الشراكات الاستراتيجية العمانية
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
تؤدي الشراكات الاستراتيجية الإقليمية والدولية دورا مهما في مستقبل الدول، ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها ورؤاها الطموحة التي تنشدها، خاصة في ظل التطورات المتسارعة والمتغيرات التي أصبحت تؤرق الكثير من دول العالم، سيما تلك المرتبطة بالتحديات الاقتصادية والبيئية والجيوسياسية، وبالتالي فإن تلك الشراكات تؤسس لتحالفات استراتيجية قادرة على تعزيز قدرتها على الصمود ودعم نموها الاقتصادي.
فالشراكات الاستراتيجية تُسهم في التنمية الوطنية للدول، وتدعم التنويع الاقتصادي، من خلال استهدافها للقطاعات الحيوية خاصة تلك التي تُعنى بالقطاع الخاص وتعزيز الاستثمارات القائمة على الشراكة بين المؤسسات المختلفة في الدول، وبالتالي فإنها تساعد في فتح فرص للتوظيف والعمل، وتبادل الخبرات والمعارف والتكنولوجيا والموارد المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق المنافع المتبادلة والتقدُّم والتنمية القائمة على التعاون والمشاركة.
إن الشراكات التي تؤسسها الدول فيما بينها تستفيد في الواقع من نقاط القوة في كل منها؛ حيث تستفيد من مميزات بعضها خاصة فيما يتعلَّق بالموارد البشرية والطبيعية، وكيفية الاستثمار فيها بحيث تعظِّم من مردودها الاقتصادي والعلمي والثقافي والاجتماعي، بما يعود بالنفع على شعوبها من أجل تحقيق أهداف الرفاه الاجتماعي، وتنمية رأس المال البشري، وتعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية والإبداع والابتكار، إضافة إلى أهمية تلك الشراكات في تحقيق التكامل في الأسواق الإقليمية والعالمية وفتح فرص جديدة تتواكب مع التطورات والقدرات التقنية المتسارعة.
ولهذا فإن حرص الدولة على بناء الشراكات منذ فجر النهضة، وما نشهده خلال السنوات الأخيرة من ازدهار وحرص كبير على تنمية تلك الشراكات وتوسعتها، إنما يقوم على تلك الأهمية التي تمثلها الشراكات الاستراتيجية الإقليمية والدولية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عامة، وتنمية المهارات والتعليم وتبادل المعارف وتشجيع البحث العلمي والابتكار، بُغية تحسين جودة التعليم والتدريب، وتطوير مهارات الشباب من أجل المستقبل من ناحية، وتحقيق أهداف التحولات الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل التي تسعى إليها الدولة من ناحية ثانية.
إضافة إلى ذلك فإن هذه الشراكات تتأسَّس على تمكين الاستثمارات وفتح فرص أمام المستثمرين من قبل الطرفين، وبالتالي فإنها تُسهم في تطوير البنية الأساسية للدولة وتسريع تهيئتها من أجل تلك الاستثمارات، وتبادل الخبرات والمعارف في مجالات عدة منها ما يتعلَّق بالممارسات المرتبطة بفاعلية البنية الأساسية واستدامتها، وتحسين مواردها وقدراتها، خاصة في ظل الاستفادة من التقنيات الحديثة والتطورات الهائلة في مجال الاتصالات.
إن الشراكات الاستراتيجية الإقليمية والدولية التي تحرص عليها عُمان تكشف الوعي بأهمية التطوير والتنمية الحديثة المستدامة من ناحية، وضرورة التحالفات الاقتصادية من ناحية أخرى، والتكامل مع الشركاء من ناحية ثالثة؛ فهي شراكات قائمة على التبادل والعمل المشترك، ولهذا فإنها تنتهج التوازن في الاستفادة من قدرات الدول الأخرى ومواردها واستثماراتها، وإيجاد منافذ جديدة لأبناء الوطن للاستفادة من الخبرات والمعارف الحديثة والفرص التعليمية والتدريبية والعملية.
ولعل ما شهدناه قبل أيام قليلة خلال زيارة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إلى عُمان، وما خرجت به من آفاق التعاون المشترك، سواء من خلال مبادرة إنشاء الصندوق الاستثماري العماني الجزائري المشترك، أو من خلال مذكرات التفاهم التي هدفت إلى ترقية الاستثمارات وتنظيم المعارض والفعاليات والمؤتمرات، والتعليم، والبيئة والتنمية المستدامة والخدمات المالية والتشغيل، والإعلام، وغير ذلك، أو من خلال التأكيد على المبادئ وترسيخ القيم التي تعزِّز الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، فإن هذه الشراكة والتعاون في جوهره يقوم على البناء المشترك للمجتمعات، والدفع بآفاق التفاهم والعمل الإيجابي لخدمة الشعوب.
والحق أن الأمر هنا لا يتعلَّق بالشعبين العماني والجزائري وحسب، بل أيضا التعاون من أجل ترسيخ مفاهيم الإنسانية القائمة على الخير والمحبة والعدل والإنصاف، التي تحتاج اليوم إلى التحالف الصادق الذي ينشد حماية المجتمعات كلها من الاعتداءات على الحريات، فلأن الشراكات تقوم في الأصل على التفاهم المشترك فإنها تتأسَّس وفق ذلك على مبادئ ذات أهمية كبرى للطرفين من أجل تنفيذ عمل مشترك يرسِّخ تلك المبادئ وينقلها إلى الشعوب وفق محددات أخلاقية وإنسانية عالية المستوى.
إن المبادئ التي يرسخها المجتمع العماني وفق تلك الشراكات نجدها واضحة دوما في خلال البيانات الختامية للزيارات واللقاءات. إنها مبادئ لا تروم إلى الفوائد الاقتصادية والتنموية التي تخدم الشعوب وحسب، بل أيضا إلى ترسيخ القيم الإنسانية التي تحافظ على التشاور وتبادل الآراء والحوار الذي من شأنه أن يكون بديلا للقوة الصلبة التي تنتهك حقوق الشعوب وإنسانيتها؛ ولا عجب في ذلك، فلقد كان لعُمان عبر تاريخها الممتد الدور الفاعل في حل الخلافات والنزاعات وما زالت تقوم بجهود كبيرة ومساع حثيثة لـ(خفض التوترات والدفع بالتفاهم والتعاون الإيجابي بين الدول في المنطقة والعالم).
فالشراكات تقوم بين تلك الدول التي تجمع بينها مبادئ الاحترام والتقدير بما يخدم مصالح شعوبها، ويرسِّخ المبادئ الأخلاقية الإنسانية في العالم، وهذا هو مبدأ عُمان الراسخ، الذي تتبناه في كافة تعاملاتها مع دول العالم، وانطلاقا من هذه المبادئ فإن شراكاتها الاستراتيجية تتأسَّس على تبادل المعرفة والعلم والموارد الاقتصادية والتقنية، التي تُسهم في بناء شعبها، وفتح فرص ازدهار التنمية، والارتقاء بالمهارات والتعليم، بُغية تحقيق الرفاه الاجتماعي و(سعادة مواطنيها).
لذا فإن الشراكات الاستراتيجية شراكات جوهرها التعاون والعمل المشترك القائم على ترسيخ المبادئ والمُثل التي تعود بالنفع على الشعوب والإنسانية، ولأن الدولة تسعى دوما إلى إيجاد تلك الشراكات وتوسعة نطاقاتها وأعمالها من خلال مجموعة من الإجراءات والمبادرات، فإنها بذلك تفتح مجالات واسعة أمام مؤسسات الدولة خاصة القطاعات الخاصة والمدنية للاستفادة من تلك الشراكات بما يُسهم في تحقيق الأهداف، ويعمل على إيجاد فرص تنفيذ بنود تلك الشراكات ومجالات الاستفادة منها في التنمية.
إن التفاعل الإيجابي مع تلك الشراكات وتقديم آفاق العمل المشترك وإتاحة الفرصة للتبادل المشترك الخلاَّق، سيُسهم في إنجاح تلك المساعي التي تقوم بها الدولة، إضافة إلى أهمية توثيق الصلات المعرفية والعلمية والتدريبية وتبادل الخبرات بما يواكب متطلبات التنمية الحديثة، والعمل هنا سيكون قائما على المشاركة الفاعلة بين المؤسسات والأفراد كل في مجاله وقدراته.
لذا فإن تعزيز الشراكات الاستراتيجية، والمشاركة الفاعلة في تنفيذ بنودها، وفتح إمكانات تطوير آفاقها، إضافة إلى تقييم مردودها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي، سيكون له الأثر الكبير في تسريع تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتنموية للدولة.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشراکات الاستراتیجیة تلک الشراکات إضافة إلى من ناحیة فإنها ت من خلال سهم فی التی ت من أجل
إقرأ أيضاً:
وزير العمل: إصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وربطها باحتياجات السوق قريبًا
كتب- محمد أبو بكر:
التقى محمد جبران، وزير العمل، على هامش مشاركته في فعاليات الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف، بمقر البعثة المصرية، مع بيتينا شالر، رئيس الاتحاد العالمي للتوظيف، والوفد المرافق لها، لبحث أوجه التعاون بين وزارة العمل والاتحاد في المجالات المشتركة.
واتفق الجانبان على تشكيل لجنة مشتركة للتواصل ودراسة توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين لتعزيز التعاون في مجالات التشغيل والتدريب المهني.
وأكد الوزير استعداد الدولة المصرية لتوفير عمالة ماهرة ومدربة، مشيرًا إلى التطوير المستمر لمنظومة التدريب المهني بالتعاون مع القطاع الخاص، بهدف تأهيل الشباب على المهن المطلوبة في سوق العمل محليًا ودوليًا، وذلك عبر منح شهادات مزاولة المهنة وقياس المهارة الحقيقية، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضح الوزير أن الوزارة مستعدة لتلبية طلبات التوظيف وفقًا للمعايير العالمية، مستعرضًا بعض الإجراءات الخاصة بملف التشغيل والتوظيف، منها الاستعدادات الجارية لإصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل قريبًا، وإنشاء المجلس الأعلى لتخطيط وتشغيل القوى العاملة الذي يضم الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال لرسم السياسة العامة للتشغيل وربطها باحتياجات سوق العمل داخل مصر وخارجها.
كما أوضح جبران آليات التحقق من توافق العمل مع خبرة العامل أو مهاراته من خلال قياس مستوى المهارة ومنحه ترخيص مزاولة المهنة، مؤكدًا على عدم احتكار الدولة للتشغيل والسماح لوكالات الاستخدام بممارسة عمليات التشغيل داخليًا وخارجيًا مع وضع ضوابط للإشراف والرقابة عليها، وتشجيع هذه الوكالات على فتح أسواق عمل جديدة بالخارج.
وأشار الوزير إلى أن قانون العمل الجديد حدد حالات إلغاء ترخيص الشركات بشكل واضح، بهدف توفير الحماية والضمانة للأطراف وضمان التزام الشركات بالقانون، بالإضافة إلى تنظيم عمليات التشغيل الإلكتروني لضمان جديتها وإنشاء قواعد بيانات حقيقية لنتائجها.
من جانبها، قدمت بيتينا شالر شرحًا عن إمكانيات وخدمات الاتحاد العالمي للتوظيف، معربة عن إعجابها بجهود وزارة العمل في منظومة التدريب المهني وتأهيل الشباب لسوق العمل، مشيرة إلى أن سوق العمل المصري واعد للغاية نظرًا لحجم الأيدي العاملة من الشباب، ومستعدة للتحولات في عالم التوظيف، مما يجعلها بيئة جاذبة للاستثمار وتوفر كافة مقومات النجاح، وهو ما يفسر توجه الشركات العالمية للاستثمار فيه.
اقرأ أيضًا:
موجة حارة ورياح.. توقعات طقس عيد الأضحى المبارك
السياحة: خطة لتصعيد الحجاج مباشرة إلى عرفات دون المبيت بمنى
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
محمد جبران وزير العمل الاستراتيجية الوطنية للتشغيل بيتينا شالر الاتحاد العالمي للتوظيفتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
وزير العمل: إصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وربطها باحتياجات السوق قريبًا
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك