لجريدة عمان:
2025-07-01@18:19:59 GMT

ريادة الأعمال الرقمية في سلطنة عُمان

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

بات جلّيا أن التحول الرقمي يعدّ محركًا رئيسًا للتغيير الاقتصادي والاجتماعي في العالم، وسلطنة عُمان ليست استثناءً؛ ففي ظل التقدم التقني والرقمي السريع، تزايدت أهمية ريادة الأعمال الرقمية باعتبارها أداة أساسية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق تنوّعه الذي تعمل رؤية «عُمان 2040» على تنفيذه؛ إذ تتيح هذه الرؤية السامية إطارًا واضحًا لتسخير الابتكار الرقمي والتقنيات الحديثة من أجل تحقيق نهضة اقتصادية مستدامة تتماشى مع مستجدات النمو العلمي واحتياجاته، ومن السهل أن نعتبر ريادة الأعمال الرقمية في سلطنة عُمان فرصة ذهبية وفقَ الآراء الداخلية والخارجية للمستثمرين؛ لأسباب متعددة منها بيئة خصبة تعتمد على مجموعة من العوامل الداعمة التي تشمل البنية التحتية الرقمية المتطورة والسياسات الحكومية الداعمة للابتكار التقني والرقمي، ولا غرو أن نؤكد على ذلك استنادا إلى المؤشرات العالمية لقياس الأداء التقني للدول؛ ففي عام 2024م ارتفع التصنيف العالمي لسلطنة عُمان 9 مراكز لمؤشر الحكومة الإلكترونية؛ لتحل في المركز 41 عالميا، وترتفع 26 درجة في مؤشر البنى الأساسية للاتصالات؛ لتحتل المركز 22 عالميا بعد قفزة كبيرة من المرتبة 48، وكذلك في العام الحالي نفسه، صُنّفت سلطنة عُمان من ضمن القائمة الأولى للدول الأكثر جاهزية في الأمن السيبراني.

يعزى هذا التفوق التقني والرقمي بكل أنواعه إلى الرؤية السامية التي حدد معالمها جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه-، فقد أولت رؤيته السامية عناية خاصة بالتطوير الرقمي ودعم مشروعاته الابتكارية، وهذا ما ترجم واقعا في البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي الذي تبنّى عدة أهداف رقمية وطنية منها دعم الابتكار الرقمي وربطه بالمشروعات الاقتصادية؛ فأظهرت الحكومة العُمانية التزامًا قويًا بتطوير الاقتصاد الرقمي عبر مشروعات البنية التحتية مثل توسعة شبكات الاتصال وتوفير الإنترنت عالي السرعة في مختلف أنحاء البلاد، ويمكن أن يعتبر هذا الاستثمار في البنية التحتية حجر الأساس الذي يمكن لرواد الأعمال الرقميين الاعتماد عليه لتطوير مشروعاتهم التي ستنهض بالاقتصاد الوطني وترفع من مؤشرات التنافسية العالمية.

أطلقت سلطنة عُمان مجموعة من المبادرات لدعم ريادة الأعمال الرقمية، منها: برنامج «إثراء»، وبرامج تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم تأسيسها وتطويرها، والتي تستهدف توفير الموارد اللازمة لرواد الأعمال لبدء مشروعاتهم ومواصلة تطويرها. كذلك من ضمن هذه المبادرات «الصندوق العماني للتكنولوجيا» الذي يهدف إلى دعم الابتكار التقني بأنواعه وخصوصا التقنيات الرقمية الحديثة عبر عدد من البرامج التدريبية والتمويلية للمشروعات الرقمية الناشئة، وتمويل الشركات الناشئة ذات التوجه الرقمي؛ ليعكس الاهتمام الجاد بتحقيق اقتصاد رقمي متنوع وصُلب، وتتمثل إحدى أبرز الفرص المتاحة لرواد الأعمال الرقميين في سلطنة عُمان في التحول نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة الذي يواكب التوجه العالمي ومستجداته، وتقدم الأدوات الرقمية وحلولها دافعا فعّالا لتحسين استدامة القطاعات وتنميتها، مثل: الطاقة المتجددة، وإدارة الموارد المائية والزراعية، وقطاع الصناعات المتقدمة. في ظل تسارع الوعي المجتمعي بعمومه في سلطنة عُمان بأهمية التفاعل الرقمي والبحث عن سبل تحقيق الاستدامة الاقتصادية؛ فإننا نرى ثمّة فرصًا كبيرة للشركات الرقمية الوطنية الناشئة التي يمكن التعويل عليها في تحقيق هذه الاستدامة، وهذا ما يمكن أن نراه واقعا في عدد من الدول الصناعية المتقدمة التي تعتمد في استدامة اقتصادها على مساهمات الشركات الناشئة خصوصا في قطاع التقنيات.

رغم هذه الفرص الكثيرة والواعدة؛ فإننا لا يمكن أن نغفل عن التحديات المصاحبة التي تتطلب من رواد الأعمال التغلب عليها للمضي قدما في تحقيق مشروعاتهم الرقمية بنجاح، ومن هذه التحديات نقص المهارات التقنية المتقدمة التي يتطلبها سوق العمل؛ إذ ما يزال هناك فجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات الشركات الرقمية، ولهذا فالعديد من رواد الأعمال يواجهون تحديات في إيجاد الكفاءات الوطنية القادرة على دعم الابتكارات التقنية ومواصلة تطويرها، ما يحدّ من قدرتهم على النمو والتوسع المنافسات العالمية وخوض غمارها، ولعلّ من اليسير مواجهة هذا النوع من التحديات عبر إعادة تشكيل المناهج التعليمية بجميع مستوياتها المدرسية والجامعية لتواكب التقدم التقني ومتطلباته الملحّة، ويمكن التركيز على مضاعفة المدخلات الوطنية في البرامج التقنية والرقمية الجامعية، وهذا ما سبق الحديث عنه وعن آلية تنفيذه في مقالات سابقة. يتمثّل التحدي الآخر في التمويل الذي لم ننكر الدور الحكومي في تنفيذه ودعمه، ولكن مع نمو الاقتصاد الرقمي ومشروعاته الناشئة ما يزال الوصول إلى التمويل المناسب يشكّل تحديًا لرواد الأعمال الرقميين، وخاصة في المراحل المبكّرة من تطوير مشروعاتهم؛ فتتطلب المشروعات الرقمية استثمارات كبيرة في مجال البحوث والتطوير، ولهذا يعتبر توفير هذا التمويل عقبة رئيسة أمام العديد من المبتكرين، ومن الحلول المقترحة لهذا التحدي فتح المزيد من أبواب الدعم والتمويل عبر مؤسسات القطاع الخاص وعبر المستثمرين أصحاب رأس المال وتشجيعهم على الاستثمار ورفد هذه المشروعات الوطنية.

لا تأتي كل هذه الحلول دون بلوغ مستويات عالية من الثقافة الرقمية والوعي بريادة الأعمال في جميع المستويات المجتمعية التي تشمل الفئة المستثمرة، والمشغّلة، والمستهلكة، ويتطلب تشجيع الشباب على تبني روح الابتكار وريادة الأعمال تحولات جذرية في النظام التعليمي؛ لضمان تطوير مناهج ترفد مهارات التفكير النقدي والتقني والتشجيع على الابتكار. كذلك يمكن الدفع بالمزيد من جهود الدعم عن طريق توفير بيئة حاضنة لرواد الأعمال عبر مضاعفة مسرّعات الأعمال الرقمية وحاضناتها، وعبر إنشاء صناديق استثمار تركّز على الشركات الرقمية الناشئة، وتقديم المزيد من الدعم الفني والمالي والمشورة الإستراتيجية على غرار البرامج الوطنية التي ذكرناها آنفا مثل «إثراء» و«الصندوق العُماني للتكنولوجيا»؛ إذ تسهم مثل هذه الحاضنات في تقديم بيئة آمنة لتجربة الأفكار والابتكارات وممارستها، وتسهيل الوصول إلى السوق وتوسيع نطاق العمل. في محيط خارجي، يبرز دورٌ كبيرٌ لكبرى شركات التقنية العالمية التي يمكن لمشروعات ريادة الأعمال الرقمية في سلطنة عُمان الاستفادة من خبراتها عبر التفاعل المباشر وتأسيس الشراكات؛ فيمكن لرواد الأعمال العمانيين الاستفادة من الخبرات العالمية وتطوير أفكارهم عن طريق التعاون مع شركات دولية رقمية كبيرة؛ للدفع من إمكاناتهم التنافسية، ويمكن عبر القنوات الحكومية ومؤسساتها المعنية التفاوض على توسيع اتفاقيات الشراكة مع دول أخرى؛ لتسهيل وصول الشركات الناشئة العُمانية إلى الأسواق الإقليمية والدولية. كذلك يمكن أن نرى أبعادا أخرى للدعم يمكن أن تقدّم إلى المشروعات الوطنية الرقمية الناشئة عبر منحهم الأولوية في العقود الممنوحة لتنفيذ المشروعات الرقمية سواءً في القطاع الحكومي أو الخاص؛ ليكون وسيلة من وسائل الدعم تضمن استمرارهم وتطورهم.

يحمل المستقبل فرصًا كبيرة لرواد الأعمال الرقميين في سلطنة عُمان، وخاصةً مع الجهود المبذولة للتوجّه نحو التحول الرقمي والمنافسة على المستويات العالمية والإقليمية؛ فتوفّر التحولات الجارية نحو الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والتقنيات المالية فرصًا كبيرة للأفراد والشركات الناشئة لتقديم حلول مبتكرة تلبّي احتياجات السوق المحلية والإقليمية، وما نراه من تركيز حكومي عُماني على التنوّع الاقتصادي عبر التحول الرقمي؛ سيؤتي ثماره ولو بعد حين، وسيتسع لدعم القطاعات غير النفطية، مثل السياحة والخدمات اللوجستية والزراعة؛ فيفتح الأبواب أمام مزيد من الابتكارات الرقمية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ریادة الأعمال الرقمیة الشرکات الناشئة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

إشادة بمشاركة سلطنة عُمان في معرض الجزائر ودورها في دعم الشراكة الاقتصادية

الغمانية: أشاد عدد من رجال الأعمال العُمانيين المشاركين في معرض الجزائر الدولي، بالجهود الحكومية المبذولة لإشراك القطاع الخاص في الوفود الرسمية المشاركة في الفعاليات الاقتصادية الخارجية التي من شأنها أن تعزز الشراكة بين القطاعين العام والخاص والدفع بالمنتجات والصناعات العُمانية إلى الانتشار في الأسواق الإقليمية والدولية.

وأكدوا أن مثل هذه الزيارات تسهم في إقامة مشروعات استثمارية وتوقيع عقود تجارية وتعزيز العلاقات الاقتصادية، وزيادة حجم الاستثمارات، والتبادل التجاري، مع الدول الشقيقة والصديقة.

وأوضح المكرم الدكتور سالم بن سليم الجنيبي رئيس مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة الوسطى أن وفد سلطنة عُمان إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ضم عددا من رجال الأعمال العُمانيين التقوا خلالها عددا من أصحاب المعالي والسعادة ممثلي مختلف الوزارات والمؤسسات الجزائرية ورجال الأعمال الجزائريين، مؤكدًا على أهمية مشاركة رجال الأعمال في الزيارات الرسمية للدول الشقيقة والصديقة التي تتيح لهم التعرف على بيئة وفرص الاستثمار المتاحة وعقد الشراكات التجارية في تلك الدول.

وقال: إن السوق الجزائري يعد سوقًا واعدًا يزخر بالعديد من الفرص الاستثمارية والتجارية يقدم حزمة من التسهيلات والحوافز المشجعة للاستثمار، داعيًا رجال الأعمال الجزائريين إلى زيارة سلطنة عُمان لاستكشاف فرص الاستثمار المتاحة والالتقاء بنظرائهم من رجال الأعمال العُمانيين لبحث فرص الاستثمار والشراكات التجارية وزيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين الشقيقين.

وأشار إلى أن مشاركة سلطنة عُمان ضيف شرف في الدورة الـ56 لمعرض الجزائر الدولي وما تضمنته من لقاءات مع المسؤولين وزيارات للمصانع وتنظيم فعاليات اقتصادية وفنية من شأنها أن تتيح لرجال الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة اقتناص الفرص الاستثمارية لإقامة مشروعات مشتركة مع الجانب التجاري وتوقيع العقود التجارية لتسويق منتجاتهم بالسوق الجزائري والأسواق المجاورة.

من جانبه قال سعد بن سهيل بهوان رئيس مجلس إدارة المؤسسة التجارية العُمانية: إن وجود رجال الأعمال العُمانيين ضمن الوفود الحكومية من شأنه أن يسهل عملية إقامة المشروعات الاستثمارية، مشيرًا إلى أن زيارة الجزائر كانت ناجحة؛ إذ تمكن رجال الأعمال من التعرف عن كثب على طبيعة المناخ الاستثماري وأهم الفرص المتاحة والتسهيلات والحوافز المقدمة للاستثمار في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، ودعا رجال الأعمال العُمانيين إلى فتح قنوات جديدة للاستثمار ومنافذ تسويقية للمنتجات العُمانية ليس فقط بالجزائر وإنما في كافة دول العالم التي تتمتع بالاستقرار والفرص الاستثمارية الواعدة.

من جهته أشار الدكتور إبراهيم بن علي البلوشي الرئيس التنفيذي لشركة "كروة" للسيارات إلى أن هذه أول مشاركة للشركة في معرض الجزائر الدولي، وتعد مشاركة استطلاعية للتعرف على سوق العمل لمعرفة السوق من خلال الالتقاء بعدد من المسؤولين والمعنيين في النقل العام بالجزائر، مؤكدًا أن السوق الجزائري يعد سوقًا واعدًا خاصة في قطاع السيارات والنقل العام والخاص.

وقال: إن المشاركات الرسمية التي جاءت ضمن مشاركة سلطنة عُمان ضيف شرف الدورة الـ56 بمعرض الجزائر الدولي وما حظيت به من اهتمام حكومي وخاص من الجزائر، يسهم في عقد شراكات تجارية واستثمارية بين البلدين الشقيقين، حيث تمكنت الشركة من الحصول على مجموعة من الطلبات في قطاع السيارات والنقل.

وأكد أزهر بن حمود الهنائي من "مشاريع بن أحمد للصناعات البلاستيكية"، أن المشاركة في جناح سلطنة عُمان في معرض الجزائر الدولي، أتاحت للشركة معرفة مواصفات ونوعية المنتجات التي يحتاجها السوق الجزائري من المنتجات البلاستيكية، وأهم التسهيلات المقدمة لرجال الأعمال والتجار العُمانيين عند تصدير منتجاتهم والفرص الاستثمارية المتاحة في هذا المجال.

وقال: إن السوق الجزائري يعد من الأسواق الواعدة للمنتجات والصناعات العُمانية، وتلقى قبولا من المستهلك الجزائري، داعيًّا رجال الأعمال وصاحبات الأعمال العُمانيين إلى الاستفادة من علاقات التعاون المتميزة بين سلطنة عُمان والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في الاستثمار وعقد الشراكات التجارية مع نظرائهم من الجانب الجزائري والتي من شأنها زيادة التبادل التجاري ورفع الحجم الاستثماري بين البلدين الشقيقين.

وأكدت نادية بنت سعيد الرواحية صاحبة مشروع "إشراقات فضية للحرفيات"، أن مشاركتها الأولى بمعرض الجزائر الدولي ضمن جناح سلطنة عُمان التي حلت ضيف شرف للدورة الـ56 ، تعد مشاركة ناجحة أتاحت لها الفرصة للتعريف بالتراث والحرف العُمانية وخاصة المشغولات الفضية، موضحة أن هناك إقبالًا كبيرًا من الزوار الجزائريين على الجناح الحرفي بجناح سلطنة عُمان بهدف التعرف على الحرف العُمانية والخناجر والمشغولات الفضية المطلية بالذهب، وأعربت عن سعادتها بهذه المشاركة التي ستسهم في توسيع أعمال مشروعها في الفترة القادمة والدخول للسوق الجزائري الذي يعد من الأسواق الواعدة.

مقالات مشابهة

  • جامعة البترا ومنتدى المستثمر العربي العالمي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز ريادة الأعمال والابتكار
  • الحويج يُؤكد على تعزيز التحول الرقمي وربط الأنظمة لتطوير بيئة الأعمال
  • انطلاق برنامج تدريبي للشباب عن ريادة الأعمال والشمول المالي بساحل سليم فى أسيوط
  • حداثة مركز وطني جديد لتعزيز الأمن السيبراني وتطوير القدرات الرقمية في سلطنة عُمان
  • برلماني: التحول الرقمي في الجمارك.. الشفافية التي انتظرتها الأسواق
  • الحويج والعابد يبحثان “دعم” ريادة الأعمال   
  • وزيرا العمل والاقتصاد يبحثان تنظيم شركات الخدمات العمالية وتعزيز ريادة الأعمال
  • تِـــقَن من ولاية نزوى نموذج لريادة الأعمال الرقمية الشابة
  • محافظ أسيوط: ختام المرحلة الرابعة من برنامج تدريبي للشباب عن ريادة الأعمال والشمول المالي بمركز أبوتيج
  • إشادة بمشاركة سلطنة عُمان في معرض الجزائر ودورها في دعم الشراكة الاقتصادية