انتقد الكاتب والبروفيسور التونسي إسكندر ونيس، التقاعس الأوروبي في ردع العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان وقطاع غزة، مشيرا إلى أن الأوروبيين لم يتمكنوا من الضغط على "حليفهم" لقبول وقف إطلاق النار.

وقال ونيس في مقال نشرته مجلة "جون أفريك" الناطقة بالفرنسية وترجمته "عربي21"، إنه عُقد مؤتمر للمانحين حول لبنان في باريس في 24 تشرين الأول/ أكتوبر.

وكان الهدف منه محاولة جمع 400 مليون دولار - وهو الحد الأدنى المطلق وفقًا للأمم المتحدة - لصالح لأشخاص الذين نزحوا بسبب "الصراع" في الشرق الأوسط.

وكانت هذه مبادرة جديرة بالثناء من جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث انتهى المؤتمر بتجاوز هذا الحد الأدنى بحوالي مليار دولار من التبرعات للبنان، وفقا للمقال.


لكن حسب الكاتب، لن تمحو هذه الأموال تقاعس الأوروبيين المروّع في ردع القصف المستمر على لبنان والسكان المدنيين في غزة، بما في ذلك خلال شهر رمضان. كما أن الأموال التي تم جمعها لن تنسي اللبنانيين والفلسطينيين أن المجتمع الدولي، ولا سيما الأوروبيين، لم يتمكنوا من الضغط على "حليفهم" لقبول وقف إطلاق النار، ولم يمتنعوا عن الاستمرار في تزويده بالسلاح.

وذكر الكاتب أن هذا ينطبق بشكل خاص على ألمانيا، التي دفعها "دعمها الثابت" للحكومة الإسرائيلية الحالية واحتقارها لمقتل 40 ألف مدني فلسطيني، بشكل علني ودون رادع، إلى رفض فكرة وقف إطلاق النار التي اعتبرها المستشار أولاف شولتز "مجحفة بحق إسرائيل" في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.

وأضاف المقال أنه من المؤسف أن الأوروبيين لم يرغبوا أبدا في استخدام وسائل الضغط العديدة المتاحة لهم لتشجيع إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار، مع إطلاق سراح الرهائن، وهي عملية دعت إليها أغلبية كبيرة في إسرائيل نفسها. وهذا هو الوضع غير مفهوم في العالم العربي. فطوال فترة "الصراع"، كان كل ما سمعه العالم العربي في معظم وسائل الإعلام وخلال الخطابات السياسية في فرنسا وفي جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي هو "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها" بينما يتم التغاضي عن الإرهاب ويستمر العنف.

وتساءل الكاتب: لماذا تتعرض إسرائيل للهجوم؟ لا أحد يجرؤ على طرح هذا السؤال الحساس لأنه لا أحد يعرف الإجابة، ولا أحد يعرف أن هذا السؤال ممنوع في المقام الأول.

وأشار إلى أن إسرائيل هي آخر دولة استعمارية على هذا الكوكب. الجميع يعرف ذلك. والجميع صامتون. هناك شعب، وهو الشعب الفلسطيني، محروم من حقه في الوجود والدفاع عن أرضه التي تُسلب منه يوماً بعد يوم. ويوصف هذا الشعب بـ"الإرهابيين" لأنهم يدافعون عن مستقبل أبنائهم. بالنسبة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، عليهم أن يقبلوا بحقيقة الاستعمار، مع كل الفظائع اليومية التي يرتكبها المستوطنون على مرّ السنين (لا تكاد تذكر في وسائل الإعلام)، وأن يشاهدوا أرضهم تتقلص إلى لا شيء.

ومن المثير للدهشة أيضًا، وفقا للكاتب، أن أصوات المجتمع المدني العربي لا تُسمع كثيرًا في فرنسا وأوروبا بشأن هذا "الصراع". في الواقع، كانت وسائل الإعلام فعالة جدا: أي انتقاد لإسرائيل يصبح معاداة للسامية، على الرغم من أن العرب هم أيضًا ساميون.


ولا تدعو وسائل الإعلام "المحللين" الذين يتقنون الفرنسية أو الإنجليزية إلا قليلا أو تدعو من لا يعرفون شيئا عن التاريخ أو الجغرافيا السياسية. إنه لأمر مؤسف، لأن هذه العملية لا تخدم أحدا، لا سيما "السلام للجميع"، الذي لطالما دافعت عنه، يقول الكاتب.

وأشار الكاتب إلى حقيقة تثير العديد من التساؤلات وهي إعادة انتخاب نتنياهو رئيسًا للوزراء في عام 2022، على الرغم من أنه عندما انتخب لأول مرة في عام 1996، كان أول هدف سياسي له نقض اتفاقات أوسلو (1993) واستئناف الاستيطان في الضفة الغربية، خلافًا للاتفاقات. وبالتالي كانت الخيارات واضحة: لا سلام مع الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، تطرح إعادة انتخابه في عام 2022 سؤالًا جوهريًا: هل يريد الإسرائيليون حقًا السلام مع الفلسطينيين (مرة واحدة وإلى الأبد)، أم أنهم يريدون العيش في "أمن"، بغض الطرف عن الوسائل "المستخدمة" لتحقيقه، وهو أمر نسبي وسيظل دائمًا تحت التهديد؟

ويرى الكاتب أنه آن الأوان أن يعيد الأوروبيون النظر في مقاربتهم "للصراع" في الشرق الأوسط وأن يتوقفوا عن النظر إليه من منظور الصهاينة وحدهم، الذين يسيئون بعماهم الأيديولوجي ليس فقط لشعبهم وبلدهم، بل كذلك لمنطقة بأكملها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية لبنان غزة فرنسا لبنان فرنسا غزة أوروبا الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

مؤتمر الإعلام والحرب على غزة: تراجع الهيمنة الغربية ودعوات لمحاسبة المنصات الرقمية

الدوحة- اختتمت اليوم الأحد في العاصمة القطرية الدوحة فعاليات مؤتمر "الإعلام الدولي والحرب على غزة.. موجّهات الخطاب وصراع السرديات"، بتنظيم مشترك بين مركز الجزيرة للدراسات وجامعة حمد بن خليفة، وبمشاركة عدد من الباحثين الأكاديميين والإعلاميين.

وعلى مدى يومين، كشف المشاركون عن تحول تاريخي في السرديات الإعلامية العالمية، مؤكدين أن الحرب على غزة فضحت هشاشة البنية الإعلامية التقليدية وأظهرت تراجعا غير مسبوق في السيطرة الغربية على إنتاج المعنى الإعلامي، بفضل تضحيات الصحفيين الفلسطينيين الذين كشفوا ما حاولت مؤسسات قوية إخفاءه.

وسلط الباحثون الضوء على دور الإعلام في تأجيج النزاعات عبر خطاب الكراهية والدعاية، محذرين من تحول وسائل الإعلام إلى "خليط من الأخبار والدعاية والحرب النفسية وثقافة الإقصاء"، في ظل تلاشي كامل لمعايير وأخلاقيات المهنة، وانخراط بعض المؤسسات الإعلامية في صناعة الأحداث وابتكار سرديات متنافسة تخدم أطراف محددة.

ويأتي المؤتمر في أعقاب عدوان إسرائيلي على قطاع غزة استمر عامين، وذلك قبل التوصل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لاتفاق لوقف إطلاق النار، وأسفر العدوان عن استشهاد 70 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفاً آخرين، وفقدان آلاف تحت ركام منازلهم، وتدمير نحو 90% من البنية التحتية للقطاع، وفقا لإحصاءات وزارة الصحة في غزة.

وضاح خنفر: إسرائيل مُنحت استثنائية غير مسبوقة تسمح لها بانتهاك القيم الليبرالية الأساسية (الجزيرة)انهيار القيم الليبرالية.. الغرب يكشف جوهره

وفي تحليل أعمق للسياق الذي تعمل فيه وسائل الإعلام الغربية، رأى رئيس منتدى الشرق وضاح خنفر أن "الغرب مارس تسامحا قيميا -خاصة في الإعلام- حين كان في موقع القوة، لكنه مع تراجع نفوذه الاقتصادي والسياسي في العقود الأخيرة، بدأ يكشف عن جوهره المرتبط بمركزية السلطة والثروة، متخليا عن ادعاءات الحياد والموضوعية".

إعلان

وأضاف خنفر في مداخلته أن "إسرائيل مُنحت استثنائية غير مسبوقة تسمح بانتهاك القيم الليبرالية الأساسية، مثل الحق في الحياة، بحجة أن الفلسطيني خارج الحضارة"، محذرا من أن "هذه الاستثنائية، حين طُبّقت في حالة واحدة سهّلت تكرارها في حالات أخرى ضد مهاجرين وغيرهم، وشرعنت خطاب نزع الإنسانية".

وخلص إلى أن "الأزمة ليست اقتصادية أو سياسية فقط، بل قيمية"، داعياً إلى "تحالف عالمي من أجل القيم والعدالة الاجتماعية، باعتباره ضرورة تاريخية لمواجهة التراجع الأخلاقي في النظام الدولي"، مؤكداً أن "الجيل الحالي أمام فرصة ومسؤولية للمشاركة في هذا التحول، الذي سيعيد صياغة العلاقة بين الأجيال والمجتمعات".

مؤتمر الإعلام الدولي والحرب على غزة حضره عدد كبير من الباحثين والأكاديميين من عدة دول عربية (الجزيرة)خطاب الكراهية.. جذور تاريخية في الإعلام الإسرائيلي

في واحدة من أبرز الأوراق البحثية المقدمة، كشف الأستاذ المشارك في تاريخ القضية الفلسطينية بالجامعة الإسلامية بغزة نهاد الشيخ خليل عن أن خطاب الكراهية في الإعلام الإسرائيلي "ليس نتيجة مباشرة لأحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل هو تراكم تاريخي وثقافي وأيديولوجي، وتغذّيه المؤسسات التعليمية والدينية والسياسية".

وبعد أن حلل 32 مقالا منشورا في مواقع إسرائيلية عقب شهرين من بدء العدوان، أشار الخليل إلى أن الخطاب الإسرائيلي يتجاوز حدود الموقف الآني ليعكس "بنية ذهنية وثقافية متجذّرة" تقوم على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين عبر "لغة تصفهم بالكائنات السامة أو الأمراض"، وشرعنة القتل باعتباره دفاعا عن "العالم الحر".

وفي السياق ذاته، كشفت الأستاذة المشاركة بكلية الإعلام في جامعة البترا بالأردن منال المزاهرة عن نتائج دراسة تحليلية لدة قنوات إسرائيلية وغربية، مؤكدة أن الإعلام الإسرائيلي استخدم "مسميات شديدة التطرف لوصف الفلسطينيين، مثل "الحيوانات البشرية" و"أبناء الظلام".

المؤتمر سلط الضوء على التحولات التي أحدثتها التكنولوجيا الرقمية في موازين القوى الإعلامية (الجزيرة)وسائل التواصل.. تفكيك احتكار السردية الغربية

لكن المؤتمر لم يقتصر على تشخيص الأزمة، بل سلط الضوء على التحولات التي أحدثتها التكنولوجيا الرقمية في موازين القوى الإعلامية. فقد أكد الأستاذ المشارك في برنامج الصحافة والاتصال الإستراتيجي بجامعة نورث ويسترن بقطر إبراهيم أبو شريف أن "وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا حاسما في لامركزية السرديات، مما أفسح المجال أمام أصوات غير ممثلة تقليديا لتحدي الروايات الراسخة، وكشف "الظلم المعرفي"، أي التحيز البنيوي في طريقة إدراك وفهم الآخر".

وأشار أبو شريف إلى أن "المشهد الإعلامي الحالي يتسم بصراع بين مركزين لصناعة المعنى: الأول هو النموذج الغربي الكلاسيكي لمؤسسات الإعلام الكبرى، والثاني هو إعلام لامركزي تدعمه وسائل التواصل الاجتماعي، مما أضعف قدرة الإعلام التقليدي على احتكار السرد".

وشدد على أن "أحداث غزة كشفت نقاط ضعف هذه البنية، وأظهرت أن وهم "القوة التي لا تُقهر" الذي تتبناه المؤسسات الإعلامية والعسكرية يمكن تقويضه عندما تتاح للشهادات الفردية مساحة للوصول إلى الجمهور مباشرة"، داعيا إلى "تدريب الجيل الجديد على التفكير النقدي والبحث والتحقق، وتحويلهم من متلقين سلبيين إلى محققين نشطين".

إعلان

ومن الميدان الفلسطيني، قدم الأستاذ المساعد في قسم الإعلام بجامعة قطر وائل عبد العال نتائج دراسة نوعية أجريت على 15 صحفيا وصحفية فلسطينية في غزة، كشفت عن أن "الصحفيين يجدون صعوبة في الفصل بين ما يشهدونه وما يعيشونه، وأن القيم المهنية التقليدية كالحياد والموضوعية تعرضت لاختبارات قاسية، وأحيانا جرى تعديلها لصالح حماية الضحايا وسرد قصصهم".

وأوضح عبد العال أن دراسته اعتمدت مفاهيم "الشهادة المجسدة"، حيث "يتماهى العمل الصحفي والتجربة الشخصية"، مشيرا إلى أن تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حماية الصحفيين تشير إلى "مقتل نحو 200 صحفي ومعاون إعلامي خلال أول 18 شهرا من الحرب، بينهم 44 على الأقل استُهدفوا مباشرة بسبب مهنتهم".

وفي بُعد آخر من أبعاد الحرب الرقمية، حللت أستاذة الترجمة المشاركة في جامعة العلوم والتكنولوجيا باليمن إيمان بركات 185 منشورا على صفحة "إسرائيل تتحدث العربية" على فيسبوك التي تضم نحو 3.6 ملايين متابع، كاشفة عن أن الخطاب الإسرائيلي "يوظف التأطير اللغوي والأيديولوجي لإعادة تعريف الفاعلين، ونزع الشرعية عن المقاومة، وإضفاء الشرعية على أفعال إسرائيل".

وأوضحت إيمان بركات أن دراستها كشفت كذلك عن أن "كلمة غزة هي الأكثر استخدامًا عند الإشارة للفلسطينيين، بينما نادرا ما تُذكر فلسطين أو الفلسطينيون"، مشيرة إلى أن "الضفة الغربية تُستبدل تسميتها بيهودا والسامرة، تكريسًا لرواية العودة وليس الاحتلال"، في إطار حرب إعلامية رقمية واسعة النطاق، حيث يُفرض المحتوى على المتلقي حتى دون سعيه لرؤيته.

مسؤولية أخلاقية واجتماعية.. إعادة تعريف دور الإعلام

وفي محور حيوي من محاور المؤتمر، تناول الباحثون المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية لوسائل الإعلام في زمن النزاعات. فقد شددت أستاذة التعليم العالي بكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية وفاء أبو شقرا على أن "الدعوة إلى إعلام مسؤول في زمن النزاعات ليست مسألة تقنية بل دعوة سياسية وأخلاقية ترتبط بموقع السلطة الرمزية في إنتاج العدل والسلم".

واعتمدت ورقتها البحثية على مقابلات مع 12 مراسلا حربيا و12 أستاذا في الإعلام والسياسة والحقوق والاجتماع غطوا أو درسوا نزاعات في أكثر من 20 دولة حول العالم، كما أنها خلصت إلى 6 نتائج رئيسية، أبرزها أن "معظم وسائل الإعلام عاجزة عن تقديم نموذج مهني يخلق مساحة مشتركة للحوار بين المتنازعين"، وأن "صحافة الحرب هي السائدة حاليا، بأداء دعائي بعيد عن الأخلاقيات المهنية".

وأكدت أبو شقرا أن "العدوان على غزة حالة استثنائية لا تنطبق عليها تصنيفات النزاعات التقليدية ولا يمكن مقارنتها بالنازية أو الفاشية أو الستالينية، فهي واقع غير مسبوق لم يجد المؤرخون تعريفا له بعد"، مشيرة إلى أن "الإعلام إذا تحرر من التواطؤ يمكن أن يلعب دورا في إحقاق الحق وتشكيل رأي عام يسهم في وقف الاعتداء وإحلال السلام".

وفي السياق نفسه، أكدت الأستاذة الباحثة في علوم الإعلام والاتصال مي العبد الله أن "الإعلام، إذا ما استخدمت أدواته ضمن أطر منهجية وقانونية دقيقة، يصبح شريكا أساسيا في منظومة العدالة الدولية، ليس فقط كشاهد، بل كصانع للأدلة وضاغط باتجاه المساءلة، مساهما في حفظ الذاكرة الجمعية وتفعيل القانون الدولي الإنساني".

وأشارت مي العبد الله إلى أن "تجارب البوسنة وسوريا وأوكرانيا أثبتت أن التغطيات الإعلامية كثيرا ما شكلت أساسا لفتح ملفات قضائية"، موضحة أن "المحاكم الدولية والمنظمات الإنسانية اعتمدت في حالة غزة على الصور والمشاهد الحية التي نقلها الصحفيون المحليون، ومن بينهم وائل الدحدوح، لتوثيق الانتهاكات وتأكيد حجم الدمار وعدد الضحايا، مما زاد الضغط الدولي باتجاه التحقيقات".

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر دور الإعلام في الحرب على غزة (الجزيرة)المنصات الرقمية.. سلطة قانونية موازية تحتاج للمساءلة

وفي مداخلة أثارت جدلا، طرح الباحث في سوسيولوجيا القانون والدين إسلام هلال رؤية نقدية حول "الرقابة الرقمية باعتبارها سلطة قانونية موازية للقوانين الوطنية والدولية"، محذرا من أن "المنصات الرقمية ليست مجرد وسائط تقنية، بل هي كيانات تمارس سيادة قانونية داخل فضاء افتراضي، قد يكون تأثيرها على حياة الأفراد وحقوقهم لا يقل عن تأثير سلطة الدولة في الفضاء الواقعي".

إعلان

وأوضح هلال أن "المنصات تمارس وظائف تشريعية (وضع القواعد)، تنفيذية (تطبيقها)، وقضائية (معاقبة أو تبرئة المحتوى) في الفضاء الرقمي"، مشيرا إلى أن "سياسات المحتوى التي بدأت في الأصل كإشراف تقني لمنع الانتهاكات ضد الأطفال أو الفئات المحمية، تحولت تدريجيا إلى سلطة قانونية غير رسمية تحدد المسموح والممنوع، خاصة فيما يتعلق بالسردية الفلسطينية".

وفي ختام هذا المحور، دعت الدكتورة مي العبد الله إلى "دعم الصحفيين الميدانيين بالتدريب والأدوات الآمنة للتوثيق"، و"وضع معايير واضحة للتعامل مع الصور والشهادات، واحترام خصوصية الضحايا"، إضافة إلى "تطوير أدوات تقنية لاكتشاف التزييف وضمان مصداقية الأدلة"، و"تعزيز التعاون بين الإعلام والمنظمات الحقوقية والقضائية"، و"تحسين الأمن الرقمي ومهارات تحليل البيانات البصرية".

وأجمع المشاركون في ختام المؤتمر على أننا أمام لحظة استثنائية في تاريخ الإعلام، تتطلب منا دمج التحليل النظري بالتدريب العملي، لمواجهة السرديات المهيمنة وصياغة بدائل تعكس الحقيقة وتنصف المهمشين، مؤكدين أن الإبادة في غزة لم تكشف فقط فظائع الاحتلال، بل فضحت أيضًا هشاشة البنية الإعلامية التقليدية، وفتحت المجال أمام سرديات مضادة يجب استثمارها في إعادة تشكيل الوعي العالمي.

مقالات مشابهة

  • 5 مؤشرات تبعث على التفاؤل بشأن مستقبل الصحافة
  • زكي عبد الفتاح ينتقد غياب شوبير عن المباريات ويطالبه بالاحتراف الأوروبي
  • نائب إطاري:(4) مرشحين فقط لرئاسة الحكومة الجديدة
  • نائب إطاري:(4) مرشجين فقط لرئاسة الحكومة الجديدة
  • الاستشراق الرقمي: كيف تصنع وسائل الإعلام الغربية شرقاً جديداً؟
  • قصف مدفعي حوثي يستهدف أحياء سكنية في جبل جرة ووادي القاضي شمالي مدينة تعز
  • أونروا: إسرائيل تحتجز المساعدات وغزة تواجه كارثة إنسانية
  • "يونيسيف": "إسرائيل" قضت على 7 عقود من التنمية في غزة
  • "يونيسيف": "إسرائيل" قضت عل 7 عقود من التنمية في غزة
  • مؤتمر الإعلام والحرب على غزة: تراجع الهيمنة الغربية ودعوات لمحاسبة المنصات الرقمية