من عقبة العامرات إلى جسر هونغ كونغ
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
إبراهيم بن سالم الهادي
بينما كنتُ أعبرُ بالسيارة جسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو المُمتد، شعرتُ أنني أعيش في حاضر واقعي يوقظ روح المُستقبل؛ بل هو المستقبل نفسه، خاصة وأن التوقيت الزمني بين وجودي في طريق عقبة العامرات- بوشر في اتجاهي نحو مطار مسقط الدولي، لأشارك بكلمة ونقاشات في المؤتمر السياسي للشباب العرب والصينيين، وبين وصولي لهذا الجسر الذي أكتب المقال على مساره، مدة زمنية تقل عن 20 ساعة.
لم يكن المؤتمر قد بدأ أثناء كتابة المقال، وشهد نقاشات أكثر عمقًا عن مشروع "الحزام والطريق" الذي شرعت جمهورية الصين الشعبية بتبنيه وإنجازه، وقد يكون هذا الجسر الفائق الجمال أحد مسارات الطريق ليفصح عن معنى الإرادة التي تحلى بها الصينيون. الجسر طوله 55 كيلومترًا، ويربط 3 مدن عريقة تمثل وجهًا مُشرقًا من التقدم والابتكار في الصين ومحيطها المتمثل في هونغ كونغ. لحظات تذكرت معها عقبة العامرات-بوشر التي جئت منها في النهار نفسه- بسبب فارق التوقيت-، ذلك الممر الجبلي الوعر الذي يثقل كاهل السائقين ويمثل عقبة كما هو الاسم المصطلح عليه، على الرغم من كونه شريان حياة لربط ولايتي العامرات وقريات مع بقية ولايات محافظة مسقط، إضافة إلى ولايات جنوب الشرقية بعد ذلك.
إنها عقبة لا تعكس تحديًا جغرافيًا صعبًا، لكن واقعها هو التحدي الذي تصطف فيه الجبال الشاهقة على جانبي الطريق، مع الانحناءات الحادة والمرتفعات التي تأخذ الوقت والجهد فضلاً عن جملة الحوادث التي تقع عليه. عبوري هذا الجسر الصيني الضخم دفعني للتفكير في إمكانية تحويل عقبة العامرات بوشر إلى طريق أكثر سلاسة وحداثة يتمثل بالطبع في نفق جبلي لا يتجاوز طوله كيلومترًا واحدًا أو 2 كليومتر على أقصى تقدير، نفق يشق الجبال الراسيات ويختصر المسافة، ويختزل معاناة الصعود والهبوط التي لا تنتهي كون الكثافة السكانية في ازدياد مضطرد.
ما يُميز جسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو ليس فقط حجمه الهائل؛ بل روعة تصميمه الهندسي الذي يندمج مع البيئة البحرية التي يتوسطها؛ حيث تعبر السيارات على الجسر والسفن والبواخر على سطحه، بينما تشاهد الطائرات؛ وهي تحط في مدرجات مطار هونغ كونغ كل دقيقة، جسر يعكس براعة الهندسة الصينية في تجاوز الحواجز الطبيعية بأسلوب يتناغم مع البيئة ويخدم الإنسان وما يميزه أكثر هو سرعة إنجازه؛ فالقواعد التي بنيت للجزيرتين الصناعيتين في وسطه مثلاً لم تتجاوز السبعة أشهر لكل قاعدة، وهو ما يعطي مؤشرًا على أن إنشاء نفق جبلي لمسافة صغيرة جدًا لعقبة العامرات-بوشر لا يعد تحديًا مستحيلًا أو يتطلب عقوداً طويلة من أجل إنجازه إذا ما كانت الإرادة حاضرة، فهو مثال حي على التحديات الجغرافية التي يمكن التغلب عليها إذا ما توفرت العزيمة والإخلاص والنظرة الثاقبة في استشراف المستقبل
أدركت وأنا استعرض هذه المقارنة بين الجسر والعقبة، أن هناك الكثير مما يمكن تعلمه ثم تنفيذه، فجسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو لم يكن مجرد جسر يربط بين المدن؛ بل هو رمز للتنمية الشاملة ويعبر عن قدرة الإنسان على تجاوز الطبيعة وتحويلها إلى أداة من أدوات التطور بينما العقبة التي جئت وأعود إليها بعد المؤتمر على الرغم من كونها شاهقة وصعبة، إلا أن المستقبل القريب قد يحمل لها حلولًا مبتكرة فلنا أن نتخيل لو تم تحويل هذه العقبة إلى نفق جبلي مضاء بألوان عدة، كيف سيكون له الأثر الكبير في اختصار المسافات، وتقليص الزمن، وجعل التنقل أكثر سلاسة وراحة لمرتاديه.
إنها لحظة تأمل حقيقية، ندرك فيها كيف يمكن للإرادة والطموح والوطنية أن تكون أدوات تغيير قوية في مواجهة التحديات الجغرافية فجسر هونغ كونغ-جوهاي-ماكاو، ذلك العمل الهندسي العظيم، ما هو إلا صورة حيَّة لرؤية تدمج بين الماضي والمستقبل، علينا إذاً استكشاف كيفية استخدام تلك الرؤى لتحويل العقبات الطبيعية إلى فرصٍ عظيمة للتقدم كون النفق الجبلي يفتح آفاقاً اقتصادية وسياحية واجتماعية، الوطن يحتاج إلى همم لا إلى نقاشات وتصميم شعارات فنحن في زمن نحتاج فيه إلى صدق العمل والتخطيط ثم التنفيذ فالوقت سريع وثمين جداً ولأننا مسؤولون أمام الله ثم أمام الأجيال اللاحقة عن ما قدمناه لهم التاريخ سيشهد بالأحداث وسيدون الإنجازات ولا يتغافل عن الإخفاقات.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
شريف مصطفى يناقش خطة استعداد الاتحاد الأفريقي للووشو كونغ فو للمشاركة بأولمبياد الشباب 2026
عقد المحاسب شريف مصطفى، رئيس الاتحاد الأفريقي، نائب رئيس الاتحاد الدولي للووشو كونغ فو، اجتماعا هاما للمكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي عبر تطبيق «زووم» لمناقشة خطة الناشط لعامي 2025، 2026 والاستعداد لدورة الألعاب الأولمبية للشباب في داكار 2026 وتوسيع قاعدة المشاركين.
استهدف الاجتماع عدة محاور رئيسية تهدف إلى الارتقاء بمستوى اللعبة في أفريقيا ومناقشة خطة النشاط لعامي 2025 و2026 وتم استعراض واعتماد خطة عمل شاملة للعام الحالي والقادم، تتضمن البطولات القارية والدورات التدريبية والمعسكرات الإعدادية لبطولات العالم.
قال شريف مصطفى، رئيس الاتحاد الأفريقي للكونغ فو أن هذه الخطة تهدف إلى زيادة عدد المشاركين في اللعبة، وتوسيع قاعدة الممارسين في مختلف الدول الأفريقية، مع التركيز على اكتشاف وتطوير المواهب الشابة.
كما ناقش الاجتماع الاستعداد لدورة الألعاب الأولمبية للشباب داكار 2026 حيث يعتبر هذا المحور من أولويات الاجتماع، حيث سيتم بحث كافة الاستعدادات بالتعاون مع الاتحاد الدولي للووشو كونغ فو لضمان مشاركة أفريقية قوية ومشرفة في هذا الحدث الأولمبي الهام ويشمل ذلك وضع برامج إعداد متكاملة للمنتخبات الأفريقية المشاركة، وتوفير الدعم الفني واللوجستي اللازم.
أكد شريف مصطفى خلال رؤيته لتطوير اللعبة في القارة الأفريقية على التزامه بالعمل على تطوير اللعبة في القارة الأفريقية بما يليق بسمعة القارة في رياضة الووشو كونغ فو وتشمل رؤيته 5 بنود الأول يشمل توسيع قاعدة الممارسين حيث يسعى الاتحاد الأفريقي إلى نشر اللعبة في دول أفريقية جديدة، وتشجيع الاتحادات الوطنية على تنظيم المزيد من البطولات المحلية والدورات التدريبية لزيادة عدد الممارسين.
ويشمل سبل تطوير اللعبة الارتقاء بالمستوى الفني حيث يتم التركيز على تأهيل المدربين والحكام الأفارقة وفقاً لأحدث المعايير الدولية، وتبادل الخبرات مع الاتحادات الدولية لرفع المستوى الفني للاعبين، مع تعزيز التعاون القاري والدولي حيث يعمل الاتحاد الأفريقي على تقوية الروابط مع الاتحادات الوطنية في القارة، ومع الاتحاد الدولي للووشو كونغ فو لضمان التنسيق الفعال في كافة الأنشطة والبرامج.
وكشف شريف مصطفى أن من ضمن خطط التطوير استضافة البطولات الكبرى تهدف استضافة دول أفريقية للبطولات القارية والدولية إلى إبراز قدرة القارة على تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، وتوفير فرص احتكاك قوية للاعبين الأفارقة وأشادت دول أفريقية بنجاح مصر مؤخرًا في تنظيم البطولة الأفريقية التاسعة للووشو كونغ فو، مما يعكس التطور الملحوظ في التنظيم والإدارة.
ومن ضمن خطط تطوير اللعبة في إفريقيا كشف شريف مصطفى أنه يتركز على الفئات العمرية المختلفة حيث يولي الاتحاد اهتمامًا خاصًا بتطوير الفئات السنية المختلفة، من خلال تنظيم بطولات للشباب والناشئين، وعودة اللعبة إلى البطولات الجامعية، مما يضمن استمرارية ظهور المواهب الشابة.