ربما تنجح كامالا هاريس في صناعة التاريخ، وتصبح أول امرأة أفروأمريكية، وأول أمريكية من أصل جنوب آسيوي تصل إلى البيت الأبيض، دون أن تشير تقريباً إلى نوعها أو عرقها، ومع وعد فتح "فصل جديد" في سياسة الولايات المتحدة.

وتعد كلمة "أول امرأة" مرادفة لمسيرة هاريس 60 عاماً، فقد كانت أول مدعية عامة سوداء، وأول امرأة تشغل منصب المدعى العام لكاليفورنيا، وأول هندية أمريكية تصل إلى مجلس الشيخ، وأول نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.


ومع ذلك، فضلت هاريس ألا تركز في حملتها الانتخابية على الطابع التاريخي لوصولها المحتمل لسدة الرئاسة، على عكس ما هيلاري كيلنتون في انتخابات 2016. تفاؤل هاريس يواجه تهديد ترامب الشعبوي - موقع 24اختتمت عشية يوم الانتخابات الأمريكية المضطربة لعام 2024 بتناقض يجسد "الاختيار المشؤوم" الذي يواجه الناخب الأمريكي بين الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب ونائب الرئيس الحالي الديمقراطية كامالا هاريس. وفي سيرتها الذاتية "الحقائق التي نمسكها" تكشف أنها تفضل وصف نفسها بـ "أمريكية فحسب"، وتؤكد أنها سعيدة بهويتها امرأة من أعراق مختلطة، رغم هجمات ترامب، الذي شكك في أنها أفروأمريكية بصورة كافية.
وتفتخر هاريس بإرثها الأفروأمريكي والهندي، ويعني اسمها الذي يتظاهر بعض الديمقراطيين بالعجز عن نطقه لمهاجمتها، "زهرة اللوتس"، النبات الذي يطفو على سطح الماء.
وولدت هاريس في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 1964 في أوكلاند بكاليفورنيا، وهي الإبنة الكبرى لشيمالا جوبالان، باحثة هندية في مكافحة السرطان، ودونالد هاريس، الاقتصادي الجامايكي، اللذان انفصلا عن بعضهما عندما كانت هي الثامنة. وكانت أمها، التي توفيت في 2009، القامة الأهم في حياتها وشخصيتها.

وإبان مراهقتها، أخبرتها صديقتها المقربة في المعهد بأنها كانت ضحية استغلال جنسي من زوج أمها، فلم تتردد هاريس في الاتصال بأمها هاتفيا لتطلب منها أن تسمح لها بالانتقال للعيش معهما. وعندها شعرت هاريس بأنها عثرت على هدفها وقررت أن تكرس نفسها لحماية ضحايا الجريمة، ما جعلها تصبح المدعية العامة لسان فرانسيسكو بين 2004 و2011 ثم المدعية العامة لكاليفورنيا بين 2011 و2017.


ترامب وهاريس.. السباق "الأكثر تكلفة" في تاريخ أمريكا - موقع 24مع اقتراب يوم الانتخابات، تم إنفاق ما يقرب من مليار دولار على الإعلانات السياسية في الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات شركات ومحللين تتابع هذه الإعلانات وترصدها. وفي 2016 فازت بمقعد في مجلس الشيوخ وبرزت سريعا بفضل أسئلتها الحاسمة لأعضاء حكومة ترامب 2017-2021.
وفي 2020 قررت أن تنافس للترشح باسم الديمقراطيين لكنها واجهت صعوبات في تحديد مقترحاتها، أمام الذي أصبح بايدن مرشح الحزب واختارها نائباً له.
وهاريس متزوجة منذ 2014 بالمحامي دوغلاس إيمهوف، ولم تتمكن من إبراز ما لديها في البيت الأبيض، إذ كلفها بايدن بحل "القضايا العرقية" المتصلة بالهجرة من أمريكا الوسطى، وهو شأن ملعون في السياسة الأمريكية ولم يعثر له على حل منذ عقود.
وفي هذا الإطار، سافرت إلى غواتيمالا وهناك كانت بطلة لواحدة من أكثر اللحظات المثيرة للجدل حين قالت للمهاجرين الذين يحاولون دخول الولايات المتحدة: "لا تأتوا".
وبعد موجة انتقادات بسبب غياب التعاطف، انزوت هاريس بعيداً عن الأضواء، ثم ظهرت مرة ثانية حين ألغت المحكمة العليا في يونيو (حزيران) 2022 حق الإجهاض على الصعيد الفيدرالي، ما تسبب في غضب ملايين النساء.
وحين قرر بايدن في يوليو (تموز) الخروج من السباق الانتخابي، شيدت هاريس سريعاً ملف ترشحها حول مفهوم الحرية؛ حرية المرأة في  جسدها، وحرية كل أمريكي يأمل في حياة أفضل.
وتعد هاريس بوحدة الأمة عقب سنوات من التفكك، ولجأت إلى الرموز الوطنية، وملأت مؤتمراتها الانتخابية بأعلام الولايات المتحدة، إلى درجة حصولها على دعم من بعض القامات الجمهورية، مثل النائ السابقة ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني 2001-2009.
وأصبحت هاريس، التي عملت طفلة في ماكدونالدز، بمثابة مرشحة الطبقة الوسطى التي تنوي خفض أسعار المساكن والغذاء والدواء.
أما الآن،فإن السؤال، هو هل سمعت الولايات المتحدة رسالتها، وإذا كان العزم على تغيير مسار البلاد قادراً على إقناع عدد كاف من الناخبين لصناعة التاريخ.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية هاريس الانتخابات الأمريكية هاريس الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

د. منال إمام تكتب: ترامب علامة فارقة في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث

في سجل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم الولايات المتحدة، يبرز دونالد ترامب بوصفه من أكثر الشخصيات إثارةً للجدل، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على الساحة الدولية أيضًا. فقد مثّل نمط قيادته خروجًا صارخًا عن التقاليد السياسية الأمريكية، وأثار بأسلوبه الحاد وتصرفاته غير المألوفة موجات من الانتقاد والانقسام، حتى وُصف بأنه الرئيس الذي لم يشبه أحدًا ممن سبقوه. ومع ذلك، لا يتفق الجميع على وصفه بأسوأ رئيس، إذ يرى البعض أن التاريخ الأمريكي شهد قادة دعموا سياسات عنصرية أو استعمارية كانت لها آثار كارثية، لكن ما يميز ترامب هو تفرده في الطريقة التي تقاطع فيها سلوكه مع القيم الأمريكية الديمقراطية، ومدى تأثيره العميق والمستمر على بنية النظام السياسي الأمريكي وموقعه العالمي.

لقد أحدثت سياسات ترامب تغيرًا جذريًا في طبيعة القيادة الأمريكية، وخلّفت أثرًا طويل الأمد على سمعة الولايات المتحدة، داخليًا وخارجيًا. ومهما حاول أنصاره التقليل من حجم هذه التحولات، فإن الحقائق على الأرض تروي قصة مختلفة، قصة انقسام داخلي حاد، واضطراب في منظومة القيم، وتحول في علاقات أمريكا الدولية لم تشهده منذ عقود.

الداخل الأمريكي تحت حكم ترامب: انقسام غير مسبوق

داخليًا، تسببت سياسات ترامب في انقسام اجتماعي وسياسي غير مسبوق في التاريخ الأمريكي الحديث. لم يكن الأمر مجرد خلاف سياسي بين التيارات، بل أصبح انقسامًا مجتمعيًا عميقًا شمل الهوية الوطنية والقيم الأساسية للدولة. 

ساهم سلوك ترامب الشخصي في تعميق هذا الانقسام، حيث لم يتردد في مهاجمة حكّام الولايات، ووسائل الإعلام، والعلماء، والنظام القضائي، بل وكل من اختلف معه في الرأي.

لقد تجاوز ترامب حدود الأعراف السياسية التي كانت تحكم سلوك الرؤساء الأمريكيين، وفتح الباب لتآكل الثقة في المؤسسات، وهو ما ظهر جليًا في تصاعد أعمال العنف والتوتر، كما حدث مؤخرًا في أحداث العنف في لوس أنجلوس. كثيرون داخل وخارج الولايات المتحدة باتوا يعبرون عن قلق حقيقي إزاء مستقبل الديمقراطية الأمريكية، خاصة في ظل التوترات التي غذّاها الرئيس الأمريكي بتصريحاته وأفعاله.

ترامب والسياسة الخارجية: من الدبلوماسية إلى المعاملة التجارية
أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد اتبع ترامب نهجًا قائمًا على مبدأ "الصفقة" أو المعادلة الصفرية، حيث اعتُمدت المصالح الأمريكية بشكل أحادي كأساس للتفاوض، متجاهلًا القواعد الدولية والمؤسسات متعددة الأطراف. هذا النهج لم يكن وليد اللحظة، بل أصبح السمة المميزة لسياساته في قضايا مثل إيران، وفلسطين، والحرب الإسرائيلية على غزة.

في الملف الإيراني، لم يتردد ترامب في استخدام القوة دون اعتبار لمواثيق القانون الدولي أو حتى الدستور الأمريكي وقام بضرب الأهداف النووية الإيرانية بقذائف لم تستخدم من قبل لإحداث دمار شامل لهذه المنشآت. 

أما في القضية الفلسطينية، فقد اتضح انحيازه المطلق لإسرائيل، حيث مارس ضغوطًا شديدة على الفلسطينيين، وسعى لإعادة صياغة مفهوم "السلام" ليخدم مصالح إسرائيل وحدها، متجاوزًا مبدأ العدالة الذي يفترض أن يكون أساسًا لأي تسوية.

هذا التوجه جعل العديد من الدول ترى في الولايات المتحدة قوة انتهازية، لم تعد تُعنى بقضايا السلام والاستقرار العالمي، بقدر ما تسعى وراء مصالح ضيقة وأرباح سياسية داخلية. وقد أدى ذلك إلى تراجع صورة أمريكا في العالم، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل أيضًا في ملفات كبرى مثل المناخ، والتجارة العالمية، والصراعات الجيوسياسية في آسيا.

إرث ترامب: تحذير للعالم

يبقى عهد ترامب في الذاكرة السياسية العالمية ليس فقط كرئاسة مثيرة للجدل، بل كمرحلة مفصلية دفعت المراقبين والمواطنين على حد سواء للتفكير بعمق في طبيعة الحكم، وخطورة الفردية والغطرسة السياسية في أنظمة الحكم ذات التأثير العالمي. فقد مثّل ترامب نموذجًا حيًا للمخاطر التي قد تنجم عن تركيز السلطة في يد شخص يفتقر إلى الإيمان العميق بقيم الإنسانية والديمقراطية والحوار والتعددية.

ولا شك أن تصرفاته المتغطرسة وقراراته الأحادية ألحقت ضررًا بالغًا بسمعة الولايات المتحدة كقوة عالمية، وتسببت في آثار سلبية على ملفات وقضايا ذات حساسية كبيرة على المستوى الدولي. ومع ذلك، فإن النظام السياسي الأمريكي لا يزال يمتلك أدوات للتعافي، ويمكن أن يحمل المستقبل فرصًا لإعادة ضبط البوصلة، على الرغم من أن الآثار التي خلفها ترامب قد تستمر طويلًا.

القضية الفلسطينية ومآلاتها بعد ترامب

تبقى القضية الفلسطينية أحد أكثر الملفات تأثرًا بإرث ترامب. فقد كشف انحيازه الكامل لإسرائيل وتهجمه السياسي على الفلسطينيين هشاشة الموقف الأمريكي كوسيط سلام. لكن في المقابل، فإن النضال من أجل العدالة لم يتوقف، ولا تزال هناك شعوب وأنظمة تواصل دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني، حتى في ظل التحديات التي زادت تعقيدًا بعد سنوات حكم ترامب.

وسيذكر دونالد ترامب، دون شك، كأحد أكثر الرؤساء تأثيرًا – وربما ضررًا – في تاريخ أمريكا الحديث. فترة حكمه أعادت تشكيل الخطاب السياسي، وأثارت تساؤلات جوهرية حول مصير الديمقراطية الليبرالية في عصر التوترات والصراعات الداخلية والخارجية. لكن العالم لا يتوقف عند عهد رئيس بعينه، والتاريخ مفتوح دومًا أمام تصحيحات وولادات جديدة قد تحمل معها مستقبلًا أكثر اتزانًا وعدلًا، سواء داخل أمريكا أو على المستوى العالمي. ولن يحمي الأوطان المعسكر الشرقي أو الغربي أو دفع الأموال لن يحي الأوطان سوى سواعد أبنائها ولحمتهم الداخلية وقوة جيشها حفظ الله مصر من كل الشرور.
 

طباعة شارك دونالد ترامب الولايات المتحدة التاريخ الأمريكي ترامب

مقالات مشابهة

  • ترامب يريد نزع حق الأرض.. ما الذي نعرفه عن التعديل الـ14 في دستور أمريكا؟
  • عشرات الشهداء بسبب القصف الإسرائيلي بغزة .. وجوتيريش: عمليات الإغاثة التي تدعمها أمريكا غير آمنة
  • فلبينية تصنع التاريخ في بطولة "إيستبورن" للتنس
  • مهندس الشبح الذي خان أمريكا: من هو نوشير غواديا ولماذا انتهى به المطاف في السجن؟
  • الكرملين: ينبغي تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية
  • واشنطن تراقب تهديدات إيرانية.. ماذا يجري داخل الولايات المتحدة؟
  • ترامب يبلغ نتنياهو: الولايات المتحدة انتهت من استخدام القوة العسكرية ضد إيران
  • عبد المنعم سعيد: الولايات المتحدة في عهد ترامب تسعى لرسم ملامح نظام دولي جديد
  • النشطاء: على أوروبا أن تضمن أمنها بنفسها بعيدا عن الولايات المتحدة
  • د. منال إمام تكتب: ترامب علامة فارقة في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث