عربي21:
2025-06-30@14:18:56 GMT

نطاح الجماء مع القرناء

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

تترأس الجزائر مجلس الأمن لشهر جانفي 2025، والعالم يعيش حالة ترقب لما بعد تغير الإدارة في البيت الأبيض وما سيؤول إليه الوضع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، لاسيما العدوان الإجرامي الدامي، والإبادة والتطهير العرقي والتشريد ومحاولة طرد السكان وإعادة احتلال غزة وضم الضفة، وما إلى ذلك من مشاريع، بعضها بدأ عمليا والبعض جزئيا.



عالم بقي واقفا يتفرج، ولم تتمكن أيُّ مؤسسة دولية، لا مجس الأمن ولا الجمعية العامة للأمم المتحدة ولا محكمة العدل ولا محكمة الجنايات، من توقيف التوحُّش الإجرامي الذي لم يسبق له مثيل.

وعلى مرأى العالم كله: مؤسسات دولية مشلولة، القواعد التي وضعتها الولايات المتحدة والغرب عموما، هي التي عوَّضت القانون الدولي وألغت أجزاء كثيرة منه: قيم تغنَّى بها العالم والأدب والفلسفة والسياسة والدبلوماسية وتاريخ المجد الحضاري الغربي للديمقراطيات الغربية، من أخلاق وحقوق وما إلى ذلك من قاموس “قرن الأنوار”، تُهتك وتظهر فجأة على حقيقتها المرعبة.

مع ذلك، لا تزال هذه القوى، تحاول ترميم هذه القيم، وهي رميم، وتعيد تأهيلها وتبريرها وجوديا، بل تعمل على إيجاد مسوّغات لا تقنع حتى أصحابها، فضلا عن الآخرين.
علان عن قرب نهاية هذا الشكل التنظيمي لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية
هذا الجنون المشفوع بالقواعد وقلب المفاهيم والكيل بأكثر من مكيالين، في كل ما حدث ويحدث، ليس في غزة اليوم فقط، بل في العراق سابقا، وفي ليبيا وفي سورية، قبل اليوم وقبل أيام فقط، وفي لبنان، ومع إيران، واليمن، دون العودة إلى تاريخ المستعمرات في العالم وإفريقيا على وجه الخصوص، هو إعلان عن قرب نهاية هذا الشكل التنظيمي لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

عالم بقايا الاستعمار وانتشار بؤر سرطان اللوبيات المفترسة للرأسمالية المتوحِّشة. هذه المكابرة هي من إنتاج “الغطرسة” والصَّلف الرأسمالي الاستعماري المتأصل في الجينات البيضاء التي ترى نفسها جديرة بالتفرُّد بالسلطة والسَّطو والتحكّم والحكم، وتحاول إقناع نفسها أنها أكثر أهلية لتصبح “سيد الخواتم” على العالم، وتحديد طبيعة مصالح الجميع، بناء على قاعدة “مصالحي أولى”.

ضمن هذا المنطق، سيكون على العالم الأكبر أن يغيّر القواعد ويعيد للقانون الدولي قوّته وللأمم المتحدة وحدتها، ولمجلس الأمن توازنه وللتنوع والتعدد وعدم التفرد مكانتهم فيه: العالم بات على طريق التغير وسيتغير، والجزائر، كغيرها من دول عدة، تطالب ومنذ 1974، تاريخ مطالبة الرئيس الراحل هواري بومدين على منبر الأمم المتحدة، بـ”نظام اقتصادي دولي جديد”.

هذا العالم، الذي لم يتغير إلا نحو الانحدار منذ ذلك الوقت، عوض أن يسير باتجاه الكمال والاتحاد والديمقراطية.

هذا شيء طبيعي في عالم بات منذ 1990، كوحيد القرن: قوة عظمى وحيدة تهيمن على البشرية جمعاء. لم يعد لها من يناطحها إلا جماء وكثير من الأذان الصماء والأعين العمياء.

أوهنت الحرب الباردة قرون “الدب” السوفيتي “كما أوهن قرنه الوعل”، ولم يعد يوجد منافس آخر من أقرن ليقارن به نفسه، بما في ذلك أوروبا، التي خرجت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مسلوخة الجسد وبائنة العظم، لولا مصل “مشروع مارشال” الذي تستثمر فيه إلى اليوم الولايات المتحدة، بأن جعلت أوروبا سوقها المنعش للاقتصاد وللدولار الأمريكي.

الجزائر، وهي تترأس مجلس الامن لشهر، لن يكون بإمكانها بطبيعة الحال أن تغيّر مجرى النهر، لكنها بالتأكيد، وخلال زمن بقائها عضوا منتخبا غير دائم، ستعمل مع كبريات الدول الرافضة لأحادية “القرن” أن تعيد التوازن والعدل لعالم كان إلى 30 سنة خلت “ذي قرنين”، قد يصير بعد سنوات قليلة.. متعدد القرون.

الشروق الجزائرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مجلس الأمن غزة الأمم المتحدة الأمم المتحدة غزة الاحتلال مجلس الأمن المجازر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

النقلة "Move 37": اللحظة التي تجاوزت فيها الذكاء الاصطناعي الحدود البشرية

في مارس 2016، شهد العالم لحظة تاريخية غيّرت نظرة البشرية تجاه الذكاء الاصطناعي، عندما واجه برنامج "AlphaGo" المطوّر من شركة DeepMind لاعب الشطرنج الآسيوي القديم "لي سيدول" بطل العالم في لعبة "غو" (Go). في المباراة الثانية من أصل خمس، قام البرنامج بالحركة رقم 37 – والتي عُرفت لاحقًا باسم Move 37 –  كانت غير متوقعة ذاتية من AlphGo فاجأت حتى المبرمجين له و حسبوه خطأ في البرمجة  وكذلك لأمهر اللاعبين في العالم

"النقلة 37 " لم تكن مجرد حركة في لعبة قديمة، بل كانت لحظة تحول في فهمنا للذكاء والإبداع. AlphaGo لم يكتفِ باستنساخ حركة بشرية برمج عليها بل تعلم من نفسه (reinforcement learning)، وابتدع استراتيجيات جديدة  وهنا في عالم يتجه بشكل متسارع نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في صنع القرارات المعقدة، تبقى Move 37 تذكيراً قوياً بقيمة الانفتاح على الاحتمالات غير المتوقعة.

علق المعلق المحترف مايكل ريدموند بإعجاب، قائلًا: «That’s a very surprising move»

المستشار فرحان حسن الشمري

X: https://twitter.com/farhan_939

‏e-mail: fhshasn@gmail.com

الذكاء الاصطناعيالنقلة "Move 37"قد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة
  • صدام الأقطاب الصاعدة.. كيف قادت واشنطن العالم إلى حرب باردة جديدة؟ كتاب جديد
  • منطقتان فقط في العالم قادرتان على النجاة من كارثة نووية
  • محللون وخبراء: المهلة الزمنية التي حددها ترامب لوقف إطلاق النار بغزة غير واقعية
  • كم المبالغ المالية التي حصل عليها العرب بعد المشاركة في كأس العالم للأندية؟
  • مادورو ليهود العالم: أوقفوا جنون الحرب التي يقودها نتنياهو
  • الكشف عن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل في الحرب مع إيران
  • ثمن نهائي مونديال الأندية.. «فايق» يعلن المواجهات التي ستنقل عبر قناة MBC
  • عشرات الشهداء بسبب القصف الإسرائيلي بغزة .. وجوتيريش: عمليات الإغاثة التي تدعمها أمريكا غير آمنة
  • النقلة "Move 37": اللحظة التي تجاوزت فيها الذكاء الاصطناعي الحدود البشرية