أثر الصدمات النفسية على شخصية الطفل في المدرسة
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
د. خلود بنت أحمد بن عامر العبيدانية **
تمثل الطفولة مرحلة حاسمة في تشكيل شخصية الإنسان؛ حيث تؤدي التجارب المبكرة دورًا كبيرًا في تحديد مسار النمو النفسي والاجتماعي للطفل، ومن بين هذه التجارب، تأتي الصدمات النفسية كأحد العوامل الأكثر تأثيرًا على شخصية الطفل وسلوكه في المدرسة يمكن أن تؤدي الصدمات النفسية إلى مشاعر مستمرة من الخوف، القلق، والاكتئاب.
هذه المشاعر قد تجعل الطفل أكثر عرضة للانسحاب الاجتماعي وصعوبة في تكوين صداقات. والأطفال الذين يُعانون من صدمات نفسية قد يواجهون صعوبة في التركيز والانتباه، مما يؤثر سلبًا على أدائهم الأكاديمي، وقد يظهرون أيضًا تراجعًا في التحصيل الدراسي وفقدان الاهتمام بالأنشطة المدرسية.
أما من الناحية السلوكية قد يظهر على الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية سلوكيات عدوانية أو انسحابية. ويمكن أن يكون لديهم صعوبة في التعامل مع الضغوطات اليومية والتفاعل مع زملائهم ومعلميهم. من الضروري توفير دعم نفسي متخصص للأطفال الذين تعرَّضوا لصدمات نفسية. ويمكن أن يشمل ذلك العلاج النفسي الفردي أو الجماعي، والذي يساعد الطفل على التعبير عن مشاعره ومعالجة تجاربه الصادمة.
وتأتي الأسرة في المقام الأول؛ حيث يؤدي الأهل دورًا محوريًا في دعم الطفل. كما ينبغي أن يكون هناك تعاون وثيق بين المدرسة والأسرة لضمان توفير بيئة داعمة ومستقرة للطفل. ويمكن أن يشمل ذلك جلسات إرشاد للأهل لتعليمهم كيفية التعامل مع احتياجات الطفل النفسية. اكتشاف أثر الصدمة النفسية على الأطفال ومعالجتها يتطلب حساسية وفهمًا عميقًا من قبل المعلمين.لذا؛ يجب أن يتعلم المعلمون كيفية التفاعل مع الأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية بطريقة داعمة وغير حكمية. يمكن أن يشمل ذلك استخدام تقنيات التواصل الفعّال والاستماع النشط، ومن ثم إحالة الأطفال إلى الأخصائيين عند الحاجة والمشاركة في خطط العلاج.
من المُهم أن يشارك المعلمون في برامج التوعية والتدريب المستمر حول الصدمات النفسية وتأثيراتها، تساعد هذه البرامج في تعزيز فهمهم للموضوع وتزويدهم بالأدوات اللازمة للتعامل مع الأطفال المتأثرين.
وفي الختام، إنَّ التعامل مع الصدمات النفسية في الطفولة يتطلب جهدًا مشتركًا من الأسرة، المدرسة، والمجتمع. ومن خلال توفير الدعم المناسب، يمكننا مساعدة الأطفال على تجاوز تجاربهم الصعبة وبناء مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا.
** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، وعضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دراسة علمية: التصلب المتعدد يتجاوز التأثير العصبي لجوانب نفسية واجتماعية وإدراكية
كشفت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون من جامعة السلطان قابوس أن مرض التصلب المتعدد لا يقتصر تأثيره على الجهاز العصبي فقط، بل يمتد ليشمل الجوانب النفسية والاجتماعية والإدراكية للمريض، مما يستدعي تدخلًا شاملًا متعدد التخصصات لتحسين جودة الحياة والتكيف مع المرض.
وقالت الدكتورة مي صلاح الدين حلمي أستاذة مساعدة بقسم علم النفس بكلية التربية: إن التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي مزمن، يؤثر على الجهاز العصبي المركزي ويؤدي إلى اضطرابات في الوظائف العصبية والإدراكية والنفسية.
وتطرقت الدراسة إلى أهمية العوامل البيولوجية والأسباب النفسية الاجتماعية لفهم التداخلات بين العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية في مسار المرض، وانخفاض جودة الحياة والقدرات الإدراكية المعرفية داخل البيئة العُمانية.
وأكدت الباحثة أن التصلب المتعدد يعد مشكلة صحية كبيرة في دول الخليج العربي، وعلى الرغم من أن سلطنة عُمان تُظهر انتشارًا أقل نسبيًا لمرض التصلب المتعدد (15 لكل 100000) مقارنة بالدول الإقليمية الأخرى.
وأشارت إلى أن الدراسة شملت عينة من 104 مرضى تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عامًا، تم تقييمهم في مستشفى خولة ومستشفى جامعة السلطان قابوس في الفترة من سبتمبر 2022 إلى سبتمبر 2023، وتوصلت النتائج إلى وجود انخفاض ملحوظ في القدرات الإدراكية والنفسية لدى المرضى مقارنة بمجموعة من الأصحاء، بما في ذلك ضعف في الانتباه، والذاكرة، وسرعة المعالجة، والتفكير المنطقي، مما أثر على قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية بشكل مستقل، كما رصدت الدراسة تراجعًا واضحًا في جودة الحياة والقدرة على التكيف لدى المرضى، إضافة إلى ارتفاع مستويات القلق.
وبالنسبة للفروق بين الجنسين، أظهرت الدراسة فروقًا بين الذكور والإناث، حيث سجلت الإناث درجات أقل في جودة الحياة والتكيف النفسي، لكنهن أظهرن أداء أفضل في بعض المهارات الإدراكية البصرية المكانية مقارنة بالذكور.
وأكدت الدكتورة مي صلاح الدين حلمي أن هذه الدراسة هي الأولى خليجيًا التي تبحث الفروق النفسية والعصبية بين الجنسين لدى مرضى التصلب المتعدد، وتقارنهم بمجموعات من الأصحاء، مشددة على الحاجة الملحة إلى توفير رعاية شاملة.
وتوصي الدراسة بتشكيل فرق علاجية تضم أطباء أعصاب، وممرضين، وأخصائيين نفسيين واجتماعيين، بهدف تقديم برامج دعم نفسي، وتثقيف المرضى، ومساعدة الأسر على التعامل مع المرض، وتقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة به.
واختتمت بالتأكيد أن النهج العلاجي المتكامل هو الخطوة المستقبلية الأهم لضمان رعاية فعالة ومستدامة لمرضى التصلب المتعدد في سلطنة عُمان والمنطقة بأسرها.