المكتب الثقافي المصري ببرلين يحتفل باليوم العالمي للغة العربية
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
احتفل اليوم المكتب الثقافي المصري في برلين، تحت رعاية الدكتور محمد البدري سفير مصر في ألمانيا، والدكتور سامح سرور مدير المكتب الثفافي المصري في برلين، وبالتعاون مع مركز دراسة اللغة العربية في جامعة مونستر لتنظيم احتفالية باليوم العالمي للغة العربية في الجامعة .
وبمشاركة أ.د خالد عاشور الأستاذ بكلية دار العلوم من خلال زووم بمحاضرة عن اللغة العربية كلغة عالمية، حيث شارك الحضور ما بين حضوريا في مركز اللغة العربية بجامعة مونستر، وعبر الانترنت .
وتناول اللقاء أهمية اللغة كلغة عالمية ومدي انتشارها والتوسع في استخدامها في العديد من المنظمات الدولية، وكذلك تأثير اللغة العربية في اللغات الأخرى مثل الألمانية والأسبانية، والفرنسية والإنجليزية، والفارسية وغيرها وكذلك تأثير الأدب العربي في الأدب في هذه اللغات.
وتحدث الدكتور عاشور كذلك عن تطور اللغة العربية في الأساليب والألفاظ المستخدمة. وتعرض كذلك إلي التحديات التي تواجه اللغة العربية والتي يجب أن تتضافر الجهود لمواجهة هذه التحديات.
ووجه الحضور بعض الأسئلة حول تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكذلك لغة الشباب (أو لغة الشات) في التواصل باستخدام الحروف العربية خليطة مع الإنجليزية وتأثيره في اللغة العربية.
وتأتي الاحتفالية في إطار جهود المكتب الثقافي المصري في برلين لنشر مظاهر الثقافة المصرية في ألمانيا
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسباني الثقافة المصرية الدكتور محمد البدري الحروف العربية اليوم العالمي للغة العربي باليوم العالمي للغة العربية اللغة العربیة العربیة فی
إقرأ أيضاً:
اللغة العربية في تسمية المدن والأحياء.. مطرح أنموذجًا
أنور الخنجري
alkhanjarianwar@gmail.com
تُعد اللغة العربية من أغزر اللغات في العالم من حيث المُفردات والدلالات، وقد شكّلت عبر قرون طويلة مرآةً للثقافة والهوية العربية، ليس في الأدب والشعر فقط، بل في حياة النَّاس اليومية وتفاعلهم مع المكان.
ومن أبرز تجليات هذا التفاعل، ما نراه في تسمية المدن والأحياء والمواضع المختلفة؛ حيث تأخذ الأسماء طابعًا لغويًا غنيًا، يعكس البيئة، أو التاريخ، أو القبيلة، أو حتى الشعور الجمعي تجاه المكان. اللغة إذاً ليست وسيلة للتخاطب فحسب، بل هي خزان للذاكرة الجماعية، وجسر يصل الحاضر بالماضي. ومن أبلغ تجليات حضور اللغة في الحياة اليومية، ما نراه في تسمية المدن والأحياء؛ حيث يتداخل العامل الجغرافي مع التاريخي، والبيئي مع الاجتماعي، لتنتج تسميات محمّلة بالمعنى والحنين. وفي المدن الساحلية القديمة مثل مطرح، تظهر اللغة العربية، كغيرها من اللغات الحيَّة، تفاعلًا ملموسًا في مسميات الأماكن والأحياء وهي مرآة صادقة للهوية، لكن هذه المرآة بدأت تُكسر بصمت، حين تُمحى الأسماء بلا مُبرر، ويُستبدل بها ما لا يحمل من الروح شيئًا.
اسم مدينة "مَطْرَح" بحد ذاته له جذور عربية قديمة، ومعناه مرتبط بوظيفة المدينة التاريخية والجغرافية والتجارية، ومن حيث المعنى اللغوي فإنَّ كلمة "مَطْرَح" في اللغة العربية مشتقة من الفعل "طَرَحَ"، أي ألقى أو وضع، و"المَطْرَح" هو المكان الذي يُطرح فيه الشيء، أي يُلقى أو يُنزل فيه. وبناءً على موقع المدينة الساحلي، فإنه من المؤكد أن الاسم يُشير إلى أنها كانت مكانًا تُطرح فيه البضائع القادمة من البحر، أي ميناءً أو مرسى للتجارة، حيث يطرح فيها التجار بضائعهم أو حيث تطرح السفن مراسيها، وهذا يتماشى مع تاريخها العريق كميناء تجاري مهم في سلطنة عُمان، وخاصة لكونها كانت جزءًا من الحراك البحري والتجاري في الخليج والمحيط الهندي وأفريقيا. وبذلك، فإنَّ التسمية تنبع من عمق المعنى اللغوي والبيئي والتاريخي للمكان.
والتشبث بالأسماء العربية لا يعني إقصاء اللغات الأخرى؛ بل على العكس، ففي تعدد اللغات المستخدمة في تسمية الأحياء أو المواضع ما يعكس الترابط الثقافي والتاريخي لعُمان مع محيطها الأوسع في آسيا وإفريقيا. فكما نعتز بالأسماء العربية للمدن والأحياء العُمانية، فإننا لا نجد في تسميات سواحيلية أو بلوشية أو أعجمية أو غجراتية أو غيرها من اللغات واللهجات الحية في مدينة مطرح أو غيرها من المدن العُمانية ما يُنقص من الهوية؛ بل نراه ثراءً ثقافيًا وشاهدًا حيًا يؤرخ تواصل عُمان الحضاري مع محيطها الواسع.
اللغة السواحيلية، على سبيل المثال، ليست دخيلة؛ بل هي لغة تحدث بها العُمانيون في زنجبار وبمبا ومُمباسا، وساحل شرق أفريقيا برمته، وتوارثوها في بعض البيوت والمجالس حتى اليوم. وكذلك بالنسبة للبلوشية والزدجالية والغجراتية والأعجمية، وهكذا الحال أيضا مع الشحرية والمهرية في محافظة ظفار، أو الكمزارية في محافظة مسندم، كلها مكونات بشرية أصيلة في نسيج المجتمع العُماني.
إن تنوع اللغات في التسمية ليس ضعفًا، بل دليل قوة وانتشار، وهو يُعبّر عن الامتداد الطبيعي لعُمان عبر البحر، وعن التعايش والتعدد الذي لطالما ميّز شخصيتها الحضارية.
وإعادة الاعتبار لمسميات الأحياء القديمة في مطرح يشكل رد الجميل لمكان ما زال حيًا في وجدان الكثير من الناس وهو شكل من أشكال الوفاء لتاريخ لم يُكتب بعد، لكنه يعيش على ألسنة الناس وقلوبهم. ومن الأمثلة على ذلك، اسم الحي القديم "نازي موُجه"، وهي كلمة سواحيلية أطلقها العُمانيون القادمون من شرق إفريقيا على الحي الذي استقروا فيه عند عودتهم إلى مطرح. وكان الاسم يحمل في نبرته نكهة المغترب، ودلالة على تواصل الجغرافيا والثقافة، لكن الاسم تغيّر لاحقًا إلى "حي الصاغة"، وهو اسم لا يُعبّر عن الذاكرة أو الأصل؛ بل يرتبط بحرفة حديثة نسبيًا في هذا الحي.
كذلك هو الحال مع حي "كوهبون" وهي تسمية بلوشية تعني "تحت الجبل"، في إشارة مباشرة إلى موقع الحي الجغرافي الواقع أسفل السفوح الجبلية، وتُجسّد هذه التسمية العلاقة الحميمة بين السكان والبيئة الطبيعية المحيطة، كما تعكس البُعد اللغوي والثقافي الذي حمله البلوش معهم إلى المكان، فاختلط بالهوية المحلية وأصبح جزءًا من الذاكرة العمرانية للمنطقة. كما أن "سور اللواتيا" الذي يحمل رمزية اجتماعية ودلالة على التمايز السكاني، أو على شكل من أشكال التنظيم المجتمعي الذي حافظ على هوية الجماعة. وكذلك حي "جبروه" الذي ربما يكون الاسم منسوبًا إلى شخصية قوية، أو يحمل دلالة على القوة أو السلطة في تاريخ الحي. وحتى تسمية "حارة الشمال" الذي يشير إلى الحي الواقع في الجهة الشمالية لمدينة مطرح العتيقة، تحول مؤخرا الى حي الميناء، وقِس على ذلك أحياء وأسماء عديدة أخرى.
هذه الأسماء تحمل في الغالب دلالات اجتماعية أو جغرافية، أو تاريخية ترتبط بالبيئة العُمانية وهي أسماء ليست خادشة للحياء العام بأي شكل، بل تمثل جزءًا من الهوية اللِّسانية الشعبية للمكان، وتحمل دلالات ثقافية وجغرافية عميقة تعكس التركيبة السكانية والتاريخية للمدن العُمانية، خاصة في مدينتي مسقط ومطرح.
حين نتحدث عن استخدام الأسماء المحلية، فإننا لا نتحدث عن "لفظ" بحد ذاته؛ بل نتحدث عن المعنى، عن الجذور، عن الحكايات التي تختبئ خلف كل اسم. الاسم المحلي ليس مجرد دلالة، بل هو رابط بين الأجيال، وهوية لغوية تعاند الذوبان في ثقافة الاستيراد والتحديث الأجوف.
وأخيرًا.. اللغة- أيًا كانت عربية أو غيرها- ليست قادرة على توصيف الواقع فحسب؛ بل هي أيضًا حافظة للخصوصية، وهي ما يعطي لمطرح (ولغيرها من المدن) ملامحها التي لا تتكرر.