لجريدة عمان:
2025-05-24@10:20:57 GMT

امتحان الذاكرة

تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT

لا تزال الذاكرة تسجل حضورا استثنائيا على مشهد الحياة اليومية التي نعيشها، فنحن بدون الذاكرة لا نساوي شيئا، حيث نكون عاجزين عن فعل أشياء كثيرة، فبمجرد فقدان شيئ مما خزناه فـي ذاكرتنا، ترى رؤوسنا تدور حول نفسها، ونكاد نسقط مغشيا علينا من هول الموقف الذي نكون فـيه، ذلك أن احتجاب شيء مما تختزنه الذاكرة، معناه انقطاع عن تراكم معرفـي تم رصده طوال سنوات العمر التي قطعناها، وكأننا نبدأ من جديد «صفحة بيضاء» ولأن الذاكرة بهذه الأهمية، فإنها، فـي المقابل تحظى بالاهتمام الكبير من قبل الإنسان ذاته، وبالتالي فعندما يوسم الواحد منا فـي ذاكرة، يكاد يشن هجوما مباغتا على من تجرأ عليه، فذاكرته هي كل ما يملك، فمن فقد ذاكرته، فقدْ فقدَ حياته، ولذا فعندما تتراجع الذاكرة عن دورها المحوري الذي يعايشه الإنسان منذ بداية الوعي الأول، يجد هذا الإنسان أنه فـي محنة عظيمة، كيف له أن يتجاوزها، وهو فـي أوج حاجته الماسة إليها، حيث تبدأ حسابات المكسب والخسارة من جديد.

هناك أفراد يوصفون بأنهم من ذوي الذاكرة الصخرية، أي أنهم يستحضرون التفاصيل الصغيرة للأحداث، ولو مر على هذه الأحداث الأعوام الكثيرة، ومنهم من يتذكر الحدث، بتاريخ اليوم، والعام، وأحيانا الفترة الزمنية (صباحا/ مساء) ومن فرط هذا الاستحضار لقوة الذاكرة، تراهم يتباهون بذلك، وهذا حقهم، فليس كل إنسان تكون عنده هذه القوة، أو الملكة، وهي بلا شك نعمة من الله على هذا العبد الذي يحتضن بين جنباته ذاكرة صلدة بقوة الصخر، ومع ذلك فهذا الأمر لا يعفـيهم من الوقوع فـي مكر الذاكرة، فـي بعض الأحيان، فللذاكرة امتحان لا يمكن أن يسلم منه أحد، ولعل فـي هذا الامتحان شيء من بناء الذاكرة، تحت مفهوم عمليات البناء والهدم، وهو أمر ضروري، فـي سياق تجدد الأحداث والمواقف والقناعات، فالإنسان لن يكون مقطوعا من شجرة، فهو ملتحم بما حوله، ومع من حوله، ولذلك فتجدد المعلومات من شأنه أن يزاحم المعلومات القديمة، أو يلغيها مطلقا، حيث يستبدلها بما هو أحدث.

ما الذي يشغل الذاكرة؟ عندما يطرح سؤال كهذا، فإن الفكرة تذهب إلى أن الذاكرة تستشرف أفقا قادما، ولكنه غير مرئي، ولكن الحقيقة أن الذاكرة تسترجع شيئا من الصور المخزنة فـيها، وتعيد أنتاجها من جديد، وإعادة الإنتاج هذه ليست بالضرورة واقعية، أو قد تحقق نتائج مقدرة، ومن هنا تجعلنا الذاكرة أمام تحد صعب، أو اتخاذ قرار أصعب، فالذاكرة لا تخرج عن كونها ذاكرة، كما هو الحال، ذاكرة الجهاز الآلي بمختلف أنواعه، عندما نستجلب صورة، أو معلومة قد خزّناها منذ فترة زمنية ما، ونرسلها للآخر، أو نستخدمها لغرض ما نود إنشاءه، حيث يبقى هذا المستجلب جزءا من الكل، ليس أكثر، بمعنى أن أهميته تبقى فـي المساحة التي يشغلها من ذلك الجزء، وكما جاء أعلاه حيث تتم عمليات الهدم والبناء.

لعل أشد المواقف إحراجا لأحدنا عندما يواجه شخصا ما، ولا يتذكر اسمه، مع أن هذا الشخص قد جمعتنا به فترة زمنية من التعامل (دراسة/ عمل/مناسبة) والأخذ والرد، ولعل العتب فـي ذلك - كما نردد دائما - على الزمن الذي يغيب الكثير من الملامح، والصور المخزنة عن ذات (الشخص/ الأشخاص) وفـي هذه المواقف يظهر أكثر أصحاب الذاكرة الصخرية، ويتفوقون على من دونهم من ذوي الذاكرات المرتبكة، وإن كان ليس فـي ذلك من مظنة أو عيب، فالإنسان يبقى رهين صحة ذاكرته من التشويش.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟

إنجلترا – يطرح في كثير من الأحيان سؤال عن عدد الأصدقاء الذي نحتاجه لتحقيق السعادة الكاملة في المجتمع الحديث، حيث تلعب الروابط الاجتماعية دورا مهما في حياة كل شخص.

في تحذير هام، يشدد علماء النفس من جامعة ليدز البريطانية على أن العدد الهائل من الأصدقاء على منصات التواصل الاجتماعي لا يمكن أن يعوّض قيمة وجود دائرة مقربة من الأصدقاء الحقيقيين في الحياة الواقعية.

وتؤكد دراسة نُشرت في مجلة Psychology and Aging أن السعادة الحقيقية لا تقاس بعدد الصداقات، بل بجودتها وعمقها. حيث يرى الباحثون أن العلاقات الوثيقة القائمة على التفاهم والدعم المتبادل هي العامل الأساسي في تحقيق الرضا النفسي والرفاهية العاطفية، خاصة مع التقدم في العمر.

وقد حلل الباحثون نتائج استطلاعين عبر الإنترنت شارك فيهما ما يقرب من 1500 شخص. طلب من المشاركين الإشارة إلى عدد الأشخاص من مختلف المجالات الاجتماعية (الأصدقاء، والمعارف، والأقارب، والجيران، وزملاء العمل، والموظفين الذين يقدمون خدمات مختلفة، وما إلى ذلك) الذين اتصلوا بهم خلال الأشهر الستة الماضية، ومدى تكرار هذه الاتصالات وبأي شكل (وجها لوجه، أو عبر الهاتف، أو عبر البريد الإلكتروني، أو في محادثات مختلفة). بالإضافة إلى ذلك، طلب منهم تقييم مدى سعادتهم ورضاهم عن حياتهم خلال الشهر الذي سبق الاستطلاع.

وكشفت التحليلات الإحصائية عن نمطين اجتماعيين بارزين:

التباين العمري في الشبكات الاجتماعية: أظهر المشاركون الأكبر سنا (فوق 60 عاما) تضيقا ملحوظا في دائرة العلاقات الاجتماعية المباشرة اتسمت المجموعات الأصغر سنا (تحت 30 عاما) باتساع الشبكات الرقمية وزيادة عدد الصداقات الافتراضية المحددات الحقيقية للسعادة: ارتبطت مستويات السعادة والرضا الحيوي ارتباطا موجبا ذو دلالة إحصائية مع: وجود صداقات وثيقة في الواقع المادي تواتر التفاعلات وجها لوجه لم تُسجل أي علاقة معنوية بين: عدد الصداقات الرقمية، ومستوى السعادة. ظلت هذه النتائج ثابتة عبر جميع الفئات العمرية.

يؤكد العلماء أن التواصل مع الأصدقاء الحقيقيين فقط هو ما يجلب السعادة، ولا يمكن استبدال هذا التواصل بمجموعة واسعة من الاتصالات الاجتماعية مع الآخرين.

ووفقا لكبيرة الباحثين واندي بروين دي بروين، تعني الشيخوخة في ثقافات عديدة الحزن والوحدة. ولكن هذه الدراسة أظهرت أن ضيق الدائرة الاجتماعية لكبار السن لا يعني بالضرورة تعاستهم ووحدتهم. لأن كبار السن في الواقع يتمتعون بالحياة أكثر من الشباب، وأن الوحدة لا تتعلق بعدد الأصدقاء بقدر ما تتعلق بنوعيتهم، ويمكن أن تمس الشخص في أي عمر.

المصدر: mail.ru

مقالات مشابهة

  • طلاب الصف الثاني الإعدادي بمطروح يؤدون امتحان مادة العلوم
  • عذابات الروهينغا.. وجود غير قانوني وموت خارج الذاكرة
  • استشاري: التمارين العقلية لها تأثير إيجابي على الذاكرة .. فيديو
  • غلاكسي إس 25 إدج.. ما الذي ضحت به سامسونغ من أجل التصميم الأنيق؟
  • أمسية “مؤسسة فلسطين الدولية”: حين يتوّج الإبداع الذاكرة ويُغنّي الجمال في وجه العتمة
  • ذاكرة الجدة وذعر الطريق
  • التنسيق الحضاري: تدشين تطبيق ذاكرة المدينة الأحد المقبل بدار الأوبرا
  • الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه
  • دراسة: تلوث البلاستيك يؤثر على ذاكرة النحل وعسله
  • عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟