاء التاريخية وهو ما يعد تهديداً لتراث ثلاث مدن عريقة من مدن اليمن مصنفة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو.

 

نداء حكومي لإنقاذ آثار ملوك اليمن

 

هول الكارثة دفع الحكومة الشرعية لمطالبة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) بالتدخل العاجل لحماية المناطق الأثرية المتضررة جراء الأمطار والسيول التي اجتاحت عدداً من المدن التاريخية. وجاء ذلك في رسالة بعثها سفير اليمن لدى "اليونيسكو" محمد جميح إلى المدير العام لـ"اليونيسكو" ومدير مكتب "اليونيسكو" الإقليمي لدول الخليج واليمن.

 

وتوثق الكتب التاريخية أن "حمير" قبيلة عربية يرجع نسبها إلى جدها الجاهلي حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الذي كان ملك اليمن، وإليه نسبة الحميريين، وكان شجاعاً مظفراً. ويقول المؤرخون العرب، إنه حكم بعد أبيه سبأ، وعاصمة ملكه صنعاء، وإنه غزا، وافتتح حتى بلغ بعض غزواته الصين، واتخذ تاجاً من الذهب، فكان أول من تتوج به، وأنجب ستة أبناء، ومنهم تفرعت قبائل مملكة حمير، وملوك اليمن.  ولقب بحمير لكثرة لبسه الثياب الحمر، وكان يكتب بالمسند على جميع سلاحه، وفي الجبال التي يمر بها، ثم حوله إلى الخط الحميري المنسوب إليه. وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم رسالة إلى ملوك حمير، الذين كانوا في عهده، إلا أن عصرهم الأكثر ازدهاراً كان قبل ذلك.

 

وأوضح جميح في حديث سابق لـ "اندبندنت عربية" أن السفارة خاطبت "اليونيسكو" بصورة عاجلة لتحريك جزء من المبالغ لدى صندوق المنظمة الخاص بالطوارئ للتحرك وحماية عدد من المناطق الأثرية والتاريخية المدرجة على قائمة التراث العالمي.

 

 وأضاف أنه "مع استمرار هطول الأمطار بفعل التغير المناخي الذي يضرب البلاد طلبنا توسعة الدعم، ورفعنا المناطق المتضررة في كافة المناطق مثل صنعاء وزبيد وشبام ورداع وغيرها من المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي"، مؤكداً تلقيهم مساعدات عاجلة تتعلق ببعض المعدات الخاصة بحماية المباني من الأمطار مثل الطرابيل المخصصة لتغطية المنازل في صنعاء وزبيد ودعامات لحماية الأسقف والمباني في بعض الأماكن المعرضة للانهيار كإجراءات طارئة.

 

وعلى نحو غير مسبوق يشهد اليمن الغارق في مأساة أخرى تتعلق بالنزاع المستمر منذ نحو 10 سنوات سيولاً وفيضانات جارفة سببها سقوط الأمطار الغزيرة مع تزايد ظاهرة التغير المناخي التي رفعت وتيرة هطول الأمطار وشدتها في ظل ضعف البنية التحتية الخاصة بمجاري وتصريف مياه الأمطار والسيول.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن آثار تراث فيضانات اهمال على قائمة التراث المدن التاریخیة الأمطار الغزیرة التراث العالمی

إقرأ أيضاً:

ليوناردو دي كابريو يشرح سر اختفائه عن الأضواء

تحدث النجم الأمريكي ليوناردو دي كابريو عن سبب حرصه الدائم على تقليل ظهوره أمام الجمهور. 

وجاء حديثه ليؤكد أنه يتعامل مع حضوره الإعلامي بطريقة مدروسة حتى لا يشعر الناس بالاعتياد المبالغ فيه عليه.

 وقال إن تجربته الطويلة في هوليوود دفعته إلى بناء توازن دقيق بين النجاح والاستمرارية من دون استهلاك صورته أمام الجمهور.

الممثل أوضح مخاوفه منذ نجاح "تيتانيك"

استعاد دي كابريو ذكريات الفترة التي تلت النجاح الساحق لفيلم "تيتانيك" الذي عُرض عام ١٩٩٧. 

ورأى أن الشهرة التي حصدها في ذلك الوقت جعلته يعيد التفكير في كيفية الحفاظ على مسيرة فنية طويلة. 

وذكر أنه سأل نفسه بصدق عن الطريقة التي يمكن أن تجعله يحافظ على شغفه التمثيلي بعيدًا عن الإرهاق الإعلامي. 

وأكد أن الحل الذي تبناه كان الابتعاد قدر الإمكان عن الظهور غير الضروري.

دي كابريو قدّم رؤيته للحفاظ على مسيرته

شرح دي كابريو أنه يؤمن بأن الظهور يجب أن يكون فقط عندما يكون هناك مضمون حقيقي يستحق المشاركة.

 وأوضح أن القاعدة التي يعمل بها تقوم على عدم التحدث أو الظهور إلى أن يتوافر شيء جديد يقدمه للجمهور.

 ورأى أن الابتعاد يوفر مساحة للنمو الفني ويحمي الفنان من الوقوع في فخ التكرار.

النجم حافظ على خصوصية حياته العاطفية

واصل دي كابريو التأكيد على أهمية حماية حياته الخاصة. وأظهر حرصه على إبقاء علاقته الحالية مع العارضة فيتوريا سيريتي بعيدًا عن الضوء المباشر.

 وبدأت علاقتهما عام 2023 عندما ظهرا معًا في أحد نوادي إسبانيا.

 وتطورت العلاقة لاحقًا وفقًا لتقارير إعلامية أشارت إلى جديتها المتزايدة. وشوهد الثنائي في أكثر من مناسبة خلال عطلاتهما في البحر المتوسط.

دي كابريو ردّ على الانتقادات المرتبطة بمواعدته لنساء أصغر سنًا

تطرق دي كابريو إلى الانتقادات الدائمة التي تلاحقه بشأن تاريخه العاطفي، وأعرب عن شعوره بأنه أصغر سنًا مما يظهر عليه. ورأى أن هذا الشعور ينعكس على خياراته الشخصية. 

واشتهر سابقًا بعلاقاته مع أسماء بارزة مثل جيجي حديد وكاميلا موروني. ورغم الجدل المرافق لهذه العلاقات فقد تمسك بقناعته بأن حياته الخاصة شأن يخصه وحده.

الجمهور يستمر في متابعة خطواته

جذب دي كابريو الانتباه مرة أخرى من خلال تصريحاته الأخيرة التي بدت كأنها نافذة نادرة على رؤيته للعالم. وأظهر قدرة واضحة على وضع حدود بين حياته الفنية وقراراته الشخصية. وتؤكد هذه المقاربة إحساسه العميق بقيمة الزمن وبأهمية الحفاظ على مكانته من دون الإفراط في الظهور.

مقالات مشابهة

  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
  • هيئة المدن التاريخية تعقد اجتماعًا مع شركاء التراث لتعزيز التنسيق وحماية المواقع
  • ليوناردو دي كابريو يشرح سر اختفائه عن الأضواء
  • تعلن المحكمة التجارية بالأمانة عن بيع المنقولات التابعة للمنفذ ضده حمير حسن الصرماح
  • القانون يحميها بشكل صارم.. خبير آثار يحذر من المساس بالمقابر التاريخية
  • اليمن يطلق نداء عاجلاً لرفع الحصار عن مطار صنعاء
  • اليمن يطلق نداء عاجلاً لرفع الحصار عن مطار صنعاء في اليوم العالمي للطيران المدني
  • ندوة في صنعاء بعنوان اليمن والقرن الأفريقي.. الأواصر التاريخية ومآلات التحولات الراهنة
  • الجزيرة ترصد جهود إزالة آثار الفيضانات التي ضربت سريلانكا
  • متحدث أمانة حائل: أكثر من 5 آلاف كادر بشري وألف معدة للحد من آثار الأمطار