تطورات مالي.. قنبلة موقوتة تهدد بإشعال الساحل الإفريقي
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
فجر إخلاء بعثة الأمم المتحدة "مينوسما" لقاعدتها في "بير" قرب تينبكتو شمالي مالي، نزاعا مسلحا بين الحركات الأزوادية من جهة، والجيش المالي وقوات فاغنر من جهة أخرى، وذلك في معركة بير يوم الجمعة الماضي.
وتهدد التطورات الجديدة بتفجير الوضع في مالي، وامتداده إلى النيجر المجاورة، في منطقة الساحل الواسعة التي أصبحت مسرحا لعدة أطراف وحركات مسلحة، أضيفت إليهم مليشيات فاغنر الروسية، التي استدعتها مالي لمساندتها في السيطرة على إقليم أزواد.
وتتعلق المخاوف الحالية، بقرار الجيش المالي المدعوم من فاغنر بالتقدم نحو مناطق أزواد شمال البلاد، حيث الحركات الأزوادية المسلحة، وحيث تنشط أكبر جماعات متطرفة في العالم، على رأسها تنظيم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابع للقاعدة الذي يسعى لإعلان دولة في المنطقة، إضافة إلى التنظيم الإرهابي الأكثر دموية "الدولة الإسلامية في الساحل" التابع لداعش.
تسلسل الأحداث
مالي كانت قد طلبت أولا مغادرة القوات الفرنسية في 2021، ثم قوات الأمم المتحدة في يونيو الماضي، بعد تعاقدها مع قوات فاغنر الروسية. كان التواجد الفرنسي، وكذا تواجد قوات الأمم المتحدة من ضمن إطار وجهود السلام بين مالي والحركات السياسية الأزوادية عبر اتفاق الجزائر 2015 الذي ينص على مسار سلام بين الطرفين. اتهم الأزواديون مالي بتجاهل اتفاق الجزائر بعد استفتاء على دستور جديد في يوليو الماضي، تجاهل القضية الأزوادية برمتها، فتمت مقاطعته من قبل الطرف الأزوادي. أعلنت الأمم المتحدة جدولا زمنيا لانسحابها من مالي، ينتهي بنهاية العام الجاري، وبدأت في إخلاء قواعدها العسكرية.بداية المشكلة
بدأت المشكلة عند أول قاعدة لقوات مينوسما في أزواد بمنطقة تينبكتو لأصحاب القبعات الزرقاء في الأمم المتحدة (ينتمون لقوة من بوركينا فاسو) حليفة مالي، فتقدمت القوات المالية وقوات فاغنر لاحتلالها دون أي اتصال أو تنسيق مع قوات الحركات الأزوادية المتمركزة في بلدة بير. دارت أول معركة بين الطرفين، اعتبرت انتهاكا لاتفاق الجزائر وإعلان حرب من مالي وفاغنر، وكانت قبل الموعد المقرر لانسحاب قوات الأمم المتحدة بيومين. سلمت قوات مينوسما القاعدة للقوات المالية وفاغنر، ما اعتبره الطرف الآخر تواطؤا ضدهم. لا تزال قوات مينوسما في قواعدها بمعقل الأزواديين في الشمال (كيدال وتيسليت وأجلهوك)، ما يعني معارك حتمية إذا ما قررت مالي وفاغنر التقدم واحتلال هذه القواعد في مواعيد مغادرة قوات مينوسما لها. الحركات الأزوادية يضمها سياسيا "الإطار الاستراتيجي الدائم" الذي رفع خطابا لمجلس الأمن الدولي عن التطورات الحاصلة، وأخطر الجزائر وبقية شركاء عملية السلام.مخاوف البلقنة
إقليم أزواد في الشمال، وأيضا مناطق وسط وجنوب مالي، تعد مسرحا لأكبر تواجد للحركات المتشددة حاليا على مستوى العالم، تحديدا "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التي بايعت القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية" في الساحل الذي بايع داعش، وكلاهما يسعى لإعلان "دولة" في الساحل. تجاهل اتفاق الجزائر، وعدم العودة لأي عملية سياسية، ومضي مالي وفاغنر في السيناريو الحالي، يعني حتمية الحرب بين جميع هذه الأطراف، وأزواد قد يكرر إعلان استقلاله عن مالي كما حدث في 2012.النيجر
ما يحدث في أزواد، له مخاطر كبيرة على النيجر، ويخشى امتداده لصنوه "أزواغ" شمال النيجر إذا لم تتجاوز نيامي أزمتها بعد بدء توغل تنظيمي القاعدة نحو أراضيها بعد الانقلاب، وبعد إعلان "غيسى بولا"، الذي كان مستشارا أمنيا لبازوم وقاد ثورة ضد النيجر سابقا، معارضة الانقلاب وتأسيس حركة ضده.
أخيرا تبرز تحليلات الخبراء المتشائمة من تأثير صراع القوى العالمية على المنطقة، مع ارتفاع وتيرة تصريحات قادة الغرب، التي قسمت المنطقة بين معسكرين روسي يريد طرد الغرب، وغربي يريد المحافظة على وجوده، وأبرزهم الولايات المتحدة التي لا تريد أي تأثير على وجود قواعدها العسكرية التي تتابع من خلالها تحركات الجماعات الإرهابية المتنامية في الساحل.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات مالي الأمم المتحدة مالي مينوسما فاغنر الجزائر مينوسما الحركات الأزوادية أزواد أزواد مالي النيجر أزواد مالي الأمم المتحدة مالي مينوسما فاغنر الجزائر مينوسما الحركات الأزوادية أزواد أزواد النيجر الأمم المتحدة فی الساحل
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة:اجتمعنا مع إسرائيل من أجل مساعدات غزة بلا جدوى
انتقد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، الثلاثاء، خطة توزيع المساعدات في قطاع غزة التي وضعتها إسرائيل وتدعمها الولايات المتحدة، ووصفها بأنها "غطاء لمزيد من العنف والنزوح" للفلسطينيين في القطاع الذي عصفت به الحرب.
وقال فليتشر لمجلس الأمن: "إنها مجرد مسرحية هزلية وتشتيت متعمد".
لم تدخل أي مساعدات غزة منذ الثاني من مارس الماضي، وحذر مرصد عالمي لمراقبة الجوع من أن نصف مليون شخص يواجهون خطر المجاعة، أي ربع سكان القطاع.
والأسبوع الماضي اقترحت إسرائيل أن تتولى شركات خاصة توزيع المساعدات في جنوب غزة، مع بدء هجوم إسرائيلي موسع في حربها على القطاع التي بدأت في أكتوبر 2023، وتتولى منظمات الإغاثة الدولية ومنظمات تابعة للأمم المتحدة تسليم المساعدات.
وأضاف فليتشر: "بإمكاننا إنقاذ مئات الآلاف من الناجين. لدينا آليات صارمة لضمان وصول مساعداتنا إلى المدنيين وليس إلى حماس، لكن إسرائيل تمنعنا من الوصول، وتضع إخلاء غزة من سكانها هدفا مقدما على حماية أرواح المدنيين".
وتتهم إسرائيل حماس بسرقة المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة.
وأعلنت إسرائيل أنها لن تسمح بدخول البضائع والإمدادات إلى غزة، حتى تفرج حركة حماس عن جميع الرهائن المتبقين لديها.
ورفض أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المقترح الإسرائيلي، وقال في أبريل إنه يخاطر بـ"مزيد من السيطرة على المساعدات وتقييدها بصورة قاسية حتى آخر سعرة حرارية وحبة دقيق".
وتقول الأمم المتحدة إن أي توزيع للمساعدات يجب أن يكون مستقلا ونزيها ومحايدا بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية.
وذكر فليتشر أن الأمم المتحدة اجتمعت أكثر من 10 مرات مع السلطات الإسرائيلية لمناقشة نموذج توزيع المساعدات الإسرائيلي المقترح لإيجاد حل لكن من دون جدوى، وإن الشروط الأساسية تشمل القدرة على إيصال المساعدات إلى جميع المحتاجين أينما كانوا في غزة.
ووسط هذا الجمود، أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي دعمها لآلية تسند مهمة توصيل المساعدات إلى غزة لشركات خاصة، وهو نهج بدا مشابها لمقترح إسرائيل، لكنها لم تقدم تفاصيل تذكر عن الخطة.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون للمجلس: "لن نسمح للنظام القديم البالي بأن يظل على حاله. نثمن الجهود المبذولة لبناء آلية جديدة قائمة على المساءلة".
توافق أميركي إسرائيلي
وقالت دوروثي شيا القائمة بأعمال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة للمجلس، الثلاثاء، إن مسؤولين أميركيين كبارا يعملون مع إسرائيل لتمكين مؤسسة غزة الإنسانية المنشأة حديثا من "تقديم آلية آمنة قادرة على إيصال المساعدات مباشرة إلى المحتاجين، من دون أن تقوم حماس بسرقة أو نهب أو استغلال هذه المساعدات لأغراضها الخاصة".
وحثت شيا الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة على التعاون، قائلة إن المؤسسة ستقدم المساعدات بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية، وإنها "ستضمن أمنها حتى تصل السلع إلى المدنيين المحتاجين".
وقالت: "بينما قد تختار بعض المنظمات الإنسانية في نهاية المطاف عدم المشاركة في هذه المناقشات، فإن منظمات أخرى اختارت مسارا بناء بشكل أكبر، وستكون قادرة على تقديم المساعدات بطريقة مناسبة ونأمل أن يتم ذلك في القريب العاجل".
وقال فليتشر: "أسلوب التوزيع الذي وضعته إسرائيل ليس هو الحل"، ويعود ذلك لأسباب منها أن إسرائيل أعلنت أنها ستحد من توزيع المساعدات في جنوب غزة خلال الهجوم الذي تخطط له، مما سيجبر السكان على الانتقال إلى أماكن أخرى للحصول على المساعدات.
وأضاف للمجلس: "سيؤدي لمزيد من عميات النزوح ويعرض آلاف الأشخاص للأذى. ويحصر المساعدات في جزء واحد فقط من غزة، بينما لا يلبي الاحتياجات الماسة الأخرى. ويجعل المساعدات مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية، ويجعل من المجاعة ورقة مساومة".
وعبر معظم أعضاء مجلس الأمن البالغ عددهم 15 عن قلقهم إزاء خطط توزيع المساعدات المقترحة.
وقالت بريطانيا وفرنسا وسلوفينيا واليونان والدنمارك في بيان مشترك قبل اجتماع المجلس: "لا يمكننا دعم أي نموذج يضع الأهداف السياسية أو العسكرية فوق احتياجات المدنيين أو يقوض قدرة الأمم المتحدة والشركاء الآخرين على العمل بشكل مستقل".