تدهور الوضع في أفغانستان منذ انسحاب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في عام 2021، فوفقاً لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، لا تزال الدولة تمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم في عام 2023.

سيحد الاستقرار في أفغانستان من انتشار الإرهاب والتطرف

وبحسب ما جاء في تقييم عسكري أمريكي، أمست أفغانستان مجدداً بؤرة مهمة لتنسيق المُتشددين المتطرفين، فقد وُجدَ أن هناك تصاعداً للجماعات الإرهابية -مثل داعش خراسان والقاعدة- التي تُهدد الأمن والاستقرار في أفغانستان، وتثير القلق من أن تستفحل الأنشطة الإرهابية قريباً خارج حدود الدولة.

وعلى الرغم من هذه التهديدات، اختفت أفغانستان إلى حد كبير من وسائل الإعلام، ولم تعد تمثل أولوية كبرى لدى الولايات المتحدة وحلفائها.

وفي هذا الإطار، قال تالغات كالييف، سفير متجول في وزارة الخارجية الكازاخستانية، في مقال بموقع مجلة "ناشونال انترست" الأمريكية، إنه من الخطأ فك الارتباط بالكامل مع أفغانستان، مؤكداً ضرورة تعاون واشنطن وحلفائها في الغرب مع دول آسيا الوسطى بغية إعادة دمج أفغانستان في الهياكل الاقتصادية والأمنية الإقليمية وضمان استقرار الدولة ونموها، إذ سيصب ذلك على المدى المتوسط إلى البعيد في مصلحة واشنطن.

8 تريليونات دولار في الحرب على الإرهاب

وأضاف الكاتب: سيحد الاستقرار في أفغانستان من انتشار الإرهاب والتطرف، وتعلم الولايات المتحدة تمام العلم الدمار الذي يمكن أن تُلحقه المنظمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم والعبء المالي لمكافحة تهديدها. 

ويذكر أن مشروع تكلفة الحرب في جامعة براون قدر أن الولايات المتحدة قد أنفقت ما يربو على 8 تريليونات دولار في حربها على الإرهاب.

وانحسر تهديد الإرهاب العالمي إلى حد كبير في الآونة الأخيرة، وخاصة في الدول الغربية، ومع ذلك فإن عدم الاستقرار الذي تعاني منه أفغانستان يمكن أن يفضي إلى عودة النشاط الإرهابي، ولا يزال يتعين على منظمات مثل القاعدة وداعش أن تجدد قدراتها الهجومية الخارجية الهائلة، لكنها ما برحت تزداد قوة في بعض بقاع أفغانستان.

وأشار كالييف إلى أن التنمية الاقتصادية لأفغانستان التي من شأنها أن تخلق فرص عمل مشروعة وتنتشل الملايين من براثن الفقر ستساهم أيضاً في عرقلة نفوذ المنظمات الإرهابية وأثرها على السكان الأفغان.

الاقتصاد والحرب على المخدرات

ورأى الكاتب أن أفغانستان الآمنة اقتصادياً والصالحة للعيش تسهل الحرب على المخدرات داخل الدولة، وتؤثر هذه القضية على العالم بأسره، إذ وجد أن أفغانستان تصدر الشق الأكبر من المخدرات غير المشروعة إلى الخارج، وبعضها حتى يصل إلى السواحل الأمريكية. 

عندما تولت حركة طالبان الحكم في عام 2021، كانت أفغانستان تنتج 85% من الأفيون في العالم أجمع، ونظراً للحالة الاقتصادية الأفغانية والحالة الإنسانية في الدولة، من الممكن أن تخلق الحرب الناجحة على المخدرات مشاكل جديدة.. فقد تراوحت القيمة الإجمالية لإنتاج الأفيون في أفغانستان عام 2021 ما بين 1.8 و2.7 مليار دولار، أي ما يقدر بـ 14% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وإذا لم تتمكن الحكومة من إيجاد سبل أخرى لدعم اقتصادها، فإن إغراء استئناف إنتاج المخدرات وتجارتها سيكون شديداً.

وعلى المدى القصير، يمكن للمساعدات الإنسانية أن تحول دون تطور هذا الوضع.

وأشار السفير إلى أن كازاخستان، وهي أكبر دولة في آسيا الوسطى جغرافياً واقتصادياً، مستعدة للتعاون مع الولايات من أجل دعم تنمية أفغانستان وتكاملها الاقتصادي.

واتبعت غالبية بلدان آسيا الوسطى إستراتيجية تقوم على افتراض أن التعاون والمشاركة مع أفغانستان، ولا سيما في الميدان الاقتصادي، سيعززان استقرار الأخيرة.. وحققت أفغانستان وكازاخستان حجم مبيعات تجاري يدنو من المليار دولار خلال العام الماضي، بزيادة مضاعفة مقارنةً بالعام الماضي. وتشكل الصادرات الكازخستانية إلى أفغانستان 978 مليون دولار من هذا المبلغ.

 أفغانستان جسر

وفي حين أن منطقة آسيا الوسطى ستستفيد أكثر من هذه التآزرات، فلا شك أن الأمر سيعود بالنفع أيضاً على الولايات المتحدة وحلفائها. وفي نظرة سريعة على الخريطة، يبدو أن أفغانستان جسر يربط بين آسيا الوسطى والهند والخليج العربي، ما يتيح الوصول إلى الموانئ البحرية الباكستانية في كراتشي وجوادر، ثم إلى الهند والشرق الأوسط وقارة إفريقيا.

وفي الآونة الأخيرة، أرسلت كازاخستان عدة شاحنات عبر طريق تجاري جديد إلى باكستان عبر أفغانستان يمتد مسافة 4000 كم، وفي مصلحة الولايات المتحدة أن تنشأ سلاسل توريد جديدة وطرق تجارية تتقاطع مع أوراسيا.

جدير بالذكر أن طالبان أكدت أن أفغانستان مستعدة لتكون ممراً تجارياً، وأن تساهم في صفقات الأعمال الدولية والإقليمية.

وخلال المحادثات الأخيرة بين واشنطن وطالبان، أكد ممثلو واشنطن أن الولايات المتحدة منفتحة على المناقشات المعنية بالاستقرار الاقتصادي ومواصلة الحوار بشأن جهود مكافحة الإرهاب.

إعادة دمج أفغانستان

ورحب الكاتب بإثارة واشنطن مسألة حقوق المرأة مع طالبان، إذ إن كازاخستان تؤيد حماية حقوق المرأة وحرياتها في أفغانستان، ويخلص إلى ضرورة أن تكون الخطوة التالية هي تعاون الولايات المتحدة مع كازاخستان ودول آسيا الوسطى من أجل إعادة دمج أفغانستان في الهياكل الاقتصادية الإقليمية. 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الولایات المتحدة فی أفغانستان آسیا الوسطى

إقرأ أيضاً:

تحليل أمريكي: هل تستغل واشنطن التغيرات الديناميكية الإقليمية لتحقيق السلام في اليمن؟ (ترجمة خاصة)

أكد تحليل أمريكي أن هناك حاجة ملحة إلى محور استراتيجي لتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل في اليمن، في ظل المتغيرات الإقليمية في المنطقة.

 

وأضاف موقع Just Security الأمريكي في تحليل للكاتب تايلر براي ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن هناك حاجة إلى استراتيجية مختلفة - استراتيجية تستأنف الجهود الدبلوماسية، وتستغل النفوذ الأمريكي لإنهاء القتال، وتستفيد من التغيرات في الديناميكيات الإقليمية للدفع نحو وقف إطلاق النار.

 

وأردف "ينبغي أن يُرسي هذا التحول في الاستراتيجية أسس خطة سلام إقليمية تشمل الفئات المتضررة والمواطنين".

 

وتابع "بينما لا تستطيع الولايات المتحدة حل مشاكل اليمن، إلا أنها تستطيع أن تلعب دورًا مهمًا في دعم جهود السلام التي يقودها اليمنيون".

 

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه حصل على وعد من الحوثيين بوقف هجماتهم على السفن الأمريكية. ومع ذلك، ورغم كل الخطاب الداعي إلى "القضاء" على الحوثيين، تبدو الجماعة غير مُبالية، مُعلنةً أنها ستفرض حتى "حصارًا بحريًا" على ميناء حيفا الإسرائيلي.

 

وحسب التحليل فقد شهد مراقبو الشأن اليمني هذه القصة تتكشف من قبل. على الرغم من اتباع واشنطن نهجًا يُعطي الأولوية للجانب العسكري في اليمن على مدار العشرين عامًا الماضية، إلا أنها فشلت في تحقيق أي نتائج طويلة الأمد أو دعم حل القضايا الأساسية في اليمن.

 

عقدان من الحلول العسكرية

 

وطبقا للتحليل فإنه لأكثر من ثلاثة عقود - عبر الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء - كانت سياسة الحكومة الأمريكية والمصلحة الوطنية الأمريكية المعلنة تتمثل في رؤية اليمن مستقرًا وخاليًا من الجماعات المسلحة التي تستخدم أساليب الإرهاب ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وبينما تعهدت الولايات المتحدة بتقديم "جهود وموارد مخصصة لمساعدة اليمنيين على تحقيق يمن أكثر سلامًا وازدهارًا وديمقراطية"، إلا أنها اتبعت إلى حد كبير استراتيجية تُعطي الأولوية للجانب العسكري.

 

وتابع "من عام 2000 إلى عام 2011، قدمت الولايات المتحدة لحكومة الرئيس علي عبد الله صالح آنذاك أكثر من 430 مليون دولار كمساعدات لقطاع الأمن لتولي زمام المبادرة في أنشطة مكافحة الإرهاب. وفي عهد الرئيس أوباما، انخرطت الحكومة الأمريكية في عمليات مكافحة الإرهاب التي تقودها اليمن".

 

وزاد "مع ذلك، فشلت الولايات المتحدة في تقدير كيف أدت أساليب مكافحة الإرهاب إلى تفاقم العوامل الرئيسية للصراع في اليمن. ومن بين هذه العوامل الحكم الاستخراجي والفساد، وهما عاملان ساعدا في سقوط صالح وفتحا الطريق أمام الحوثيين للانسحاب جنوبًا من صعدة والاستيلاء على العاصمة صنعاء في عام 2015".

 


مقالات مشابهة

  • ملحق آسيا للمونديال في ضيافة السعودية وقطر
  • تحليل أمريكي: هل تستغل واشنطن التغيرات الديناميكية الإقليمية لتحقيق السلام في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • السعودية وقطر تستضيفان ملحق تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم
  • أباعود: سالم الدوسري ينوي المشاركة في كأس آسيا 2027 مع الأخضر .. فيديو
  • محمد علي الحوثي: أمريكا مصدر الإرهاب والإجرام في العالم
  • محمد الحوثي: أمريكا مصدر الإرهاب في العالم وهي من تزعزع استقرار المنطقة
  • بعثة الترجي التونسي تصل الولايات المتحدة استعدادًا لكأس العالم للأندية 2025
  • تحديات طالبان في ظل حصار دبلوماسي ونفوذ يتوسع
  • ترامب يعلق على إخلاء البعثات الأمريكية من المنطقة: سترون
  • أول رد إيراني على أوامر الإخلاء الأمريكية لبعض بعثاتها في المنطقة