لجريدة عمان:
2025-06-03@14:55:00 GMT

دور المكتبات في تنويع الصناعات الثقافية

تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT

تُعد المكتبات من أهم المؤسسات الحضارية فـي المدن والحواضر، ويُقاس وجودها بدرجة تقدم المجتمع والأفراد ورقي الذوق والرغبة فـي خلق مصادر المعرفة وتشكيل الوعي وترسيخ الهوية الوطنية، ولذلك قال عنها الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس (1899-1986) «الكون هو ما يسميه الآخرون المكتبة»؛ فالمكتبة هي الحيز المكاني الذي يجتمع فـيه خلاصة الفكر البشري وإبداعات الإنسان منذ عصر التدوين إلى عصر الذكاء الاصطناعي، لهذا فإننا نثني على جهود منظمي المؤتمر الخامس والثلاثين للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات المقام فـي مسقط خلال هذه الأيام تحت عنوان «المكتبات ومؤسسات الأرشيف العربية ودورها فـي تعزيز الهوية والمواطنة الرقمية».

ونتأمل من المؤتمر الخروج برؤى وأفكار تساهم فـي إيجاد وظائف غير تقليدية للمكتبات والعمليات المرتبطة بها.

وقبل أن نتطرق إلى أهمية المكتبات فـي توفـير الأسس الفكرية والثقافـية التي تُمكِّن الفرد من توسيع مداركه العقلية فـي استيعاب المعلومة وخلق الوعي القادر على صون الذات وتحفـيزها لنشر القيم الإنسانية وترسيخها. فإنا نُشير إلى الخطط الوطنية التي عززت من قيمة المكتبة فـي استراتيجياتها فمثلا خصصت الاستراتيجية الثقافـية العُمانية (2021-2040) مجالا للمكتبات ضمن هدفها الخاص بالثقافة والمجتمع «كتهيئة البيئة المناسبة للحراك الثقافـي فـي مختلف المحافظات، وأنسنة المدن، ورفع مستوى الوعي بمبدأ التنوع الثقافـي المحلي والخارجي والحوار والنقد البنّاء، وتفعيل الدور الثقافـي للمؤسسات الأهلية وتشجيع إنشاء مبادرات ثقافـية لترسيخ منظومة الشراكة المجتمعية».

إن رغبة المؤسسات المعنية بالثقافة فـي تهيئة البُنية الأساسية لإقامة المكتبات، تمنحنا قدرا من التفاؤل لإيجاد مكتبات عامة فـي قلب العواصم الإدارية فـي كافة محافظات سلطنة عمان تضفـي على المكان قدرا من الجمالية الروحية، مثلما ذكر المترجم والمحرر الكندي من أصل أرجنتيني ألبرتو مانغويل (1948) «ليس ثمة مكان يُضفـي قدرًا أكبر من الإيمان الراسخ بتسامي آمال الإنسان أكثر من مكتبة عامة». ولكيلا يُفهم الطموح بوجود مكتبة أن تتواجد هياكل أسمنتية، فإننا نشير إلى ضرورة وجود العنصر البشري المؤهل لإدارة المكتبات وتنشيطها من خلالها خطط مرسومة وبرامج ثابتة وأنشطة ملموسة لنقل المعارف من الكتب والمؤلفات إلى أذهان الجمهور المتردد على المكتبة التي يتوجب عليها المنافسة فـي استقطاب القراء من كافة الفئات العمرية وخاصة الشباب القادرين على تحويل المعلومات المتوفرة فـي الكتب إلى محتوى رقمي يعود بالنفع المادي والمعنوي على صانعه.

صحيح أن هناك تحديات جمة تواجه المكتبات وخاصة المكتبات العامة، ولكن فـي المقابل هناك وسائل يمكن توظيفها لجذب الشباب منها على سبيل المثال خلق توأمة مع مكتبات عامة خارج سلطنة عمان تتيح إمكانية الاطلاع على الكتب والمراجع المتوفرة فـي مواقع المكتبات الإلكترونية؛ بغية الحصول على قيم معرفـية وثقافـية يمكن استثمارها وتوظيفها فـي صناعات ثقافـية، مثلما يذكر الكاتب عبدالقادر قسمي فـي كتابه علم المكتبات وتوظيف التكنولوجيا «يوصي بعض المهتمين بعلوم المكتبات والمعلومات بضرورة استثمار المعلومات وتحويلها إلى علم نافع أو سلعة قابلة للتسويق، وأنه إذا كانت المعلومات طاقة، فإن المكتبة العامة هي المسؤولة عن توفـير مقومات تحويل هذه الطاقة إلى قوة دفع فـي خدمة برامج وأهداف التنمية الاجتماعية الشاملة، وإذا كانت المعلومات سلعة فإن المكتبة العامة هي منافذ تسويق هذه السلعة، وخدمات المعلومات التي تؤديها المكتبة العامة هي وسيلة الترويج لها.. يقع على عاتق المكتبة العامة تحويل المعلومات إلى معرفة تستفـيد منها جميع فئات المجتمع».

ختاما نقول إن الدور المُرتجى من المكتبات العامة يتجاوز الدور التقليدي فـي تهيئة أجواء للقراءة والاطلاع إلى مساحات توفر المعلومة وتستثمرها، بمعنى أن المكتبات مؤسسات يمكن استغلالها فـي خلق وظائف مستقبلية تقوم على المادة الخام للمعلومة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المکتبة العامة

إقرأ أيضاً:

صدور العدد 104 من «الشارقة الثقافية»

الشارقة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «موهبتي»..  طفولة الأحلام.. وبراءة الألوان «الفن التشكيلي».. تلوين السـينما بالرمزية والتأويل

صدر العدد (104) من مجلة «الشارقة الثقافية»، وقد تضمن مجموعة متميزة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر والسينما والتشكيل والمسرح. وقد جاءت الافتتاحية تحت عنوان «المسرح والفضاء الرقمي»، مشيرة إلى أن المسرح وجد مع التقنيات الحديثة حياة جديدة بلا حدود، ومكاناً أكثر حيوية وحرية وانسياباً للمشاركة والتجريب والتعبير واستعراض المهارات وإبراز المواهب، إضافة إلى تفعيل العروض والملتقيات والندوات والمؤتمرات والورش التدريبية، وبهذا يتجدّد دوره في التوعية والتثقيف والبناء والارتقاء والجمال. وقد أصبح المسرح الرقمي أسرع بكثير من المسرح التقليدي في الانتشار والتلقي والتطور، وباتت التقنيات الحديثة في خدمة المؤلف والممثّل والمخرج وكذلك المتلقي، حيث تجاوز العرض المسرحي الحدود الكلاسيكية إلى مساحة أكبر للأفكار والموضوعات.

مقالات مشابهة

  • وزير التربية يتفقد استعدادات امتحانات الشهادات العامة ويشيد بدور التقنية في تطوير التعليم
  • "مكتب الدولة" يناقش دراسة "آلية تنويع مصادر الدخل في سلطنة عمان"
  • نهيان بن مبارك يفتتح «المكتبة الشاملة» في مركز المستقبل للتأهيل بأبوظبي
  • وزير الأوقاف: سنعيد إحياء المكتبات في المساجد الكبرى
  • بنسعيد: التعاون العربي في مجال المكتبات الوطنية ليس خيارا بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات
  • كم تبلغ تكاليف تحويل السيارة الى غاز ؟
  • مجلس الدولة يناقش دراسة آلية تنويع مصادر الدخل
  • عاجل | ستارمر: تهديد روسيا لا يمكن تجاهله والمملكة المتحدة يجب أن تكون مستعدة
  • أطباء بلا حدود .. غضب كبير من أمريكا على تحويل المساعدات لمصيدة تقتل في غزة
  • صدور العدد 104 من «الشارقة الثقافية»