عقب إعلان الوزير أبو الحزم بن جهور سقوط الدولة الأموية في الأندلس، قُسِّمت الدولة إلى أكثر من عشرين دويلة صغيرة تحت حكم "ملوك الطوائف" الذين تميزت فترة سيطرتهم على الحكم بعدم الإستقرار والنزاع والصراع المستمر واستعان بعضهم على البعض الآخر بالفرنجة إلى أن ذهبت ريحهم جميعاً !
منذ إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل ظللنا نقول أن الخطر الأكبر على البلاد والعباد هو إستمرار القتال وليس كما يدعي البعض هو تراجع الجيش، ذلك لأن تطاول الحرب سيؤدي لإنقسام المجتمع وفقدان القيادة و السيطرة على القوات المتحاربة وتزايد التدخل الخارجي غير الحميد فضلاً عن ظهور حركات التطرف.
ومع مرور كل يوم تتأكد صحة رؤيتنا لمآلات الحرب، حيث تحقق الإنتشار الواسع لخطاب الكراهية والتعصب والتحشيد القبلي والجهوي الذي بلغ ذروته في تسليح القبائل وتجييشها وتحول صراع الجيش والدعم السريع لدى قطاعات واسعة إلى حرب بين الجهادية والجلابة في إستدعاء مخل لحقب تاريخية ماضية خلفت جروح وندوب في الذاكرة الوطنية إستمرت آثارها لأكثر من مائة عام.
كما أننا رأينا قيادة الدعم السريع تحذرمقاتليها من التعرض للمواطنين المدنيين وفي نفس الوقت ترتكب تلك القوات إنتهاكات واسعة في ولاية الجزيرة مما يدل على ضعف منظومة السيطرة، وفي ذات الأوان يشاهد السودانيون مليشيات الحركة الإسلامية وأبواقها الإعلامية تهدد قيادة الجيش بالإستمرار في القتال إذا قررت الأخيرة الذهاب للتفاوض.
ومن ناحية أخرى، يستمر إمداد الأطراف المتحاربة بالعتاد والسلاح حتى أن دولاً في الإقليم لم تتورع عن إقامة معسكرات تدريب وتسليح في أراضيها لمكونات قبلية من شرق السودان وقد دفعت بها مؤخراً في أتون الصراع مما يهدد بإنفجار الأوضاع في الولايات الشرقية التي تقع في منطقة متوترة ومنذرة بإندلاع نزاعات تحكمها المصالح المتشابكة والمتعارضة لعدد من الدول الإقليمية.
وقد طفت على السطح مؤخراً معلومات عن بدء ضلوع الحركات المتطرفة في غرب إفريقيا في حرب السودان، بعد حادث راح ضحيته أكثر من خمسين جندياً تشادياً واتهمت بتدبيره حركة بوكو حرام النيجيرية.
كل هذه التطورات تبين بجلاء أن رفض التفاوض والإصرار على حسم المعركة عسكرياً يشكل الخطر الأكبر على وحدة البلاد واستقرارها، ذلك لأن فوضى التسليح وصناعة المليشيات العسكرية ضربت بأطنابها، وبدلاً من الحديث عن طرفين متحاربين بات الحديث الآن عن "أطراف" متقاتلة، وغنيٌ عن القول أن هذه الأطراف مرتبطة بأجندة ومصالح خارجية متضاربة تجعل من العسير جداً الوصول لإتفاق لوقف الحرب.
إذا سارت الأمور على هذا المنوال فإن بلادنا لا شك مقبلة على فترة حكم "أمراء الحرب"، ملوك الطوائف الجدد، الذين رأيناهم قبل وقت قريب يتحكمون في أقاليم ومدن وشوارع الصومال، حينها سيعلم الغافلون من دعاة الحفاظ على الدولة أنهم أضاعوا الدولة بتنبي شعارات مضللة خاطبت عواطف البسطاء خدمة لمصالح فئة طامعة في التمسك بالسلطة بأية ثمن.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع تسيطر على حقل هجليج الاستراتيجي.. ما دلالات الخطوة على الحرب في السودان؟
تنتج منطقة هجليج، في الظروف الطبيعية، نحو 600 ألف برميل نفط يومياً، وتشكل مصدراً رئيسياً لإيرادات الخرطوم.
أعلنت قوات الدعم السريع، الإثنين، سيطرتها الكاملة على منطقة هجليج النفطية في ولاية جنوب كردفان السودانية، في خطوة وصفتها بأنها "نقطة محورية" في مسار المواجهات مع الجيش السوداني.
وجاء في بيان صادر عن القوات أن مقاتليها "تمكنوا صباح اليوم من استلام منطقة هجليج الاستراتيجية"، مشيرة إلى الأهمية الاقتصادية الحاسمة للمنطقة التي "ظلت تشكل مورداً مهماً لتمويل الحرب وتوسيع نطاقها وإطالة أمدها".
وأكدت قوات الدعم السريع التزامها بـ"تأمين وحماية المنشآت النفطية الحيوية" في هجليج، مشددة على حرصها على "ضمان مصالح دولة جنوب السودان التي تعتمد بشكل كبير على موارد النفط الذي يتدفق عبر الأراضي السودانية إلى الأسواق العالمية". كما تعهّدت بتوفير "الحماية اللازمة لجميع الفرق الهندسية والفنية والعاملين في المنشآت النفطية، بما يوفر بيئة عمل آمنة لهم".
هَجْلِيج: مصدر دخل استراتيجي للسودان وجنوب السودانتنتج منطقة هجليج، في الظروف الطبيعية، نحو 600 ألف برميل نفط يومياً، وتشكل مصدراً رئيسياً لإيرادات الخرطوم. كما تعد محوراً لوجستياً حيوياً لتصدير النفط الجنوب سوداني، إذ يعتمد جنوب السودان بنسبة كبيرة على خط أنابيب يمر عبر الأراضي السودانية.
وتقع هجليج قرب الحدود مع جنوب السودان، وتشكل معبراً حدودياً مهماً يربط السودان بعدد من جيرانه، بينهم تشاد وليبيا.
وبعد إكمال قوات الدعم السريع سيطرتها على إقليم دارفور في 26 أكتوبر الماضي، تركزت المعارك في كردفان، الذي يشكل مع دارفور نحو نصف مساحة السودان ويضم نحو 30% من سكانه و35% من موارده الاقتصادية.
ويشكّل كردفان، المقسم إلى ثلاث ولايات، حلقة وصل استراتيجية بين مناطق سيطرة الجيش في الشمال والشرق والوسط، ومنطقة دارفور حيث تتمركز قوات الدعم السريع.
Related السودان.. المنسّقة الأممية تدق ناقوس الخطر: عشرات الآلاف محاصرون في الفاشر والغذاء لا يكفيالبرهان يرفض ورقة مسعد بولس ويهاجم الإمارات.. كيف يبدو المشهد الميداني في السودان؟الإمارات تتهم قائد الجيش بعرقلة مقترح وقف إطلاق النار في السودانويصعب التحقق بشكل مستقل من التطورات الميدانية في كردفان بسبب انقطاع الاتصالات وصعوبة وصول وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية. ومع ذلك، تشير تقارير من مسؤولين محليين وعاملين في المجال الإنساني، إضافة إلى الأمم المتحدة، إلى تكثيف القصف والضربات بالطائرات المُسيرة، وحدوث نزوح واسع للسكان ومخاوف من وقوع فظائع.
وإلى جانب حقوله النفطية، يضم كردفان مناجم ذهب ومنشآت زراعية هامة، إذ يُعد من أكبر منتجي الصمغ العربي في السودان، ويُسهم في إنتاج السمسم والذرة الرفيعة والحبوب الأخرى، إضافة إلى كونه معقلاً رئيسياً للثروة الحيوانية.
وتقع منطقة غرب كردفان عند التقاء خط سكك حديدية رئيسي يربط كوستي في ولاية النيل الأبيض بنيالا، مقراً لحكومة تحالف "تأسيس" التي تم تشكيلها مؤخراً، إضافة إلى مدينة واو في جنوب السودان.
القتال يتركز على مدن رئيسية في كردفانوتتركز المعارك حالياً حول مدن الأبيض وكادوقلي والدلنج وبابنوسة، وهي مناطق يتمركز فيها الجيش بكثافة. وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، منذ أشهر، وهي تقع على طريق استراتيجي يربط دارفور بالعاصمة الخرطوم، وتحوي مطاراً استُخدم لوجستياً لأغراض عسكرية. فيما أعاد الجيش مؤخراً السيطرة على مدينة بارا، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً شمال الأبيض.
أعلنت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي أنها "حررت" مدينة بابنوسة في غرب كردفان، لكن الجيش السوداني نفى ذلك، ما يعكس حالة التناقض المستمرة في الروايات الميدانية بين الطرفين.
ويواجه آلاف المدنيين في مدن كادوقلي والدلنج بجنوب كردفان أوضاعاً إنسانية متردية جراء الحصار المطوّل، الذي يحرمهم من الغذاء والدواء.
وفي جنوب الإقليم، يتعرض معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال في كاودا إلى ضغط متزايد من الجيش، الذي يسعى إلى إضعاف هذا الفصيل المتحالف مع قوات الدعم السريع.
وفي سياق متصل، جددت قوات الدعم السريع "التزامها بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها من جانب واحد"، مشددة على "احتفاظها بحق الدفاع عن النفس".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة