الحرب الشاملة تدخل شهرها الثاني: ربع اللبنانيين نازحون وبلدات سوّيت بالأرض
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
مع دخول الحرب في لبنان شهرها الثاني وما تركته من خسائر في البشر والحجر والاقتصاد، تتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وترتفع التحذيرات من انهيار شامل للدولة، إلى درجة أن يؤثر على قدرة لبنان على إطعام نفسه، حسب «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» الذي توقّع أن تستمر الحرب حتى نهاية عام 2024.
وبانتظار أن تتوقف آلة القتل، يبدو المشهد ضبابياً وغير واضح لجهة الأرقام الدقيقة في حجم الخسائر، لا سيما في القرى والبلدات التي دُمّرت بشكل كامل أو جزئي، بحيث كل الأمور تستند إلى تقديرات قد تكون الحقائق أكبر منها بكثير.
وكتبت كارولين عاكوم في" الشرق الاوسط": تشير أرقام وزارة الصحة اللبنانية إلى وصول عدد القتلى في لبنان نتيجة القصف الاسرائيلي منذ بدء المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل في 8 تشرين الأول إلى 2593 (حتى مساء الخميس)، إضافة إلى أكثر من 12 ألف جريح، فيما سجل صباح الجمعة مقتل ثلاثة صحافيين وجرح ثلاثة آخرين في غارة إسرائيلية استهدفتهم في مقر إقامتهم لنقل أحداث الجنوب في منطقة حاصبيا.
أما منذ بدء الحرب الشاملة على لبنان في 23 أيلول الماضي، فيقدر العدد بحوالي 1580 وفق حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية بناءً على بيانات وزارة الصحة، التي أعلنت عن مقتل 163 شخصاً من العاملين في قطاعي الصحة والإسعاف، في حين تشير التقديرات إلى أن عدد القتلى أكبر بكثير، لا سيما في ظل الحديث عن جثث لا تزال تحت الأنقاض. أما قتلى «حزب الله» الذي كان قد توقف عن نعي مقاتليه منذ نهاية الشهر الماضي، وكان عددهم حينها 508، تشير أرقام «الدولية للمعلومات» إلى أنهم وصلوا إلى حوالي 908 أشخاص، حسب الباحث محمد شمس الدين.
ومن أبرز الضربات القاسية التي تلقاها «حزب الله» كانت اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، ورئيس مجلسه التنفيذي هاشم صفي الدين الذي كان المرشح الأبرز لتولي منصب الأمين العام، إضافة إلى عدد من القادة العسكريين والميدانيين. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن قبل 5 أيام أن عدد قتلى «حزب الله» تجاوز الـ1500 عنصر.
وفيما يشير شمس الدين إلى أن هناك ما يقارب حوالي 30 شخصاً لا يزالون تحت الأنقاض، قال وزير الصحة اللبناني فراس أبيض، الجمعة، إن هناك 8 مسعفين قتلوا في الجنوب لا يزالون في سياراتهم، ولا يزال الجيش الإسرائيلي يمنع انتشالهم.
وعلى وقع تصعيد القصف نزح معظم سكان قرى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، بحيث بات ربع اللبنانيين من النازحين، حسب شمس الدين، فيما قالت مفوضية شؤون اللاجئين أن خمس الشعب اللبناني نزح حتى الآن.
وتقدّر لجنة الطوارئ الحكومية عدد النازحين بحوالي مليون و300 ألف، موزعين على حوالي 1100 مركز في بيروت وجبل لبنان، إضافة إلى الشمال، حيث تم تحويل المدارس وأبنية حكومية مراكز إيواء.
تعكس الصور والمشاهد التي تنتشر عن قرى جنوب لبنان والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت حجماً كبيراً من الدمار، بحيث سوّيت بعض القرى بالأرض بشكل نهائي، ودمّرت بشكل كامل آلاف المباني، حيث أشارت التقديرات في بداية شهر أكتوبر الحالي إلى سقوط 3 آلاف، بالتالي فإنه من المرجح أن يكون العدد قد تضاعف اليوم، علماً بأن الجيش الإسرائيلي عمدَ إلى تفخيخ قرى بأكملها، مثل محيبيب وراميا في الجنوب.
ووفق توثيق المجلس الوطني للبحوث العلمية، فإن محافظة النبطية تعرضت لأكبر عدد من الاعتداءات الإسرائيلية، أي بأكثر من 1763 اعتداءً، وتليها محافظة الجنوب بـ936 اعتداءً، ومن ثم بعلبك - الهرمل بـ383، وجبل لبنان بـ180 اعتداءً، والبقاع بـ143 اعتداءً، مع العلم أن ضاحية بيروت الجنوبية التي لها حصة كبيرة من القصف تعدُّ في محافظة جبل لبنان (قضاء بعبدا).
انعكست الحرب على لبنان على معظم القطاعات، باستثناء تلك المرتبطة بالمواد الغذائية. وانخفض النشاط الاقتصادي نتيجة لذلك ما بين 85 و90 في المائة، وفق ما أعلن رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية الوزير السابق محمد شقير، مشيراً إلى أن الخسائر الاقتصادية تقدّر حتى الآن بما يقارب الـ10 مليارات دولار أميركي، ومحذراً من تفاقم الوضع في الأشهر المقبلة إذا استمرت الحرب.
ولفت إلى أنه بعدما سجّل انطلاقاً في عملية النهوض بالاقتصاد بين عامي 2023 و 2024، «نرى اليوم أن كل شيء يتلاشى»، محذراً من أن المؤشرات «تجعلنا نخاف من حصول انهيار شامل للدولة اللبنانية»، وملحماً بأن المؤسسات الخاصة قد لا تصبح قادة على دفع رواتب الموظفين في حال استمرت الحرب «وهذا سيؤدي حتماً إلى خفض رواتب لدى جزء منها وتقليص عدد الموظفين لدى الجزء الآخر».
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حلفاء ترامب الخليجيون يسابقون الزمن لتجنب الحرب الشاملة في إيران
(CNN)-- خوفا من تداعيات الانهيار الكامل للنظام في إيران، كثفت دول الخليج العربية اتصالاتها مع إدارة ترامب وطهران خلال الأسبوع الماضي.
وكانت الإمارات العربية المتحدة، حليفة الولايات المتحدة التي لطالما عارضت البرنامج النووي الإيراني غير الخاضع للرقابة، على اتصالات مع مسؤولين في طهران وواشنطن لتجنب المزيد من التصعيد، وفقا لمسؤول رفيع المستوى، وسط مخاوف من أن يؤثر عدم الاستقرار في إيران على المنطقة.
وقال أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، الجمعة: "نحن نتابع الوضع عن كثب... دبلوماسيتنا تعمل بجدية مثل العديد من الدول الأخرى". وأضاف: "يجب حل المخاوف دبلوماسيا... هناك العديد من القضايا في المنطقة، (و) إذا اخترنا معالجة كل شيء بالقوة، فلن يبقى شيء دون أن يتضرر".
وشنت إسرائيل هجوما غير مسبوق على إيران الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل كبار قادتها العسكريين بالإضافة إلى عدد من العلماء النوويين وتدمير جزء من برنامجها النووي. وردت إيران بوابل من الضربات الصاروخية على المدن الإسرائيلية.
وقال قرقاش، الذي سلم رسالة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي في مارس/آذار، تدعو إلى محادثات نووية، إن أي تصعيد عسكري للصراع سيكون "ضارا" بالمنطقة كلها.
وأضاف قرقاش: "هذا يعيدنا إلى الوراء. لغة الصراع تتغلب على اللغة الجديدة المتمثلة في التهدئة والازدهار الاقتصادي للمنطقة".
وفي جميع أنحاء الخليج، يدفع القلق المتزايد بشأن الصراع في المنطقة الجهود المبذولة لمنع المزيد من التصعيد.
وقد تحدث ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان مع ترامب ودعا إلى وقف التصعيد بعد ساعات من قيام إسرائيل بضرب إيران في 13 يونيو/حزيران. كما تحدث أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع الرئيس الأمريكي ودعا إلى حل الأزمة "بالوسائل الدبلوماسية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الثلاثاء: "لقد أجرينا كل الاتصالات المممكنة بين جميع الأطراف إقليميا ودوليا. وتمحورت هذه المحادثات بيننا حول إيجاد مخرج من جحر الأرنب".
وفي الشهر الماضي، تم استقبال ترامب بحفاوة كبيرة وصفقات بتريليونات الدولارات عندما زار ثلاث دول خليجية عربية في أول زيارة رئاسية له في ولايته الثانية. في ذلك الوقت، أشاد ترامب بـ"ولادة شرق أوسط حديث" وأشار إلى عزمه توقيع اتفاق مع إيران لمنعها من صنع قنبلة نووية.
ولكن بعد أن استهدفت إسرائيل القيادة العسكرية الإيرانية وعلماء نوويين وقتلتهم، غير ترامب خطابه، ملوحا باحتمال تدخل عسكري أمريكي ضد إيران.
أثارت تهديدات الرئيس قلق حلفائه العرب وخوفهم من هجمات انتقامية إيرانية ضد الولايات المتحدة على أراضيهم، حيث لدى الولايات المتحدة وجود عسكري كبير. كما تخشى دول الخليج، كونها مصدرا رئيسيا للطاقة، من أن تغلق إيران مضيق هرمز على ساحلها الجنوبي، الذي يمر عبره ثلث النفط المنقول بحرا.
سيناريو كابوسي
خففت دول الخليج العربية، التي لطالما انتقدت طموحات إيران النووية ودعمها للميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في السنوات الأخيرة موقفها تجاه طهران، واتجهت نحو الدبلوماسية والتقارب لتجنب الصراع.
ويحذر الخبراء من أن هجوم الولايات المتحدة على إيران قد يجرها إلى مستنقع أكثر صعوبة من حربي العراق وأفغانستان - وهي مواجهة طويلة الأجل قد تستمر طوال فترة رئاسة ترامب وتكلف الولايات المتحدة خسائر فادحة في الأرواح والموارد الأمريكية بناء على طلب إسرائيل.
وقال حسن الحسن، الزميل البارز في سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، لشبكة CNN: "إيران دولة كبيرة، وقد يتم تقسيمها وتمزيقها على أسس عرقية، و(لديها) مخزون كبير من الصواريخ والطائرات بدون طيار... والتي يمكن أن تخرج عن سيطرة الدولة المركزية".
وأضاف: "لا أعتقد أن أحدا يريد رؤية إيران تنزلق نحو الفوضى، بل أعتقد أن هناك رغبة وتفضيلا أوسع للتعامل مع طرف سيء واحد بدلا من عدة أطراف سيئة".
وقال فراس مقصد، المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط في مجموعة أوراسيا، لشبكة CNN، إن دول الخليج العربية في وضع مريح عندما ترى إيران ضعيفة، لكنها تفضل الدبلوماسية لتجنب زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وأضاف: "إذا كان هناك في الواقع انفراجة دبلوماسية... حيث يتم وضع حد لطموحات إيران النووية نحو امتلاك سلاح نووي على الأقل، ويتم إضعاف إيران كثيرا ويعود الاستقرار، فهذه نتيجة إيجابية للغاية بالنسبة لـ(دول الخليج)“.
وتابع: "أود القول، رغم ذلك، أن القلق يكمن في أن يجر (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو المنطقة ويجر الرئيس ترامب إلى مزيد من التصعيد من خلال ربما القضاء على قدرة إيران على تصدير النفط. قد يدفعنا ذلك إلى اتجاه أكثر سلبية بكثير من حيث رد الفعل ضد منشآت (النفط) الخليجية".
إن إعلان ترامب، عن مهلة دبلوماسية مدتها أسبوعان، الخميس، يمنح حلفاءه العرب الخليجيين الآن فرصة لالتقاط الأنفاس للدفع نحو التهدئة، بعد أسبوع من الاشتباكات الإقليمية غير المسبوقة التي تركت الشرق الأوسط في حالة من الفوضى.