سواليف:
2025-07-12@13:24:35 GMT

القاسم .. لا وألف لا لنظام المحاصصة في سوريا الجديدة

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

#سواليف

لا وألف لا لنظام #المحاصصة في #سوريا_الجديدة

د. #فيصل_القاسم

لا نكشف شيئاً جديداً أبداً عندما نقول إن نظام المحاصصة الطائفية يعتبر أسوأ نظام سياسي عرفه التاريخ الحديث في المنطقة لأن النماذج التي أفرزها باتت رمزاً للدول الفاشلة في العالم، وكلنا رأى أين وصل العراق ولبنان والسودان وحتى سوريا بعد اعتماد نظام المحاصصة بحجة إرضاء كل مكونات المجتمع، فقد تحول النظام اللبناني إلى نكتة سمجة، فلا يستطيع أن ينتخب رئيساً جديداً مثلاً إلا بعد سنوات على انتهاء فترة الرئيس الحالي، وكلنا رأى مسلسل انتخاب الرئيس في لبنان منذ عقود، بحيث تحول إلى مهزلة المهازل وبات مثاراً للسخرية والتهكم والكوميديا، لإن إرضاء زعماء الطوائف في لبنان أشبه بالمستحيل، ولا يمكن أن يتوافقوا على شيء إلا بشق الأنفس، لأن العملية السياسية في لبنان باتت أشبه ببازار سخيف يخضع لكل أنواع المساومات والصفقات والسخافات والحروب الباردة.


وليت الأمر اقتصر على انتخاب الرئيس، فنظام المحاصصة الطائفي نفسه يحول البلد ليس إلى شركة مساهمة، بل إلى شركة مساومة، وهل بربكم شاهدتم شركة ناجحة يستخدم المساهمون فيها لعبة المساومة ويضعون العصي في عجلاتها ويعرقلون انتاجيتها؟
بالطبع لا، لكن هذا ما يحدث بالضبط في لبنان، فهذا النظام لا ينتج سوى الفساد والإفساد والترهل والمناكفات والانقسامات والتعصب والتمييز بين المكونات الاجتماعية بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي والسياسي. وما زال المجتمع اللبناني يعاني حتى الآن من هذا النظام خاصة بعد الاعتراف به وشرعنته بالدستور والقوانين ومن ثم تقاسم المناصب الكبيرة ومراكز النفوذ ومقاعد البرلمان على أساسه. والملاحظ هنا كما يرى الدكتور رحيل الغرايبة، أن كل فئة تريد زيادة قوتها والحفاظ على مكاسبها وزيادة نفوذها مما أدى إلى تشكيل الميليشيات والأحزاب الطائفية والسلاح الطائفي، وجعل اللجوء الى العنف والدماء والفوضى والحروب الأهلية خياراً حتمياً لهذا المنهج الذي يعترف بالمرض ويتكيف معه ولا يعالجه.
أما النموذج العراقي فلا يقل سوءاً وقد صار مضرباً للمثل في الفشل والفساد والتفرقة والسمسرة والتعصب والانقسام وعدم الكفاءة في الإدارة، إذ يعوق توزيع المناصب على أساس المحاصصة الطائفية عملية اختيار الكفاءات المناسبة لشغل المناصب الحكومية بسبب تفضيل الولاء الطائفي على الكفاءة المهنية، مما يؤدي إلى تعيين أشخاص غير مؤهلين في مناصب حيوية، وبالتالي تتأثر كفاءة وفعالية الإدارة الحكومية. وحدث ولا حرج عن تعطيل العملية الديمقراطية كما يوضح نموذج انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي مما أدى عدم توافق ممثلي المكون السني على مرشح واحد لرئاسة مجلس النواب ذات مرة إلى تأخير انتخاب رئيس المجلس وتعطيل العملية الديمقراطية.
ويؤكد الكاتب العراقي محمد عبد الجبار الشبوط بأن مثل هذه العقبات تعوق عملية صنع القرار وتؤخر تنفيذ السياسات الضرورية للتنمية والاستقرار. أضف إلى ذلك أن نظام المحاصصة يزيد من فرص الفساد والمحسوبية، حيث يتم توزيع المناصب والموارد بناءً على الولاءات الطائفية والشخصية بدلاً من الاحتياجات العامة أو الكفاءة. وهذا يعزز من شبكات الفساد ويعوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي بدوره إلى إضعاف المؤسسات العامة، فالمحاصصة تسهم في إضعاف المؤسسات، حيث يتعزز دور الزعماء الطائفيين والعرقيين على حساب الدولة التي تتحول إلى مجموعة من المناطق الطائفية التي يديرها زعماء طائفيون، مما يضعف من قدرتها على تقديم الخدمات العامة بشكل فعال ويفسد العملية السياسية بأكملها ويعقدها ويزيد في صعوبة تحقيق التوافق بين الأطراف المختلفة. وكثيراً ما تؤدي التنازعات والمنافسات الطائفية إلى جمود سياسي وتأخير في تنفيذ القوانين والإصلاحات الضرورية. وهذا بدوره يولد تراجع الثقة بين المواطنين والدولة إذا يشعر المواطنون بالتمييز وعدم العدالة نتيجة لنظام المحاصصة، مما يقود إلى تراجع الثقة في الدولة ومؤسساتها، كما يشعر الأفراد بالانتماء لطوائفهم بشكل أكبر من انتمائهم للدولة، مما يعوق بناء دولة قوية ومتماسكة.

مقالات ذات صلة حماس تنشر فيديو للمجندة ليري ألباح الأسيرة في غزة .. لسنا في سلم أولويات حكومتنا / شاهد 2025/01/04

كثيراً ما تؤدي التنازعات والمنافسات الطائفية إلى جمود سياسي وتأخير في تنفيذ القوانين والإصلاحات الضرورية

ورغم أن نظام المحاصصة الطائفية في العراق جاء بهدف تحقيق التوازن وتمثيل جميع المكونات، إلا أنه زاد الفساد والمحسوبية وأضعف المؤسسات العامة، وأدى إلى تزايد الانقسامات الداخلية بين الشيعة والسنة والعرب والأكراد وأنتج فرزاً مذهبياً شديد الحساسية في الانتخابات التشريعية وكذلك فرزاً عرقياً شوفينياً شديداً مازال يهدد بتقسيم العراق وإضعاف الدولة ومستقبلها السياسي، ويضعف أثرها في الإقليم، فضلاً عن تعثر عملية الإصلاح الاقتصادي والاقتتال الداخلي الذي يتغذى على التعصب والثارات الدموية التي لا تنتهي.
والمثال العربي الثالث لنظام المحاصصة الكارثي هو السودان، فقد أدى ذلك النظام إلى تقسيم الدولة الواحدة إلى دولتين وشعبين، وهذا التقسيم كان يحمل في طياته دائماً بذور المواجهة والحروب التي أنهكتهم جميعاً وأدت في النهاية إلى خراب السودان الحاصل حالياً.
ولا يمكن طبعاً تجاهل نظام المحاصصة المقنع الذي استخدمه حافظ الأسد ومن بعده ابنه في سوريا بالرغم من أنه كانا أكثر تحكماً به، مع ذلك فقد كان نموذجاً للفشل والنصب والاحتيال والتلاعب بالنسيج الطائفي، إذا كان حافظ وبشار يعمدان إلى تعويم الحثالات من كل الطوائف بدل اختيار الأفضل لإدارة الوزارات والمؤسسات على أساس الكفاءة. ولو نظرتم مثلاً إلى الذين كان يختارهم النظام الساقط من الدروز مثلاً لوجدنا أنه كان يختار الأفسد بحيث يخدم العصابة الحاكمة أكثر مما يحكم حتى طائفته، وآخر تلك النماذج منصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية الذي لم تستفد منه طائفته بشيء، لأنه كان شريكاً لبشار في تجارة المخدرات وغسيل وتهريب الأموال.
وفي مقابل تلك النماذج العربية الفاشلة، «فإن مجتمع الولايات المتحدة أكثر تنوعاً وتعددية من حيث الأديان والمذاهب، ومن حيث الأصول والأعراق. وقد أدرك النظام الأمريكي مبكراً خطورة الانزلاق نحو منهج المحاصصة، وتوجه نحو خلق المجتمع الأمريكي الواحد والأمة الأمريكية الواحدة، وتمت معالجة مظاهر التعصب بشكل متدرج، واستطاع أن يصنع قوة مجتمعية موحدة وصلت الى مرتبة القوة الأولى على مستوى العالم سياسياً واقتصادياً، وعسكرياً، وعلمياً».
وأخيراً أهلنا في سوريا، لا بد أن تعلموا أن أكبر المستفيدين من نظام المحاصصة هم زعماء العصابات المذهبية والطائفية والعرقية والمناطقية، وكلهم كانوا أكبر الأعوان للنظام الساقط على مدى أكثر من نصف قرن، وبالتالي فإن العودة إلى ذلك النظام هو بمثابة إحيائه من جديد، ولو تمكن هؤلاء من تعزيز أوضاعهم هذه المرة لكانت النتيجة الحتمية تقسيم سوريا في وقت يتجه فيه العالم أجمع إلى التكتلات الكبرى والعملاقة. هل تريدون بعد كل ذلك إذاً تكرار النماذج اللبنانية والعراقية والسودانية والأسدية، أم النموذج الحضاري القائم على مبدأ المواطنة الحقيقية؟

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف المحاصصة سوريا الجديدة فيصل القاسم نظام المحاصصة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

سوريا ستطلق مجموعات عمل دولية لإنهاء الإرث الكيماوي الذي خلفه نظام الأسد

لاهاي-سانا

شاركت الجمهورية العربية السورية في الدورة رقم 109 للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حيث قدّمت مداخلة رسمية حول التقدم المحرز على الأرض في معالجة برنامج الأسلحة الكيميائية الذي خلفه نظام الأسد، والذي وألحق أضراراً جسيمة بالشعب السوري، كما أشارت الحكومة السورية إلى قرب إطلاقها مجموعات عمل دولية بقيادتها من أجل إنهاء هذا الإرث.

وأشارت إدارة المنظمة إلى تعاون سوريا الفعّال مع الأمانة الفنية للمنظمة، بما في ذلك تسهيل عمليات الانتشار الميداني، وتقديم الدعم اللوجستي، والمساهمة في وضع خطط تنفيذية مشتركة.

وقد أعرب أعضاء المجلس التنفيذي والمدير العام للمنظمة والدول المراقبة في مختلف مداخلاتهم – وذلك بالإجماع – عن دعمهم الكامل وتقديرهم للجهود السورية رغم الصعوبات، في خطوة تمثل قطيعة واضحة مع سنوات طويلة من العرقلة التي مارسها النظام السابق.

ورحّبت الوفود بالتزام سوريا المتجدد، وخاصة بعد لقاء السيد الرئيس أحمد الشرع بمدير المنظمة في دمشق، وإلقاء وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني خطابًا تاريخياً في الجلسة الماضية للمجلس التنفيذي، وأبدت هذه الدول تشجيعها لاستمرار التعاون البناء.

ومثل سوريا في هذه الدورة إبراهيم العلبي، مستشار وزير الخارجية والمغتربين والمفوض بملف الأسلحة الكيميائية، حيث ألقى الكلمة الرسمية باسم الجمهورية العربية السورية، شاكراً أيضاً دولة قطر الشقيقة على رعايتها مصالح سوريا أمام المنظمة مؤقتاً، وأجرى اجتماعات ثنائية مثمرة مع وفود الدول الأعضاء من مختلف المجموعات الإقليمية.

وتؤكد مشاركة سوريا الفعّالة في هذا المحفل، إلى جانب التزامها بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في هذه المحافل عملياً على الأرض، أن سوريا الجديدة عازمة على أن تكون عضواً مسؤولاً وقائدة في المجتمع الدولي.

مجموعات عمل دولية 2025-07-11mohamadسابق اشتداد الحرائق في منطقة كسب بريف اللاذقية نتيجة زيادة سرعة الرياح، في ظل استمرار جهود عناصر الدفاع المدني السوري لإخمادها لليوم التاسع على التواليالتالي الاتحاد الأوروبي يقدم خرائط أقمار صناعية محدثة لتوجيه عمل فرق الاستجابة بريف اللاذقيةآخر الأخبار 2025-07-11الاتحاد الأوروبي يقدم خرائط أقمار صناعية محدثة لتوجيه عمل فرق الاستجابة بريف اللاذقية 2025-07-11سوريا ستطلق مجموعات عمل دولية لإنهاء الإرث الكيماوي الذي خلفه نظام الأسد 2025-07-11انطلاق بطولة الجمهورية لألعاب القوى للناشئين والناشئات 2025-07-11محافظة دمشق: العدالة أولاً في معالجة مطالب مناطق المرسوم 66 2025-07-11فرق الإطفاء تسابق الزمن لإيقاف زحف الحرائق في ريف اللاذقية رغم عوائق الألغام والرياح 2025-07-11إجراءات لرفع كفاءة مشروع إرواء درعا وزيادة الوارد المائي 2025-07-11التحول الرقمي ضرورة للقطاع المصرفي السوري لينسجم مع المعايير العالمية 2025-07-11غرفة تجارة حلب تبحث تعزيز التعاون الاقتصادي مع جمعية موصياد بإسطنبول 2025-07-11وزارة التنمية الإدارية تنفّذ تدريباً في حمص حول المفاهيم والممارسات الإدارية الحديثة للعاملين في القطاع العام 2025-07-11إصابة 14 شخصاً وتضرر عدد من المنازل بانفجار مخلفات حرب في النيرب بحلب

صور من سورية منوعات لأول مرة منذ آلاف السنين: وجه كاهنة مصرية يرى النور من جديد 2025-07-10 محرك طائرة “يبتلع” رجلاً في أحد مطارات إيطاليا 2025-07-09
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • اعتقال قيادي متورط بتشكيل خلايا إرهابية في سوريا بدعم من رامي مخلوف
  • سوريا ستطلق مجموعات عمل دولية لإنهاء الإرث الكيماوي الذي خلفه نظام الأسد
  • نظام تعليمي بديل يثير الجدل.. ماذا وراء إقرار البكالوريا المصرية؟
  • حسام المندوه: نجاح البكالوريا المصرية مرهون بجودة المعلم واستعداد الوزارة
  • ثلاث سيناريوهات متوقعة لعلاقة سوريا وأميركا المستقبلية
  • تعديل قانون للسماح للأجانب في التملك بالسعودية.. يشمل مكة والمدينة
  • شاهد.. كيا سيلتوس موديل 2026 الجديدة
  • تدشين نظام إلكتروني لتنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة
  • تعليم البرلمان: البكالوريا يمنح الطالب أكثر من فرصة ويخفف عبء الثانوية العامة
  • مجلس الوزراء السعودي يوافق على نظام تملك الأجانب للعقار