الجزيرة:
2025-08-02@13:18:17 GMT

حشرات العالم تنقرض بتسارع والسبب هو الإنسان

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

حشرات العالم تنقرض بتسارع والسبب هو الإنسان

توصل فريق دولي من الباحثين إن المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والضارة والمواد الكيميائية الزراعية الأخرى تعد ضمن أهم أسباب تراجع أعداد الحشرات، التي تبين أن أعدادها حول الأرض آخذة في الانحدار بمعدل 2-3% سنويا.

وفي الدراسة، التي نشرها الباحثون في دورية "ساينس" عرّض المؤلفون يرقات ذبابة الفاكهة لأكثر من ألف جزيء موجود داخل مكتبة مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي، ووجدوا أن 57% من المواد الكيميائية التي تم اختبارها غيّرت سلوك يرقات ذبابة الفاكهة بشكل كبير حتى بكميات معروفة بأنها ليست قاتلة.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة لاوتارو جاندارا -زميل ما بعد الدكتوراه في مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي في ألمانيا- إن النتائج كشفت عن أنه عند تعريض يرقات الحشرات لجرعات منخفضة جدا من المواد الكيميائية، تسبب هذا التعريض في حدوث تغييرات واسعة النطاق في العمليات الفسيولوجية التي تشكل جوهر كيفية نمو هذه اليرقات وسلوكها.

الفريق البحثي فحص تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة على الحشرات (بيكسابي)

وأضاف جاندارا في تصريحات للجزيرة نت أن الفريق البحثي فحص تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة على هذه التغييرات، محاكين اتجاهات الانحباس الحراري العالمي. ولتقييم تأثير درجة الحرارة، زاد الفريق تدريجيا من درجة حرارة بيئة النمو، بدءا من 25 درجة مئوية، ورفعها إلى 29 درجة مئوية. وعند هذه الدرجة العالية من الحرارة، لاحظوا تأثيرا أكثر وضوحا على اليرقات.

"وعلاوة على ذلك، قمنا بخلط بعض المواد الكيميائية المحمولة جوا الأكثر شيوعا بجرعات ذات صلة بيئية مرة أخرى، لتعريض ذباب الفاكهة لمصادر التلوث منذ الفقس. ثم لاحظنا تأثيرا أقوى بكثير. شملت هذه التأثيرات انخفاضا بنسبة 60% في معدلات وضع البيض وظهور سلوكيات أخرى مثل الانحناء"، كما أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة في تصريحه.

الانحناء القاتل

ويقصد الباحث بالانحناء الوضع الذي تثني فيه اليرقات أجسادها بشكل مفرط، وهو ما يمكن أن يشير إلى الإجهاد أو التعرض للسمية، وقد يشير إلى اضطرابات عصبية أو فسيولوجية كامنة. ويضيف قائلا: "على السطح، قد يبدو الانحناء غير مهم، ولكن حتى التغييرات الصغيرة في السلوك يمكن أن تؤثر على اللياقة البدنية إذا أثرت سلبا على التغذية والتزاوج والهجرة".

وفي حين لم يتمكن العلماء من تفسير سبب حدوث الانحناء، إلا أنهم تمكنوا من ربطه بتغيرات أخرى، مثل انخفاض معدل وضع البيض، إذ يتوقع الفريق ألا تتمكن اليرقات -التي تمضي كثيرا من الوقت في الانحناء بدلا من الأكل- من الازدهار والنمو بشكل طبيعي، وهو ما يعني موت هذه اليرقات والتهديد بانقراض نوعها، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع المختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية.

يضيف جاندارا أن الحشرات -حتى تلك التي قد تبدو وكأنها آفات- مهمة للكوكب. فهي التي تلقح النباتات التي نأكلها وهي جزء مهم من شبكة الغذاء.

وعن أهمية الدراسة، يشير جاندارا إلى أنه لفترة طويلة لم يكن العلماء قادرين على تفسير سلوك الحشرات، رغم وجود عدد من التوقعات المسبقة بهذا الخصوص، ويقول: "لكن الدراسة الجديدة تساعد في توضيح عامل مساهم مهم. إحدى أكبر النتائج المستفادة من هذا العمل هو أنه حتى الكميات الصغيرة من بعض المواد الكيميائية لها تأثيرات كبيرة على سلوك الحشرات".

التنوع البيولوجي

وتأتي الدراسة في سياق انطلاق المؤتمر الأممي "كوب 16" للتنوع البيولوجي في كولومبيا، الذي حضره أكثر من 15 ألف مشارك، بمن فيهم 10 رؤساء دول وأكثر من 100 وزير من مختلف أنحاء العالم، وذلك للحديث عن الكيفية التي يمكن بها الحفاظ على التنوع البيولوجي على كوكب الأرض.

ويتخذ المؤتمر من "إطار كونمينغ-مونتريال للتنوع البيولوجي" خريطة طريق، وهي خطة بارزة لوقف وعكس فقدان التنوع البيولوجي بحلول عام 2030، وتم اعتمادها بالمؤتمر الـ15 الذي أقيم بكندا ديسمبر/كانون الأول 2022.

وكان "كوب 15" بمثابة معاهدة سلام تاريخية مع الطبيعة تهدف إلى حماية الأراضي والمحيطات والأنواع الحيوانية من التدهور عاما بعد عام، مع وتخصيص 30 مليار دولار من المساعدات السنوية للبلدان النامية في جهودها لحماية التنوع البيولوجي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المواد الکیمیائیة التنوع البیولوجی

إقرأ أيضاً:

لماذا تجب علينا المكابدة؟

كابَدَ يُكابِدُ مُكابَدَة فيكون الإنسانُ مُكابِدا. ويُقال كابَدَ الأمر أي تكبَّدهُ؛ فقاسى شدَّته وتحمَّل مشاقه، وركب هوله ومصاعبه. ويُقال كذلك كَبَدَ ابن آدم الأمر أي قَصَدَهُ. وكبَّد العدو خسائرَ أي أنزلها به وكلَّفه إياها. والكَبِدُ وسط الشيء ومعظمه، وهو العضو في الجانب الأيمن من بطن الإنسان، وإليه يُنسب الأولاد، كناية عن إنهم أعز ما وهبنا؛ فيُقال لهم: أفلاذ أكبادنا. وكبِدُ الأرض ما في بطنها من معادن نفيسة. ويوصف الإنسان بغلظة الكبد كناية عن شراسته، والشيء "يُفتِّت الأكباد" كناية عن تسبُّبه بحزنٍ شديد مُمض. وإذا قَدَر الإنسان على الفلاة؛ يُقال تكبَّدها. ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم.

وقد وردت لفظة الكَبَد واشتقاقتها في القرآن الكريم مرَّة واحدة فحسب (سورة البلد؛ اﻵية رقم 4): "لقد خلقنا الإنسان في كَبَد"، بمعنى المشقَّة والشدَّة والعناء، وقيل بمعنى انتصاب القامة واعتدالها، وقيل القوة والقصد. وما من شيء يمنع جمع المقصد القرآني لهذه المعاني كلها؛ فلا تعارُض بينها في شأن الإنسان وحاله، بل هو تكامُل رباني معجز. فإن المكلَّف الذي ألقي به -حرفيّا- إلى داخل هذا التاريخ، ليحيا في مجال التجربة والخطأ، والذنب والتوبة والطغيان والأوبة؛ أي ليخوض غمار اختياره الإنساني -بمشيئة الله وتقديره- هو سائرٌ انتصبت قامته ابتداء -رغم معاناته- فلا تنكسر قامته، وينتكس في هذا السير القصدي الغائي؛ إلا بأن يوكل إلى نفسه والعياذ بالله. فإنه إن لم يَستَعِن صادقا بمن كلَّفه تكبُّد وجوده؛ لم ينَل معونة على ما كُلِّف وضاع.

والكبد والمكابدة هي -باختصارٍ غير مُخِلٍّ- فلسفة التاريخ الإسلامي، التي أشار إليها القرآن إجمالا في سورة البلد، وفصَّلها خاتما سورة العصر؛ إذ بسط مآل الخُسر التاريخي الحتمي وغايته في قوله جلَّ شأنه: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر". فإنه لم يجعل لهذا الخسر الحتمي الذي نُكابده، والتاريخ المحيق الذي نُعانيه؛ مآلا دنيويّا برانيّا مُعينا تنعقد عليه اليد، وإنما غيَّب المآل داخل التاريخ، وجعل التواصي هو كل ما يطمع فيه ابن آدم داخل هذا التاريخ: التصبُّر والتواصي، والتكاتُف في احتمال الخُسر الدنيوي البراني الحتمي؛ لئلا ينعكس انعاكسا انتكاسيّا على المجال الجواني له، فيرتد الإنسان -معاذ الله- من أحسن تقويمٍ إلى الانكباب على وجهه، باعتبار هذا الانكباب الضال المُضِل نقضا للكَبَد والمكابدة، وعكسا لطريق السير المنتصب القامة على صراط مُستقيم؛ قاصدا رب البرية. وبعبارة أخرى، فإن فلسفة الكَبَد التاريخيَّة هذه تعني أننا خلقنا للمشقَّة والمعاناة، ولاحتمال هذه المعاناة، وأن جوهر الإيمان هو التواصي على هذا الاحتمال بحول الله، والتكاتُف أثناء عبور هذه الدار؛ لنعرُج بهذه الآلام إلى الله، وقد أقمنا الحجة على أنفسنا بالسير في هذا الطريق الشاق بزاد التواصي.

ولهذا، فرَّق الإسلام تفرِقَة قاطعة بين المكب على وجهه لا يُبصر طريقه (سورة الملك؛ الآية رقم 22)، ومن يسير سويّا مُعتدل القامة على صراط الله المستقيم؛ إذ هما الطريقان الوحيدان، اللذان تتجسَّد فيهما هذه الفلسفة التاريخيَّة. ولا يستوي من يُقاسي الشدة ويعاني المشاق الحتميَّة، وهو لا يُبصر غايته، ومن يركب الهول والمصاعب، وهو يرى ربه العلي سبحانه؛ إذ تعلَّق بصره بما تجاوز الزمكان وعلا فوق التاريخ. جلَّ شأنه وتبارك اسمه ولا إله غيره. والعجيب أن هذا المصدر الفذ، يطوي من المعاني ما يوافق حال الإنسان في مسيره الدنيوي، ويطابق أموره كلها داخل هذا التاريخ. فإنك ترى المكب على وجهه -والعياذ بالله- قد غلظ كبده، وظهرت شراسته، وعمي إلا عما جُعل في كبد الأرض، وغفل بانكبابه عن النظر إلى كبد السماء، وما يمثله؛ فتفتَّت كبده لكل حزن يُصيبه، إذ أنه لا يرجو من الله ما يرجوه المؤمن، وإن كانت المصيبة تنزلُ بهما معا.

هذه المكابدة ليست موافقة إجمالا للنواميس الإلهية فحسب، بل هي أولا وقبل كل شيء مُفصَّلةٌ على مقاس إنسانيَّة ابن آدم وخصاله المركبة، ومجعولة له جعلا؛ فإنه الكائن الوحيد المكلَّف المفطور على الاختيار، وعلى مكابدة خياراته، ومكابدة وجوده كله -نتيجة هذه الحريَّة- لهذا؛ كانت المكابدة ناموسا لتحقُّق إنسانية الإنسان أولا، ثم لاكتمال إيمانه، وأخيرا لاتساقه مع فلسفة التاريخ الإنساني الموافقة لتركيبه وإيمانه.

هذا التحقُّق يلزمه -أولا- أن تكون المكابدة مُكابدة للنفس دوما، وقبل كل شيء؛ لفجورها وهواها، وضعفها وسقوطها، وشهواتها وإخلادها. فهذه المكابدة الذاتية أصل الفطرة السليمة، ومبتدأ حفظها وشحذها، فإذا انتكست -والعياذ بالله- شرعت في مكابدة السوى، وتمخَّضت عنها أعراض مرضيَّة تُبرئ النفس الأمارة وتعُدُّ الآخرين هم الجحيم -كما ذهب سارتر وأضرابه مثلا- إذ صار الغير أصل كل سوء وبلية. وهذه النفسيَّة نفسيَّة انكباب لا ترى الوجود على حقيقته، ولا تستوعب معنى التكليف، ولا تُدرك حقيقة الحريَّة؛ مُدلَّلة تحسب أنها مركز الكون، وأنها تستحق كل الخير بذاتها ولذاتها، وبمجرد وجودها. فهي دائمة الشكوى من كل شيءٍ وكل أحد، إذا لم تنل ما يوافق هواها من الدنيا؛ فإنما أفسدها توهُّمها المتأله، وإغفالها ثمن حريتها في الاختيار، وغفلتها عن عبوديتها لخالق مُحيط، وعن أن حريَّتها التي أرادها الخالق ابتلاء ومسؤولية؛ لتُميز الباطل من الحق وتختار طريقها بين العناصر التي رُكِّبَت منها أولا؛ فإما الإخلاد إلى الطين أو السمو إلى آفاق الروح.

وانظر إلى إدراك السلف البصير، إذ يقول الجاحظ في المجلَّد الأول من سفره الماتع: "الحيوان"؛ في الفصل الذي عنونه مصلحة الكون في امتزاج الخير والشر: "اعلم أن المصلحة.. امتزاج الخير بالشر، والضار بالنافع.. ولو كان الشر صِرفا هلك الخلق، أو كان الخير محضا سقطت المحنة، وتقطَّعت أسباب الفكرة، ومع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة ومتى ذهب التخيير ذهب التمييز.. ولم تكُن للنفس آمال ولم تتشعَّبها الأطماع. ومن لم يعرف كيف الطمع؛ لم يعرف اليأس، ومن جهل اليأس؛ جهل الأمن.. ولو استوت الأمور بَطُل التمييز، وإذا لم تكن كلفة لم تكن مثوبة، ولو كان ذلك لبطلت ثمرة التوكُّل على الله تعالى، واليقين أنه الوزَرُ والحافظ والكالئ والدافع.. وأنه يقبلُ اليسير ويهب الكثير".

أي أن امتزاج الخير والشر ضرورة لتعمل آلة التمييز المفطورة في بني آدم، ويتحقَّق تكليفه، وتتحقَّق إنسانيته الربانية المركَّبة. ولو كان الشر صرفا لا خير معه لهلك الخلق لشدَّة وطأته، ولو كان الخير محضا لا شر معه سقطت المحنة وانتفى التكليف؛ فإما جحيم أرضي من الشر أو فردوس أرضي من الخير، وفي الحالين يصير الإنسان إلى القهر؛ مثله في ذلك مثل الملائكة أو الحيوان! إذ ستنقطع مع جدليَّة الخير والشر أسباب التفكير وتضمُر حكمة المعرفة، وينعدم التمييز؛ إذ استوت الأمور وصار الإنسان مقهورا بالجهل والغريزة كغيره من المخلوقات. وقد قرر أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب أن من لم يعرف الجاهليَّة؛ لم يعرف الإسلام. فمن لم يعرف شرور الجاهليَّة؛ لم يُدرك حجم الخير الذي يطويه الإسلام لاستنقاذ الإنسان من نفسه ومن طينه، بغير الجور على هذا الطين أو إلغائه، وهذا هو مكمن المعجزة في الشريعة المحمدية: معونة على الاختيار وتوفيقٌ وسداد، يخلق التوازُن بين البواعث والغايات، ولا ينكر طينك كما لا يُطلق له العنان، بل يدفعك لتُكابده موفقا مسددا بحول الله؛ تغلبه تارة بمكابدتك ويغلبك أخرى بقعودك. والله يهدي من يشاء.


x.com/abouzekryEG
facebook.com/abouzekry

مقالات مشابهة

  • من النص إلى الواقع.. جدلية التربية وحقوق الإنسان في العالم العربي قراءة في كتاب
  • وفاة مأساوية لجراح سوداني وزوجته داخل سيارتهما بالسعودية.. والسبب زر في التكييف
  • ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين.. والسبب تصريحات روسية
  • لماذا تجب علينا المكابدة؟
  • دولة عربية تتصدر قائمة الأعلى درجات حرارة حول العالم
  • تصعيد بلهجة عسكرية بين الصين وبريطانيا والسبب تايوان
  • مبتكر تسلا الأصلي حزين.. والسبب سايبر ترك
  • غدا.. الخرطوم بلا كهرباء والسبب…
  • فضيحة مدوية.. أربع شخصيات نافذة في الرئاسي تسبب بتسارع انهيار الريال اليمني في عدن (الأسماء)
  • شيخ الأزهر: مبررو مأساة غزة فقدوا غطاءهم الزائف من دعاوي حقوق الإنسان