الرؤية- فيصل السعدي

تبذل سلطنة عُمان جهودا حثيثة لحجز مقعدها في عالم الفضاء من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وإنشاء المشاريع وجذب الاستثمارات المرتبطة بعلوم الفضاء والعمل على إطلاق القمر الصناعي العماني، وذلك في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم والشركات العملاقة للاستثمار في هذا المجال الاستراتيجي.

ويشير تقرير صادر عن ‏The Space Foundation‏ لعام 2022 إلى أن اقتصاد ‏الفضاء بلغت قيمته 469 مليار دولار في عام 2021 بارتفاع نسبته9%‎‏ عن العام ‏السابق، كما أنه مع نهاية عام 2022 تم تسجيل 178 مهمة فضائية، منها 90 مهمة كانت من نصيب القطاع الخاص، حيث سيطرت شركة "سبيس إكس" المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك على الحصة الأكبر من مهمات القطاع الخاص عبر قيامها بـ61 مهمة فضائية، الأمر الذي يؤكد أهمية مجال الفضاء واتجاه الكثير من الدول والشركات للاستثمار فيه.


 

ولقد أكد معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، في تصريحات صحفية، أن العمل متواصل لإطلاق القمر الصناعي العماني، إذ تشير التقديرات الأخيرة إلى أنه سيتم الإطلاق في عام 2025.

وتتضمن المنطقةZONE 88  في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، العديد من المشاريع المرتبطة بعلوم وصناعات الفضاء والتقنيات المتقدمة، مثل مركز مستوطنة الفضاء ومنطقة إطلاق المركبات الفضائية للأغراض التجارية ومركز تكنولوجيا المسّيرات ومنطقة تجارب الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة ومحطة إرسال واستقبال أرضية؛ إذ تم تصميم هذه المشاريع لتعزيز صناعة الفضاء والتكنولوجيا واستقطاب الاستثمارات العالمية والأبحاث العلمية لبناء اقتصاد معرفي مستدام في هذا المجال بالمنطقة.


 

ومن خلال مشروع مركز مستوطنة الفضاء في سلطنة عمان والذي يقام على مساحة 18 كيلومترًا مربعًا وبارتفاع 80 مترًا عن مستوى البحر، فإنه سيتم دراسة سلوك رواد الفضاء قبل الانضمام إلى الرحلات الفعلية، وخدمة العلماء والباحثين والمهتمين الراغبين بإجراء تجاربهم في قطاع الفضاء والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.

وفيما يخص الاتفاقيات والمعاهدات، فقد وقعت السلطنة عددا من الاتفاقيات والمعاهدات، أبرزها الانضمام إلى معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى، والانضمام إلى اتفاقية تسجيل الأجسام المطلقة في الفضاء الخارجي، وإلى اتفاقية إنقاذ الملاحين الفضائيين وإعادتهم ورد الأجسام المطلقة إلى الفضاء الخارجي.


 

ووقعت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب والشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال (LNG) على اتفاقية إنشاء ركن خاص لعلوم وتقنيات الفضاء في متحف الطفل، والذي يحاكي الواقع الافتراضي لمركبة فضائية ويتكون من قمرتين لمحاكاة رحلة فضائية علمية وتثقيفية باستخدام أحدث تقنيات الواقع الافتراضي متعدد الحواس ويستهدف الركن فئة الأطفال والشباب من طلبة المدارس في سلطنة عمان.


 

وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز الشراكة المجتمعية الفاعلة وتحقيق المصلحة العامة للمجتمع ونشر ثقافة علوم وتقنيات الفضاء لدى الأجيال وإيجاد بيئة خصبة لبرامج ومبادرات سياحية علمية في مجال علوم الفضاء وبالإضافة إلى تعزيز استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز في قطاع الفضاء.

كما وقعت الوزارة مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني والشركة الوطنية للخدمات الفضائية (NASCOM) على عقد حق انتفاع مشروع منصة إطلاق الصواريخ العلمية الفضائية والذي يهدف إلى بناء منصة إطلاق صواريخ فضائية علمية للهواة والباحثين (أحجام صغيرة) وتطوير بيئة علمية للعلماء والباحثين والمختصين لتجربة ودراسة إطلاق الصواريخ وتشجيع السياحة القطاعية المتخصصة وجذب الهواة لهذا النوع من الأنشطة الفضائية.

ويساهم اكتشاف الفضاء من خلال المهمات والرحلات الفضائية أو إطلاق الأقمار الصناعية في إجراء الدراسات العلمية بما يضمن للبشرية التعامل السليم في الحد من مخاطر الكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ، إذ نجحت العديد من الزيارات إلى الفضاء في صناعة تطبيقات تخدم حياة الإنسان في مجال التعلم والصحة والترفيه والأرصاد الجوية والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية ‏والتأمين والنقل والبحرية والطيران والتنمية الحضرية وغيرها من المجالات الحياتية، وهذا ما يجعل من الفضاء كنزا تتنافس عليه دول العالم لحياة صحية وأكثر سهولة.

وتشير الإحصائيات إلى أنه منذ قرر البشر استكشاف الفضاء، فإنه تم إطلاق أكثر من 11 ألف جسم إلى العالم الخارجي، وتتصدر الولايات المتحدة الأميركية قائمة استثمارات الفضاء بامتلاكها لأكثر من 50% من هذه الأجسام، أي ما يزيد على 5500 جسم، لتحل بعدها روسيا بـ3600 جسم، ثم الصين بـ731 وتليها بريطانيا بـ515 واليابان بـ300 جسم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تقرير: 50 عاما على تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية ... أين تقف القارة في هذا السباق؟

باريس "د ب أ": رغم مرور نحو 50 عاما على تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية (Esa) - في 30 مايو عام 1975 - لا يزال يتعين على أوروبا أن تتعامل مجددا بشكل جذري مع طموحاتها نحو إحراز مكانة رائدة في مجال السفر إلى الفضاء، وذلك في ظل غياب محتمل لشريك جدير بالثقة، ونقص القدرة على الوصول إلى الفضاء، وتخلفها عن ركب الابتكارات.

وبعد مرور عقود على إرسال بشر إلى القمر، تعتزم الولايات المتحدة تكرار التجربة بحلول عام 2027، بينما تخطط الصين لهبوط مأهول على سطح القمر بحلول عام 2030، والهند بحلول عام 2040.

ومن جانبها، تأمل أوروبا أيضا أن تتمكن من إرسال امرأة أو رجل أوروبي إلى القمر بحلول عام 2030 ولكن هذه الخطة يشوبها عوار كبير: فالأوروبيون لا يملكون السيطرة عليها بأنفسهم، إذ ليس بإمكانهم إرسال روادهم إلى الفضاء إلا في إطار المشروع الأمريكي "أرتميس".

لكن يبدو أن أنظار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره - رجل الأعمال المعني بمجال الفضاء من بين أمور أخرى - إيلون ماسك تتجه إلى المريخ، وهو ما يثير مخاوف إزاء إنهاء برنامج "أرتميس" قبل أن يهبط أوروبي من خلاله على سطح القمر.

ولا تزال أوروبا تفتقر إلى القدرة على الوصول المستقل إلى الفضاء، على الأقل فيما يتعلق بالسفر الفضائي المأهول.

وعلى الرغم من وجود ميناء فضاء أوروبي في كورو في جويانا الفرنسية، وعلى الرغم من أن القارة لديها صواريخ حاملة للمركبات خاصة بها "فيجا سي" و"أريان 6"، لا تستطيع أوروبا إرسال بشر إلى الفضاء باستخدام مواردها الخاصة، وتضطر لذلك إلى الاعتماد حاليا على وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" في هذا الغرض.

وتتعاون أوروبا بوجه عام بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في مجال السفر إلى الفضاء، ولكن في ضوء أن موثوقية الاتفاقيات المبرمة والاهتمام بالعمل المشترك أصبحا موضع تساؤل الآن في عهد ترامب، باتت هناك حاجة ملحة إلى تحقيق المزيد من الاستقلالية وتعميق الشراكات مع دول أخرى.

ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء الأوروبية، يوزيف أشباخر، مطلع هذا العام: "ستكون وكالة الفضاء الأوروبية وأوروبا مستعدتين للتكيف، ولإيجاد أولوياتهما الخاصة، والتي ترتبط بالتأكيد بتعزيز قوتنا واستقلاليتنا وقدراتنا في الفضاء، وبأن نكون شريكا جيدا للغاية على المستوى الدولي".

وعلى سبيل المثال، تتعاون وكالة الفضاء الأوروبية بالفعل بشكل وثيق مع وكالة الفضاء اليابانية "جاكسا". وبحسب وكالة الفضاء الأوروبية، فقد تم في الآونة الأخيرة تعزيز العلاقات مع الهند وكوريا الجنوبية. كما تتعاون الوكالة الأوروبية مع العديد من وكالات الفضاء الأخرى حول العالم.

ومن وجهة نظر لودفيش مولر، رئيس المعهد الأوروبي لسياسة الفضاء "Espi"، فإن وكالة الفضاء الأوروبية وأوروبا شريكان معترف بهما عالميا وجديران بالثقة، "وهما من الجهات الأكثر قيمة في عالم اليوم، التي يتعين الاستمرار في تطويرها والاستفادة منها بصورة مشتركة". وفيما يتعلق بأمن أوروبا والدور المستقبلي لأوروبا في الفضاء، أوضح مولر أن الهدف ينبغي أن يتمثل في استخدام الفضاء كوسيلة لتعزيز التعاون الدولي وتنفيذ أهداف دبلوماسية من أجل عالم أكثر سلاما.

ومن ناحية أخرى، أحدث التحول السريع نحو التسويق التجاري للأنشطة المتعلقة بالفضاء وخصخصتها تغييرا هائلا في مجال السفر إلى الفضاء خلال السنوات الأخيرة. وأصبح لشركة "سبيس إكس" الأمريكية المملوكة لإيلون ماسك دور رئيسي في ذلك. ومنذ عام 2025 تعمل الشركة في السوق عبر صواريخها القابلة لإعادة الاستخدام، وهو أمر لم تستطع أوروبا تحقيقه حتى اليوم.

وبحسب خبير الفضاء مارتن تاجمار من الجامعة التقنية في دريسدن، فإن حتى فخر أوروبا - صاروخ الإطلاق الجديد "أريان 6" - ليس مواكبا لتطورات العصر، على الرغم من أنه يمثل عاملا مهما في دعم إطلاق أوروبا للأقمار الصناعية إلى الفضاء على نحو مستقل. وباستثناء عمليات الإطلاق التي تجريها وكالة الفضاء الأوروبية بهذا النوع من الصواريخ، فإن الطلبات الجدية هنا تأتي فقط من مؤسس أمازون، جيف بيزوس، الذي لا يريد الاستعانة بـ"سبيس إكس".

ومع ذلك، من الواضح أن وكالة الفضاء الأوروبية - بدول أعضائها العديدة، وعمليات صنع القرار المطولة، ومواردها المالية المحدودة - لا تستطيع أن تتصرف كشركة خاصة. وتسعى الوكالة الآن لأن تصبح أكثر مرونة كما تولي أيضا اهتماما أكبر لتعزيز الابتكارات التكنولوجية في القطاع الخاص. وأطلقت وكالة الفضاء الأوروبية مؤخرا مسابقة بين الشركات الأوروبية لتصميم مركبة شحن فضائية وصاروخ حامل جديدين.

وحتى في الفضاء نفسه تتطلع وكالة الفضاء الأوروبية الآن إلى القطاع الخاص. وفي ضوء الإنهاء المخطط له لمحطة الفضاء الدولية (ISS) في عام 2030، وقعت وكالة الفضاء الأوروبية خطابات نوايا مع العديد من الشركات لاستخدام محطات الفضاء المخطط لها.

وتحقق وكالة الفضاء الأوروبية نجاحات ملحوظة في تنفيذ برامج القياسات الفضائية والمشاريع العلمية، ويشير الخبير مولر هنا إلى برنامج "جاليليو" للملاحة ومراقبة الأرض بالتعاون مع مركز "كوبرنيكوس" الأوروبي للعلوم، وكذلك تلسكوب الفضاء "جيمس ويب" الذي تم بناؤه بالتعاون مع الولايات المتحدة وكندا، والذي يوفر صورا مذهلة من الفضاء ويزود الخبراء بمعلومات جديدة. يقول مولر: "هذه كلها ابتكارات رائدة على مستوى العالم... مرور 50 عاما على تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية يعني أيضا 50 عاما من الابتكار والتعاون العابر للحدود".

وفي عام 1975 اجتمع ممثلو عشر دول - من بينهم ألمانيا - في باريس بهدف تعزيز التعاون في مجال السفر إلى الفضاء. وفي 30 مايو وقعوا على اتفاقية تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية.

وقبل تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية، كانت هناك منظمات أخرى معنية بالفضاء مثل "إلدو" (منظمة تطوير الإطلاق الأوروبية) و"إسرو" (منظمة أبحاث الفضاء الأوروبية). وتنظر وكالة الفضاء الأوروبية إلى إنشاء الأخيرة عام 1964 على أنه بداية التعاون الأوروبي في مجال السفر إلى الفضاء. وتضم وكالة الفضاء الأوروبية في عضويتها حاليا 23 دولة.

مقالات مشابهة

  • "فوربس": شركة أمريكية تطور مركبة فضائية للكشف الأسلحة النووية في الأقمار الصناعية
  • الصين تطلق مركبة فضائية تقول إنها ستجمع عينات من كويكب بالقرب من المريخ
  • ولي عهد البحرين : العلاقات السعودية – البحرينية تسير بخطى ثابتة نحو آفاق واعدة
  • «أبوظبي للاستثمار» و «ميتال بارك» يتعاونان لإنشاء «مركز التميز للصناعات المتقدمة»
  • « الفضاء المصرية» تستضيف طلاب أسيوط في رحلة لاكتشاف أسرار الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الفضائية
  • الصين تطلق مهمة فضائية لكويكب قريب من الأرض
  • الصين تطلق مهمة فضائية لجمع عينات من كويكب قريب من الأرض
  • الصين تطلق مهمة فضائية لجمع عينات من كويكب
  • تقرير: 50 عاما على تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية ... أين تقف القارة في هذا السباق؟
  • لحظة سقوط مركبة «سبيس إكس» الفضائية بعد ‏محاولة إطلاق فاشلة (فيديو)‏