تحالفات ما بعد الحرب.. «سلام الضرورة» وخرائط ما بعد النار
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
في كل منعطف حاد من منعطفات الشرق الأوسط، تظهر لوحات سياسية تذكّرنا بأن ما يُرسم في العلن ليس سوى غطاء لخرائط سرية تُعدّ خلف الكواليس. وعلى أنقاض حروب لم تُطفأ نيرانها بعد، يُدفع نحو ترتيبات تُسمّى "تحالفات الأمن الإقليمي"، ولكنها في جوهرها صيغ جديدة لتقاسم النفوذ وإعادة هيكلة المنطقة وفق موازين قوى تتبدّل بسرعة.
المشهد الذي يتكرر مؤخرًا في إسرائيل - تلك الدولة التي وُلدت من رحم صراع دموي طويل - هو إعلان دعائي ضخم يضم وجوهًا لزعماء من الخليج والمشرق، يجلسون تحت سقف واحد إلى جوار رئيس الوزراء الإسرائيلي، في مشهد يبدو وكأنه احتفاء رمزي بـ"نهاية العداء التاريخي"، أو هكذا يُراد له أن يُفهم.. .،
لكن خلف هذا المشهد الهادئ، تبرز الكثير من الأسئلة:
من يرسم هذا السلام؟
ومن يدفع ثمنه؟
وهل هو سلام حقيقي أم هدنة طويلة مفروضة بفعل المصلحة لا القناعة.. .؟
-في فلسفة ما بعد الحرب، يُقال إن الأطراف المنهكة هي الأقدر على القبول بالتسويات. وفي منطقتنا، باتت الشعوب مغيّبة عن هذه التسويات التي تُعقد فوق رؤوسها. من سوريا المنهكة بجراحها، إلى لبنان الذي يسير على حافة الانهيار، إلى فلسطين التي تتآكل قضيتها تحت وهم "الفرص الاقتصادية"، نجد أنفسنا أمام إعادة تدوير لخرائط سايكس- بيكو، لكن هذه المرة بإخراج إعلامي حديث، وشعارات براقة مثل "الاتفاقيات الإبراهيمية" أو "السلام الإقليمي".. .،
إن ما يحدث اليوم هو جزء مما يُسمى في علم الجيو سياسة بـ"سلام الضرورة"، ذلك النوع من السلام الذي لا ينبع من رغبة الشعوب أو عدالة القضايا، بل من اختلال موازين القوى وتغيّر أولويات الحلفاء.. .،
فمنذ أن بدأت إدارة ترامب الدفع نحو تطبيع إقليمي تحت عباءة التحالفات الأمنية، اتسعت دائرة التطبيع لتشمل عواصم لم تكن تتخيل يومًا أنها ستضع يدها في يد تل أبيب، في ظل تغييب كامل للمطالب التاريخية للشعوب، وعلى رأسها الحقوق الفلسطينية.. .
في هذا السياق، تُستخدم الرموز واللوحات الإعلامية كأدوات ضغط نفسي، لترسيخ صورة "التحالف الكبير" الذي يجمع أعداء الأمس كأصدقاء اليوم، بينما الحقيقة تقول إن الحروب لم تنتهِ، واللاجئين لم يعودوا، والقدس لم تتحرر.. .،
--إننا نشهد لحظة مفصلية، ليس في مسار الصراع العربي- الإسرائيلي فحسب، بل في مسار استقلالية القرار العربي ذاته. فحين يصبح الأمن الإقليمي مرهونًا بإرادة تل أبيب وواشنطن، فإننا أمام مشهد جديد يُعاد فيه ترتيب الأدوار، وتُسحب أوراق اللعبة من يد العرب لتستقر في يد من يملكون مفاتيح التكنولوجيا والسلاح والتأثير الإعلامي.. .،
ومن هنا، فإن اللوحات الإعلانية في شوارع تل أبيب تظل صورًا صامتة، بينما الواقع الصاخب يؤكد أن السلام لا يُولد من الإعلانات، ولا يُكتب بالحبر الدبلوماسي، بل يُصنع من عدالة، ومن اعتراف متبادل بالحقوق، ومن ذاكرة لا يمكن محوها ببساطة من شعوب لم تنسَ بعد طَعم النكبة، ولا مرارة الشتات.ـــ، !
كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية.. !!
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الشرق الأوسط لبنان إيران رئيس الوزراء الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
بعد 30 عام من الصراع.. اتفاق سلام بين رواندا والكونغو برعاية قطرية وبدعم أميركي
يمن مونيتور/ وكالات
أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التوصل إلى اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية، مشيدا بالدور القطري في رعاية المفاوضات بين البلدين.
وقال روبيو إنه لم يكن سهلا التوصل إلى اتفاق، ولا يزال هناك عمل يتعين القيام به.
وأضاف أنهم سعداء باستضافة اجتماع السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا وأن واشنطن تؤمن بإمكانية تحقيق السلام بين الدول المتنازعة وذلك يفيد بلادنا أيضا تجاريا وأمنيا.
وأشاد الوزير الأميركي بالتعاون مع دولة قطر وتحقيق إنجازات كبيرة.
من جهته، قال وزير خارجية رواندا أوليفييه ندوهونجيرهي إن الرئيس ترامب ودولة قطر قاما بدور مهم في تيسير هذا الاتفاق التاريخي مع الكونغو الديمقراطية.
وأشار ندوهونجيرهي إلى أن نقطة انطلاق الاتفاق كانت من الدوحة مؤكدا تقديم الدعم للوساطة القطرية لإنجاح هذه المبادرة، وقال “جاهزون للتعاون مع الكونغو الديمقراطية لتفعيل بنود الاتفاق”.
وتعهد الوزير الرواندي بتسهيل عودة اللاجئين إلى البلاد بشكل آمن وكريم لتحقيق السلام الدائم.
من جانبه، قالت وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية تيريز كايكوامبا فاغنر “نبدأ فصلا جديدا يدعو إلى الشجاعة في تطبيق الاتفاق وتحقيق السلام”، مشيدة بدور قطر التي نظمت أول اجتماع في طريق الاتفاق ويسرت المباحثات ووصلت بها للنجاح. وقالت إن قطر ظلت شريكا ثابتا وصاحب مبادئ في جهود السلام.
وأعلنت الدولتان الإفريقيتان المتحاربتان في بيان مشترك الأربعاء أنهما وقعتا بالأحرف الأولى على اتفاق ينهي النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، وسيتم توقيعه رسميا في العاصمة الأميركية الأسبوع المقبل.
وأعلنت الدولتان الأفريقيتان المتحاربتان في بيان مشترك الأربعاء أنهما وقعتا بالأحرف الأولى على اتفاق ينهي النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، وسيتم توقيعه رسميا في العاصمة الأميركية الأسبوع المقبل.
وتعاني منطقة شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية الغنية بالموارد والواقعة على الحدود مع رواندا، من أعمال عنف منذ ثلاثة عقود، وقد تجددت منذ أن شنت جماعة أم23 المسلحة المناهضة للحكومة هجوما جديدا في نهاية عام 2021.