اليوم العالمي للشباب.. الأزهر للفتوى يوضح مسيرة أول صحابي سفير في الإسلام
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
في اليوم العالمي للشباب، بين مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أهم جوانب القدوة في شخصية ومسيرة الصحابي الشاب مصعب بن عمير رضي الله عنه أول سفير في الإسلام.
هو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري.
وأهم جوانب القدوة في الشخصية
1/قبول الحق
كان رضي الله عنه من أوائل من أسلم، ورغم أنه كان ثريًّا وجيهًا، عنده من متع الدنيا ما يشغله؛ إلا أنَّه تنبه لصدق دعوة سيدنا النبي ﷺ، واستجاب لها مسرعًا، ووهب نفسه للدعوة إليها ونصرتها بكل ما أوتي من مواهب وجهد.
2/ التضحية والمثابرة
كان رضي الله عنه قبل إسلامه شابًّا مدللًا مترفًا غنيًّا، لا يمنع عنه أهله شيئًا، وكان من أحسن شباب مكة ثيابًا ومظهرًا وعطرًا، فلما أسلم حجز عنه أهله النعمة، وتركوه دون مال ولا متعة، وقست عليه أمه؛ رجاء أن يرجع عن إسلامه؛ فما زاده ذلك إلا إصرارًا على الحق، وتحملًا لضيق العيش، حتى هاجر من مكة إلى الحبشة، ثم رجع إليها، فاختاره سيدنا رسول الله ﷺ ليكون رسوله إلى المدينة، فهاجر إليها دون أن يأخذ من أمواله أو ممتلكاته شيئًا.
3/ الهمة العالية وتحصيل العلم وتطوير المهارات
صاحَبَ مصعبُ سيدنا رسول الله ﷺ بعد إسلامه، وحفظ عنه الوحي، وتلقى بين يديه العلم، حتى رأى فيه سيدنا رسول الله ﷺ الصدق والنبوغ والذكاء والحكمة؛ الأمر الذي أهَّله ليكون سفير الإسلام الأول إلى أهل يثرب، قبل أن يهاجر إليهم رسول الله ﷺ؛ حتى يُمهِّد أرض الهجرة لاستقبال النبي ﷺ ونصرة دعوته، ويُعلِّم من آمن منهم ما نزل من شرائع الإسلام.
4/ البراعة في الحديث والمحاورة والإقناع
استطاع مصعب رضي الله عنه بعد هجرته للمدينة وعدد المسلمين فيها قلة أن يُحسن عرض قضيته، وأن يتمثل الإسلام في أخلاقه وكلماته، بلباقة وحسن سمت يُضفي على كلماته البهاء والإقناع، وأنزَلَ الناس منازلهم، وخاطبهم على قدر عقولهم، في براعة محاورة، وبلاغة حجة، وأناقة عرض؛ فأسلم على يديه خَلْق كثير -من السادة والعامة-؛ حتى إن الشخص كان ليدخل عليه وهو حامل حربته يريد قتله فيخرج من عنده مؤمنًا مسلمًا لله سبحانه.
5/ الحكمة والقدرة على تجميع المختلفين.
لقد توجه رضي الله عنه إلى المدينة سفيرًا، وأهلها حديثو عهد بحروب طويلة -بين الأوس والخزرج-، ورغم أن الإسلام قد وحدهم وجعلهم إخوة، وقضى على الضغائن والنزاعات بينهم، إلا أن مصعب كان ممن ساهم في ذلك في بداية الأمر؛ إذ استطاع التقريب بينهم بما حظي به لدى الجميع من احترام ووجاهة، وهم من لقبوه بـ «المقرئ»، حتى إن الأوس والخزرج لما اختلفوا حول من يؤمهم في صلاة الجماعة، اتفقوا على أن يكون مصعب هو إمامهم.
6/ الفدائية والشجاعة والثبات
عاش مصعب لحُلمِه، وهو نشر دعوة الإسلام، وسعى إليه بكل ما امتلك من مواهب، بإقدام وثبات وحكمة.
ولم يكتفِ أن يكون أحد فرسان الكلمة والحُجَّة، بل أيَّد قوله بالفِعال، وكان فارس النِّزال كذلك، وتحمَّل المسئولية في أصعب المواقف، فهو حامل راية الإسلام في غزوتي بدر وأُحُد.
وهاهو مشهد البطولة الأخير الذي ختم به هذا البطل حياته، والذي بدأ بحمل راية الإسلام في غزوة أحد، فكان منه الثبات وحسن البلاء في الله سبحانه، حتى إنه لما أُشيع كذبًا أن رسول الله ﷺ قُتل واضطرب الجيش؛ ثبتَ هذا البطل، وردد قائلًا قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}. [آل عمران: 144]
وكان همّه الأكبر هو الحفاظ على راية الإسلام مرفوعة، حتى إنه جعل عمره فداء هذه الراية، تلك المسئولية التي حمله إياها رسول الله ﷺ.
استهدف المشركون الراية؛ فقُطعت يده اليمنى، فأخذها بيده اليسرى، فقُطعت، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره، وجعل نفسه فداء له، وظل على هذه الحال حتى لقي ربه شهيدًا رضي الله عنه وعمره 40 عامًا.
فلما مر عليه سيدنا النبي ﷺ بعد المعركة قال فيه وفي إخوانه ممن أكرمهم ربهم بالشهادة: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}. [الأحزاب: 23]
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: اليوم الصحابي مصعب بن عمير المهارات الاسلام اليوم العالمي شباب النزاعات صحابي صلاة الجماعة مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية اليوم العالمي للشباب
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر يوضح المفهوم الشامل لتعظيم شعائر الله
عقد الجامع الأزهر، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" وذلك بحضور كل من؛ الدكتور علي مهدي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، والدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات، بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الشيخ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر.
وافتتح الدكتور علي مهدي، الملتقى بحديثه عن تعظيم شعائر الله، موضحًا أن التعظيم يعني الخضوع الكامل حِسًا ومعنًى، لأن الخضوع يمثل درجة عالية من الاحترام لشعائر الله سبحانه وتعالى، مستشهدًا بقول ابن عباس في تفسير تعظيم الشعائر: “إن تعظيم شعائر الله معناها: استسمانها واستحسانها”، وهذا يدل على تقديم القيمة العالية والأفضل، ويعكس كمال التقدير، وكمال المهابة والإجلال.
ويبين هذا ما رواه عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أهدى عمر "بختيًا" (نوع من الإبل)، وعُرض عليه ثلاثمائة دينار مقابلها، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله إن كان يبيعه ليشتري بثمنه بدنًا (للهدي)، أجابه النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، انحره".
ويُستفاد من هذا الحديث أنه لو جاز بيع الهدي بعد أن تعين في النذر لأذن فيه النبي، لأن البدن يكون أوفر لحمًا للمساكين من النجيب (الناقة الكريمة) الذي لا لحم فيه كثير، وهذا يؤكد على أن تقديم الأفضل والأكثر قيمة هو جزء من تعظيم شعائر الله.
وأوضح الدكتور علي مهدي أن تعظيم شعائر الله يعني الامتثال لأوامره سبحانه وتعالى، وهذا يتطلب من المسلم الخضوع الكامل والاستقامة التامة، بحيث يكون ظاهره وباطنه ملتزمًا بأمر الله تبارك وتعالى، فالمسلم مطالب بأن يكون ظاهرًا وباطنًا ملتزمًا بأوامر الله، وأن يقبل على ربه بقلب سليم، وأن يعامل خلقه بأخلاق حسنة. هذا الشمول في الالتزام هو جوهر تعظيم الشعائر، فلا يقتصر الأمر على الشعائر التعبدية الظاهرة فقط، بل يشمل كل جوانب حياة المسلم، وأن يدرك الإنسان مقام الله سبحانه وتعالى وأنه "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"، أي أن الله يعلم أدق التفاصيل وأكثرها خفاءً مما يصدر عن الإنسان، محذرا من الاحتيال على شعائر الله، لأنه هذا السلوك في تعامل العبد مع الله عز وجل وجلاله، وهو ما يبنه الحديث الشريف، أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ ، فيما أضربُ يتيمي؟، قالَ صلى الله علهي وسلم: ما كنتَ ضاربًا منهُ ولدَكَ، غيرَ واقٍ مالَكَ بمالِهِ، ولا مُتأثِّلٍ منهُ، ومن هذا الاحتيال أيضًا التقصير في أداء الذكاة أو منعها، وهو أمر منهي عنه، لأن شعائر الله جاءت لبناء الإنسان بناء متكامل لا اعوجاج فيه ولا نقص.
من جانبه قال الدكتور ربيع الغفير إن التقوى تتجاوز كونها مجرد شعور قلبي أو نية باطنة، بل هي سلوك يترجم إلى أفعال ظاهرة وباطنة، ومن أبرز هذه الأفعال تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى، لهذا السبب، ارتبطت التقوى بتعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى في آية واحدة من القرآن الكريم، ما يؤكد على العلاقة الوثيقة بينهما.
كما أن الحق سبحانه وتعالى يريد من خلقه التسليم الكامل لأمره، ويكافئ على ذلك القلوب المتوكلة عليه والتي لا ترجو سواه، هذه المكافأة هي من النتائج المباركة لتعظيم شعائر الله، إذ أن "ليس كل قلب صالح لهذه المكافأة"، فالقلوب التي تعظم شعائر الله بصدق هي وحدها المؤهلة لنيل هذه العطايا الإلهية، لأنها تجسد التقوى الحقيقية والتسليم التام، مبينًا أن تعظيم شعائر الله يمثل البوصلة التي توجه القلب والجوارح نحو مرضاة الله، فالقلب التقي هو الذي يستشعر عظمة الله في كل شعيرة، وهذا الاستشعار يدفعه للامتثال التام.
وذكر الغفير، أن تعظيم شعائر الله أوسع وأشمل من أن نقتصرها على عبادة بعينها دون غيرها من العبادات، فمفهوم شعائر الله يتعدى الطقوس الدينية الظاهرة ليشمل كل جوانب الحياة: من العلم والعبادة إلى المعاملات، وهذا الشمولية تتطلب أن يكون الالتزام بها في الظاهر والباطن، فالتقوى الحقيقية تظهر في هذا الشمول، حيث يصبح كل فعل وقول للمسلم، وكل نية في قلبه، تعظيمًا لشعائر الله إذا كان يبتغي بها وجه الله تعالى.