«المسرح الصحراوي».. سحر المكان وجماليات الفرجة
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
محمد عبدالسميع
استقبل مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي عامه الثامن عند انطلاقه الجمعة 13 ديسمبر الجاري، واستطاع منذ تأسيسه عام 2015، أن يجعل من العائلة الإماراتية والجاليات العربية والأجنبية وكذلك النخب الثقافية، على صلة بمفهوم وجماليات الفرجة المسرحية على الطبيعة الصحراوية المحفزة على التلقي والانسجام مع أحداث الأعمال المسرحية الإماراتية والعربية المشاركة.
يقول المخرج مجدي محفوظ: إنّ مهرجان المسرح الصحراوي بما فيه من تمثيل لبيئة الصحــراء وفلسفتها الغنية، يُعدُّ مهرجاناً لافتاً، إذ استطاع وعبر دوراته الماضية، أن يكون مُلهماً للحالات الإبداعية والتأملية، ليس فقط للمخرج، بل للجمهور الذي يأتي بكلّ أريحية لمشاهدة هذه العروض الحيّة على رمال الصحراء.
وتحدث محفوظ عن معنى أن يتمّ تجسيد فلسفة الصحراء ورمزيتها وفضاءاتها المفتوحة على عالم الجمال والإبداع والخلق والتواصل بين الحضور والعمل الفني الذي يُعرض، موضحاً أنّ الصحراء ثيمة وفكرة رائعة للعمل عليها في مجال المسرح، خصوصاً حين تكون هذه الأفكار ملامسة لإحساس المشاهد والممثل أيضاً والطاقم الفني العامل على إنجاح مثل هذه الأعمال، حيث تتركز وتتعزز الرؤية الإبداعية المستمدة من ثراء الثقافة الصحراوية.
ولفت المخرج محفوظ إلى هذا الشغف الذي يدفع بالجمهور إلى حضور المهرجان ومتابعة دوراته، باعتباره مهرجاناً يجمع ما بين الاستمتاع بالمكان وطبيعته الخلابة الليلية بكل ما في تجهيزات المسرح وأضوائه وحركة فنانيه ومجاميعه والفكرة التي تكتب لهذا العمل أو ذاك، بحيث يتم التنويع في كل مسرحية عربية تمثل في نهاية المطاف بلدها وما يشتمل عليه من تراث وعادات وتقاليد وأفكار مجتمعية تتعلق بقضايا إنسانية هادفة إلى التذكير بقيم البادية وأصالتها ورونق نقلها الحي إلى الجمهور عن طريق المسرح والفرجة، التي دائماً ما تشدّ انتباه الزوار ورواد المهرجان إلى ما فيها من متعة المتابعة وترقب نهاية الأحداث، خصوصاً حينما يكون كل ذلك في فضاء مفتوح وصحراوي يفتح نوافذ الوجدان على روعة الطبيعة والكثبان الرملية ومكونات المسرح. كما أكد محفوظ على معنى أن تكون الفنون المسرحية الصحراوية امتداداً لتراثنا الثقافي الغني بقيمه المجتمعية والدينية والثقافية على وجه العموم، وهي فائدة وصفها بالعميقة، فضلاً عن وضع الأجيال بهذه القيم المستمدة من تراث بدوي وصحراوي عميق.
استحضار التراث
من جهته، اهتمّ المخرج طلال محمود بكون مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي فناً وحواراً مبتكراً لخلق بيئة تفاعلية ومؤثرة تكون فيها الصحراء عاملاً رئيسياً في العرض، مؤكداً ذلك بقوله إنّ استحضار التراث بطريقة إبداعية هو فكرة رائعة بحد ذاتها، لاسيما حين تكون البيئة الصحراوية الإماراتية عاملاً مشجعاً على ذلك، لما تمتلكه هذه البيئة من مقومات وكونها عامل جذب للمشاهدين الذين هم على مسافة قريبة من روح العمل المسرحي في صحراء مفتوحة بآفاقها على المتابعة وقصص هذا التراث الغنية، والتي يتم الاشتغال عليها عن طريق المسرح «أبو الفنون»، وفي منطقة صحراوية تجعلنا نفكر بأساليب الحياة والأعراف البدوية الجميلة والقيم التي تتضمنها هذه الصحراء من عادات وتقاليد أصيلة وراسخة وإنسانيات متضمنة في كل ذلك.
وأكد طلال محمود أنّ الإبداع والتراث عنصران مهمان يتكاملان معاً فيما يعرف بمهرجان المسرح الصحراوي الذي عمل على محورين: الأول تقديم قصص التراث وبكل جمالية التراث المحكي والمروي ورسائله الإنسانية، وأيضاً ضمن فلسفة ربط الماضي بالحاضر، كمنطلق ثقافي مهم من حيث فكرته والعمل عليها، إضافةً إلى ما تعكسه كل هذه العملية الإبداعية من قيم جمالية وثقافية للصحراء، بما تشتمل عليه هذه اللفظة من إيحاءات وفضاءات شهيّة على التلقي ضمن كلّ ما تقدمه لنا من آفاق.
رسائل إنسانيّة
وقال الفنان عبيد الهرش: إنّ لمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي طابعاً مميزاً بفعالياته وعروضه وأجوائه الحيّة الطبيعية في الصحراء المناسبة لمشاهدة الجمهور، معتبراً ذلك ميزةً مسرحيةً وبصمةً فنية تعكس هوية الإمارات التي تعمل دائماً على تأكيد هذه الهوية بكل أنواع الفنون وفي طليعتها بالطبع المسرح «أبو الفنون»، وهذه المرة من خلال المسرح الصحراوي الذي يحمل ثقافتنا ويحمل كذلك الثقافات العربية من خلال أعمالهم المسرحية.
وأكد الهرش أنّ مبادرة مهرجان المسرح الصحراوي هي مبادرة ثرية للمسرح وجمهوره، جاءت بفضل توجيهات وجهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، واهتمامه بالمسرح الذي كتب له العديد من النصوص، وكل ذلك يسهم في تطوير الحركة الثقافية على وجه العموم، والحركة المسرحية بكل تجلياتها وأبعادها على وجه الخصوص.
ويرى الفنان عبدالله صالح الرميثي أنّ أهمية مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي تنبع من كونه مهرجاناً يجمع ما بين البعدين الثقافي والسياحي، وهما ركنان لا ينفصلان في هذا الموضوع، حيث تم دمج المكان في العملية المسرحية وأفكارها، لتكون الصحراء كمكان إماراتي مميز له حضوره الإماراتي والعربي، ذات انسجام مع ما يعرض من أفكار تجسّد على أديم الصحراء ورمالها، ولهذا فإنّ فلسفة عميقة في تقديم الرؤية والذهاب إلى تطبيقها، لتكون واقعاً مسرحياً له جمهوره وعمره المسرحي المتزايد منذ عام 2015 بالمزيد من الاستضافات والأعمال المسرحية المشاركة، والتي مثّلت بلادها وثقافتها الصحراوية وما تتضمنه الصحراء من قيم. وأعرب الرميثي عن أمله بأن يتم توسيع حجم المشاركة الإماراتية من خلال الفرق المسرحية في الدورات القادمة للمهرجان، استثماراً لحضور المسرح الجماهيري الواسع من مختلف الجنسيات داخل الدولة.
وكانطباعات من جمهور المهرجان، كفئة مستهدفة لنشر ثقافة المسرح الصحراوي تحديداً، أكَّد الشاب كريم الجندي حرصه على حضور المهرجان سنوياً ومتابعته، انطلاقاً من جمالية وروعة الأعمال المقدمة والأجواء التي وصفها بالفريدة، كتجربة تعيد روح الأصالة والتراث بقالب معاصر تتفاعل معه العائلات والمجتمع بكافه شرائحه.
وعبَّر الزائر أسامة هارون عن استمتاعه بمثل هذه العروض المسرحية، والتي جعلته مهتماً بكلّ الدورات السابقة، وطريقة العرض الواقعية والجميلة لأفكار الأعمال، مؤكداً أنّ كثيراً من أصدقائه ومعارفه أصبحوا رواداً للمسرح الصحراوي وينتظرونه بشغف وفرح كل عام.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي الشارقة المسرح الإمارات الفنون التشكيلية الموسيقى السينما الفلسفة مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوی مهرجان المسرح الصحراوی
إقرأ أيضاً:
علماء يتمكنون من جمع الماء من هواء الصحراء
ابتكر مهندسون من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا جهازا جديدا يجمع مياه الشرب من الهواء دون حاجة لأي مصدر طاقة، حتى في أشد البيئات جفافا، وفقا للدراسة التي نشرت يوم 11 يونيو في مجلة "نيتشر ووتر".
حاليا، يعاني 2.2 مليار شخص في العالم من عدم الوصول إلى مياه شرب آمنة، وبينما تزداد الضغوط على الموارد التقليدية مثل الأنهار والبحيرات والسدود، يعتقد الباحثون أن الجهاز المقترح قادر على استخراج المياه من بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي، بكفاءة عالية، وبدون الحاجة إلى أي مصدر للطاقة.
يشرح المؤلف الرئيسي للدراسة "شوانهي جاو" – أستاذ في الهندسة الميكانيكية والبيئية في المعهد، أن الجهاز يشبه لوح نافذة عمودي بحجم متوسط، مغطى بمادة هيدروجيل سوداء تمتص بخار الماء من الهواء، ومغلف بحجرة زجاجية مطلية بطبقة تبريد خاصة.
تبدو مادة الهيدروجيل كأنها غلاف فقاعات أسود، تتضخم بفعل امتصاص الرطوبة ثم تنكمش لاحقا في حركة شبيهة بفن الأوريجامي. يتم بعد ذلك تبخير المياه داخل الجهاز وتكثيفها على الزجاج، لتتدفق إلى أنبوب خارجي مياهاً صالحة للشرب.
,يوضح "جاو" في تصريحات لـ"الجزيرة.نت"، أن ما يميز هذا الجهاز هو استقلاله الكامل عن مصادر الطاقة؛ فهو لا يحتاج إلى بطاريات، أو ألواح شمسية، أو كهرباء من الشبكة.
ويضيف "كما أثبت الجهاز كفاءته في تجربة ميدانية في وادي الموت بولاية كاليفورنيا، وهو أكثر المناطق جفافا في أميركا الشمالية. حتى في ظروف الرطوبة المنخفضة، تمكن الجهاز من إنتاج ما يصل إلى 160 مليلترا من مياه الشرب يوميا، أي ما يعادل نحو ثلثي كوب ماء".
ويوضح "جاو": "لقد صممنا جهازا بحجم متر مربع نأمل أن يستخدم في المناطق التي تفتقر إلى الموارد، حتى تلك التي لا تتوفر فيها ألواح شمسية. إنه دليل على أن التقنية يمكن تطويرها لتلبي احتياجات منزلية حقيقية في المستقبل" ويضيف أن نشر مجموعة من هذه الألواح في شكل شبكة رأسية يمكن أن يوفر مياه شرب كافية لعائلة، حتى في المناطق الصحراوية القاحلة. كما أن كفاءة الجهاز ترتفع مع زيادة الرطوبة، مما يجعله أكثر فاعلية في المناطق المدارية والمعتدلة.
يعتمد الجهاز على هيدروجيل عالي الامتصاص، وهي مادة لينة ومسامية تتكون أساسا من الماء وشبكة من الألياف البوليمرية. وخلافا للأنظمة الأخرى التي تستخدم مواد هياكل عضوية معدنية تفتقر إلى المرونة، فإن الهيدروجيل في هذا الابتكار يتمدد عند امتصاص الماء، مما يضاعف قدرته على الاحتفاظ بالبخار.
إعلانلكن التحدي الأكبر الذي واجه الباحثين، كان في تقليل ملوحة الماء المستخرج، إذ إن بعض التصاميم السابقة التي استخدمت أملاح مثل كلوريد الليثيوم لتحسين الامتصاص، كانت تعاني من تسرب الأملاح إلى الماء الناتج، وفقا للمؤلف الرئيسي للدراسة.
لحل هذه المشكلة، أضاف الباحثون مادة الجليسرول إلى الهيدروجيل، وهي مركب يساعد على تثبيت الملح داخل المادة ومنع تسربه. كما صمم الهيدروجيل بطريقة تمنع تشكل المسام النانوية التي تسمح للأملاح بالخروج. ووفقا للفحوصات، كانت نسبة الملوحة في الماء الناتج أدنى بكثير من الحدود المسموح بها لمياه الشرب.
أما عن شكل الهيدروجيل، فتمت إعادة تشكيله ليأخذ هيئة فقاعات صغيرة مثل غلاف التغليف، مما يضاعف المساحة السطحية ويزيد من كمية الماء الممتصة. وتم تغليف الجهاز بحجرة زجاجية مزودة بطبقة تبريد، ومتصلة بأنبوب بسيط لجمع الماء المقطر.
اختبر الباحثون الجهاز في نوفمبر 2023 خلال أسبوع كامل في وادي الموت، حيث سجل معدلات إنتاج تراوحت بين 57 و161.5 مليلترا يوميا، عبر مستويات رطوبة مختلفة من 21 إلى 88 بالمئة. في جميع الحالات، تفوق الابتكار الجديد على معظم الأجهزة الأخرى سواء التي تعمل بشكل سلبي أو حتى النشطة باستخدام الطاقة.