ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الكلمة الرئيسية في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الأعمال المصري القبرصي اليوناني، والذي تم عقده بمقر الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، تزامنًا مع انعقاد القمة العاشرة لآلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، والتي تعكس الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المستمر وسط التحديات الإقليمية والدولية.

شارك في الجلسة الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، وجورج باباناستاسيو، وزير الطاقة والتجارة والصناعة بقبرص، ويانيس بانايوتو، وزير العمل والتأمينات الاجتماعية بقبرص،  كوستاس فرانجوجيانيس، نائب وزير الخارجية باليونان، وأحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، إلى جانب مسئولي الغرف التجارية باليونان وقبرص، وسفيري البلدين لدى مصر.

وخلال فعاليات المنتدى، شهدت الدكتورة رانيا المشاط، توقيع بروتوكول تعاون بين كل من اتحادات الغرف المصرية واليونانية والقبرصية، لإنشاء مجلس أعمال مشترك بين الدول الثلاث بهدف تعزيز التعاون الثلاثي وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، حيث وقع البروتوكول عن الجانب المصري  أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، وكل من رئيس اتحاد الغرف القبرصية، ونائب رئيس غرف اليونان.

وخلال كلمتها؛ أثنت الدكتورة رانيا المشاط، على التعاون المُثمر والمستمر بين جمهورية مصر العربية واليونان وقبرص في مجموعة واسعة من القطاعات والاستراتيجيات، موضحة أن تلك القمة الثلاثية تعد نموذجًا للتعاون الإقليمي المثمر والبناء، وآلية أساسية لتعزيز الشراكات بين الدول الثلاث، بما يخدم شعوب تلك الدول، ويعزز الاستقرار والتنمية في منطقة شرق البحر المتوسط.

تابعت الدكتورة رانيا المشاط، أن انعقاد القمة يأتي في ظل تزايد التحديات الإقليمية والدولية، مما يعكس فهم الدول الثلاث لأهمية توحيد الجهود وتنسيق السياسات لمواجهة هذه التحديات، لافتة إلى أنه على مدار السنوات الماضية، أثبتت الشراكة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان أنها حجر أساس لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.

وقالت «المشاط»، إن هذا التعاون الثلاثي يشمل مجموعة واسعة من المجالات، تشمل الطاقة واستغلال الموارد الطبيعية والتعاون الاقتصادي والتجاري، فضلًا عن التعاون فيما يتعلق بالقضايا الثقافية والبيئية، مشيدة بالتقدم في قطاع الطاقة، حيث أصبحت الدول الثلاث نموذجًا لاستغلال الموارد المشتركة بطريقة تضمن المنفعة المتبادلة، مع الالتزام بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

وأكدت أن الإعلان المُشترك الصادر عن القمة الثلاثية، ينطوي على آفاق واعدة لتعزيز الشراكة الوثيقة بين البلدان الثلاثة في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وأمن الطاقة والمياه، موضحة أن مصر نفذت إجراءات طموحة في سبيل تنويع مصادر المياه والحفاظ على الموارد المائية، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة.

وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أهمية الاستمرار في تنفيذ المشروعات المشتركة، خاصة في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، حيث أن تلك المشروعات لا تعود بالنفع على الدول الثلاث فحسب، بل تسهم أيضًا في تعزيز أمن الطاقة لأوروبا والشرق الأوسط.

كما أشارت إلى الأهمية التي توليها الدولة المصرية لدور القطاع الخاص كأحد الركائز الأساسية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، لافتة إل جهود الدولة نحو تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات الاستراتيجية والتنموية الكبرى، وهو ما يأتي ضمن جهود خلق بيئة استثمارية جاذبة تسهم في تحقيق التنمية الشاملة وتوسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، بما يتماشى مع أجندة التنمية المستدامة الوطنية، وخطة الدولة الاستثمارية، ورؤية مصر 2030.

وأضافت الدكتورة رانيا المشاط، أنه تم اتخاذ خطوات جادة لتسهيل مشاركة القطاع الخاص في دعم خطة الاستثمار المصرية في مختلف القطاعات، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والنقل، والصناعات التحويلية، حيث تعزز تلك الجهود تنافسية الاقتصاد المصري وتوفر فرص عمل للشباب، مؤكدة ثقتها بأن هذا النهج يعزز شراكاتنا الدولية ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، مثل قبرص واليونان، كما يعمل على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتمكين الشركات المحلية والأجنبية من التوسع وزيادة تنافسيتها في الأسواق المحلية والدولية.

وأوضحت «المشاط»، أن الاقتصاد المصري شهد إصلاحات متعددة في السنوات الأخيرة، مما جعله وجهة جذابة للاستثمارات الجديدة في مجموعة واسعة من القطاعات التي تخدم أهداف التنمية الوطنية والرؤية الاستراتيجية لعام 2030، تشمل البنية التحتية، والصناعات الغذائية والزراعية، والاقتصاد الأخضر، والطاقة الجديدة والمتجددة، والصحة، وتنمية رأس المال البشري، مؤكدة أن الحكومة المصرية تضع أولوية كبيرة لخلق بيئة مشجعة للاستثمار من خلال تنفيذ سلسلة من الإصلاحات والسياسات التي توفر أرضية خصبة للاستثمار الأجنبي المباشر وتعزز الاستقرار الاقتصادي الكلي.

وأضافت الوزيرة، أن مصر شهدت تطورًا ملحوظًا في مختلف القطاعات خلال السنوات الأخيرة، مما أسس لقاعدة قوية للاستثمار المستقبلي، مؤكدة ترحيب مصر بفرص جديدة للتجارة والاستثمار، والسعي لاستكشاف آفاق جديدة في قطاعات متنوعة، لا سيما الاقتصاد الأخضر، بما يشمل مشروعات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر، مؤكدة أنه مع التحول العالمي نحو التنمية المستدامة، تجعل الموارد الطبيعية الوفيرة في مصر منها موقعًا مثاليًا للاستثمارات الخضراء، تلبي احتياجات الطاقة المحلية وتخدم الأسواق التصديرية، هذا فضلا عن قطاعات الرعاية الصحية، والتعليم، والصناعات الغذائية والزراعية التي تظل ذات أهمية خاصة، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من خطة التنمية الوطنية والرؤية الاستراتيجية لعام 2030.

وتطرقت إلى التمويل الميسر من شركاء التنمية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في مصر والذي بلغ 4.2 مليار دولار وهو الأعلى منذ عام 2020، ما يعكس الفرص رغم التحديات في المنطقة، مؤكدة أن ضمانات الاستثمار اليي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى جانب المؤسسات متعددة الأطراف، قادرة على زيادة حجم التمويل للشركات التي تستثمر في مصر في مجالات ذات أولوية بالنسبة للدولة المصرية، وكذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

هل تقوّض الاتفاقيات الاقتصادية أمن الدول؟ قراءة في موازين السيادة

لطالما شكّل التوازن بين المصالح الاقتصادية والمقتضيات الأمنية أحد أعقد التحديات التي تواجه الدول في صناعة القرار الاستراتيجي. ففي عصر تتشابك فيه خطوط الطاقة مع شبكات النفوذ، وتندمج فيه المصالح التجارية مع ترتيبات التحالفات، لم يعد بالإمكان الحديث عن سياسة خارجية أو أمن قومي بمعزل عن الاقتصاد.

غير أن التاريخ يُظهر بوضوح أن المضي في علاقات اقتصادية مع أطراف تُهدد استقرار المنطقة أو تُقوّض القيم الأساسية في السياسة الدولية وتنتهك المواثيق والقانون الدولي قد يقود، وإن على المدى البعيد، إلى إضعاف السيادة الوطنية للدول، وفتح ثغرات استراتيجية يصعب احتواؤها.

الموارد الحيوية وأدوات الضغط الجيوسياسي

خلال العقود الماضية، تحوّلت الطاقة من مورد اقتصادي إلى أداة فعالة في إدارة الصراع الجيوسياسي. على سبيل المثال، الاتحاد السوفييتي سابقا، ثم روسيا لاحقا، استخدمت الغاز الطبيعي كورقة ضغط سياسي على جيرانها الأوروبيين. وقد بلغ هذا التوظيف ذروته في الأزمة الأوكرانية، حين استخدم الكرملين شبكة خطوط الإمداد لفرض شروطه على كييف، بل وعلى عواصم أوروبية بأسرها.

من ناحية أخرى، تدرك القوى الكبرى أن الاعتماد الاقتصادي يُترجم إلى نفوذ سياسي. فالتغلغل في البنى التحتية الحيوية -سواء عبر مشاريع الغاز أو شبكات الاتصالات أو الاستثمار في الموانئ- يمنح الأطراف الخارجية قدرة على التأثير في القرارات السيادية. في هذا السياق، يصبح سؤال: من يملك البنية التحتية؟ مرادفا لسؤال: من يتحكّم في القرار؟

تحالفات اقتصادية وتحولات في موازين السيادة

في عالم اليوم، لا تُشنّ الحروب بالضرورة عبر استخدام الأسلحة التقليدية من دبابات وطائرات وغيرها، بل من خلال الاتفاقيات والصفقات التي تُوقّع على طاولة المفاوضات. إذ يمكن لشراكة اقتصادية غير محسوبة أن تتحوّل إلى اختراق استراتيجي، حين تتسلل المصالح إلى عمق القرار السيادي للدولة.

تُعد تجربة ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي مثالا صارخا. حينما أبرمت بريطانيا وفرنسا وبعض القوى الأوروبية اتفاقيات تجارية مع برلين، لم تُقلل هذه الصفقات من التهديدات، بل أسهمت في تقوية آلة الحرب النازية.

بل إن الاتحاد السوفييتي نفسه، بعد اتفاقية "مولوتوف-ريبنتروب" (وهي اتفاقية عدم اعتداء بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية وُقّعت في آب/ أغسطس عام 1939 على يد وزير الخارجية السوفييتي فياتشيسلاف مولوتوف، ووزير الخارجية الألماني يواكيم فون ريبنتروب) زوّد ألمانيا بالنفط والحبوب، قبل أن تُستخدم تلك الموارد ذاتها في غزو موسكو بعد أقل من عام.

وفي حالات معاصرة، مثل العلاقات التجارية بين بعض الدول الأوروبية وإيران، أو مع روسيا بعد غزو جورجيا ثم القرم، نلاحظ أن المصالح الاقتصادية كثيرا ما غلّبت على التحفظات السياسية، لتدفع الدول لاحقا ثمن التبعية في لحظة أزمة.

الهشاشة الاقتصادية في المنطقة العربية وتأثيرها على القرار الوطني

تعيش معظم دول المنطقة العربية في ظل هشاشة اقتصادية واضحة، ما يجعلها أكثر عرضة للضغوط الخارجية. فحين تكون الموازنة الوطنية معتمدة على مصادر خارجية -سواء عبر المنح أو الشراكات في مجال الطاقة أو الاستثمارات الأجنبية- تصبح الحسابات الأمنية أكثر تعقيدا.

وقد شهدنا مؤخرا في المنطقة توقيع اتفاقيات في مجال إمدادات الطاقة مع طرف يُنظر إليه من قِبَل قطاعات واسعة من الشعوب بوصفه عدوا استراتيجيا، وهو ما يفتح الباب لتساؤلات جوهرية حول حدود المصالح، ومدى اتساق هذه الشراكات مع الخطاب السياسي المُعلَن، ومع اعتبارات الأمن القومي. ففي مثل هذه الحالات، لا تتعلّق المسألة بالعائدات الاقتصادية فقط، بل بمدى قدرة الدولة على الحفاظ على توازن بين حسابات الربح ومواقفها التاريخية وموقعها الإقليمي.

إن التحالف الاقتصادي مع طرف يُنظر إليه كتهديد مباشر للدولة يُحدث حالة من الاستقطاب الداخلي، ويخلق فجوة بين السياسات الرسمية والمزاج الشعبي العام، ويزعزع ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها.

لم يعد الغاز وحده أداة للضغط الجيوسياسي، بل انضمت إليه التكنولوجيا أيضا. فالاعتماد على شبكات اتصالات خارجية، أو على أنظمة مراقبة وتحكّم تابعة لدول خصومة أو عداء استراتيجي، يُضعف استقلال القرار الأمني، ويزيد من قابلية التعرض للاختراقات الإلكترونية والهجمات السيبرانية.

مؤخرا، شهدت عدة دول غربية سجالات حادة حول دور شركات التكنولوجيا الأجنبية، ومدى إمكانية استغلالها كأدوات للتجسس أو النفوذ السياسي. ومن الضروري أن يُفتح هذا النقاش نفسه في منطقتنا، خصوصا مع توجه بعض الدول نحو إبرام شراكات رقمية مع أطراف يُنظر إليها كتهديد مباشر للاستقرار الإقليمي.

في الأنظمة التي تعاني من فجوة شرعية مع شعوبها، تتحول الصفقات الاقتصادية مع الخارج إلى أداة للبحث عن شرعية بديلة. فبدلا من تعزيز القبول الشعبي الداخلي، يراهن بعض صناع القرار على تحالفات اقتصادية مع قوى كبرى، على أمل أن توفر لهم الحماية الدولية والدعم السياسي. غير أن التجارب التاريخية تثبت هشاشة هذا الرهان، إذ كثيرا ما تتخلى القوى الكبرى عن حلفائها المحليين حين تصبح كلفة دعمهم أعلى من مكاسبهم، أو عندما يتغير ميزان المصالح الدولية.

تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والأمن القومي

ليست المشكلة في التعاون الاقتصادي مع خصم أو عدو استراتيجي بحد ذاته، وإنما تكمن في غياب التقييم الاستراتيجي الشامل لعواقب هذه الشراكات. إذ حين يُنظر إلى الصفقة بعين العائد المالي فقط، دون دراسة مآلاتها السياسية وانعكاساتها الأمنية، قد تؤدي النتيجة إلى تآكل تدريجي للسيادة الوطنية.

لذا، من الضروري أن تتبنى الدول استراتيجية تنويع الشراكات للحد من التبعية لأي طرف خارجي. كما ينبغي أن تكون هناك رقابة تشريعية مستقلة تضمن مراجعة العقود والاتفاقيات ذات البعد السيادي.

وأصبح من الضروري إعادة تعريف مفهوم الأمن القومي ليشمل الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية، لا الاقتصار على البعد العسكري فقط.

ومن الأهمية بمكان بناء قاعدة إنتاج وطني قوية تقلل الحاجة إلى تحالفات غير متكافئة. بالإضافة إلى ذلك، يجب انتهاج سياسات شفافة تعزز الثقة الشعبية وتحد من الارتهان للشرعية الخارجية.

في الواقع، ليست المصالح نقيضا للمبادئ، بل يجب أن تُدار ضمن رؤية استراتيجية طويلة الأمد. أما إذا تحوّلت المصلحة قصيرة الأمد إلى مبرر لتجاوز القيم أو لتمكين خصم استراتيجي من مفاصل القرار الوطني، فإن الخطر يصبح لا اقتصاديا فحسب، بل سياديا بالدرجة الأولى.

لقد أثبتت الوقائع مرارا أن من يبني أمنه القومي على صفقات مع خصومه وأعدائه، يشبه من يبني جدارا على رمال متحركة؛ فقد يوفر بعض الظلال المؤقتة، لكنه سينهار أمام أول هبّة ريح.

الربح يمكن تعويضه، أما السيادة إذا تآكلت، فاستعادتها قد تكون أشد كلفة وأصعب طريقا، تلك هي معادلة الأمن القومي الحقيقي.

مقالات مشابهة

  • وزيرة التنمية المحلية تعلن انطلاق الأسبوع التدريبي الثاني بمركز سقارة الأحد القادم
  • وزيرة التنمية المحلية: 30 يومًا للانتهاء من الموافقات البيئية
  • وفد التخطيط ة والمعهد القومي للحوكمة يتابع المراحل النهائية لإنشاء مركز خدمات مصر بالجيزة
  • رانيا المشاط: نقدّم التوجيه الاستراتيجي في مجالات المتابعة والتقييم وقياس الأثر بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة الوطنية
  • وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة تنقلات محدودة
  • هل تقوّض الاتفاقيات الاقتصادية أمن الدول؟ قراءة في موازين السيادة
  • وزير الكهرباء يبحث مع كوبولوزيس اليونانية مستجدات مشروع الربط الكهربائي بين البلدين
  • مستجدات تنفيذ وتطور الأعمال بمشروع الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا
  • الأبعاد الاقتصادية لصفقة استيراد مصر للغاز من إسرائيل
  • مصر والأردن تتفقان على تبادل الخبرات في التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة