الثورة/ يحيى الربيعي

إن التحول إلى الزراعة التعاقدية هو ضرورة ملحة تستجيب للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها اليمن. فبالإضافة إلى الظروف المناخية القاسية التي نواجهها، تعاني الزراعة في البلاد من مشكلات متعددة مثل نقص كفاءة أنظمة التسويق يبرز أهمية التعاقدات التي تسهل الوصول إلى الأسواق وتضمن الربح للمزارعين وقلة استخدام المدخلات الزراعية الحديثة تجعل الزراعة بشكل تقليدي غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الغذاء، وشح الموارد وتآكل الأراضي الزراعية، وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما ينذر بوجود خطر حقيقي يهدد الأمن الغذائي.

لذا، أصبح من الضروري البحث عن استراتيجيات فعالة وقابلة للتنفيذ لتعزيز جهود المبذولة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.

في هذا السياق، تتحول الأنظار نحو الزراعة التعاقدية كحل مبتكر يفتح آفاقًا جديدة للتنمية الزراعية. فقد بات واضحًا أن هذا النمط من الزراعة ينسجم بشكل كبير مع احتياجات المزارعين الصغار، ويقدم لهم فرصًا واسعة للتطور والنمو، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. فمع اعتماد الزراعة التعاقدية، يتمكن المزارعون من الحصول على ضمانات لبيع منتجاتهم، مما يساعد في تقليل المخاطر المالية التي قد يتعرضون لها في ظل تقلبات السوق. كما أن الزراعة التعاقدية تلعب دورًا محوريًا في دعم التنمية الاقتصادية من خلال تحسين فرص العمل وتعزيز الأمن الغذائي.

جهود رسمية وشعبية حثيثة

في السياق، نظمت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية خلال الأسبوع الماضي مجموعة من ورش العمل حول آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية في عدة محافظات يمنية، وذلك بهدف تعزيز القدرات الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ففي محافظة الحديدة، أقيمت ورشة عمل في مديريات المربع الشمالي، حيث تم استهداف 5 جمعيات تعاونية. شارك في الورشة 24 متدرباً من مسؤولي وممثلي الجمعيات التعاونية الزراعية ومدراء المديريات في المربع الشمالي. كانت أهداف الورشة تتمثل في تعريف المتدربين بآليات وإجراءات دعم مشروع الزراعة التعاقدية، بما يتماشى مع رؤية الدولة وترجمة توجيهات القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى لتعزيز الثورة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

كما عُقدت ورشة عمل أخرى في مديرية بيت الفقيه، وتركزت على التحديات التي تواجه عملية التسويق الزراعي، ودور الدولة في تحسين الإنتاج والتنمية الزراعية. تم التطرق إلى كيفية دعم التعاون بين المزارعين والجمعيات والتجار، من خلال مشروع الزراعة التعاقدية والتسويق. وكانت أهداف الورشة تتضمن تأهيل المزارعين، وتوفير المستودعات والبذور، بالإضافة إلى تفعيل مسؤولي التسويق وإتاحة الفرص الاستثمارية.

على صعيد متصل، دشنت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، بالتعاون مع الاتحاد التعاوني الزراعي، ورش عمل لتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية للموسم الزراعي 1446هـ، وذلك لـ 8 جمعيات تعاونية زراعية في المربع الشرقي لمحافظة الحديدة ومحافظة ريمة. شملت الورش المشاركين من هيئات إدارية لجمعيات السخنة، باجل، المراوعة، برع، الحجيرية بمحافظة الحديدة، وجمعيات الجعفرية، السلفية، بلاد الطعام بمحافظة ريمة، ومدراء عامة المديريات ومكاتب الزراعة.

تهدف الورشة إلى إكساب 38 متدرباً من الهيئة الإدارية للجمعيات معارف وأساسيات الزراعة التعاقدية، بهدف تحسين أداء الجمعيات التعاونية لتكون مهيأة لتنفيذ هذا النوع من الزراعة. كما تم تزويد المشاركين بدليل الزراعة التعاقدية وتحديد المحاصيل، مثل السمسم، الذرة الشامية، التمور، والطماطم، كمحاصيل محورية في البرنامج بمحافظة الحديدة.

وفي الصعيد ذاته، نظمت الوزارة في محافظات الجوف والمحويت وحجة ورشاً خاصة بالزراعة التعاقدية. حيث أقيمت ورشة في محافظة الجوف تحت شعار “التغيير والبناء”، وهدفت إلى تهيئة الجمعيات التعاونية الزراعية وفروع مكاتب الزراعة في المديريات والوحدات الإدارية. كما تم تناول تطوير وتحسين برنامج عمل الزراعة التعاقدية وتعريف المشاركين بدليل الزراعة التعاقدية، إضافة إلى تحديد المحاصيل المختلفة المعتمدة في هذا البرنامج.

أما في محافظة المحويت، فقد عُقدت ورشة عمل يوم الاثنين شارك فيها 45 متدرباً من مدراء مديريات جبل المحويت، ملحان، الرجم، والخبت، ومدراء فروع مكتب الزراعة بالمديريات، وأعضاء الهيئة الإدارية لعدة جمعيات. كانت الورشة مخصصة لتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية، ودعم الجمعيات في اختيار منسقي زراعة تعاقدية على مستوى المديريات، وتحديد أنواع المحاصيل التي سيتم إدخالها في برنامج الزراعة التعاقدية.

ودشنت الوزارة والاتحاد التعاوني الزراعي ورشة متعلقة بتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية للموسم الزراعي 1446هـ أيضًا، لنحو 8 جمعيات تعاونية من محافظتي إب وتعز. هدفت الورشة إلى إكساب 46 متدرباً من الهيئة الإدارية لجمعيات مقبنة، خدير من محافظة تعز، وجمعيات حبيش، السدة، يريم، القفر، حزم العدين، وبعدان من محافظة إب، معارف وأساسيات لتطوير وتحسين برنامج عمل الزراعة التعاقدية ليتم تنفيذها عبر الجمعيات. كما تم اختيار منسقي زراعة تعاقدية على مستوى المديريات.

وقد قدمت كل ورشة في مقدمتها شرحًا عن مفهوم الزراعة التعاقدية وأهميتها، كما قدمت توضيحاً للدليل الخاص بالزراعة التعاقدية، والنماذج والجداول الملحقة به بجانب تفاصيل العقود بين المزارعين والمشترين لشراء المنتجات الزراعية. كل هذه الجهود تؤكد العزم على تعزيز القدرة الإنتاجية الزراعية ودعم المجتمع الزراعي في اليمن.

الفرصة الكبرى: الزراعة التعاقدية

تمثل الزراعة التعاقدية استراتيجية طموحة لتحقيق نهضة زراعية شاملة. تشير الدراسات الصادرة عن القطاعات الزراعي على المستوى المحلي والعالمي إلى أن الزراعة التعاقدية يمكن أن تكون المحرك الرئيسي للتنمية الريفية، حيث تستثمر في تمكين صغار المزارعين وزيادة دخولهم.

تأكيدًا لذلك، تشير الأبحاث إلى أن استثمار الدولار الواحد في الزراعة يحمل تأثيراً أكبر بمقدار ثلاث مرات مقارنة بالاستثمارات في القطاعات الأخرى من حيث تخفيض نسبة الفقر. إن الزراعة التعاقدية تمثل مدخلاً حيويًا لتطوير اقتصادات الريف المستدامة، فهي تعزز من دور الزراعة العائلية التي تُساهم في إنتاج قدر كبير من الغذاء.

وفقًا لدراسات أخرى، فإن المزارعين الذين يشاركون في برامج الزراعة التعاقدية يسجلون زيادات في دخلهم بنسبة تتراوح بين 25 % و75 % مقارنة بنظرائهم الذين لا يشاركون. وفي سياق عالمي، تصل نسبة الزراعة التعاقدية إلى 15 % من الناتج الزراعي في الدول المتقدمة، بينما تنمو بشكل أسرع في البلدان النامية.

أمثلة ملهمة عالمياً

– في زامبيا، تصل الزراعة التعاقدية إلى 100 % من إنتاج القطن.

– في البرازيل، تمثل التعاقدات 75% من سوق الدواجن.

– في كينيا، تشكل التعاقدات أكثر من 60 % من مبيعات الشاي والقهوة.

إن التعثر الذي يعاني منه القطاع الزراعي في اليمن يستدعي وضع استراتيجيات شاملة ومتناسقة تجمع بين كافة الجهات المعنية بالتحول نحو الزراعة التعاقدية كخيار فعّال يدعم المزارعين ويحقق الأمن الغذائي.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وزير الزراعة: 8.5 مليون طن صادرات مصر الزراعية حتى الآن

أعلن علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الصادرات الزراعية المصرية حققت حتى الآن حوالي 8.5 مليون طن، وذلك بزيادة تقارب 700 ألف طن عن نفس الفترة العام الماضي.

يأتي ذلك وفقا لتقرير رسمي تلقاه الوزير من الدكتور محمد المنسي رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي، بقطاع الخدمات الزراعية والمتابعة، حول أبرز إحصائيات الصادرات الزراعية المصرية، وتقدمها حتى الآن.

ووفقا للتقرير، واصلت الموالح المصرية تصدرها قائمة الصادرات الزراعية المصرية، بكمية إجمالية حوالي 2 مليون طن، تليها البطاطس الطازجة بكمية 1.3 مليون طن، ثم تأتي البطاطا في المركز الثالث بكمية إجمالية حوالي 310 ملايين طن، تليها الفاصوليا (طازجة + جافة) في المركز الرابع بكمية حوالي 300 ألف طن، ثم البصل الطازج في المركز الخامس بكمية إجمالية 277 ألف طن.

وأشار التقرير إلى تقدم عدد كبير من الحاصلات الزراعية المصرية الأخرى، من بينها العنب بكمية 191 ألف طن، والرمان بكمية 148 ألف طن، ثم المانجو 117 ألف طن، تليها الطماطم، والثوم الطازج، والفراولة الطازجة، والجوافة.

في سياق متصل، أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي أن هذه الطفرة التاريخية، في الصادرات الزراعية المصرية، تعد دليلاً قاطعاً على قوة ومرونة الاقتصاد الوطني، وتؤكد التزام مصر بأعلى معايير الجودة والسلامة الغذائية التي تتطلبها الأسواق الدولية، كما أنها شهادة دولية على نجاح مصر في تعزيز تنافسية صادراتها.

وأشار الوزير إلى أن المنتج المصري يحظى بثقة كبيرة في الأسواق الدولية، مما يعزز مكانة مصر كقوة زراعية عالمية ويسهم بفاعلية في دعم الاقتصاد الوطني وجذب العملة الأجنبية، وذلك باعتبار الصادرات الزراعية أحد الأعمدة الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني، مشيداً بالجهود المبذولة من جميع حلقات المنظومة، بدءاً من المزارع وانتهاءً بالمصدر.

ولفت الوزير إلى الدور المحوري الذي تلعبه الإدارة المركزية للحجر الزراعي والمعامل المرجعية في ضمان سلامة المنتجات، فضلا عن العلاقات الزراعية الخارجية، وجهود الوزارة المستمرة بالتعاون مع الجهات المعنية لفتح المزيد من الأسواق الجديدة وغير التقليدية أمام المنتجات المصرية، وتذليل كافة التحديات اللوجستية والإجرائية التي تواجه المصدرين لدعم استدامة النمو في قطاع الصادرات.

اقرأ أيضاً«الزراعة»: تحصين أكثر من 7.5 مليون جرعة للقاحي الحمي القلاعية والوادي المتصدع

زراعة المنوفية تعلن توريد 7608 قناطير قطن في 4 مراكز تجميع

مقالات مشابهة

  • استعراض فرص التعاون العماني الجزائري في القطاع الزراعي
  • التوسع الزراعي في مصر.. خطة استراتيجية لزيادة الإنتاج وتوسيع الصادرات الزراعية
  • نائب: الزراعة والصناعات الغذائية قاطرة التنمية الاقتصادية في الجمهورية الجديدة
  • النائب حازم الجندي: الزراعة والصناعات الغذائية قاطرة التنمية الاقتصادية في الجمهورية الجديدة
  • اللولو تُطلق مبادرة “الإمارات أولاً” للترويج للمنتجات الإماراتية والقطاع الزراعي وتُكرّم مزارعي الإمارات لجهودهم في الزراعة المستدامة
  • خبيرة حضرية: مدينة عمرة تُجسد التنمية المستدامة وتفتح فرص عمل
  • معرض ومؤتمر توشكى/أسوان الزراعي.. منصة سنوية تجمع الخبراء والمزارعين والمستثمرين
  • سوق المزارعين بالقطيف.. 30 منفذ بيع مباشر لتعزيز السياحة الزراعية والأمن الغذائي
  • وزير الزراعة: 8.5 مليون طن صادرات مصر الزراعية حتى الآن
  • وزير الزراعة: ارتفاع صادرات مصر الزراعية لـ 8.5 مليون طن