إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث: خطط تطوير البنية التحتية بالدولة تعزز الجاهزية لمواجهة تغيرات المناخ
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
أكد سعادة الدكتور سيف الظاهري، مدير مركز العمليات الوطني في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أن الهيئة تعمل على توفير أعلى مستويات السلامة والأمن لجميع أفراد المجتمع، وفق منظومة متكاملة وإستراتيجية موحدة لإدارة الطوارئ والأزمات، من شأنها تسخير الموارد الوطنية كافة للمحافظة على المقدرات والمكتسبات الوطنية وحماية البيئة والأرواح، بما يعزز من سرعة الاستجابة لمواجهة الطوارئ على أراضي الدولة كافة.
وقال خلال جلسة رئيسية ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024، إن الإمارات أدركت مبكراً أن الاستعداد المسبق والجاهزية أهم مرتكزات مواجهة أي أزمات، وأثبتت في أكثر من ظرف مرونتها وكفاءتها في التعامل مع الظروف العالمية المختلفة من خلال توحيد الجهود والتنسيق الكامل بين الجهات المختلفة على مستوى الدولة.
وشدد على ضرورة تعزيز الجاهزية بشكل دائم وتوحيد الجهود الوطنية، والعمل باستمرار على إعداد وتحديث الخطط والاستعداد لأي أحوال تفرضها الظروف العالمية سواء الصحية أو البيئية، وهو ما تعمل عليه دولة الإمارات بتوجيهات ومتابعة دائمة من قيادتها الرشيدة.
وأضاف، إننا نعيش في عصر يتسم بتسارع الأحداث العالمية، حيث تواجه الإنسانية تحديات بيئية متزايدة وظروفاً صحية واقتصادية متغيرة، وأمام هذا الواقع، يصبح الاستعداد والتخطيط الاستباقي مفتاحاً ضرورياً لمواجهة تلك التحديات وإدارتها بكفاءة، مضيفا: “في هذا السياق، تعتمد كفاءة المؤسسات الحديثة ونجاحها في تحقيق أهدافها بشكل كبير على مدى جاهزيتها للتعامل مع الأزمات وإدارة الموارد بفعالية، خاصة في حالات الطوارئ والظروف الاستثنائية. وهذا يتطلب منا إدراكًا عميقًا لأهمية تعزيز التضامن والعمل الجماعي على المستويين الوطني والدولي لمواجهة التحديات المتزايدة بشكل منسق وفعّال”.
وأشار الظاهري إلى أن العالم يشهد وتيرةً متسارعة للأزمات المتزامنة، ومثال على ذلك الجائحة العالمية “COVID-19” التي أصابت أكثر من 600 مليون شخص حول العالم، إضافة إلى تأثر سلاسل الإمداد والتبعات الاقتصادية التي لا تزال بعض الدول تتعافى منها. حيث تبرز أهمية الحاجة لاتخاذ خطوات استباقية لضمان حماية مجتمعنا وتعزيز الاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية المتزامنة وتبني المرونة والتوازن الإستراتيجي بين القطاعات.
وقال إن التوجهات العالمية تشير إلى أن العالم سيشهد خلال العقد المقبل تغيرات جذرية إثر التغيرات المناخية المتفاقمة، وإن مواجهة هذه التغيرات المتسارعة، جعلت التحول إلى الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الكربونية ضرورة ملحة، لافتا إلى أن من المتوقع زيادة معدل الأمطار بنسبة 40% بحلول عام 2035؛ إذ أصبحت التغيرات المناخية حقيقة ملموسة تؤثر على دول العالم كافة، بما في ذلك دولتنا؛ حيث شهدنا خلال العام الماضي هطولاً تجاوز 142 ملم من الأمطار في يوم واحد، متجاوزاً في غضون ساعات قليلة متوسط الأمطار السنوية المعتادة، ما أدى إلى اضطرابات أثرت على البنية التحتية.
وأضاف، هذه التغيرات ليست مجرد تقلبات مناخية فقط، بل أصبحت جزءًا من واقع جديد يتطلب إعادة التفكير والنظر في تخطيط البنية التحتية، وباتالي فإن من الضروري الاستثمار في تطوير بنية تحتية مرنة قادرة على مواجهة الأزمات المناخية بفعالية وكفاءة.
ونوه إلى أن التكلفة الاقتصادية الناتجة عن الكوارث الطبيعية على مستوى العالم قد تصل إلى 3 تريليون دولار سنوياً، فيما تُقدّر الخسائر الناتجة عن الكوارث في بعض البلدان النامية بنسبة تصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لتقديرات التقارير الدولية.
وأكد أنه تم خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين “COP 28” الذي استضافته دولة الإمارات، اعتماد خطط عمل ملموسة لخفض الانبعاثات بنسبة 50% بحلول عام 2030، ما يمثل خطوة مهمة في مكافحة التغير المناخي، مضيفا: “في هذا السياق، يبرز التخطيط الحضري كأحد المحاور الأساسية، حيث يجب أن نتبنى إستراتيجيات مبتكرة لتصميم مدن قادرة على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.، فالتحديات المناخية أضافت بُعدًا جديدًا من التعقيد إلى التحديات التي نواجهها، ما يتطلب منا التعامل مع الأخطار المتعددة والمعقدة بشكل متزامن. ومن المهم أن تواصل مؤسساتنا تعزيز مواردها وقدراتها وجاهزيتها للتعامل مع هذه التحديات، مع ترسيخ ثقافة الاستدامة والقدرة على الاستجابة السريعة والمتزامنة”.
وقال إن تأثير هذه التغيرات لا يقتصر على الجانب البيئي فحسب، بل يمتد ليشمل الاقتصاد الوطني، فمن المتوقع أن تؤثر زيادة التقلبات المناخية على القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دولة الإمارات، مثل السياحة والزراعة، ما يتطلب تبني حلول مبتكرة لتعزيز الاقتصاد الأخضر والاستفادة من الطاقة المتجددة لتقليل التكاليف وتحقيق الاستدامة الاقتصادية. أما من الناحية الاجتماعية، فإن التحديات التي نواجهها توفر أيضاً فرصاً كبيرة لبناء مجتمع أكثر مرونة وتماسكاً.
وأكد أهمية العمل الجماعي وتكامل الجهود الوطنية. وقال إن العنصر البشري هو الأساس في تحقيق أي نجاح أو تقدم. وإن الوحدة والتضامن والولاء للوطن هي ركائز قوتنا في مواجهة التحديات وحماية الإرادة الوطنية.
وأكدت السيدة مريم سالم الشحي ممثلة عن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أن الهيئة تبذل جهودًا وطنية متكاملة بالتعاون مع شركائها الإستراتيجيين لتطوير قدرات مجتمع إدارة الطوارئ والأزمات، والاستعداد لمستقبل أكثر أمنًا للأجيال المقبلة.
وأشارت إلى أن الهيئة نظمت خلال العام الماضي حوالي 30 تمرينًا ومحاكاة تغطي سيناريوهات معقدة تشمل الأزمات الطبيعية، والاقتصادية، والصحية والمركبة. وتم تصميم هذه التمارين بدقة عالية لتحاكي الاحتمالات كافة، ما يتيح اختبار مرونة وكفاءة الاستجابة في مواجهة الأزمات، كما عقدت نحو 50 دورة تدريبية وبرنامجًا تخصصيًا، تم خلالها تأهيل ما يقرب من 900 شخص من الجهات المعنية، ما يسهم في تعزيز الجاهزية الوطنية لمواجهة الأزمات بكفاءة ومرونة، وأصدرت أكثر من 58 وثيقة، من خطط ومعايير وأدلة وسياسات، لتنظيم وتطوير العمل وضمان توحيد الجهود وتوجيهها نحو الاستجابة المثلى للطوارئ وفقًا لأعلى معايير الأداء.
وأضافت الشحي أن الهيئة، نفذت التمرين الأول من نوعه في المنطقة بعنوان “ميتافيرس الأزمات”، الذي استخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الاستجابة لحوادث المواد الخطرة بشكل مبتكر وفعّال، ما يمثل علامة فارقة في مجال تطوير الأنظمة التقنية لإدارة الأزمات.
وأشارت إلى أن الهيئة تلتزم بتوحيد الجهود الدولية وبناء شراكات مستدامة لدعم جهودها في إدارة الطوارئ والأزمات، إذ شاركت بفعالية في منصات دولية مثل مجموعة العشرين (G20)، ومجموعة بريكس (BRICS)، وجامعة الدول العربية، لتعزيز التعاون والتنسيق مع الشركاء الدوليين.
وأكدت أن الهيئة تسعى للاستثمار في الكوادر البشرية الوطنية، عبر تطوير المهارات القيادية وتمكين الشباب ليكونوا جاهزين لمواكبة تحديات المستقبل، معتبرة أن بناء القدرات الوطنية هو الأساس لضمان استمرارية النجاح وتحقيق المرونة في مواجهة الأزمات.
وشددت الشحي على أهمية استمرار هذه الجهود ضمن رؤية طموحة لبناء مجتمع آمن وقادر على التصدي للأزمات، مؤكدة أن التعاون المستمر بين الأطراف المحلية والدولية هو الضمان لتحقيق أفضل النتائج في الأوقات الحرجة.
من جانبه أوضح السيد سعيد سالم الشامسي، ممثل عن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أن الهيئة أعلنت عن إطلاق برنامج “الإشراك المجتمعي” خلال العام المقبل، بهدف تعزيز دور الأفراد في جهود الاستجابة والتعافي من الأزمات، وكخطوة نحو تمكين سكان الأحياء ليكونوا جزءًا من منظومة الدعم أثناء الطوارئ، وتعزيز التعاون والتنسيق فيما بينهم لتحويل الأحياء إلى وحدات دعم ذاتية خلال الأزمات.
وقال إن الهيئة تعتزم إطلاق منصات تثقيفية وتعليمية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تزويد المجتمع بمعلومات دقيقة وإرشادات واضحة حول التصرف أثناء الطوارئ، وتعزيز الوعي المجتمعي وزيادة جاهزية الأفراد للتعامل مع الأزمات بفعالية.
ولفت إلى أن الهيئة تعمل في إطار تطوير منظومة الاستجابة الوطنية، على مشاريع إستراتيجية تشمل توظيف الذكاء الاصطناعي في منظومات الرصد والمراقبة والتنبؤ، ما يسهم في رفع مستوى الجاهزية للتعامل مع المخاطر المستقبلية، وتعزيز القدرات الاستباقية في مواجهة التهديدات غير المتوقعة.
وأشار الشامسي إلى أن الهيئة تركز على تطوير منظومة التدريب والتمارين المستقبلية لضمان استجابة فعّالة وسريعة للأزمات المعقدة، إضافة إلى توفير آليات واضحة لصنع القرار في أوقات الطوارئ؛ إذ تشير دراسات أممية إلى أن الاستثمار في الوقاية والاستعداد يوفر ما يصل إلى سبعة أضعاف جهود الاستجابة والتعافي، ما يؤكد أهمية اتباع نهج استباقي في إدارة الأزمات.
وأكد أن الهيئة تسعى إلى تحقيق رؤية طموحة لبناء مجتمع أكثر أمانًا واستعدادًا، مشيرًا إلى أن التعاون والتنسيق بين جميع أفراد المجتمع ومؤسساته يُعدان الأساس لتحقيق هذا الهدف وتعزيز مرونة المجتمع في مواجهة التحديات المتزايدة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: إدارة الطوارئ والأزمات والکوارث لإدارة الطوارئ والأزمات مواجهة التحدیات مواجهة الأزمات دولة الإمارات إلى أن الهیئة للتعامل مع فی مواجهة وقال إن
إقرأ أيضاً:
تطوير مهارات القدرات الوطنية المتخصصة.. السيبراني: إستراتيجية لتعزيز حماية الأنظمة المقدمة لضيوف الرحمن
البلاد ــ منى
كشفت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عن استفادة أكثر من (300) جهة وطنية، وأكثر من مليون حاج من “برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ”، الذي أعدته لتعزيز الجاهزية السيبرانية للأنظمة التقنية والخدمات المقدمة خلال موسم حج هذا العام، وتطوير مهارات القدرات الوطنية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني، ورفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني لدى ضيوف الرحمن ومنسوبي الجهات الوطنية المشاركة في موسم حج 1446هـ، بما يسهم في تعزيز الأمن السيبراني، ودعم الجهود الوطنية الرامية إلى تسخير جميع الإمكانات لتقديم أفضل الخدمات لضيـوف الرحمـن.
وتضمن برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ، أربعة مسارات رئيسة شملت الرصد والاستجابة للتهديدات السيبرانية، والتقييمات السيبرانية الفنية، ورفع كفاءة القدرات السيبرانية، ورفع الوعي بالأمن السيبراني، وتواصل الهيئة من خلال مسار الرصد والاستجابة للتهديدات السيبرانية تفعيل غرفة العمليات السيبرانية التي أنشأتها لدعم الجهات الوطنية المشاركة في موسم الحج على مدار الساعة من أجل رصد وتحليل التهديدات السيبرانية ومشاركتها مع الجهات الوطنية، والتعامل مع أي تطورات، أو أحداث سيبرانية خلال الموسم، من خلال فرق متخصصة للاستجابة للحوادث السيبرانية، وساندت الجهات في أعمال التقييمات السيبرانية بهدف تحديد المخاطر السيبرانية للأصول والأنظمة المتعلقة بموسم الحج، وتمكين الجهات الوطنية من تقديم خدماتها لضيوف الرحمن بكل موثوقية وأمان.
وفي مسار رفع كفاءة القدرات السيبرانية، نفذت الهيئة “تمرين الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ”، بمشاركة أكثر من (300) جهة وطنية، يمثلها أكثر من (800) مسؤول ومختص في مجال الأمن السيبراني، واشتمل التمرين على مجموعة من الأنشطة الفنية والإدارية لإيجاد الحلول المبتكرة للتحديات السيبرانية المرتبطة بالأنظمة التقنية للخدمات المقدمة خلال موسم الحج، بهدف تعزيز الجاهزية السيبرانية للجهات الوطنية خلال موسم الحج، وتنمية مهارات المختصين بالأمن السيبراني لديها، وتضمّن إجراء محاكاة لأنواع مختلفة من الهجمات السيبرانية، باستخدام بيئة تقنية واقعية لتمكين المشاركين فيه من تطبيق آلية الاستجابة للحوادث السيبرانية الطارئة؛ بدءًا من الاستعداد والاكتشاف والتحليل، ثم الاحتواء والتعافي وإجراءات ما بعد الحادثة، ومشاركة المعلومات، والدروس المستفادة، عبر منصة متخصصة، بُنيت واستُضيفت وشُغلت محليًا بالتعاون مع الذراع التقني للهيئة، الشركة السعودية لتقنية المعلومات (سايت).
ونفذت الهيئة ضمن مسار رفع الوعي بالأمن السيبراني مجموعة من المبادرات والأنشطة التوعوية الميدانية لرفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن ومنسوبي الجهات الوطنية، تمثلت في تنظيم المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن في مجمع صالات الحج والعمرة بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بالتعاون مع شركة مطارات جدة؛ بهدف بناء ثقافة سيبرانية عالية لدى حجاج بيت الله الحرام بأساليب مبتكرة وتفاعلية، إضافة إلى تقديم إرشادات سيبرانية عبر تخصيص مجموعة من مواد التوعية السيبرانية المتنوعة لرفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني لدى ضيوف الرحمن في أكثر من (1000) مرفق من مرافق الضيافة في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، بالتعاون مع وزارة السياحة.
وفي إطار الجهود الوطنية الرامية لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، عقدت الهيئة جلسات متخصصة للتوعية بالأمن السيبراني استفاد منها أكثر من (5000) من منسوبي الجهات الوطنية المشاركة في موسم حج هذا العام. وأطلقت الهيئة بالشراكة مع وزارة الحج والعمرة خلال موسم حج هذا العام، الإصدار الثاني من “دليل التوعية السيبرانية” بهدف رفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني خلال موسم الحج والعمرة، ويستعرض الدليل عبر (16) لغة أهمية الوعي بالأمن السيبراني، ودوره في الحد من المخاطر السيبرانية، وتضمن تحديثات تركزت حول عدة موضوعات شملت أمن التطبيقات، والتحديثات الأمنية، والتحقق الثنائي، وكلمات المرور الآمنة، وأساليب الهندسة الاجتماعية والتصيد وكيفية تجنبها، وأهمية التصفح الآمن لشبكة الإنترنت، وإجراء النسخ الاحتياطي بشكل دوري وغيرها من الموضوعات، التي من شأنها الإسهام في تعزيز الممارسات الآمنة لدى ضيوف الرحمن أثناء أداء مناسكهم.