فرنسا تلوّح بإلغاء تسهيلات للنخبة الجزائرية
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
دعا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان إلى إلغاء الاتفاق المبرم مع الجزائر عام 2013 والذي يسمح للنخبة الجزائرية بالسفر إلى فرنسا من دون تأشيرة، وذلك وسط توتر متصاعد بين البلدين.
وقال دارمانان لقناة "إل سي إي" الأحد، إن هناك "اتفاقا يعود لعام 2013، وهو اتفاق حكومي يسمح لمن يحملون جوازات سفر رسمية، وجوازات سفر دبلوماسية جزائرية -وهناك الآلاف منهم- بالمجيء إلى فرنسا من دون تأشيرة ليتمكنوا من التنقل بحرية".
وأضاف "يبدو لي أن المساس بالزعماء أكثر ذكاء وفعالية ويمكن القيام به بسرعة كبيرة"، داعيا إلى "إلغاء هذه التسهيلات".
وأشار إلى أن هذا "الإجراء الانتقامي" لن يكون له تأثير على "الـ10% من مواطنينا الذين تربطهم روابط دم وأرض وثقافة" بالجزائر.
وكانت العلاقات بين البلدين، المضطربة أصلا، قد توترت في الأيام الأخيرة بعد أن أوقفت فرنسا المؤثر الجزائري المعروف بلقب "بوعلام" والبالغ 59 عاما في مونبلييه جنوبي البلاد وألغت تصريح إقامته، لاتهامه بـ"الدعوة لتعذيب معارض للنظام الحالي في الجزائر".
وتم ترحيله الخميس إلى الجزائر، لكنه أعيد في مساء اليوم نفسه إلى فرنسا بعدما منعته السلطات الجزائرية من دخول البلاد.
وكان وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو قال الجمعة إن "الجزائر تسعى إلى إذلال فرنسا". لكن الجزائر رفضت السبت اتهامات فرنسا لها بـ"التصعيد" و"الإذلال"، منددة في المقابل بـ"حملة تضليل وتشويه" ضدها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
تعاون عسكري جزائري أمريكي وتمرين بحري مشترك.. رسائل لمن؟
رست المدمّرة الأمريكية "USS FORREST SHERMAN (DDG-98)"، وهي واحدة من المدمرات المتطورة التابعة للأسطول الأمريكي، بميناء الجزائر في زيارة تمتد إلى غاية 20 أيار / مايو 2025. وتأتي هذه الزيارة في إطار تنفيذ تمرين بحري مشترك من نوع "PASSEX"، يهدف إلى تبادل الخبرات وتعزيز التعاون العملياتي بين القوات البحرية الجزائرية ونظيرتها الأمريكية.
ويُعد تمرين "PASSEX" (Passing Exercise) أحد أشكال التمارين البحرية السريعة التي تجرى عادة بين قوات بحرية حليفة أو شريكة، ويُركّز على تنسيق التحركات البحرية، تحسين قدرات التواصل، وتعزيز جاهزية القوات البحرية في مهام الأمن البحري.
وشهدت العلاقات الجزائرية ـ الأمريكية خلال العقود الأخيرة تطوراً لافتاً، خاصة في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب. فبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، برزت الجزائر كشريك محوري للولايات المتحدة في مكافحة التطرف العنيف في منطقة الساحل وشمال إفريقيا. وقد تجسدت هذه الشراكة في لقاءات سياسية وأمنية متكررة، إضافة إلى برامج تدريب وتبادل معلومات.
وفي الجانب العسكري، شهد التعاون تقدماً تدريجياً، من خلال زيارات متبادلة لسفن حربية، ومشاركة في تمارين تكتيكية مثل "فلينتلوك" و"PASSEX"، إضافة إلى لقاءات على مستوى القيادات العسكرية. ويُنظر إلى هذا التعاون البحري الحالي كامتداد لرغبة الطرفين في ترسيخ شراكة أمنية قائمة على المصالح المشتركة، خاصة في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة مثل تهريب السلاح، الإرهاب البحري، والهجرة غير النظامية.
وتأتي زيارة المدمّرة "USS FORREST SHERMAN" في توقيت إقليمي حساس، إذ تعرف منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط ديناميكية أمنية متزايدة بسبب الصراعات الجيوسياسية، والتحركات البحرية المتصاعدة لبعض القوى. وتمثل التمارين المشتركة من هذا النوع فرصة لتعزيز الجاهزية العملياتية وتأكيد التزام البلدين بحفظ أمن الملاحة في هذا الممر البحري الحيوي.
ويُتوقع أن يشمل تمرين "PASSEX" سلسلة من الأنشطة البحرية مثل المناورات التكتيكية، التواصل عبر الأنظمة البحرية، وتدريبات على الاستجابة للطوارئ. كما ستسمح الزيارة بتبادل الخبرات بين طواقم السفينتين، والاطلاع المتبادل على القدرات والتقنيات المستخدمة من الجانبين.
يعكس التمرين المشترك بين الجزائر والولايات المتحدة مدى التطور الذي بلغته العلاقات الثنائية في المجال العسكري، كما يُبرز الأهمية المتزايدة للجزائر كشريك أمني فاعل في المنطقة. ومن شأن هذه الخطوات أن تُعزّز ثقة الطرفين وتفتح آفاقاً جديدة لتعاون مستدام في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة.
هل يحمل هذا التمرين أي رسالة جزائرية مثلا إلى فرنسا أو روسيا
وفي تصريحات خاصة لـ "عربي21"، قال الخبير الأمني المنشق عن النظام الجزائري كريم مولاي: إن التمرين البحري المشترك بين الجزائر والولايات المتحدة، وزيارة المدمّرة الأمريكية "USS FORREST SHERMAN"، تحمل أبعاداً ورسائل متعددة، بعضها غير معلن، وقد يُفهم على أنه يحمل إشارات غير مباشرة إلى قوى مثل فرنسا وروسيا.
1 ـ رسالة إلى فرنسا: تنويع الشركاء الاستراتيجيين
الجزائر في السنوات الأخيرة عملت على إعادة صياغة علاقاتها التقليدية مع فرنسا، وسط توترات سياسية ودبلوماسية متكررة. التعاون مع الولايات المتحدة، ولا سيما في المجال العسكري، يُمكن قراءته كرسالة مفادها أن الجزائر قادرة على تنويع شركائها، ولا تُراهن على شريك تقليدي واحد. تمرين بهذا الحجم مع قوة عسكرية كبرى كالولايات المتحدة يعزز صورة الجزائر كدولة ذات سيادة قادرة على تحديد خياراتها الاستراتيجية بعيداً عن الإملاءات الفرنسية أو غيرها.
2 ـ رسالة إلى روسيا: توازن استراتيجي لا قطيعة
روسيا تُعد شريكاً تقليدياً ومورّداً رئيسياً للسلاح للجزائر، والتعاون بينهما في المجال الدفاعي يمتد لعقود. غير أن الجزائر في السنوات الأخيرة أظهرت ميلاً واضحاً إلى تنويع مصادر تسليحها وتعاونها العسكري، دون قطيعة مع موسكو. وبالتالي، يمكن أن يُفهم التمرين مع الولايات المتحدة كإشارة إلى أن الجزائر تحرص على الحفاظ على استقلالية قرارها العسكري، والبحث عن توازن بين الشرق والغرب، في وقت يشهد فيه العالم استقطاباً متزايداً بسبب الحرب في أوكرانيا والضغوط على الدول غير المنحازة.
3 ـ رسالة إقليمية: دور الجزائر كفاعل أمني
الرسالة الأوضح قد تكون موجهة إلى الفاعلين الإقليميين في المتوسط والساحل. الجزائر تريد أن تقدم نفسها كشريك موثوق في حفظ الأمن البحري، وتأكيد جاهزيتها للمساهمة في الاستقرار الإقليمي، بما يتماشى مع عقيدتها الدفاعية القائمة على اللامحورية، دون تبعية لأي محور دولي، لا سيما في ظل ما يقال عن أن الجزائر باتت معزولة إقليميا بسبب توتر علاقاتها مع مالي وليبيا والنيجر والمغرب..
ووفق مولاي فإن التمرين لا يُعد في الظاهر موجهاً ضد أي طرف بعينه، لكنه يحمل رسائل دبلوماسية دقيقة: إلى فرنسا: "لسنا تحت وصاية أحد"، إلى روسيا: "التوازن لا يعني القطيعة"، إلى الإقليم والعالم: "الجزائر ليست معزولة وهي لاعب مستقل، وشريك أمني موثوق".
وأضاف: "يمكن فهم هذه التحركات ضمن استراتيجية جزائرية جديدة قائمة على التعددية والانفتاح المدروس، وهي أيضا جزء من سياسات النظام الجزائري التقليدية في دفع الجزائريين إلى الانتباه إلى الخارج، والخشية من عدو خارجي دائم، وبالتالي الاستمرار في كبح الأصوات المنادية بالديمقراطية والمحاسبة الداخلية"، على حد تعبيره.