الرؤية-ريم الحامدية

ساهمت صناعة السياحة  في عمان بنسبة 2.4% في الناتج المحلي الإجمالي، إذ شهد عدد السياح الوافدين إلى السلطنة العام الماضي زيادة بنسبة 36.7% بحسب بيانات وزارة التراث والسياحة.

وتعد سلطنة عمان واحدة من أهم الوجهات الغنية بالتنوع البيولوجي المتفرد والخلاب، حيث إنها تتمتع بموقع جغرافي يجعلها موطناً ثريا بأنواع مختلفة من النباتات والحيوانات الفريدة، بالإضافة إلى البيئات المتنوعة مثل الصحاري وسلاسل الجبال والوديان والسهول والتلال الصخرية والمناطق الساحلية، كما تنتشر في سواحلها مجموعة من الجزر البحرية التي تكثر فيها المواقع الطبيعية وأنواع مختلفة من الأسماك والشعب المرجانية.

وتقوم السياحة البيئية بدور مهم في روافد اقتصاد الدول، وتقديرا لسلامة النهج الذي تنتهجه السلطنة في مجال حماية وصون البيئة والذي يرتكز بشكل أساس على مبدأ تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الشاملة وحماية وصون الموارد الطبيعية، فقد حصلت السلطنة على المركز الأول عالمياً في مجال السياحة البيئية في عام 2010م، التي تمنحها صحيفة برلينا تاج زاوتون الالكترونية الالمانية المتخصصة.

وتسعى سعت سلطنة عمان  إلى إدارة الموارد الطبيعية بشكل يضمن استدامتها ورفع الوعي تجاه المحافظة على البيئة، ولذلك وضعت الاستراتيجيات وأصدرت القوانين والتشريعات التي تضمن الحفاظ عليها وحمايتها من التلوث.

وتوجد في سلطنة عمان مقاصد سياحية طبيعية كثيرة كالمناطق الساحلية والبحرية الغنية بالتنوع الإحيائي، إضافة الى الشعاب المرجانية الموجودة في بحارها، ففي الشمال تبرز الجبال بمناظرها الطبيعية الخلابة مدعومة بالحياة البرية، وتتصف أنشطة السياحة البيئية في الجبال بشيء من المتعة والمغامرة، حيث تقام رياضة تسلق الجبال، والمشي بينها، التخييم الجماعي، اكتشاف المغارات والكهوف، وتتبع مجاري الأودية للوصول للمناطق التي تتسم بجمال طبيعتها.

وتمتلك محافظة مسندم، التي تقع في أقصى شمال عمان وتطل على مضيق هرمز، الكثير من المناظر الطبيعية الساحرة، إذ تلتقي فيها الجبال العالية التي يبلغ ارتفاعها 2000 متر مع البحر بالمضايق البحرية المذهلة والمياه الصافية، مما يجعل هذه المنطقة واحدة من أفضل المناطق لهواة رياضة الغوص والغطس في العالم. وتعتبر محمية المنتزه الوطني الطبيعي في مسندم والتي تشمل تسع جزر بحرية ذات غطاء نباتي متفاوت كنزا طبيعيا خلّابا ومتحفا مفتوحا يتزين بالمرجان والمنحدرات الصخرية وتعيش في نطاقها حيوانات برية وعدد من الثدييات البحرية كالدلافين والحوت الأحدب وآلاف الطيور البحرية ذات المظهر الجمالي الرائع.

وتتميز منطقة الباطنة بسواحلها الجميلة والكثبان الرملية والأفلاج، والواحات الجبلية الخضراء، والعيون المائية كعين الكسفة بالرستاق التي تعتبر وجهة سياحية وعلاجية مهمة نظرا لاحتوائها على نسبة من مادة الكبريت التي تساعد على علاج الأمراض وكذلك عين الثوارة بولاية نخل.

وتعد محمية القرم الطبيعية التي تقع في قلب محافظة مسقط، من أوائل مناطق الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية في السلطنة وتتميز بوجود مقومات طبيعية فريدة متمثلة في غابات أشجار القرم وتنوعها الأحيائي والقيم الطبيعية المرتبطة بها والتي تساهم في حفظ التوازن البيئي، كما تتميز محمية السليل الطبيعية بوجود مقومات طبيعية فريدة، وتضم هذه المحمية أكبر موئل للغزال العربي، وأشجار السمر والتكوينات الجيولوجية والتراث البشري القديم.

وتضم محافظة مسقط مجموعة من الشواطئ البديعة التي تتميز برمالها الناعمة النظيفة مثل شاطئ يتي وشاطئ القرم وغيرها و يقصدها الزوار للاسترخاء وممارسة الأنشطة الرياضية المائية مثل رياضة الإبحار وركوب الدراجات المائية والزوارق ورياضة الغوص التي تعتبر من أكثر الأنشطة جذباً للمغامرين الذين يحرصون على زيارة أشهر أماكن الغوص العمانية مثل الخيران، جزيرة الفحل، وجـزر الديمـانيات، وخليج المقبرة (مسقط القديمة)، إضافة إلى شاطئ الجصة، ويحتوي كل من هذه المواقع على ما لا يقل عن 11 موقع غطس مختلفا يتميز كل منها بالتنوع في بيئته.

وتعد محافظة الداخلية في وسط البلاد وجهة مفضلة لدى السياح الباحثين عن جمال الطبيعة ومحبي الاستكشاف ، وتكثر فيها الأفلاج المائية مثل فلج دارس وفلج الخطمين وفلج الملكي التي تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي وتوجد بها كذلك مسفاة العبريين وهي عبارة عن قرية  صغيرة جميلة تقع في ولاية الحمراء وبها عدد من ينابيع الجبال توفر المياه للمصاطب الزراعية الخضراء، كما يوجد بها الجبل الأخضر الذي تنحدر من سفوحه الهضبة الكبرى في اتجاه الصحراء جنوبا، ويتميز بطقسه المعتدل في فصل الصيف وبتضاريسه المتنوعة و مدرجاته الزراعية، وأشجاره وثماره ووديانه الرائعة، وتوجد على سفوح الجبل الأخضر عدد من الكهوف والعيون والأفلاج .

وفي ولاية صور بمحافظة الشرقية توجد محمية السلاحف برأس الحد ،وهي واحدة من أروع المعالم السياحية المميزة في سلطنة عمان، وتحتل مساحة 120 كيلومتر مربع على طول 40 كيلومترا، وتضم أكثر من 20.000 سلحفاة، وتم انشاؤها في عام 1996 للحفاظ على السلاحف التي تستوطن بحر العرب والسلاحف التي تتوافد في أوقات معينة من السنة على سواحل خليج عمان قادمة من الخليج العربي والبحر الأحمر وسواحل الصومال، ويتم تنظيم رحلات بحرية للسياح  لمشاهدة الدلافين و الغوص مع السلاحف والشعب المرجانية و زيارة الأخوار الطبيعية مثل خور الحجر في نيابة رأس الحد وخور جراما واصطياد الأسماك، كما يمكن  مشاهدة الدلافين وهي تظهر بين الحين والآخر في مواقع أخرى من سواحل السلطنة.

وتعتبر الصحاري أحد المواقع السياحية المهمة كذلك في السلطنة، ومن أهمها صحراء رمال وهيبة وصحراء الربع الخالي المرتبطة بالمملكة العربية السعودية من جهة الغرب، وفيها تقام أنشطة التخييم، ومشاهدة النجوم ليلاً والمشي في الكثبان الرملية الذهبية.

وتتمتع محافظة الوسطى، التي تقع بين شمال عمان وجنوبها، بمقومات سياحية وبيئات مختلفة تتوزع في ولاياتها الأربع (هيماء والدقم ومحوت والجازر) مما جعل منها مزارًا سياحيًا على مدار العام بما تزخر به من شواطئ جميلة تمتد على طول بحر العرب من رأس الرويس بولاية محوت إلى رأس صوقرة بولاية الجازر إضافة إلى الكثبان الرملية والجبال الشاهقة المحاذية للبحر.

وفي الجنوب تمتلك محافظة ظفار كذلك مقومات سياحيّة تضم في جنباتها مختلف البيئات الطبيعية كالشواطئ البيضاء والرمال الناعمة وسلسلة من الجبال، والأودية، والسهول المنبسطة، والصحراء الممتدة إلى الربع الخالي، والعيون المائية المنتشرة في كافة ربوعها، والنوافير الطبيعية، والكهوف المتنوعة.

وبفضل هذا التنوع البيئي أصبحت محافظة ظفار من المناطق المفضلة لسياحة العائلات خاصة في موسم الخريف، الذي يمتد من شهر يونيو وحتى منتصف شهر سبتمبر، والذي يتميز باعتدال مناخه، حيث تكتسي الأرض برداء عشبي أخضر بديع، وذلك بفضل الرياح الموسمية الجنوبية الغربية "المونسون" التي تهب خلال فصل الصيف، كما يجد الزائر للمحافظة بالإضافة إلى الأجواء الطبيعية الساحرة مجموعة جيدة من الفعاليات الثقافية والمواقع التاريخية.









 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بين أحضان الجبال والبحر.. انطلاق مهرجان كمزار الأول ضمن "موسم الشتاء مسندم"

 

 

 

خصب- الرؤية

 

في لوحة طبيعية تعانق زرقة البحر وشموخ الجبال، احتفلت قرية "كمزار" العريقة بأقصى شمال سلطنة عُمان، بانطلاق النسخة الأولى من مهرجانها السياحي الترفيهي والثقافي، ضمن فعاليات موسم "الشتاء مسندم" لهذا العام. رعى حفل الافتتاح سعادة الدكتور سعيد بن حمد الربيعي، رئيس جامعة التقنية والعلوم التطبيقية.

ويشكل المهرجان، الذي تستمر فعالياته على مدار ثلاثة أيام، نافذة حضارية تروي قصة هذه القرية البحرية، وتظاهرة فريدة تمزج بتناغم بين عراقة التراث في مسندم وحداثة العروض الفنية والتقنية، سعياً لتنشيط الحركة السياحية في مختلف ولايات وقرى المحافظة.

وأكد عبدالله بن أحمد بن عبدالله الشحي رئيس لجنة الفعاليات والبرامج لموسم الشتاء مسندم، أن "مهرجان كمزار" الأول يمثل أيقونة متفردة في خارطة الفعاليات السياحية لهذا العام، نظراً لخصوصية موقعه في قرية كمزار البحرية الخلابة، التي تمنح الزوار تجربة استثنائية تبدأ رحلتها بالوصول إليها حصراً عبر القوارب، ليكون بذلك أول حدث من نوعه تحتضنه هذه القرية العريقة.

​وأوضح أن المهرجان صُمم ليحقق حزمة من الأهداف الاستراتيجية المتكاملة، يتقدمها النمو الاقتصادي من خلال تمكين الأسر المنتجة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين. كما يركز المهرجان على التنمية الثقافية والاجتماعية عبر إحياء التراث والتقاليد الأصيلة التي تزخر بها كمزار، وتعزيز جسور التواصل بين المجتمع المحلي والزوار من مختلف الثقافات.

​وفي جانب الترويج السياحي، أشار رئيس اللجنة إلى أن الحدث يهدف إلى الترويج لكمزار كوجهة سياحية بحرية نادرة، وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية، مع استقطاب وسائل الإعلام والشخصيات المؤثرة لنقل جماليات المنطقة للعالم. ولم يغفل المهرجان جانب التنمية المجتمعية، حيث يعتمد بشكل أساسي على إشراك المجتمع المحلي في التنظيم، مما يحفز الإبداع والابتكار في تصميم الأنشطة.

​وحول أركان وفعاليات المهرجان، كشف الشحي أن الزوار على موعد مع تجارب متنوعة تلبي كافة الأذواق، وتشمل: ​التراث والأصالة: من خلال مجلس الضيافة، وركن صُنع في كمزار الذي يبرز الحرف المحلية، والترفيه والفنون: حيث تتوزع الفعاليات بين أرض المرح، وأرض الاستعراض الفني، والمنافسة والتحدي: يجمع بين المنافسات التراثية كتحدي السيف واليولة، والحديثة بمسابقة البلايستيشن (فيفا 25) وغيرها، و​التسوق والتذوق: عبر أركان مخصصة للتسوق والاستمتاع بالمأكولات الشعبية والبحرية.

وأضاف أن المهرجان سينطلق بعرض بحري يجسد الارتباط الأزلي لأهالي كمزار بالبحر، يليه فقرات وبرامج منوعة ترضي كافة الأذواق.

من جانبه، أكد أحمد بن محمد بن عبدالله الكمزاري، نائب رئيس المجلس البلدي لمحافظة مسندم، أن إقامة هذا المهرجان يمثل رسالة استراتيجية لإبراز الموروث الشعبي لقرية كمزار بشقيه الماضي والحاضر، بهدف وضع القرية على خارطة المقاصد السياحية العالمية، وتشجيع الزوار على استكشاف كنوزها المخفية.

وثمّن الكمزاري مبادرة اللجنة الرئيسية لـ "الشتاء مسندم" لإقامة مهرجان خاص بكمزار، لافتاً إلى الانعكاسات الإيجابية للمهرجان على المجتمع المحلي، لا سيما في دعم الأسر المنتجة، وهو ما عكسه تفاعل الأهالي وترقبهم الكبير، مؤكداً العزم على التطوير المستمر في النسخ القادمة.

وتطرق نائب رئيس المجلس البلدي إلى الخصوصية الجغرافية والثقافية لكمزار، موضحاً أن العزلة الجغرافية الجميلة بين الجبال والبحر صاغت "شخصية كمزارية" صلبة ومحبة للوطن. وسلط الضوء على "اللغة الكمزارية" كأيقونة ثقافية ومصدر فخر للأهالي، مؤكداً حرصهم على توريث هذه اللغة الفريدة للأجيال القادمة جنباً إلى جنب مع اللغة العربية.

وأشار الكمزاري إلى ثراء الجدول بـفنون شعبية تترجم أصالة المنطقة، حيث تحضر بقوة فنون مثل: (الرواح، الندبة، الرزيف، السحبة، الدان، والحماسية)، بالإضافة إلى الفنون البحرية كـ (السرو والقول)، مما يعكس علاقة الإنسان الكمزاري بالبحر الذي يُعد الركيزة الأساسية للحياة، حيث يتعلم الطفل فنون السباحة والصيد منذ نعومة أظفاره.

واختتم الكمزاري حديثه بالإشارة إلى المقومات السياحية، لافتاً إلى أن سحر كمزار يبدأ من رحلة الوصول إليها عبر الخلجان والجزر، وصولاً إلى استكشاف المعالم الأثرية داخل القرية مثل "طوي كمزار" و"المسجد الأثري" الشامخ على قمة الجبل.

مقالات مشابهة

  • تسليط الضوء على جاهزية السلطنة لقيادة التحول في قطاع الطاقة خلال البرنامج التمهيدي لـ"قمة عمان للهيدروجين الأخضر"
  • كولومبيا تنتشل أولى القطع الثمينة من سفينة كنوز أسطورية غارقة
  • ضبط مواطن لإشعاله النار في الأماكن غير المخصصة بمحمية طويق الطبيعية
  • السياحة التي نُريد!
  • طلاب جامعة عمان العربية يطلقون مبادرة وطنية لتعزيز السياحة والانتماء الوطني للاعلام
  • بين أحضان الجبال والبحر.. انطلاق مهرجان كمزار الأول ضمن "موسم الشتاء مسندم"
  • متحف صيني يطرح قهوة بمسحوق الصراصير والديدان لجذب عشاق التجارب الغريبة
  • بُن جبل شمس .. مشروع يعيد للقهوة العُمانية حضورها على قمم الجبال
  • عصائر الطاقة الطبيعية قبل يوم طويل.. وصفات سريعة لتحفيز النشاط
  • كنوز الأسرة العلوية تتألق في متحف الغردقة… معروضات نادرة تكشف فصولا خفية من تاريخ مصر الحديث