العودة للمشروع الوطني الكبير
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
مشكلتنا في اليمن عدم استيعاب الأفكار، وفي كل مرة يعلن عن فكرة كيان جامع، يذهب البعض بعيدا عن الفكرة والهدف، ليعتقد انه حان الفرصة لتكتل مناطقي لجغرافيا محددة، مستندا لانتكاسات فترة زمنية تسببت في ماسي واوجاع، متناسيا المشروع الكبير الذي اصابته تلك الانتكاسات، بل متجاهلا ان تلك الانتكاسات يمكن ان تكون مؤامرة لاغتيال ذلك المشروع الكبير، من خلال اثارة النعرات والثارات والكراهية والعنصرية، التي حولتنا لمجتمع مصاب من السهل ادارته والعودة به لمجموعة قبائل وعشائر وجماعات متناحرة، تتصارع حول حدود جغرافيا، جماعات ممزقة لكنتونات صغيرة سهل التهامها.
كل ما يدور اليوم في الشمال والجنوب هو امر عبثي، استطاع العالم والاقليم ان يتدخل ليزيد من حجم الاضرار، واللعب على كل التناقضات والمصاب، فوجد بيئة مثخنة بالجراح، منذ 67م جراح كلما اندملت، تدمى من جديد من قبل أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين لا يرون انفسهم الا في حدود جغرافية ضيقة، وفكر ثأري عقيم، بلا وعي ولا رؤية صائبة، عبارات تردد من سنوات والعالم يتقدم ويتطور، ونحن غارقون في تلك الثارات والجنون، والنهاية ما نحن فيه اليوم.
تلك العقول هي المسؤولة عن واقعنا اليوم، لم تستوعب تحديات المرحلة، ولم تعي بعد ان النهضة تصنعها الإرادة، وقد غابت عنها تلك الإرادة السياسية، التي جعلتنا نتخلى عن مشروعنا النهضوي الكبير، بل يمكن القول الانهزام امام قوى تقليدية عصبوية ترفض التعيير والتحول والنهضة والتقدم.
كل المشاريع المطروحة اليوم غير ملبية لإرادة الناس، ولهذا تشتغل على حماسهم فترة وتأجج نزعاتهم، فلا تدوم يكفي فترة وجيزة ثم يصحو الكثير من الناس، لأنها مشاريع اصغر مما يستوعبها العقل ويتقبلها المنطق، و تعتمد على الفوضى والنعرات، وبمجرد ما ان تأتي الاحتياجات العامة والخاصة والاستراتيجيات، يتطلب ذلك عقول وطاقات وافكار، وكوادر وكفاءات، وهنا يبدأ السقوط المدوي لمعظمها، ويبقى من لديه القوة العسكرية و المدعوم قبليا وسلاليا او مذهبيا وطائفيا يقاوم، مقاومة تمزقه اكثر مما كان يتوقع، ليجد انه مشروع لا يوحد الناس ولا يجمعهم على مشتركات.
علينا ان نحدد معركتنا الحقيقية، معركة الامة في مشروع الامة الكبير، الذي يبدأ بمقاومة المشاريع الصغيرة التي يحاول الصهاينة وحلفاهم من الغرب وعملائه في الداخل ان حيد عنه، ومقاومة تستدعي صمود وتحدي، وارادة صلبة، وعقل منطق لا يسمح ان تملى او تفرض علينا مشاريع تخدم اعدائنا .
اليوم نحن وطن منهك ويدمر، التعليم ينهار والمعلم يهان والمواطنة تداس بالأقدام، لا راتب ولا خدمات عامة، ولا نظام ولا قانون، قسمونا لطوائف ومناطق ومذاهب، وعسكروا حياتنا وفق تلك النعرات، واصبح حلمنا بعيد المنال، اليوم بكل بجاحه يتبارى البعض في استدعاء الاجنبي لأرضنا، ويفتح له الطريق ويهيئ له الاستيلاء على الارض وانتهاك العرض، تلك هي الصورة الحقيقية للمشاريع الصغيرة، لان المشروع الكبير لن يقبل بذلك.
لا نحتاج لإضرابات ولا ان نلعن بعضنا بعض، ما نحتاجه ان نرفع راية مشروعنا الكبير ونعود للتاريخ لنعرف من نحن، نعود للعروبة واسلامنا الحنيف، نستلهم افكار عبد الناصر وابداعات وخبرات المناضلين الأوائل الذين رفعوا راية الوحدة العربية، واسقاط المشاريع الصغيرة التي عكرت صفو حياتنا،مع ضرورة الاستفادة من دروس وعبر الماضي،وتفهم المؤامرات التي احيكت بأمتنا.
نعيد احياء مشروع وطني في وعاء جامع، يعيد للامة عمقها التاريخي والثقافي، يخرجنا من حالة التردي، الى حالة الانفراج، نسيد العقول والكفاءات، لنشهد نهضة علمية وحالة وعي تحارب الفساد السياسي والاقتصادي والاخلاقي واستعادة مكامن القوة الغائبة، وتجاوز مواطن الضعف الغالبة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفالله لا يلحقه خير من كان السبب في تدهور اليمن...
الإنبطاح في أسمى معانيه. و لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى...
تقرير جامعة تعز...
نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
أرحب تمهل الحوثيين وتُلوّح بالثأر لمقتل أحد وجهائها واختطاف أبنته
تشهد مناطق شمال صنعاء حالة من التوتر الشديد، عقب انتفاضة قبلية غاضبة قادتها قبائل أرحب، في أعقاب جريمة قتل وصفت بأنها "متعمّدة وبدم بارد"، راح ضحيتها الشيخ حميد ردمان، أحد وجاهات أرحب، على يد القيادي الحوثي المدعو أبو عذر فليتة، في تصعيد خطير يعكس مدى استفحال انتهاكات ميليشيا الحوثي بحق المكونات القبلية في مناطق سيطرتها.
وتُعد هذه الحادثة – بكل ما تحمله من دلالات – حلقة جديدة في سلسلة استهداف الجماعة للقبائل، سواء عبر القتل أو الإهانة أو تفكيك الروابط الاجتماعية، ضمن استراتيجية واضحة تهدف إلى إضعاف البُنى التقليدية المقاومة للظلم والاستبداد، والتي تمثل القبيلة اليمنية عمودها الفقري.
وفي تطور غير مسبوق، احتشد آلاف من أبناء قبائل أرحب، صباح اليوم الثلاثاء، في نكف قبلي واسع أمام بوابة محافظة عمران شمال صنعاء، موجهين تحذيرات شديدة اللهجة لميليشيا الحوثي بشأن ما وصفوه بـ"التمادي في سفك دماء أرحب والتطاول على حرماتها".
وطالبت القبائل بالإفراج الفوري عن ابنة الشيخ ردمان، المعتقلة منذ أيام على يد الجماعة، وتسليم الجاني (أبو عذر فليتة)، القيادي الحوثي وصهر القتيل، للعدالة، وتنفيذ القصاص العادل، دون مماطلة أو تسويف.
وأكد المحتشدون أن كل الخيارات مفتوحة، ممهلين سلطات الحوثيين ساعات معدودة قبل أن تتخذ القبيلة خطواتها، محذرين من أن "التهاون بكرامة أرحب سيُقابل بما لا تُحمد عقباه".
تعود تفاصيل الجريمة إلى خروج الشيخ حميد ردمان من منزله قبل أيام، حيث قام صهره "أبو عذر فليتة"، والذي يشغل منصب مدير أحد أقسام الشرطة في صنعاء، بملاحقته وإطلاق النار عليه مباشرة، ما أدى إلى مقتله على الفور أمام مرأى من السكان.
وعقب الحادثة، تم اعتقال ابنة القتيل – زوجة الجاني – في خطوة وصفتها القبائل بأنها إهانة مزدوجة، ووسيلة للضغط عليها وإجبارها على التنازل عن دم والدها، الأمر الذي أشعل غضبًا واسعًا اعتُبر بمثابة استفزاز صارخ للأعراف القبلية والقيم الإنسانية.
اتهمت قبائل أرحب بشكل مباشر قيادات في الجماعة الحوثية بمحاولة طمس القضية والتستر على القاتل، في حين أكدت أن أي محاولة لانتزاع أقوال أو توقيع تنازل بالإكراه، ستكون بمثابة إعلان عداء شامل لأرحب ومحيطها القبلي.
مصادر محلية أشارت إلى أن الوساطات التي حاولت تهدئة الموقف اصطدمت بتعنت حوثي وعدم جدية في التعاطي مع القضية، ما زاد من احتقان الشارع القبلي ودفع إلى تصعيد الاحتجاجات، التي قد تتخذ طابعًا ميدانيًا خلال الساعات القادمة إذا لم تتم الاستجابة الفورية للمطالب.
ويرى مراقبون أن هذه الانتفاضة ليست سوى إنذار مبكر لثورة قبلية أوسع، قد تتفجر في أي لحظة مع تزايد الاستفزازات الحوثية للمجتمع القبلي، الذي كان ولا يزال أحد العوائق الرئيسية أمام مشروع الجماعة القائم على التفكيك والتسلط. موضحين أن القبيلة اليمنية، على الرغم من محاولات الحوثي إخضاعها، ما زالت تحتفظ بقدرتها على الضغط وفرض الكلمة، مشيرين إلى أن "أرحب ليست وحدها"، وأن ما يحدث اليوم في عمران قد يُفتح على سيناريوهات تصعيد تتجاوز البُعد المحلي.