ما تداعيات تصعيد عمليات المقاومة على حرب إسرائيل في غزة؟
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
تشهد الساحة الفلسطينية تطورات مهمة مع تصاعد عمليات فصائل المقاومة في قطاع غزة، في ظل محاولات أميركية لإيجاد صيغة دبلوماسية تخدم الجانب الإسرائيلي أكثر مما تتقاطع مع الطموحات الفلسطينية.
وتصاعدت العمليات في الآونة الأخيرة باستهداف جنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي في خان يونس (جنوبي القطاع) وفي غيرها مناطق القطاع، وهو ما تظهره المشاهد التي تبثها كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وغيرهما من الفصائل.
كما أعلنت المقاومة في وقت سابق عن عدة عمليات استهدفت جنود الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة وفي خان يونس.
وقالت كتائب القسام إن مقاتليها قنصوا جنديا إسرائيليا قرب "تلة المنطار" شرق حي الشجاعية بمدينة غزة الاثنين الماضي، بالإضافة إلى تدمير دبابتي "ميركافا" وناقلة جند وجرافة عسكرية، بعبوات أرضية شديدة الانفجار معدة مسبقا، يوم الجمعة الماضي في شرق جباليا شمالي القطاع.
كما بثت سرايا القدس صورا لتجهيز حقل ألغام بعبوات "ثاقب" وتفجيره بآليات للاحتلال، معلنة استهداف قمرة آلية عسكرية بقذيفة الياسين 105 في بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس.
وجاء ذلك بعد الكمين الذي نفذته مؤخرا كتائب القسام ضد ناقلتي جند إسرائيليتين في خان يونس، وأسفر عن مقتل 7 عسكريين وإصابة عدد كبير من الجنود.
فشل إسرائيلي
وفي السياق، أكد الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن هذه العمليات فجّرت حالة من اصطدام إسرائيل بالواقع بعد فترة من الجمود، خاصة بعد العملية التي نفذتها إسرائيل في طهران.
وأوضح خلال برنامج "ما وراء الخبر" أن إسرائيل كانت تسعى لإعادة تموضعها كطرف مبادر لا محاصر، وإظهار جيشها كقوة لا تُستنزف ولديها طموحات تتجاوز الساحل الغزي الضيق.
إعلانومن جهته، أكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، الدكتور مصطفى البرغوثي، أن إسرائيل طرحت إستراتيجية "الحسم" سواء في غزة أو الضفة الغربية أو على مستوى المنطقة.
وتهدف هذه الإستراتيجية إلى تصفية القضية الفلسطينية برمتها وتنفيذ عملية تطهير عرقي، لكنها فشلت فشلاً ذريعا -بحسب البرغوثي- فبعد أكثر من 21 شهرا من الهجوم المتواصل، لم تستطع إسرائيل القضاء على المقاومة الفلسطينية أو إرضاخ الشعب الفلسطيني.
الموقف الأميركي
وفيما يتعلق بالموقف الأميركي، قال المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية، توماس واريك، إن واشنطن لم تركز بشكل كبير على قطاع غزة خلال الأسابيع السبعة الماضية، وذلك يعود جزئيا إلى تعاملها مع الملف الإيراني.
غير أنه أشار إلى انقسام في وجهات النظر بين واشنطن وإسرائيل حول مقترحات إطلاق سراح "الرهائن" والسجناء، ورفع منسوب المساعدات الإنسانية.
ولفت واريك إلى أن الرئيس دونالد ترامب يسعى للدفع بمبادرة دبلوماسية شخصية لوضع حد نهائي للحرب، ولكن هذا الباب كان مسدودا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية.
وأكد المسؤول الأميركي أن ترامب يرى أن الوقت قد حان لوضع حد للحرب، لكنه يتحدث عن "ظروف انتصار" تختلف عما يريده نتنياهو.
وحول إستراتيجيات نتنياهو في التعامل مع الأزمات لفت جبارين إلى أنه اعتاد منذ عودته للحكم على إدارة الأزمات وليس حلها، محاولاً إبقاء الدوائر مفتوحة لضمان بقائه السياسي.
وفي الوقت الراهن -يوضح جبارين- توزع إسرائيل إشارات في كل الاتجاهات، من الحديث عن صفقة إلى احتمالية انتخابات مبكرة، مرورا بمشاريع التطبيع والحديث عن الدولة الفلسطينية، وصولاً إلى خيارات التصعيد العسكري.
وفي تعليقه على تقرير صحيفة هآرتس الذي كشف عن أوامر عسكرية رسمية بإطلاق الرصاص على المدنيين الذين يحاولون الحصول على الطعام، مما أسفر عن مقتل أكثر من 560 مدنيا أمام مراكز المساعدات وجرح أكثر من 4 آلاف آخرين، أكد البرغوثي أن هذه الممارسات ليست جرائم فردية، بل سياسة مقصودة ينفذها الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
تصعيد غير مسبوق.. خسائر إسرائيل خلال الهجوم الإيراني الأكبر في تاريخ الصراع
شهدت إسرائيل خلال الفترة من 13 حتى 24 يونيو 2025 أعنف تصعيد عسكري مباشر من إيران، حسب بيانات صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، وتحليلات إعلامية متقاطعة.
الهجمات التي شملت مئات الصواريخ الباليستية وآلاف المسيّرات، مثّلت لحظة فارقة في تاريخ النزاع، وأسفرت عن خسائر بشرية واقتصادية غير مسبوقة.
كثافة نيران غير مسبوقة591 صاروخًا باليستيًا تم إطلاقها من إيران باتجاه أهداف داخل إسرائيل.
1050 طائرة مسيّرة شاركت في الهجمات، مستهدفة البنى التحتية والمراكز الحيوية.
ورغم النجاح الجزئي للأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، مثل "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود"، فقد تبيّن أن نحو 400 صاروخ فقط سقط في مناطق مأهولة من أصل العدد الكلي، ما يعني قدرة دفاعية كبيرة، لكن غير كاملة.
29 قتيلًا، معظمهم من المدنيين.
3491 جريحًا، تتنوع إصاباتهم بين حرجة ومتوسطة.
مصادر طبية تحدثت عن حالات وفاة بسبب أزمات قلبية وضغوط نفسية أثناء محاولات الهروب إلى الملاجئ.
صافرات الإنذار... خريطة الرعب
بلغ عدد دوي صافرات الإنذار بسبب الصواريخ: 19،434 مرة، توزّعت على النحو التالي:
41.3% في الشمال
44.3% في الوسط
14.3% في الجنوب
أما الإنذارات المرتبطة بالمسيّرات، فبلغت 609 مرات، غالبيتها في الشمال بنسبة 78%، ما يعكس تحولًا في تركيز إيران على جبهات الجليل الأعلى ومنطقة الجولان.
نزوح أكثر من 11،000 مستوطن، معظمهم من مناطق الشمال والوسط.
تقديم 38،700 طلب تعويضات لدى الجهات المختصة، تشمل أضرارًا مادية ونفسية وخسائر في الممتلكات.
المشهد أعاد إلى الأذهان أزمات النزوح في حروب سابقة، لكن هذه المرة أظهر ضعفًا واضحًا في جاهزية البنية التحتية للتعامل مع هجمات بهذا الحجم.
أحداث بارزة على الأرض
بئر السبع تحت النيران
مقتل 4 مدنيين في قصف مباشر على مبنى يحتوي على ملجأ تخزين مؤقت للمدنيين.
استهداف مستشفى "سوروكا"، وهو أحد أكبر المراكز الطبية في الجنوب، خلّف 50 جريحًا نتيجة إصابة محيط المستشفى وتسرب مواد كيميائية خطرة، رغم الإخلاء المسبق.
تعدّ هذه الحادثة مؤشرًا خطيرًا على تغيير في التكتيك الإيراني، باستهداف المرافق الحيوية مباشرة.
قراءة تحليلية
رغم اعتماد إسرائيل على قدرات دفاعية متطورة، إلا أن الهجوم الإيراني الكثيف كشف نقاط ضعف في الحماية المتزامنة من الصواريخ والمسيّرات، خاصة مع تشتيت محاور الهجوم وتنوع الأسلحة المستخدمة.
كما أن الأثر النفسي والاجتماعي للهجمات فاق الخسائر المباشرة، خاصة في ظل حالة الهلع الجماعي وتفكك الأنشطة الاقتصادية في بعض المناطق الصناعية والعسكرية.
في النهاية أثبتت إيران خلال هذه الجولة قدرتها على إحداث تأثير مركب: عسكري ونفسي واقتصادي، حتى دون احتلال أرضي أو اشتباك مباشر تقليدي.
في المقابل، برهنت إسرائيل على فاعلية دفاعها الجوي، لكن الثغرات في الجبهة الداخلية والنزوح الكبير يطرحان تساؤلات حول الجاهزية الشاملة للحرب المستقبلية.
الهدنة المعلنة مؤخرًا، برعاية أطراف دولية، قد تمنح الطرفين وقتًا لإعادة الحسابات. ومع ذلك، يبقى التوازن بين الردع الإيراني والرد الإسرائيلي هشًا، بانتظار أي شرارة جديدة.