شهد اليوم الثاني من فعاليات ندوة دار الإفتاء الدولية الأولى انعقاد الجلسة العلمية الثانية، تحت عنوان "حماية الأمن الفكري: التحديات وطرائق الفتوى في المواجهة"، وقد تناول الأستاذ الدكتور أنس أبو شادي، أستاذ الفقه المقارن ورئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الطب بنين جامعة الأزهر، دراسة تأثير الفتاوى الشاذة على الأمن الفكري للمجتمعات، مسلطًا الضوء على خطر هذه الفتاوى التي تخرج عن المسار الطبيعي للفقه الإسلامي.

 

 وقد أوضح في بحثه أن الفقه الإسلامي يتميز بالتعددية والمرونة، ولكنه يبين أيضًا أن بعض الفتاوى قد تخرج عن هذا الإطار لتصبح شاذة، مما يهدد الأمن الفكري للأفراد والمجتمعات، ويتضمن البحث دراسة تطبيقية تهدف إلى قياس مدى انتشار الفتاوى الشاذة في المجتمع، خاصة بين فئة الشباب الجامعي، مما يزيد من أهمية التصدي لهذه الظاهرة.
واستعرض البحث معايير الفتاوى الشاذة والباطلة والصحيحة ويحدد الفروق بينها، موضحًا أن الفتاوى الشاذة قد تنحرف عن مقاصد الشريعة الإسلامية، مثل التغيير في الدين أو الإضرار بالمجتمع. يوضح البحث أن هذه الفتاوى قد تهدد الأمن الفكري من خلال نشر أفكار متطرفة، تشكل تهديدًا للهوية الفكرية والعقائدية للمجتمعات.


كما ناقش كيفية تأثير هذه الفتاوى على الفكر العام، ويقدم أمثلة على بعض الفتاوى الشاذة التي قد تكون لها تداعيات خطيرة.


وأخيرًا، قدم الدكتور أنس أبو شادي مجموعة من التوصيات لمواجهة هذه الأفكار المتطرفة والفتاوى الشاذة، من أبرز هذه التوصيات: ضرورة تعزيز المناهج الدراسية لمكافحة هذه الأفكار، وإعداد برامج تعليمية مدروسة بعناية للتصدي لها، مع التأكيد على رصد هذه الأفكار بشكل دوري بين الطلاب، كما دعا إلى إنشاء مركز قومي لإعداد المناهج الدراسية الخاصة بمكافحة هذه الأفكار الضارة، مع وضع سياسات متابعة ورصد دقيقة لضمان تأثير فعال في تقليص هذه الأفكار في المجتمع.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء الفقه الإسلامي الفتاوى الشاذة الفتاوى الفتاوى الشاذة الأمن الفکری هذه الأفکار

إقرأ أيضاً:

أحاديث نبوية أهملها الفقه السياسي الإسلامي (1)

حديث علي بن أبي طالب وتهافت خرافة التعيين والقرشية*

أخرج النسائي في “السنن الكبرى” (8210) عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“لو كنت مستخلفًا أحدًا على أمتي من غير مشورة لاستخلفت عليهم عبدالله بن مسعود”.

وقد صحح الحاكم في المستدرك هذا الحديث وقال: “صحيح الإسناد وإن لم يخرّجاه”، أي البخاري ومسلم. أما عاصم بن ضمرة، فقد وثّقه جمع من كبار أهل الحديث، كشيخ البخاري علي بن المديني، والعجلي، ويحيى بن معين، والترمذي، وغيرهم، رغم تشيّعه، وهو أمر لا يقدح في هذه الرواية، لأن مضمونها يتناقض مع أصول العقيدة الشيعية، فلا يعيب هذا الحديث أن يكون رجاله ثقات لدي السنة والشيعة بل يزيده قوة.

ولم ينفرد عاصم بن ضمرة بالرواية، بل ورد الحديث من طريق أبي زهير الحارث بن عبدالله، صاحب علي رضي الله عنه، كما في الترمذي (3809)، وابن ماجه (137)، وأحمد (566). ما يمنح الحديث قوة إضافية في السند والمتن. والحارث من أصحاب علي المتهمين بالتشيع، ويرى علماء نقد الحديث أن رواية عاصم عن علي بن أبي طالب اقوى من رواية الحارث.

*مضمون الحديث ودلالاته السياسية:*

يتضمن الحديث جملتين:

جملة شرطية: “لو كنت مستخلفًا أحدًا من غير مشورة…”

وجملة الجواب: “…لاستخلفت عبدالله بن مسعود”.

فالجملة الأولى تُسقِط مزاعم الوصية والتعيين الإلهي التي تروج لها التيارات الكهنوتية، وتؤكد أن مسألة الاستخلاف ليست حقًا فرديًا للرسول نفسه دون مشورة، فكيف بمن دونه؟

أما الجملة الثانية، فتهدم دعوى اشتراط القرشية في الإمامة، لأن ابن مسعود ليس من بطون قريش الكبرى ذات النفوذ السياسي آنذاك، وهذا يسقط شرط النسب.

لماذا أُهمل هذا الحديث؟

من خلال قراءات شروحات الحديث يتضح أن سبب الإهمال والتهوين من قيمة الحديث تعود إلى الوهم بوجود تعارض بين ظاهر الحديث مع خبر “الأئمة من قريش”، وهو حديث إخباري لا يتضمن أمراً تكليفياً، وقد وظّفه جمهور الفقهاء لتقييد الإمامة الكبرى بشرط النسب القرشي، حتى صار هذا التقييد عرفاً فقهياً متوارثاً، رغم تعارضه مع روح الشورى والمساواة التي أكدها النبي في هذا الحديث وغيره.

وقد حاول بعضهم إخراج الحديث عن سياق الإمامة الكبرى، وصرفه إلى تعيين أمراء السرايا أو قادة الغزوات، لكن الرواية صريحة: “على أمتي”، والاستحلاف على الأمة لا يكون إلا في شأن الحكم العام، أما التعيينات العسكرية أو الإدارية فليست موضع حديث هنا، خاصة أنها لم تكن تَشترط الشورى عادة.

*توافق مع أحاديث أخرى:*

لا يعارض هذا الحديث ما رُوي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“لو كنت مستخلفًا أحدًا لاستخلفت أبا بكر أو عمر”.

فالأحاديث تتكامل في سياق إظهار فضل الصحابة لا التعيين الملزِم، والرسول في الحالتين يقرر أنه لا يستخلف أحدًا على الأمة من غير شورى، ليبقى أمر الخلافة حقًا للأمة كلها، تمارسه بالشورى، لا بالوصية أو الاستحواذ العائلي.

*كشف الخرافة السياسية:*

مع اهمال هذه الأحاديث بدلالتها الواضحة تم الترويج لبعض الأحاديث النبوية بطريقة تعسفية لا علاقة لها بالنص النبوي ، كحديث الغدير “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”، الذي ترويجه لتكريس خرافات التعيين الإلهي، وتحويل الولاء الديني إلى ولاية سياسية مغلقة على سلالة معينة، تمارس الحق الإلهي في الحكم وتُقصي الأمة وتُكفّر من يعارضها. تستبيح سفك الدماء والفساد في الأرض في سبيل هذا الحق الموهوم بينما حديث عبدالله بن مسعود يُفند هذا التصور من جذوره، ويؤكد أن حتى النبي لم يستخلف أحدًا من غير مشورة، فكيف بغيره؟

إن إعادة إحياء هذا الحديث اليوم، في زمن تتجدد فيه مشاريع الكهنوت السياسي واحتكار الحكم باسم الدين والنسب، هو واجب فقهي وفكري، واستدعاء صريح لروح الإسلام الأولى: شورى، وعدالة، ومساواة، لا استعباد باسم الغيب، ولا تكفير لمن يطلب حريته وحقه في أن يحكم نفسه بنفسه.

 

مقالات مشابهة

  • عملاقة الإنترنت الكورية تعلن إنشاء مركز بيانات ضخم مخصص للذكاء الاصطناعي بالمغرب
  • أخبار الوادي الجديد| إنشاء أول مركز لإنتاج الحرير الطبيعي.. وتجهيز استراحات المنتدبين لامتحانات الثانوية
  • التربية تتابع تجهيز الكتاب المدرسي وتعزيز كفاءة مركز المناهج
  • لتوفير فرص عمل للشباب.. إنشاء أول مركز لإنتاج الحرير الطبيعي في الوادي الجديد.. وعقد دورات تدريبية لشباب الخريجين وصغار المزارعين
  • محافظ الوادي الجديد: إنشاء أول مركز لإنتاج الحرير الطبيعي وزراعة 31 ألف شجرة توت
  • تجهيز 32 معملا.. إنشاء أول مركز لانتاج الحرير الطبيعي بالوادي الجديد
  • «صحة دبي»: إنشاء أول مركز لعلاج السرطان بالبروتون في الإمارات
  • السبكي يبحث مع روش إنشاء مركز لاستخدام قواعد البيانات الصحية والذكاء الاصطناعي
  • أحاديث نبوية أهملها الفقه السياسي الإسلامي (1)
  • إنشاء أول مركز لإنتاج الحرير الطبيعي بالوادى الجديد .. تفاصيل