في غزة .. أنين الجوعى أقوى من صوت المدافع
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
مراسل «عُمان» - بهاء طباسي:
وسط ازدحام خانق أمام إحدى «التكايا» في حي فقير بقطاع غزة، كانت الطفلة رُبى، ذات الثلاثة عشر عامًا، تقف ممسكةً بإناء فارغ. عينان واسعتان امتلأتا بالدموع، تبحثان عن أمل يسد رمقها وأسرتها. بجسدها النحيل تزاحم الكبار، تتوسل لقمة من العدس أو الأرز لتضعها في إنائها الفارغ. مشهد بات متكررًا في قطاع غزة حيث أصبح «الجوع أقوى من صوت المدافع».
رُبى ليست وحيدة في معاناتها، آلاف الأطفال في القطاع المحاصر يصطفون، بمعدة خاوية يوميًا أمام مراكز توزيع المساعدات الإنسانية التي باتت تستهدف بشكل متكرر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وحلقت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بكثافة فوق مدينتي خان يونس ورفح، في مشهد ينذر بالخطر. ولم يطل الأمر كثيرًا قبل أن تتحول منطقتا الأكواخ غرب رفح ودوار النص غرب مواصي خان يونس إلى ساحة موت بعد استهداف مباشر لعناصر تأمين المساعدات.
12 شهيدًا ارتقى في هجوم الفجر الغادر على شاحنات المساعدات، بالإضافة إلى عشرات الجرحى.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة: «هؤلاء كانوا يحرسون شاحنات مساعدات إنسانية تحمل الدقيق لصالح مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)».مضيفا لعمان" «الاحتلال يستهدف بشكل ممنهج الخدمات الإنسانية لإضعاف صمود الشعب الفلسطيني».
ودائمًا ما تقع قوافل المساعدات القادمة لغزة فريسة للسرقة من قبل لصوص ومجموعات مسلحة بعد وقت قصير من دخولها القطاع، ما دفع أجهزة الأمن في غزة لتشكيل عناصر ميدانية محلية لتأمين وصولها وتوزيعها.
عبد الله، أحد المتطوعين في تأمين المساعدات، شهد على الأحداث قائلاً: «كانت الشاحنات متجهة إلى مخازن أونروا عندما باغتتنا طائرات الاحتلال. الهجوم كان مباشرًا ومتعمدًا، وكان الهدف واضحًا؛ تجويعنا وكسر صمودنا».
مشاهد الأطفال وهم يركضون محاولين حماية ذويهم من شظايا القصف تعكس قسوة الحياة اليومية في غزة.
ويطالب الغزيون بملاحقة سارقي المساعدات بيد من حديد، حيث يقول على الفرا، أحد المواطنين من خان يونس، تعليقًا على استهداف مجموعات تأمين المساعدات: «روح هؤلاء الشباب الذين استشهدوا في رقبة كل من فكر في السرقة أو حاول الاستفادة من هذه المأساة».
وفي مشهد مليء بالدموع والألم، ودعت الصحفية الفلسطينية دعاء خالد والدها الذي ارتقى شهيدًا أثناء تأمين المساعدات في رفح. «والله قلت لك بالليل ما تروح»، تقول وهي تبكي وتنوح محتضنة جثمانه: «كنت تحاول أن تطعمنا، والآن من سيهتم بنا بعد رحيلك؟».
هذا المشهد يعكس واقع العديد من العائلات التي تفقد أحباءها يوميًا جراء القصف الإسرائيلي. قصة دعاء هي جزء من مأساة أوسع يعيشها كل بيت في غزة.
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أكدت أن القطاع يعاني من أزمة غذائية حادة، حيث يحتاج أكثر من 80% من سكان غزة إلى مساعدات غذائية عاجلة. وأكدت الأونروا أن الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية الإغاثية يعوق جهودها في توفير الحد الأدنى من احتياجات السكان.
صحفية تودع والدها «شهيد المساعدات»
التجويع سلاح حرب
بات واضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الجوع كسلاح حرب. استهداف المساعدات ومنع دخولها يعمقان من معاناة السكان، الذين باتوا يواجهون أزمة إنسانية غير مسبوقة. الأطفال يموتون من سوء التغذية، والأسر تعاني من نقص حاد في المواد الأساسية.
منظمات حقوقية دولية وصفت ما يحدث في غزة بأنه عقاب جماعي للشعب الفلسطيني، وطالبت بفتح تحقيقات دولية في استهداف قوافل المساعدات. هذه المنظمات تؤكد أن تجويع السكان يمثل جريمة حرب وفق القانون الدولي.
أبو أحمد، رب أسرة مكونة من سبعة أفراد، تحدث بحرقة عن معاناته قائلا خلال حديثه لـ«عُمان»: «أنا أعجز عن توفير الطعام لأطفالي. كنا نعتمد على المساعدات، لكنها الآن تُستهدف أو تُسرق. لا أعرف كيف يمكننا الصمود أكثر من ذلك».
في مخيم جباليا، أكدت أم حمدان الدقر، التي فقدت طفلها بسبب سوء التغذية، أن الوضع أصبح لا يُطاق: «ابني مات بين يدي. لم أستطع توفير الغذاء اللازم له. نشعر أن العالم يتخلى عنا».
تأثيرات الاستهداف على الأطفال
الأطفال هم الأكثر تضررًا من هذا الحصار. وفقًا لتقارير صادرة عن منظمات حقوق الطفل، فإن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في قطاع غزة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة. رُبى، التي بدأت القصة بمعاناتها، ليست سوى مثال على واقع مأساوي يعيشه أطفال غزة يوميًا.
وبحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، يواجه جميع الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة (حوالي 335,000 طفل) خطر سوء التغذية الحاد بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وتشير الإحصائيات إلى أن 10,000 طفل على الأقل من هؤلاء يعانون سوء التغذية الحاد، وهي حالة تهدد الحياة بشكل مباشر وتستدعي تدخلًا غذائيًا علاجيًا عاجلًا. كما يعيش ما نسبته 80% من الأطفال في غزة فقرًا غذائيًا حادًا، مما يزيد من هشاشتهم الصحية والاجتماعية.
وخلال الأشهر الماضية، تدهور الوضع التغذوي للأطفال في قطاع غزة بوتيرة متسارعة، حيث ارتفع معدل سوء التغذية الحاد (الهزال) بين الأطفال دون سن الثانية في شمال غزة إلى 15.6%، مقارنة بـ 0.8% قبل اندلاع الأعمال العدائية في السابع من أكتوبر الماضي. هذا التدهور، الذي نقلته (يونيسيف) يعكس نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والخدمات الصحية في كل أنحاء غزة.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، تبقى التساؤلات حول دور المجتمع الدولي في حماية سكان غزة من هذه الكارثة. بالرغم من إدانات متكررة، لم يتحقق أي تقدم حقيقي على الأرض. ويطالب الفلسطينيون بتدخل دولي عاجل لفتح المعابر وضمان وصول المساعدات.
بدورها، دعت منظمة العفو الدولية إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي، مؤكدة أن الحصار والاستهداف المباشر للمساعدات يهدفان إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تأمین المساعدات سوء التغذیة فی قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
محمد رمضان لـ«أجمد 7»: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»
استضافت جيهان عبد الله، The Global Icon النجم محمد رمضان، اليوم الخميس، في حلقة خاصة من برنامج «أجمد 7» عبر «نجوم إف.إم"، وتحدث عن كيفية تعزيز ثقته بنفسه، موضحًا: «الأمر ليس تمرينًا، بل إيمان وتصديق كامل بما أفعله، مع النظر للجوانب الإيجابية وعدم السماح للإحباط بالتسلل لنفسي».
واستعرض رؤيته في تقييم النجاح والمخاطرة، موضحًا: «الأمر يشبه العملة الصعبة، فعلى سبيل المثال إذا قدمت مسلسل (جعفر العمدة 2) فهذا مضمون نجاحه بنسبة 200%، لكن تقديم شخصية جديدة قد تحقق نجاحًا بنسبة 80% أنا بالنسبة لي تلك النسبة كالفرق بين الـ80 دولارًا والـ80 جنيهًا فالعائد هنا أصعب، ولا أقصد الفرق في العملة المتداولة، لأن الجنيه المصري فوق أي عملة في العالم».
وأوضح: «العائد في الحالة الثانية (الدولار) أصعب، لأنك استطعت جذب مستمعين ومشاهدات من بلاد مختلفة، وهذا أفيد لنا جميعًا»، مؤكدًا على إنه لا يوجد حلم يمثل عقبة، ولا يوجد مستحيل، مستشهدًا بقول الله تعالى (وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا.. فَأَتْبَعَ سَبَبًا)، موضحًا: «هذا يعني أن علينا السير واتخاذ الأسباب، وبالتالي يتلاشى المستحيل، فالبعض يختار الاكتفاء بما قدمه، لكنني أرى أن الإنسان هو أقوى مخلوق على الأرض».
وأوضح: «لا أشعر بغربة خلال وجودي في أمريكا أو فرنسا أو لندن لأنها أرض الله، لكن طبعًا انتمائي الأول والأهم لمسقط رأسي مصر فروحي في تلك البقعة، لكن الأرض كلها ليست ملك أحد، وطالبنا بالسعي، والمتعة في رحلتنا إننا كل سنة نلمس أرض جديدة فتحدث متعة بالحياة».
تابع قائلا: «هناك بعض رجال الأعمال من بينهم ناصف ساويرس المصري الذي يمتلك نادي أستون فيلا في إنجلترا، وهو مصري وأول جنيه عمله من مصر، لكن شال سقف الطموح، فمن يضع حد لطموحه يضع حد لإمكانياته».
واختتم حديثه قائلا: «كلمة ثقة في الله هي السر وراء النجاح، فربنا ميزنا وسخر لنا الأرض، فأعرف أنك أقوى شيء على هذا الكوكب كإنسان، وإذا صدقت في نفسك، الكون سيكون خادمك المطيع».