تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

انتهت الانتخابات الأمريكية بفوز الجمهوري دونالد ترامب، على الديمقراطية كامالا هاريس، حيث حقق الرئيس السابق فوزا غير متوقع، محدثا صدمة للديمقراطيين والعالم على حد سواء، بتقدم كاسح على منافسته وحصد ترامب ٢٧٧ صوتا من المجمع الانتخابي، ويرى كثيرون أن تلك النتيجة "كارثة وجودية للديمقراطيين".

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية يرى خبراء أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تشير إلى انهيار كبير للديمقراطية المنهارة بالفعل.

ويقول دانييل زيبلات، أستاذ علوم الحكومة فى جامعة هارفارد والمؤلف المشارك لكتاب "كيف تموت الديمقراطيات"، من بين كتب أخرى حول هذا الموضوع: "لقد كنا بالفعل فى عملية تدهور ديمقراطى على مدى السنوات العشر الماضية. وهذه الانتخابات لن تؤدى إلا إلى تسريع هذا التدهور".

وأضاف زبيلات "لقد خاض ترامب - الذى تم عزله مرتين، وإدانته ببعض الجرائم واتهامه بجرائم أخرى، وحُكم عليه بالمسؤولية عن الاعتداء الجنسى وغرامة مئات الملايين من الدولارات فى محاكمة احتيال مدنية - حملته الانتخابية على إحداث تغييرات جذرية فى البلاد.

وتابع: بما فى ذلك الترحيل الجماعى للمهاجرين، والتعريفات الجمركية واسعة النطاق، وتقليص اللوائح المناخية بشكل كبير، وتطهير البيروقراطيين فى "الدولة العميقة"، لكن ليست مقترحات ترامب السياسية الفردية هى التى تقلق علماء التاريخ والديمقراطية بقدر ما تقلق إنكاره المستمر للواقع الذى جعله يخسر الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠ ودوره فى تشجيع أنصاره فى ٦ يناير ٢٠٢١، الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأمريكى بعنف".

ويقول علماء الديمقراطية إن فشل المحاكم والكونجرس فى محاسبته على تلك الأفعال يشير إلى استيلاء غير رسمى على مقاليد الحكم من قبل شخصية قوية كاريزمية أعادت تشكيل الحزب الجمهورى على صورته. وهو على استعداد لبدء فترة ولاية ثانية بحصانة قانونية واسعة النطاق.

وهناك بعض استطلاعات الرأى تشير إلى أن ترامب قلب فكرة أنه يشكل تهديدا للديمقراطية من خلال تصوير خصومه الديمقراطيين على أنهم التهديد الحقيقي، فقد صور نفسه كضحية للحرب القانونية الديمقراطية، وأكد أن نائبة الرئيس كامالا هاريس استولت على السلطة دون تصويت أولى واحد، وزعم بشكل روتينى أن نظام الانتخابات فى البلاد، وهو من بين أكثر الأنظمة أمانا فى العالم، تم التلاعب به ضده.

ويقول ماثيو داليك، المؤرخ السياسى فى جامعة جورج واشنطن "يحاول ترامب باستمرار خلق تكافؤ زائف، وهو أمر معتاد للغاية، فى الواقع، من قبل السلطويين".

ولا يقتصر التآكل الديمقراطى فى الولايات المتحدة على قيادة ترامب، صحيح أن رفضه الاعتراف بخسارته فى عام ٢٠٢٠ ألحق أضرارا جسيمة بالديمقراطية، ولكن الأمر نفسه ينطبق على الجهود الرامية إلى تسييس إدارة الانتخابات، وتقسيم الدوائر الانتخابية، وحرمان الناخبين من حقهم فى التصويت، وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة بروكينجز فى عام ٢٠٢٣.

ويشير داليك "بالنسبة للحدود التى كانت موجودة فيها الحواجز فى ٦ يناير ٢٠٢١، فإنها لم تقم بالمهمة التى افترض الناس نظريًا أنها قادرة على القيام بها"؛ مضيفًا أن الجهود القانونية لمحاسبة ترامب "كانت بطيئة للغاية وتسربت إلى قلب الحملة"، وكان لها "التأثير المنحرف المتمثل فى تمكين ترامب من القول إن "الدولة العميقة" كانت مسلحة ضده وكان الضحية النهائية لهذا الاضطهاد المنظم".

وخلص داليك إلى أن الجهود المبذولة لمحاسبة الرئيس السابق والمستقبلى كانت "تجربة، ولم تكن الديمقراطية الأمريكية مهيأة للتعامل مع شخص مثل ترامب، للتعامل مع مستبد طموح أراد تجاوز كل الحدود المفترضة للسلطة التنفيذية وربما انتهاك القانون، بحسب "واشنطن بوست".

ووفق خبراء تبين أن الديمقراطية، التى تشكل الأساس لأسلوب الحياة الأمريكي، مجردة للغاية ومنعزلة عن الحياة اليومية لأغلب الأمريكيين إلى الحد الذى يجعل من الصعب التوصل إلى تعريف مشترك لها. وهى واحدة من المفاهيم العديدة التى لا يتفق عليها الأمريكيون. وينطبق نفس الشيء على فقدانها.

وكان من المفترض أن يكون الناخبون هم الضابط النهائي، ولكن "هذا الحاجز فشل فشلًا ذريعًا"، كما تقول سارة تشرشويل، أستاذة الأدب الأمريكى ورئيسة قسم الفهم العام للعلوم الإنسانية فى جامعة لندن، مضيفة: "لم تكن هذه الركائز الأخرى للديمقراطية الأمريكية مجهزة لمنع شخص يطمح حقًا إلى أن يكون دكتاتورًا".

وأشارت إلى أن أجندة ترامب "أمريكا أولا"، المليئة بالخطابات البغيضة والعنصرية، شكلت تناقضا صارخا مع ترشيح هاريس، أول امرأة سوداء وأول شخص من جنوب آسيا يترشح لرئاسة أحد الأحزاب الرئيسية وتسلط هزيمتها الضوء على المخاطر التاريخية التى ينطوى عليها السباق، وهو ما يصفه بعض العلماء بأنه رد فعل عنيف ضد التقدم نحو الديمقراطية متعددة الأعراق.

وقال خليل جبران محمد، أستاذ التاريخ والعرق والسياسة العامة فى كلية كينيدى بجامعة هارفارد: "إن فوز ترامب يضمن أن الديمقراطية الأمريكية ستواجه على الأرجح أعظم تحد لها منذ الحرب الأهلية. وكما حدث فى ذلك الوقت، فإن العرق والعنصرية سيكونان السبب الرئيسى لما قد يؤدى إلى نهاية الديمقراطية الأمريكية نفسها".

وترى تشرشويل أن صعود ترامب إلى ولاية ثانية يمثل استمرارًا لسلالة طويلة من الاستبداد فى التاريخ الأمريكي،. مشيرة: "ما نراه هو هجوم شامل على النظام الدستورى والمعايير الديمقراطية للولايات المتحدة".

وحذرت من أنه بعد هزيمة ترامب فى عام ٢٠٢٠، رفض العديد من الأمريكيين التهديد الذى تشكله حركته المناهضة للديمقراطية.

ويشير خبراء إلى أنه بالنسبة لترامب وحلفائه، فإن كبش الفداء كثيرون: المهاجرون، والديمقراطيون، والنخب، ووسائل الإعلام، والمعارضون السياسيون، والقائمة تطول. ولقد وعد "بالانتقام" من أولئك الذين ظلموه.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ترامب هاريس كامالا هاريس دونالد ترامب الديمقراطية الأمريكية الحزب الجمهوري الدیمقراطیة الأمریکیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

«بوتني» و«مودى» يتفقان على ربط روسيا والهند بالواليات املتحدة والصني

يجرى بوتين زيارة محورية إلى دلهى فى لحظة شديدة الاضطراب تمر بها روسيا والهند معا. فالعالم الذى استقبلهما خلال لقائهما الأخير قبل أربع سنوات كان مختلفًا تمامًا. فى زيارة بوتين القصيرة عام 2021 التى فرضت قيود الجائحة اختصارا لساعاتها القليلة، ناقش الزعيمان التعاون الاقتصادى والعسكرى وأكدا متانة العلاقة بين البلدين. لكن بعد ثلاثة أشهر فقط انقلب المشهد العالمى مع الغزو الروسى الشامل لأوكرانيا، الذى جعل بوتين منبوذا دوليا وقيد بشدة تحركاته الخارجية.

كانت تلك الزيارة أيضا سابقة على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهى عودة قلبت علاقات واشنطن مع دلهى رأسا على عقب بفعل خطاب عدائى ورسوم جمركية قاسية أغرقت الهند فى ارتباك سياسى واقتصادي. وفى ظل هذا المشهد المشحون، بدت زيارة بوتين الحالية للهند حدثا جيوسياسيا يتجاوز طابعها البروتوكولي. إذ يرى محللون أنها تحمل رسالة واضحة بأن موسكو ونيودلهى لن تخضعا لضغط واشنطن، وأن التحالف بينهما ما زال قائمًا رغم كل التوترات الدولية.

تصل القمة فى لحظة مفصلية للطرفين. بوتين يصل إلى الهند بعدما رفض أحدث المقترحات الأمريكية للسلام فى أوكرانيا، مشتدا بما تعتبره موسكو تقدما ملموسا على الجبهة. ويقول بيتر توبيتشكانوف من معهد ستوكهولم لأبحاث السلام إن مجرد حدوث الزيارة يشكل مؤشرا على محاولة روسيا استعادة مظهر العلاقات الطبيعية مع العالم، مؤكدا أن موسكو لم تعد ترى العزلة السياسية تهديدا يستدعى الحذر. بحسب الجارديان البريطانية 

أما الهند فتجد نفسها فى وضع أشد حساسية. حيث تواجه، كما وصفت أبارنا باندى من معهد هدسون، أسوأ بيئة جيوسياسية منذ سنوات وسط واشنطن شبه المنعزلة، وموسكو الأضعف، وبكين الصاعدة بقوة متزايدة. وعلى هذا المسرح الحرج نشرت ثلاثة وفود أوروبية كبرى مقالا مشتركا فى صحيفة تايمز أوف إنديا عشية وصول بوتين بعنوان روسيا لا تبدو جادة بشأن السلام، ما دفع وزارة الخارجية الهندية إلى رد صارم اعتبرت فيه النص تجاوزا للأعراف الدبلوماسية.

وتعود العلاقة الهندية الروسية إلى زمن الحرب الباردة، ولا تزال موسكو أكبر مورد سلاح لنيودلهي. ورغم أن الغرب تغاضى طويلا عن هذا التحالف حتى بعد حرب أوكرانيا، فإن ترامب تعامل معه بمنطق مختلف تماما. فقد اتهم الهند علنا بتمويل الحرب الروسية بسبب شرائها الضخم للنفط الروسى بأسعار مخفضة، وفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 25% على الواردات الهندية، ما أدى إلى أسوأ تراجع فى العلاقات بين البلدين منذ سنوات. هذه الضغوط دفعت الهند إلى تعزيز استراتيجيتها التقليدية القائمة على توزيع رهاناتها على أكثر من محور، واستخدام علاقاتها مع القوى المختلفة كأدوات توازن.

وقد ظهر ذلك بوضوح فى القمة التى جمعت مودى وبوتن وشى جين بينغ قبل أشهر، حين ظهر القادة الثلاثة متشابكى الأيدي، ما أثار استياء البيت الأبيض. ومع ذلك، تشير باندى إلى أن البعد الأهم بالنسبة للهند هو الصين التى تراها نيودلهى التهديد الأكبر لأمنها القومي. ولذلك ظلت روسيا منذ الحقبة السوفيتية عنصر توازن أساسى فى مواجهة بكين. لكن التقارب الروسى الصينى المتزايد يثير قلق الهند، التى تحاول من خلال الحفاظ على علاقة متماسكة مع موسكو منع انزلاق روسيا بالكامل نحو الصين، وضمان دورها كوسيط ضغط على بكين عند الحاجة.

وفى الوقت نفسه تعمل الهند على تقليص اعتمادها العسكرى على روسيا. فبعدما كانت مشتريات السلاح الروسى تمثل 70% من واردات الدفاع الهندية، انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 40% خلال أربع سنوات. ومع ذلك يبقى ملف التسليح فى صلب المباحثات، خصوصا أنظمة الدفاع الجوى S-400 وطائرات سوخوى Su-57، إذ تسعى نيودلهى إلى تحقيق توازن دقيق يضمن استمرار التحالف دون الوقوع فى تبعية يمكن أن تنقلب عليها فى حال خضوع موسكو لضغط صيني.

مقالات مشابهة

  • «بوتني» و«مودى» يتفقان على ربط روسيا والهند بالواليات املتحدة والصني
  • ترامب يمنح عفوا غير مشروط لنائب ديمقراطي وزوجته يواجهان اتهامات جنائية
  • «ورد وشيكولاتة» الأصعب فى حياتى المهنية ونجاحه فاق التوقعات
  • دفاعاً عن «الجلابية»!
  • محافظ الإسكندرية يتابع سير إعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل
  • فطر المحار الذهبي: من طبق شهي إلى خطر بيئي يهدد الغابات الأمريكية
  • رواندا والكونغو الديمقراطية توقعان اتفاقية سلام غداً
  • صبى المعلم فى واشنطن!!
  • «الست».. أم كلثوم برؤية عصرية
  • يوم واحد من الاحتفال.. ومعاناة على مدار العام