لخص الكاتب والناشر اليساري السوري، المنفي في فرنسا منذ 49 عاما، فاروق مردم بيك المشهد بتدوينة على حسابه على فيسبوك، قال فيها: "باقون على ولائهم للسفّاح الجبان (بشار الأسد) على الرغم ممّا شاهدوه بأعينهم من فظائعه ومن مظاهرات الابتهاج المليونيّة بسقوطه.. ما هو السرّ في العطب السياسي ـ الأخلاقي عند هذا النوع من العرب؟".
تساؤل الكاتب الذي كتب قبلها مع إعلان سقوط النظام السوري، وهروب رأسه بشار الأسد من دمشق: "تسعٌ وأربعون سنةً.. تسعٌ وأربعون من الحنين إليك يا دمشق"، فعلا في محله عن هذا العطب الذي أصاب الكثير من العرب وحتى غير العرب الذين بدوا حزنين لفرح السوريين العارم لسقوط نظام آل الأسد المجرم، الذي جثم على صدور السوريين لـ54 عاما، وعاث فسادا في سوريا.
بدت حالة هؤلاء الذين سارعوا للتنكيد على فرحة السوريين، أشبه بحمى أصابتهم أو بالأحرى بمتلازمة أو "سندروم" (Syndrome)، وهي كلمة مشتقة من اليونانية "سيندرومون". والمتلازمة "هي مجموعة من العلامات والأعراض التي تظهر بشكل مترافق مع بعضها ويدل ظهورها مجتمعة على الإصابة بمرض، اضطراب نفسي أو حالة شاذة".
يمكن أن نسمي هذه الحالة بـ"متلازمة الأسد" التي أصابت هؤلاء الذين ما أن سقط نظام الأسد، وهرب بجبن من دمشق، حتى سارعوا لبث الشكوك والأكاذيب والتخويف، ونظريات المؤامرة، وحتى التبرير وإيجاد الأعذار لنظام الأسد ورعاته.
بدا هؤلاء مزيجا من غوغاء ودهماء من ضحايا الدعاية الإعلامية، وكثير من هؤلاء لا يعرف حتى أين تقع دمشق أو حمص، أوحماة (التي ينطقونها حمات!) وما تعرضت له من مجازر، وبين "نخب" والأصح "نكب" مؤدلجة بمزيج من القومجيين من بقايا البعث، وحتى بعض الإسلاميين، والمفارقة في الجزائر مثلا حتى من بعض المتطرفين "البربريست" من ذوي الطرح "البربري المتطرف"، الذين بدوا غير سعداء لسقوط نظام حزب البعث القومي العربي بدعوة أن الفصائل المسلحة التي قادت عملية "ردع العدوان" إسلامية التوجه!
قد تكون عفوية ردود الأفعال هاته من هذه "النكب" والأوساط الشعبية العربية بما فيها من مزيج "سادي ـ مازوخي" وقابلية للتلاعب والاستبداد، فكثير من هؤلاء يعانون الأمرين من أنظمتهم، التي ربتهم وعلبتهم على طريقتها بمزيج من القمع والقهر، والحرمان والدعاية ونظريات المؤامرة. لكن بدا بوضوح أن هناك في حالة بعض "النكب" والأذرع الإعلامية العربية، أنهم مكلفون بمهمة من أنظمتهم للتشوية والتخويف من سقوط النظام السوري، بالتنغيص على فرحة السوريين بكل أطيافهم، والترويج خوفا من أن يطالهم ما حدث للأسد، للسيناريوهات المشؤومة، والأخبار الكاذبة المثيرة للسخرية مثل ادعاءات الاغتيالات التي تطال علماء سوريين مزعومين في الذرة والكيمياء و"الخرطولوجيا" و"الكذبلوجيا" من قبيل زهرة الحمصية، وأبوعدس الحمصي! رغم أن كل الشواهد والمؤشرات على الأرض تعطي على العكس صورة مغايرة لشعب سوري متفاجئ من هكذا تحامل مرضي، هو الذي يسعى للم شمله ومداواة جراحه، وحتى ما بدا تعلم دروس ومراجعات فكرية وخطاب جامع مثلما هو الحال مع قائد عملية ردع العدوان أحمد الشرع المعروف باسم أبومحمد الجولاني.
أحزنني، هنا وإن لم يفاجئني أن تسارع أصوات فلسطينية دعمت نظام الأسد المجرم، وراعيته إيران علنا أو ضمنيا، باستكثار الفرح على السوريين ومن فرح معهم بسقوطه، ووصفه بـ"الفرح الطفولي"، وإيجاد أعذار بتغليفات أكاديمية لنظام مجرم لا يمكن وصف إجرامه بمشاهد سجونه المرعبة وتحرير المساجين السوريين وحتى الفلسطينيين، ومن جنسيات عربية أخرى.. والمسارعة لمحاولة تحميل السوريين ما لا يتحملوه بعد ساعات فقط من إسقاطهم نظام مجرم لم يكن أبدا يواجه الكيان الصهيوني.واللافت أن كثيرا من المتابكين على سقوط نظام الأسد يتغطون تحت ستار القضية الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية، رغم أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تقاوم الاحتلال الصهيوني في غزة، أفحمت الكثير من هؤلاء المزايدين، عندما باركت للشعب السوري بسقوط نظام الأسد. وكانت "حماس" رفضت التورط في الدم السوري، عكس فصائل فلسطينية أخرى، عند اندلاع الثورة الشعبية السورية في 2012، بل وانحازت "حماس" لحق الشعب السوري في الحرية، واضطرت قيادة حماس حينها بزعامة خالد مشعل إلى مغادرة دمشق بسبب ذلك، وقد سطا نظام بشار الأسد على أموالها هناك، وكما نكل بالسوريين، نكل بالفلسطينيين، ولعل مخيم اليرموك الفلسطيني، الذي حاصره شبيحة النظام السوري، ومشاهد التجويع الرهيبة فيه، التي سبقت ما يقوم به الاحتلال في غزة، أكبر شاهد وإدانة على ذلك.
وقد أحزنني، هنا وإن لم يفاجئني أن تسارع أصوات فلسطينية دعمت نظام الأسد المجرم، وراعيته إيران علنا أو ضمنيا، باستكثار الفرح على السوريين ومن فرح معهم بسقوطه، ووصفه بـ"الفرح الطفولي"، وإيجاد أعذار بتغليفات أكاديمية لنظام مجرم لا يمكن وصف إجرامه بمشاهد سجونه المرعبة وتحرير المساجين السوريين وحتى الفلسطينيين، ومن جنسيات عربية أخرى.. والمسارعة لمحاولة تحميل السوريين ما لا يتحملوه بعد ساعات فقط من إسقاطهم نظام مجرم لم يكن أبدا يواجه الكيان الصهيوني.
ودعوة السوريين ومن دعمهم لـ"التواضع"، والقول مثلا: " تواضعوا.. فمنذ يوم إعلان استقلال كل دولة عربية إلى الآن، حكم الدول العربية 134 حاكما.. هل كان بينهم ديمقراطي واحد؟"
وكأنه كان هناك حاكم "ديمخراطي واحد" هو "ثيادة الرئيث الهارب بثار الأثد"، ويجب الحزن لسقوطه وسقوط نظام آل الأسد وأصنامهم من مؤسس الجملوكية حافظ الأسد، إلى باسل، وبشار! .."تواضعوا؟!" وكأن معناها مرة أخرى: لماذا تفرحون "فرحا طفوليا" بسقوط الديكتاتور الهارب بشار وديكتاتورية آل الأسد؟ بنوع من "ماذا عن؟ whataboutism " كأن المقصود منه أن الأسد ليس الديكتاتوري العربي الوحيد وبالتالي لا تفرحوا فرحا طفوليا لسقوطه ولتحرير سجونه الرهيبة مثل صيدنايا، وهي الأسوأ بدون منازع عربيا وربما في تاريخ البشرية، وتحرير المعتقلين، ليس السوريين فقط، والفلسطينيين كذلك، وهو يسقط ادعاءات نظام الممانعة والصمود والتصدي الكاذب للكيان الصهيوني.
نظام إجرامي أسوأ فروعه المخابراتية اسمه "فرع فلسطين"! ورعاته المجرمون الإقليميين والدوليون الذين أجرموا في حق السوريين وهجرّوا مع شبيحة الأسد، 12 مليون سوري سني (دعنا نسمي الأشياء بمسياتها) في تطهير طائفي مفضوح، وبتواطؤ أمريكا وإسرائيل، التي سارعت بعد سقوط نظام الأسد لتدمير الأسلحة التي تركها، ولم يستعملها أبدا ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل ضد الشعب السوري. الكيان الصهيوني لم يستهدف هذه الأسلحة قبل سقوط الأسد، لكنه يفعلها الآن لكي لا تقع في أيادي ثوار سوريا، الذين أسقطوه، وفي ذلك رد واضح على المزايدين ومروجي الادعاءات والمؤامرات!.
*كاتب جزائري مقيم في لندن
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا سوريا سياسة رأي تحولات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام الأسد سقوط نظام
إقرأ أيضاً:
عائلة بروس ويليس توجه رسائل مؤثرة حول الآباء الذين يعانون المرض
(CNN)-- احتفلت عائلة بروس ويليس بعيد الأب، مع إقرارها بصعوبة الأعياد نظرًا لمعاناته من الخرف.
وكتبت إيما هيمينغ، زوجة ويليس، في منشور على إنستغرام: "عيد أب سعيد لجميع الآباء الذين يعيشون مع إعاقة أو مرض، والذين يبذلون قصارى جهدهم، وللأطفال الذين يساندونهم.. ما يُعلّمه بروس لبناتنا يتجاوز الكلمات. المرونة، والحب غير المشروط، والقوة الكامنة في مجرد التواجد".
وأضافت: "الحب يتعمق. يتكيف. ويبقى، حتى مع تغير كل شيء آخر. ولكن لأكون منصفةً مع نفسي، هذه الأيام الرمزية تُلهمني كثيرًا.. أشعر بحزن عميق اليوم. أتمنى، من كل ذرة في جسدي، أن تكون الأمور مختلفة بالنسبة له وأخف وطأة على عائلتنا".
وأنهت هيمينغ رسالتها بإيجابية، قائلة: "لنحتفل بالآباء الأقوياء، الحاضرين هنا، والذين نحملهم معنا.. إلى الأمام".
View this post on InstagramA post shared by Emma Heming Willis (@emmahemingwillis)
وهيمينغ لديها ابنتان من ويليس، وهو أيضًا والد لثلاث بنات بالغات من زواجه السابق من ديمي مور.
وفي عام 2022، أُعلن أن ويليس سيعتزل مسيرته الفنية التي استمرت لعقود في هوليوود بسبب مشاكل إدراكية بعد تشخيص إصابته بالحبسة الكلامية، وهو اضطراب دماغي يؤثر على التواصل، وفي العام التالي، أعلنت عائلته أنّه يعاني من الخرف الجبهي الصدغي "FTD"، وهو حالة دماغية متفاقمة.
وشاركت رومر الابنة الكبرى لويليس، عدة صور لوالدها عبر حسابها الرسمي علي إنستغرام، بمناسبة عيد الأب، ووجهت له رسالة مؤثرة، قالت فيها: "اليوم صعب، أشعر برغبة شديدة في التحدث إليك، وإخباركِ بكل ما أفعله وما يحدث في حياتي. لأعانقكِ وأسألكِ عن الحياة وقصصكِ ونضالاتكِ ونجاحاتكِ".
وأضافت: "أتمنى لو سألتك المزيد من الأسئلة بينما لا يزال بإمكانكِ إخباري بكل شيء. لكنني أعلم أنكِ لا تريدينني أن أحزن اليوم، لذا سأحاول أن أكون ممتنة، وأذكر نفسي كم أنا محظوظة لأنك والدي، وأنك ما زلت معي، وما زلتُ أستطيع احتضانك ومعانقتك وتقبيل خدك وفرك رأسك، وأستطيع أن أروي لك القصص. أرسل حبي لكل من هم معي في هذه التجربة".