الأسرة /
احتفل العالم باليوم العالمي للطفل الـ 20 من نوفمبر الذي وافق الأربعاء الماضي وسط واقع أليم ومفجع يعيشه أطفال قطاع غزة وفي الضفة الغربية وكذلك في لبنان تحت نيران صواريخ وطائرات الكيان الإسرائيلي التي قتلت وأصابت ولا تزال إلى يومنا آلاف الأطفال وشردت عشرات الآلاف وجعلت الملايين منهم يعيشون تهديدات حقيقية بالموت جوعا.


أطفال غزة والضفة وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة، احتفلوا بالنسخة الثانية من هذه المناسبة العالمية وهم تحت حديد ونار الوحشية الصهيونية التي تواصل الفتك بالأطفال وبأمهاتهم وآبائهم بدون رحمة أو هوادة منذ 13 شهرا في أبشع الجرائم والمجازر التي ترتكب تحت أنظار العالم ومؤسساته الدولية والحقوقية دون أن يكون هناك موقف قوي ومؤثر يضع حدا للإجرام الصهيوني المتواصل، أما أطفال لبنان فأحيوا يوم الطفل العالمي للمرة الأولى بعد أن فقدوا المئات من أقرانهم خلال الشهرين الماضيين في الغارات الجوية الإسرائيلية على مختلف المدن والقرى والبلدات اللبنانية.

مناسبة عالمية وإجرام تاريخي
يحتفل شعوب العالم بيوم الطفل العالمي في الـ 20 من نوفمبر باعتباره اليوم الذي تم فيه إقرار الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عام 1989م وهي الاتفاقية التي صادقت عليها كافة بلدان العالم وتؤكد على حق الأطفال في الحياة والرعاية الصحية والتغذية والتعليم، لكن كل تلك المبادئ والقيم الإنسانية انتهكها الكيان الإسرائيلي على مرأى ومسمع من العالم كله، وذلك بارتكابه جرائم ومذابح مروعة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا.
ومنذ بداية عدوان الاحتلال على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023م، استشهد ما يزيد على 13.486 طفلا، بينهم 13.319 في القطاع، و167 في الضفة الغربية والقدس.. بحسب إحصائيات رسمية، أما في لبنان فتشير آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، إلى استشهاد أكثر من 200 طفل لبناني، وإصابة ألف ومائة آخرين، في غضون شهرين تقريبا، منذ تصاعد العدوان الصهيوني على لبنان في سبتمبر المنصرم وذلك بمعدل يزيد عن قتل ثلاثة أطفال يوميا، أما في فلسطين فتزيد النسبة عن ذلك بأضعاف.
وخلال العام الماضي، اعتقل الاحتلال الصهيوني ما لا يقل عن 770 طفلا من الضّفة، في حين لا تتوفر معطيات عن أعداد الأطفال المعتقلين من غزة، بحسب نادي الأسير.
وأضاف نادي الأسير أن هناك 100 طفل رهن الاعتقال الإداري، بينهم طفل يبلغ من العمر 14 عاماً في سابقة، استنادا للمعطيات المتوفرة لدى المؤسسات.. مشيرا إلى أن الاحتلال يحرم جميع عائلات الأطفال المعتقلين من زيارتهم منذ بدء الحرب، كما أن هناك آلاف المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت إلى أن الأطفال المعتقلين يواجهون إلى جانب جريمة التعذيب والتجويع والجرائم الطبية، كابوس انتشار مرض الجرب “السكايبوس” تحديدا في قسم الأطفال في سجن (مجدو).

نسف التعليم
تؤكد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على حق الطفل في التعليم وهذا المبدأ أحالته آلة القتل الصهيونية إلى سراب حيث قتلت آلاف الطلاب والطالبات في الأراضي المحتلة.
وتشير وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، إلى ارتقاء أكثر من 11 ألف طالب من الأطفال في قطاع غزة شهداء، و81 من الضفة الغربية، منذ بدء الحرب.
وبينت أن 171 مدرسة حكومية في غزة تعرضت لأضرار بالغة، ودمرت أكثر من 77 بشكل كامل، وتعرضت 126 مدرسة حكومية، إضافة إلى 65 من مدارس وكالة الأونروا للقصف والتخريب، وأشارت إلى أن 91 مدرسة في الضفة الغربية تعرضت للتخريب.
وأشارت وزارة التربية، إلى أن نحو 700 ألف طالب، ما زالوا محرومين من الذهاب إلى مدارسهم بسبب العدوان المستمر على القطاع.
وبحسب بيان لليونيسف، فإن الحرب في قطاع غزة تؤدي إلى تأثيرات كارثية على الأطفال والأسر، إذ يموت الأطفال بمعدل مقلق.

تهجير وتجويع
تفيد التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية العالمية والإقليمية بأن نحو 1.9 مليون شخص – حوالي 9 من كل 10 من سكان غزة – هُجّروا داخلياً، وأكثر من نصفهم أطفال، ولا يحصل هؤلاء على ما يكفي من الماء والغذاء والوقود والدواء، وأن هناك أكثر من 600 ألف طفل محاصرون في رفح وحدها، وليس لديهم مكان آمن يذهبون إليه. لقد دمرت منازلهم وتشتتت أسرهم.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أن الأضرار والدمار أدت إلى شل خدمات الرعاية الصحية في جميع أنحاء غزة، وسط نقص الإمدادات وانخفاض عدد الأسِرّة، إضافة إلى انتشار فيروس شلل الأطفال إلى قائمة التهديدات، وخاصة بالنسبة لآلاف الأطفال غير المحصنين، بعد أن ظل قطاع غزة خاليا من مرض شلل الأطفال منذ 25 عاما.
وأوضحت أن إمكانية الحصول على الأغذية شهدت تراجعاً شديداً، وإن الوفاة جوعاً خطر فعلي محدق للعديد من الأسر، وفي أواخر يونيو 2024م، وجد تقرير صادر عن “مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، أنَّ 96 % من السكان يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، بما في ذلك زهاء نصف مليون شخص يعانون من أوضاع كارثية، ويظل هناك خطر شديد بمواجهة مجاعة طالما استمر النزاع وظلت إمكانية الوصول الإنساني مقيدة.
وأشارت وزارة الصحة إلى أن 39 مواطنا استشهدوا جراء المجاعة، غالبيتهم من الأطفال.
وفي بيان صادر عن اليونيسف في 5 من نوفمبر الحالي، أورد أن مستشفى كمال عدوان في شمال غزة أصبح منطقة حرب محاصرة، وأن وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة تضررت، وهي آخر وحدة متبقية في الشمال، جراء هجمات عنيفة في الأيام الأخيرة.
وأضاف إن “أي طفل حديث الولادة يكافح للحفاظ على أنفاسه من داخل حاضنة المستشفى عاجز تمامًا عن حماية نفسه ويعتمد كليًا على الرعاية الطبية والمعدات المتخصصة للبقاء على قيد الحياة.
وأشار إلى أنه في قطاع غزة، يُقدر ما لا يقل عن 4000 رضيع انقطعوا عن رعاية الأطفال حديثي الولادة المنقذة للحياة في العام 2023م بسبب الهجمات المستمرة على المستشفيات التي تحاول بجد إبقاءهم على قيد الحياة، وبسبب انقطاع إمدادات الكهرباء ولأن القليل من الوقود الذي يتم تسليمه لمدّ المستشفيات بالطاقة غير كافٍ على الإطلاق، كان هذا مميتًا بشكل خاص في الأجزاء الشمالية من قطاع غزة.
وبين أن ثلاثاً من وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة – كلها في شمال غزة دمرت – وانخفض عدد الحاضنات المتاحة بنسبة 70% إلى حوالي 54 حاضنة في جميع أنحاء القطاع.
وأشار إلى أن ما لا يقل 6000 طفل حديث الولادة يحتاجون إلى رعاية مركزة في قطاع غزة كل عام، ولكن العدد الحقيقي قد يكون أعلى، وكان يقدر عدد وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة في قطاع غزة بـ8 وبإجمالي 178حاضنة.

جرائم تفوق الوصف
كشفت منظمة “اليونيسف” التابعة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء الماضي بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للطفل، أن نحو 17 ألف طفل فلسطيني في غزة انفصلوا عن عائلاتهم بسبب العدوان المتواصل على القطاع للشهر الـ 13 على التوالي، مشيرة إلى أن ما يحصل للأطفال في قطاع غزة بفعل المجازر الدموية الإسرائيلية يفوق الوصف.
وأفادت “اليونيسف” بأن هناك 2500 طفل في قطاع غزة بحاجة إلى السفر لتلقي العلاج في الخارج، مشددة على أن الأطفال يدفعون الثمن الأعلى في الحرب الدائرة بقطاع غزة.
وأشارت إلى أن 64 مدرسة ومركز إيواء تعرضت للقصف خلال شهر أكتوبر الماضي.
من جهته قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” فيليب لازاريني، الأربعاء الماضي في هذه المناسبة العالمية، إن “قطاع غزة أصبح مقبرة للأطفال”.
وأضاف لازاريني أن أطفال القطاع يتعرضون للقتل ويصابون بجروح ويجبرون على الفرار ويحرمون من الأمان والتعلم.
وأكد المفوض العام للأونروا أن أطفال غزة سلبت منهم طفولتهم وهم على وشك أن يصبحوا “جيلًا ضائعًا”، مضيفاً: إن «حقوق الأطفال الفلسطينيين تنتهك يومًا بعد يوم».
وكتب لازاريني في تدوينة له عبر صفحته الرسمية بمنصة «إكس»، إن «غزة أصبحت مقبرة للأطفال»، مضيفًا: «إنهم يتعرضون للقتل والإصابة، ويجبرون على الفرار، ويحرمون من الأمان والتعلم واللعب».
وأضاف: «أطفال غزة سُلبوا من طفولتهم، وهم على وشك أن يصبحوا جيلًا ضائعًا حيث يخسرون عامًا دراسيًا آخر».
ونوه بأن الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية يعيشون في خوف وقلق، لافتًا إلى استشهاد أكثر من 170 طفلًا في الضفة منذ أكتوبر لعام 2023م.
وأشار إلى أن «آخرين فقدوا طفولتهم في مراكز الاعتقال الإسرائيلية»، مختتمًا: «إن الأرض الفلسطينية المحتلة ليست مكانا للأطفال، إنهم يستحقون الأفضل، إنهم يستحقون السلام والعدالة».
هذه الأرقام والحقائق الصادمة حول ما يتعرض له أطفال فلسطين تحت العدوان الإسرائيلي المتواصل، تُقابل بمواقف وتنديدات خجولة من قبل المجتمع الدولي ومؤسساته الفاعلة، ما جعل العدو الصهيوني يواصل جرائمه وانتهاكاته الجسيمة دون أي خوف من إمكانية التعرض مستقبلا للمساءلة والعقاب.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ما الذي يفعله فينا عجزنا تجاه أطفال غزة؟

ترجمة: أحمد شافعي -

شاهدت على شاشة هاتفي في الشهور الماضية من الصور ما سيظل مستوليا عليّ لما بقي من حياتي. رأيت موتى وجرحى وجياعا من الأطفال والرضَّع، وأطفالا يبكون أمهاتهم في ألم وفي خوف، وآباءهم وأخواتهم وإخوانهم. صبيا صغيرا يرتعش هولا من صدمة غارة جوية. مشاهد عصية على الوصف للرعب والعنف أصابتني بالغثيان. ففي بعض الأحيان أعبر هذه الصور والفيديوهات، خوفا مما قد أراه بعدها. ولكنني في غالب الأحيان، أشعر أني مكرهة على أن أكون من الشاهدين.

وأعرف أنني لست وحدي في ذلك. كثيرون للغاية منا، نحن المنعَّمين بما لدينا من امتيازات وأمان، شاهدوا معاناة أطفال غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في صور تمتزج امتزاجا صادما بإعلانات ونكات وصور لأطفال آخرين يبتسمون آمنين. وما يجعل الرعب أشد وقعا هو أن هؤلاء الأطفال كان يمكن أن يكونوا أبناءك أنت، أو أبنائي أنا، أو أبناء شخص نعرفه، لولا صدفة الميلاد.

جهر آلاف البشر بمناصرة أولئك الأطفال وأسرهم، سواء بالكتابة للسياسيين، أو بالتبرع للجمعيات الخيرية ومنظمات الإغاثة، أو بالتظاهر في الشوارع. وبرغم ذلك تستمر هذه الحرب على الأطفال، وثمة إحساس طاغ بالعجز عن مساعدتهم. ولا يكاد عقل يتصور ما يمكن أن يسوء إليه الحال، لكن الحال يسوء مع أخبار ترددت هذا الأسبوع بأن أربعة عشر ألف رضيع يعانون من سوء تغذية حاد بحسب تقارير للأمم المتحدة. والسبب في ذلك هو التجويع العمدي، أي استعمال المجاعة سلاحا حربيا و«أداة إبادة» بحسب منظمة هيومان رايتس ووتش.

ينجم عن هذا العجز الطاغي أمام رعب يتجاوز الخيال إحساسٌ جماعيٌّ بالأذى المعنوي، وهو شكل من أشكال الضيق النفسي العميق الذي قد يستشعره الناس حينما يكونون مرغمين على التصرف ـ أو عدم التصرف بالأحرى ـ بما يتعارض تعارضا مباشرا مع قيمهم أو منظوماتهم الأخلاقية. وقد صادفت هذا المصطلح للمرة الأولى عند الحديث مع عاملين في المجال الطبي أصيبوا باضطراب ما بعد الصدمة خلال الجائحة. إذ كان أطباء وممرضون وعمال رعاية صحية يعانون ألما مبرحا لعدم قدرتهم دائما على توفير العلاج للمرضى الذين كانوا في أمسّ الاحتياج إليه، وذلك بسبب نقص المعدات والموارد والقيادة وبسبب عدد المرضى الهائل من المصابين بأمراض خطيرة.

لا مكان على وجه الأرض يبلغ فيه هذا الشعور من القوة مبلغه في غزة نفسها. فبالنسبة للعاملين في المجالين الطبي والإغاثي هناك، قد يكون الحزن والإحساس بالذنب والخيانة وعدم القدرة على مساعدة الجميع واقعا يوميا. وحينما تكون وظيفتك هي أن توفر المساعدة أو التغذية أو العلاج، فقد يتسبب العجز عن القيام بذلك في صدمة عميقة.

ولا بد أن الآباء في غزة يعيشون عذابا عظيم الوطأة إذ يرون أبناءهم يبكون جوعا وهم عاجزون عن إطعامهم. وكثيرا ما أفكر في الرضع الذين كانوا في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة التي تعرضت للقصف، أعني تلك الصورة لحديثي الولادة في مستشفى الشفا وقد وضع السبعة منهم في سرير واحد للحفاظ على حرارتهم وحياتهم. أفكر في أمهاتهم، وكثير منهن اضطررن إلى الولادة دونما مسكنات الألم والمعدات الطبية الملائمة.

أين هم الآن؟ كم من منهم نجا؟ وما أثر ذلك على المسعفين الذين بذلوا الجهد المضني لإنقاذهم؟

لكنني بدأت أيضا أفكر في أثر الأذى المعنوي بالوكالة وعلى نطاق واسع. ولست في معرض مساواته بما يمر به الناس الموجودون على الأرض. لكن ذلك الإحساس بالعجز وما يترتب عليه من إحساس بالتواطؤ: ترى ماذا يفعل هذا الإحساس في الناس من شتى أرجاء العالم ممن يشعرون أن ما يحدث خطأ؟ ما أثر شهود كل هذه المعاناة العميقة، حتى ولو عبر شاشة، والإحساس بالعجز عن العمل أو العجز عن إرغام الآخرين على العمل؟

أفهم الآن لماذا توقفت والدتي عن مشاهدة الأخبار بعد ميلادي. ذلك لأنها لم تقو على احتمالها. أنا أيضا شعرت بإغراء الانكفاء على الذات منذ أن أنجبت ابني، والانغماس في الدفء والأمن اللذين ننعم بهما في حياتنا. لكن الإنترنت يزيد من صعوبة الانفصال، والأخبار تجري في مجرى مواز لحياتنا، والحدود بينهما تنطمس. ففي ليال كثيرة وضعت ابني فيها في مهده، وهو ممتلئ البطن، نظيف الثياب ناعمها، وبكيت في صمت أولئك الأطفال الذين لا ينعمون بالدفء في أسرّة.

وفي الساعات المبكرة حينما يستيقظ طلبا للحليب، يكون أقصى ما يجب عليَّ أن أفعله هو الذهاب إلى الثلاجة والإتيان بالحليب، ونجلس لا منصتين إلى صوت القنابل وإنما منصتان إلى زقزقة عصافير كأنها كانت تملأ السماء.

يبدو لي هذا التناقض بين أمنه وخوفهم تناقضا فاحشا. فهل يكون هذا نوعا من الأذى المعنوي؟ ثمة شيء في مصاحبتك يوميا لكائن صغير ـ

بما له من براءة وبما فيه من ضعف وسخف وطبيعة محبوبة ـ يجعل ألم أي طفل آخر إهانة عميقة. لكنني أعرف أنكم لا ينبغي أن تكونوا آباء لتشعروا بالفزع مما ابتلي به أطفال غزة شعورا تجدونه في أحشائكم. ذلك أنني أومن ـ أو كنت أومن ـ بأنه مغروس في أنفسنا، نحن البشر، أن نشعر بمسؤولية جماعية تجاه الأطفال، وأن هذه المسؤولية الجماعية يمكن أن تمتد لتتجاوز الحدود.

قد يؤدي الإحساس بالعجز في مواجهة هذا الظلم السافر إلى فقدان الثقة أو الإيمان، لا بالحكومات والمؤسسات وإنما بنظام العالم الأخلاقي، وقدرته على حماية الأطفال. وأفكر في أثر هذا، هل ستكون نتيجته ـ مثلما يرجو السياسيون بلا شك ـ هي بلادة في هيئة لا مبالاة؟ فقد تؤدي الأحداث الصادمة إلى فقدان التعاطف حتى ليجب أن يخرج ملايين الناس مرة أخرى رافعين أصواتهم، لكنها أيضا قد توجهنا إلى غضب مفهوم.

لا شك أنني أشعر بفقدان الإيمان. وكنت أشعر بشيء صادق عن الإنسانية، هو أن الناس بطبيعتهم أخيار، وأننا ندين للأطفال بحمايتهم، وقد تغير ذلك بسبب هذا الصراع. فبت أتنقل وداخلي إحساس ثقيل لا يبدو أنني قادرة أن أتخلص منه.

فبرغم أنني على بعد آلاف الأميال من غزة، غيرتني الشهور الثماني عشرة الماضية. تعلمت أن للتعاطف مع الأطفال حدودا سياسية في نظر بعض الناس. فماذا تفعل امرأة مثلي بهذه المعرفة الرهيبة وقد استقرت بداخلها كأنها حجر من رصاص؟ يبدو أنني لا أملك لهذا السؤال جوابا.

ريانون لوسي كوسليت من كتاب أعمدة الرأي في ذي جارديان

مقالات مشابهة

  • يونيسف: 50 ألف طفل بغزة استشهدوا وأصيبوا منذ بدء الحرب
  • اليونيسف: استشهاد وإصابة 50 ألف طفل في قطاع غزة منذ بدء العدوان
  • فلسطين تطالب بتحرك دولي: الاحتلال يتعمد تأجيج الأوضاع في الضفة
  • جدول تطعيمات الأطفال منذ الولادة وحتى سنة وستة أشهر
  • صحة فلسطين: استشهاد 30 مدنيًا بينهم أطفال ونساء في قصف مدرسة بقطاع غزة
  • مصر: كارثة غزة بلغت مستويات غير مسبوقة وحان وقت قيام دولة فلسطين
  • جدول تطعيمات الأطفال منذ الولادة وحتى 18 شهرًا.. تعرف على التفاصيل الكاملة
  • يحدث في غزة فقط!
  • ما الذي يفعله فينا عجزنا تجاه أطفال غزة؟
  • “التغذية الوريدية عند الأطفال وحديثي الولادة”… محاضرة في جامعة حمص