تشهد الساحة الفنية العربية، وخاصة مصر، تصاعدًا ملحوظا لتقديم أعمال درامية مستوحاة من قصص الجريمة الحقيقية.

من بين أبرز هذه الأعمال المنتظرة مسلسل "القصة الكاملة"، الذي أعلن عنه المخرج والمنتج مجدي الهواري، وهو مستوحى من برنامج المخرج ومقدم محتوى سامح سند، الذي يتناول قصص القتلة المتسلسلين والجرائم الشهيرة التي هزت المجتمع خلال السنوات الأخيرة.

من جانبه، أعلن المنتج أيمن يوسف عن مشروعه الجديد بعنوان "سفاح التجمع" الذي سيقوم ببطولته الفنان أحمد الفيشاوي، وهو مستوحى من قصص جرائم القتل المتسلسلة التي وقعت في منطقة التجمع الخامس في العاصمة المصرية القاهرة.

يبدو أن النجاح الكبير الذي حققه مسلسل "سفاح الجيزة" العام الماضي كان دافعًا رئيسيا للمزيد من الإنتاجات التي تدور في هذا السياق، حيث حاز المسلسل على إعجاب الجمهور، وحصل على إشادة واسعة بفضل قصته المثيرة وأداء الممثلين.

هل تجذب الجريمة المشاهدين؟

يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي للجزيرة نت إن الشخصيات غير السوية عادة ما تجذب الجمهور، إذ تمثل مصدرًا قويًا للإثارة والتشويق على مستوى الدراما. فـ"الجمهور يميل بطبيعته إلى هذه النوعية من الأعمال لكونها تعكس الصراعات النفسية المعقدة التي لا نراها في الحياة اليومية".

ويضيف أن نجاح "سفاح الجيزة" مثّل مؤشرًا لصناع الدراما على ضرورة متابعة العمل في هذا الاتجاه، تمامًا كما هو الحال في الأعمال الدرامية والسينمائية العالمية التي أعادت تقديم شخصيات مثل "الجوكر" لمرات متعددة نظرًا للشعبية الكبيرة التي حظي بها.

وتابع الشناوي مستشهدًا بأعمال سينمائية قديمة، مثل "ريا وسكينة" و"اللص والكلاب"، قدمت قصصًا واقعية عن الجريمة، وأصبحت أيقونات في السينما العربية. هذه الأعمال، وفقًا له، نجحت لأن الجمهور يميل بطبيعته إلى القصص التي تتناول الجانب المظلم من النفس البشرية.

التأثير الأجنبي على الدراما العربية

أما الناقدة أمنية عادل فأشارت بدورها إلى أن الاهتمام المتزايد في الآونة الأخيرة بتقديم أعمال درامية عن الجرائم والقتلة المتسلسلين يأتي نتيجة النجاح الذي حققته الأعمال الأجنبية التي تناولت هذه النوعية، فـ"الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي ركزت على القتلة المتسلسلين مثل مسلسل "مايند هنتر" (Mindhunter) ومسلسل "ديكستر" (Dexter) جذبت اهتمامًا عالميا، مما دفع صناع الدراما العربية إلى استنساخ الفكرة".

وتضيف أن منصات البث الحديثة ساهمت في ترويج هذا النوع من الأعمال الفنية، إذ يلتف الجمهور حول هذه القصص بسبب طابعها المثير والمشوق، حتى لو كان العمل الفني لا يتسم بجودة فنية عالية.

هل يُفقد التكرار الدراما تأثيرها؟

من جهته، يرى الناقد إيهاب التركي أن تكرار تقديم أعمال درامية تدور حول عالم الجريمة قد يؤدي إلى فقدان التميز في هذا النوع من الإنتاجات، "فبعد النجاح الكبير الذي حققه "سفاح الجيزة"، من المحتمل أن يشهد السوق العديد من الأعمال المشابهة، مما قد يفقدها بريقها مع الوقت إذا لم تتمكن من تقديم الجديد".

وأضاف التركي أن بعض الأعمال الفنية السابقة التي تناولت شخصيات مثل البلطجية، فقدت جاذبيتها بعد تكرار الفكرة وتقديمها بأسلوب مبالغ فيه، مما يجعلها غير مؤثرة كما كانت في السابق.

البعد النفسي لشخصية القاتل

ورغم الجاذبية الكبيرة التي تحملها قصص الجرائم الحقيقية، فإن النقاد يشيرون إلى أهمية التركيز على الجانب النفسي للشخصيات، وهو ما تعدّ الناقدة أمنية مفتاح نجاح في الأعمال الأجنبية.

إن "الأعمال العربية قد تفتقر أحيانًا إلى التركيز على البعد النفسي للسفاح على عكس الأعمال الأجنبية التي تسلط الضوء على الجوانب النفسية التي تدفع الشخص إلى ارتكاب جرائم مروعة"، وفقًا لأمينة عادل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سفاح الجیزة

إقرأ أيضاً:

القتلة المتسلسلون.. كيف ترعب أفلامهم المشاهد وتحبس أنفاسه؟

ويشمل القتل المتسلسل -حسب التعريفات- عمليتي قتل أو أكثر في أوقات مختلفة، ويقوم القاتل المتسلسل بفعلته غالبا لإشباع رغبات نفسية غير طبيعية، فقد يقرر قتل طلاب الجامعة لأنه عانى من التنمر خلال فترة دراسته.

وزادت في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي حوادث القتل المتسلسل في الولايات المتحدة الأميركية بشكل كبير، وبدأت السينما تنتج أفلاما عن قصص حقيقية عن القتلة المتسلسلين مستغلة خوف الجمهور وحرصهم على متابعة هذا الموضوع.

وصاحبت حلقة (2025/5/27) من برنامج "عن السينما" -التي سلطت الضوء على الموضوع- سرد قصص القتلة المتسلسلين بمشاهد تمثيلية عكست أجواء الرعب والتشويق التي يعشها المشاهد مع أفلام هذا النوع من الأعمال السينمائية.

وكان الفيلم الأهم حول القتلة المتسلسلين هو "سايكو" للمخرج ألفريد هيتشكوك، ويحكي عن قاتل متسلسل يقتل كل نزلاء الفندق، والفيم مأخوذ من قصة حقيقية لجرائم حدثت في ولاية ويسكونسن الأميركية.

واستطاع هيتشكوك بأسلوبه العبقري أن يحبس أنفاس المشاهدين ويرعبهم في فيلم "سايكو"، فقد استخدم موسيقى مميزة للحظات الترقب وحدوث الجرائم، والإضاءة لخلق الأجواء المخيفة، وأسلوب التحريك المستمر للكاميرا وتغيير زواياها لزيادة التشويق.

إعلان

ونجح فيلم "سايكو" نجاحا كبيرا، وكان بداية موفقة لهذا النوع من الأعمال التي استمر نجاحها وتألقها.

كما تم إنتاج فيلم "مجزرة منشار تكساس"، ويستند أيضا إلى قصة قاتل متسلسل، ويحكي قصة مجموعة من الأصدقاء في طريقهم لزيارة بيت قديم، ولكنهم وقعوا ضحية لعائلة من القتلة المتسلسلين.

وقدّم المخرج فيلما خاليا من أي مبالغات سينمائية، وكان أشبه بفيلم وثائقي أو تلفزيوني، وهو أمر متعمد لإخافة المشاهدين حتى أن أحد المشاهدين علق على الفيلم قائلا "على ما يبدو أن شخصا ما فتح الكاميرا وبدأ في قتل الناس".

وحقق الفيلم إيرادات زادت على 30 مليون دولار رغم أن ميزانيته كانت 150 ألفا فقط، ليصبح أحد أنجح وأشهر أفلام القتلة المتسلسلين.

فرصة صناع السينما

لكن الفيلم الذي وصف بالاستثنائي كان عام 1978 وهو فيلم "هالوين"، ويحكي قصة طفل يظهر في البداية مرتديا زي وقناع مهرج ويقوم بجريمة قتل فيرسل إلى مصحة عقلية، لكنه يهرب منها بعد 15 عاما ليقتل كل أهالي البلدة، ولم يستند الفيلم إلى أي قصة حقيقية، بل كان من خيال المؤلف.

واللافت أنه بحلول التسعينيات لم تعد فكرة القاتل المتسلسل المرعب الذي يتخفى خلف قناع جذابة، فأنتجت أفلاما أصبح فيها القاتل شخصا لديه حضور طاغ وكاريزما وفلسفة خاصة في القتل.

وأصبح القاتل المتسلسل في هذه الفترة فرصة لصناع السينما لتقديم أفكارهم وآرائهم عن المجتمع، ففي فيلم "أميركان سايكو" مثلا كان القتل مجرد مرآة للمجتمع الاستهلاكي.

27/5/2025

مقالات مشابهة

  • تانيا قسيس تطلق أغنيتها المصرية الثانية "خليني معاك" من ألحان عمرو مصطفى
  • البرامج الموجهة للمرأة بالجامع الأزهر توضح الأعمال التي تعادل الحج والعمرة
  • في ذكرى ميلاده.. جورج سيدهم "المبتسم رغم الوجع" الذي غيّر ملامح الكوميديا المصرية
  • القتلة المتسلسلون.. كيف ترعب أفلامهم المشاهد وتحبس أنفاسه؟
  • لماذا أصبحت المرأة العربية أكثر عرضة للإصابة والموت بالسرطان؟
  • فاتن حمامة.. سيدة الشاشة التي صنعت مجد السينما المصرية وقلوب الجماهير لا تزال تنبض باسمها
  • ريهام عبد الغفور تهدي تكريمها في حفل “كأس إنرجي للدراما” لوالدها الراحل عن مسلسل “ظلم المصطبة”
  • سر جديد من عمرو سلامة عن نجاح فيلم شيخ جاكسون الذي حقق إعجاب الجمهور
  • لماذا سكتت الأبواق، التي كانت تعارض المقاومة الشعبية فى نوفمبر 2023م
  • قضايا هامة أمام النقض.. أبرزها قاتل طفل شبرا وسفاح التجمع وأحمد فتوح