تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية تحويل الحضارة والهوية اليمنية إلى منشآت تجارية لصالح قيادات الصف الأول، في تجريف ممنهج للإرث الحضاري، الذي عمدت المليشيا إلى تجريفه منذ وقت مبكر على انقلاب 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، سعياً لقناعات لديها أبرزها عدم ارتباط هذه المواقع بشخصيات وأحداث لا ترى فيها ارتباطاً بشخصيات محسوبة عليها.

وفي آخر الإجراءات الحوثية التدميرية، أقدمت المليشيا على تنفيذ ثلاثة مشاريع استثمارية، على أنقاض مواقع أثرية، اثنان منها في أمانة العاصمة المختطفة صنعاء، هما: إنشاء سوق ومحال تجارية على أنقاض سور جامع أبوبكر الصديق في مديرية الثورة، ومحلات المشهد التجارية على أنقاض السور الجنوبي والغربي لجامع المشهد في مديرية شعوب. فيما المشروع الثالث كان في مديرية الحُشا بمحافظة الضالع، ويمثل سوق الطاحون، والأخير أيضاً على أنقاض موقع تاريخي.

جاء ذلك الإقرار في مناقصة أعلنت عنها الهيئة العامة للأوقاف (هيئة استحدثتها المليشيا -مؤخراً- وفصلت صلاحيتها كليا عن وزارة الأوقاف)، في منتصف يوليو الماضي، حصلت وكالة خبر على نسخة منها.

في حين كشفت وثيقة ثانية، صادرة عن هيئة الأوقاف الحوثية، تنفيذ حفريات وعمل مجسات، تمهيدا لاستكمال المشروع.

في الوقت نفسه، أقدمت مليشيا الحوثي على هدم أجزاء من سور مدينة صنعاء القديمة المدرجة في قائمة التراث العالمي، وتحديدا من الجهة الشمالية (جهة شعوب)، لغرض القيام بإنشاء محال تجارية، بحسب إقرار قناة فضائية تابعة للمليشيا نفسها.

تدمير مستمر

وفي وقت سابق، كشفت مصادر مطلعة، اعتزام الحوثيين هدم سور مسجد المشهد الأثري، الواقع في حي باب شعوب، والذي كان يسمى بمصلى العيدين "الجبانة"، وهو أول مصلى بُني في اليمن، والاستيلاء على أجزاء منه، لاستحداث محال تجارية تنوي المليشيا تأجيرها لأحد المستثمرين النافذين التابعين لها، مقابل مبالغ طائلة تغذي بها مواردها.

ولم يبدِ السكان استغرابهم من توجه الجماعة، مؤخرا، نحو هدم المساجد الأثرية، التي لا ترى فيها ارتباطاً تاريخاً بشخصيات دينية ذات ارتباط بها، بعد أن سبق وهدمت مسجد النهرين التاريخي في مدينة صنعاء القديمة.

التدمير الحوثي الممنهج لقطاع الآثار والمواقع التاريخية، والتي تعد ركيزة أساسية من ركائز السياحة الدينية في اليمن، يُراد منه تدمير هذا الإرث التاريخي والديني لاعتبارات عنصرية من منظور المليشيا، حيث والشخصيات والأحداث المرتبطة بهذه المعالم لا ترتبط بشخصيات وأحداث تخص رموزا محسوبة على الحوثيين، وهو ما يزعجهم كثيراً، بحسب تأكيد رئيس تحرير مجلة السياحة السابق -الصادرة عن مجلس الترويج السياحي في وزارة السياحة الخاضعة للحوثيين- معين الصيادي.

فضائح متجددة

وأمام المعارضة الواسعة لمختصين ومهتمين في الآثار اليمنية، حاولت المليشيا -في يوليو نفسه- أن تغطي فضائحها، على اعتبار أن الاستهداف غير ممنهج، إلا أنها فضحت نفسها أكثر، حيث سارعت إلى الاستيلاء على مساحات واسعة من محيط السور القديم لمدينة صنعاء، جهة شعوب، وتحديدا في مساحة كانت قد خصصت بمحاذاة السور لباصات النقل الداخلي، وتسليمها لنافذ ورجل أعمال تابع لها، وبدوره باشر في حفر البدروم والبدء في الأعمال الإنشائية قبل أيام.

وينوي النافذ الحوثي تشييد وبناء 70 محلاً تجارياً وشقق سكنية ضمن مشروع استثماري تجاري، بعد توقيع اتفاق مع المنتحل صفة أمين العاصمة القيادي حمود عباد والمدعو خالد المداني الوكيل الأول في الأمانة والمشرف العام للمليشيا بصنعاء، بعد حصولهم على عمولة كبيرة من الأموال.

وبحسب مصادر مطلعة، تضمن بعد الاتفاق تحصيل النافذ الحوثي إيجارات المحال التجارية والشقق لمدة 10 سنوات قادمة، مقابل تنفيذ المشروع على نفقته الخاصة.

ومنذ الأيام الأولى لسيطرة المليشيا الحوثية على الدولة عقب انقلاب 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، وهي تنهج سلوك عصابات المافيا، وتكرس جل جهودها في جني الأرباح والمكاسب، لتتحول قيادات الصف الأول والمتوسط في غضون سنوات قليلة إلى واحدة من كبريات البيوت التجارية، متنصلة في ذات الوقت من جميع التزاماتها تجاه المواطنين في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ولم تتوقف الهمجية الحوثية عند هذا الحد، حينما ألزمت المواطنين بتنفيذ عشرات المشاريع الخدمية على نفقاتهم الخاصة، واصفة الرافضين أو الممانعين لذلك حتى وإن كانت ظروفهم لا تسمح بـ"خونة وعملاء"، وهي التهمة التي تضمن تغييبهم لسنوات، ونفيهم في غيابة سجونها إلى أجل غير مسمى.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: على أنقاض

إقرأ أيضاً:

الانتقالي يدفع بشخصيات قبلية لانتخاب قيادة موازية لحلف حضرموت تمهيدًا لمواجهة “بن حبريش”

الجديد برس| خاص| أعلنت شخصيات قبلية موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، السبت، انتخاب قيادة جديدة تحمل اسم “حلف قبائل حضرموت”، في خطوة تُعد محاولة واضحة لإنشاء كيان قبلي موازٍ للكيان الذي يقوده الشيخ عمرو بن حبريش الموالي للسعودية. وذكرت وسائل إعلام تابعة للانتقالي أن الشيخ خالد الكثيري جرى انتخابه خلال اجتماع قبلي عقد في مديرية غيل باوزير، في حين أفادت مصادر محلية بأن الانتقالي، بدعم إماراتي مباشر، موّل عملية استقطاب شخصيات قبلية ووزّع مبالغ مالية ضخمة لتشكيل كيان ينازع حلف بن حبريش على الشرعية والتمثيل القبلي. وتزامنت هذه الخطوة مع ظهور لافت لقائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء طالب سعيد بارجاش، في تسجيل مصوّر هاجم فيه بن حبريش واصفًا إياه بـ”المخرّب”، رغم أنه كان قد أبدى سابقًا ميولًا نحو الحلف وانتقد قوات الدعم الأمني التابعة للانتقالي خلال لقاء قبلي خاص. وتكشف هذه التطورات المتسارعة عن أن المجلس الانتقالي الجنوبي يعيد ترتيب أوراقه في حضرموت، وسط مؤشرات على اقتراب مواجهة مسلّحة محتملة مع قوات بن حبريش في ظل احتدام التنافس على النفوذ داخل المحافظة النفطية الأهم شرقي اليمن.

مقالات مشابهة

  • رئيس أركان قوات الأمن الخاصة: تجنيد الحوثي للنساء محاولة يائسة سقطت أمام يقظة الأجهزة وأحبطنا مخططات المليشيا وتحركات خلاياه
  • اجتماع قبل واسع في صنعاء يرفض الاعتقالات التعسفية سياسة التركيع الحوثية
  • تقرير أممي: نزوح نحو 300 فرد في اليمن خلال الأسبوع الفائت
  • يجعل أي شخص عرضة للنصب.. مستشار الأمن السيبراني يحذر من المراهنات الإلكترونية
  • طريقة عمل الدجاج بالكاجو بالطريقة الآسيوية
  • «القيادي الرئاسي»: اليمن الآمن بات أقرب من أي وقت مضى
  • فتح الانتفاضة: التضامن العالمي مع فلسطين يأتي نتيجة الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته
  • قبائل اليمن تتدفق إلى ميدان السبعين في مسيرة «التحرير خيارنا والمحتل إلى زوال» 
  • زاهي حواس: الحضارة المصرية تمتلك أسرارًا لا تضاهيها أي حضارة في العالم
  • الانتقالي يدفع بشخصيات قبلية لانتخاب قيادة موازية لحلف حضرموت تمهيدًا لمواجهة “بن حبريش”