قالت دار الإفتاء المصرية إن مدح الأُمَّةِ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والاشتياق له والتعلق به دليلٌ على مَحَبَّتها له، وهذه المحبَّة تُعَدُّ أصلًا من أصول الإيمان؛ قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24].

وورد عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ» رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال أيضًا: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

وقال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (1/ 48، ط مكتبة الغرباء الأثرية): [محبَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارِنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتَوعَّدَ مَن قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24]، ولما قال عُمَرُ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رَسُولَ اللهِ، لأَنتَ أَحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شَيءٍ إلا مِن نَفسِي، قَالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا والَّذِي نَفسِي بيَدِه؛ حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليكَ مِن نَفسِكَ»، فقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآن واللهِ لأَنتَ أَحَبُّ إلَيَّ مِن نَفسِي، فقالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «الآن يا عُمَرُ»] اهـ.

وأوضحت الإفتاء أن محبَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَظهَر محبة الله سبحانه، فمَن أحبَّ مَلِكًا أحب رسولَه، ولله المثل الأعلى، ورسولُ الله حبيبُ رب العالمين، وهو الذي جاء لنا بالخير كله، وتحمَّل المتاعب من أجل إسلامنا ودخولنا الجنة؛ كما ورد في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]، وقد وصفه ربنا في مواضع كثيرة من القرآن بصفات تدل على فضله، منها قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]. 
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فضل محبة النبي النبي محمد ی صلى الله علیه وآله وسلم

إقرأ أيضاً:

المطر والصلاة.. هل يجوز أداء الجماعة في البيت؟

مع حلول فصل الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة، يواجه بعض المسلمين صعوبة في الوصول إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة، السؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل يجوز الصلاة في البيت عند شدة المطر؟ دار الإفتاء المصرية توضح الرأي الشرعي في هذا الشأن.

 

أهمية صلاة الجماعة في المسجد

حثّت الشريعة الإسلامية على صلاة الجماعة في المسجد لما لها من فضل عظيم ومضاعفة للأجر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» (رواه البخاري ومسلم).

صلاة الجماعة لها حكم كبيرة، أبرزها:

إظهار روح الترابط والوحدة بين المسلمين.

عمارة المساجد وتعظيم شأنها.

الانقياد لله والسعي لحضور الخير.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلاً» (رواه البخاري ومسلم).

 

الصلاة في البيوت عند المطر الشديد

أجاز الشرع للمسلم الصلاة في البيت عند وجود عذر يمنعه من حضور الجماعة في المسجد، مثل سقوط الأمطار الغزيرة أو وجود صعوبة في الطريق.

ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المؤذن في ليلة باردة ممطرة قائلاً: «ألا صلوا في الرحال» أي البيوت والمنازل (متفق عليه).

وينطبق ذلك على جميع الصلوات، بما فيها الجمعة والعيدين، إذا كان المطر شديدًا أو الأرض موحلة تمنع الوصول للمسجد.

 

الأجر للممنوع عن الصلاة في المسجد بعذر

أوضح الفقهاء أن من لم يتمكن من حضور صلاة الجماعة بعذر شرعي، يناله كامل الأجر كما لو صلى في المسجد، ما دام معتادًا على الصلاة ولم يمنعه إلا هذا العذر.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر، كتب مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» (رواه البخاري).

كما نصت كتب الفقه الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي على أن المطر الشديد أو الوحل يعتبر عذرًا مشروعًا لترك الجماعة دون نقصان في الأجر.


في الختام، نستنتج أن من يجد صعوبة في الذهاب إلى المسجد بسبب الأمطار الغزيرة يجوز له الصلاة في البيت منفردًا أو جماعةً مع أفراد المنزل، ولا ينقص أجره بل يُكتب له ثواب صلاة الجماعة. وعند انقطاع المطر وارتفاع الحرج، يجب عليه العودة إلى الصلاة في المسجد حفاظًا على مضاعفة الأجر وثواب الجماعة. وبذلك، تكفل الشريعة الإسلامية رفع الحرج عن المؤمنين مع الحفاظ على فضل الجماعة ومكافأتها.

مقالات مشابهة

  • هل يمكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة؟
  • ما معنى الصلاة على النبي؟.. الإفتاء توضح المقصود الشرعي
  • هيئة كبار العلماء: البذاءة وعدم الحياء من باب نقص الإيمان
  • مولد السيدة نفيسة.. الإفتاء: يجوز الاحتفال بموالد آل البيت وإحياء ذكراهم
  • الوضوء وفق الطريقة النبوية الشريفة.. تفاصيل
  • من يشرب من حوض النبي يوم القيامة؟.. انتبه لـ6 حقائق لتفوز بشربة منه
  • المطر والصلاة.. هل يجوز أداء الجماعة في البيت؟
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • أمين الفتوى: حديث "لا تنزلوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة" موضوعٌ ولا يصح عن النبي
  • دعاء لمن تراكمت عليه ديون.. 7 كلمات تقضي عنك ولو كانت مثل جبل