حملت كلمة أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- نبرة انتصار المقاومة في الحرب، وفق باحثين سياسيين، وكشفا أيضا سر اهتمامه بمعركة شمال غزة الأخيرة.

وقال الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد إن مجرد ظهور أبو عبيدة يعد انتصارا للمقاومة ودليلا على تماسكها، وفشلا لأهداف الحرب الإسرائيلية.

وشدد زياد -في حديثه للجزيرة- على أن أبو عبيدة خصّ الفلسطينيين في خطابه لكونهم الحاضنة الشعبية للمقاومة، مؤكدا وجود ترابط عجيب بين المقاومة وشعبها.

ووصف معركة "طوفان الأقصى" بأنها أعظم معارك الشعب الفلسطيني، معتبرا صمود لواء الشمال التابع لكتائب القسام، ومن ثم لواء غزة "حال دون إنهاء القضية الفلسطينية وتصفيتها، وتهجير السكان في شمال غزة".

وقال أبو عبيدة في كلمته إن "مجاهدينا قاتلوا ببسالة شديدة وشجاعة كبيرة حتى آخر ساعات المعركة"، في إشارة منه إلى المعارك البرية التي كانت دائرة في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا.

وأوضح طبيعة المعارك في غزة "كنا أمام مواجهة غير متكافئة، لا من حيث القدرات القتالية، ولا من حيث أخلاقيات القتال"، مؤكدا "وجهنا ضربات قاتلة للعدو رغم أننا نقاتل في ظروف تبدو مستحيلة".

إعلان

وجاءت كلمة أبو عبيدة في أول أيام المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بعد حرب غير مسبوقة على قطاع غزة استمرت أكثر من 15 شهرا.

وتعد هذه أول كلمة مصورة لأبو عبيدة منذ خطابه الأخير في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى، التي نفذتها القسام ضد ثكنات ومستوطنات غلاف غزة.

وأعرب زياد عن قناعته بأن إسرائيل ستسأل نفسها كثيرا "ماذا كانت تفعل في غزة"، بعد رؤية مقاتلي القسام بكامل لباسهم وعتادهم وبتنظيم واضح والتفاف الجماهير حولهم، مشيرا إلى أن كل ما جرى في أول أيام وقف إطلاق النار يؤكد أنها "لم تفعل شيئا".

وقال إن نجاح مقياس الحروب يرتكز على تغيير الأنظمة، وهو ما لم يحدث في حرب غزة، إذ أرادت حماس أن يكون اليوم الأول من وقف إطلاق النار هو اليوم التالي للحرب.

"كلمة تلخص الحرب"

بدروه، وصف المحاضر في العلوم السياسية مهند مصطفى كلمة أبو عبيدة بأنها مفاجئة، وأنها تلخص مجريات الحرب، وتحمل نبرة الانتصار.

ولفت مصطفى إلى أن أبو عبيدة خصّ معركة شمال غزة، لأنها من المعارك المهمة التي أدت للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، معتبرا هذه المعركة في كفة وبقية معارك الحرب بكفة أخرى.

وأرجع ذلك إلى أن هذا المعركة "كانت الورقة الأخيرة بيد إسرائيل لإخضاع حماس"، مؤكدا انهيار إسرائيل أخلاقيا وردعها عسكريا وتقزيم نفسها على المستوى الدولي.

وفي 13 يناير/كانون الثاني الجاري، كشف الجيش الإسرائيلي مقتل 840 عسكريا في صفوف الجيش منذ بداية الحرب، بينهم 405 جنود قُتلوا في المعارك البرية داخل قطاع غزة.

ووفق الجيش الإسرائيلي، فإن 55 جنديا وضابطا قُتلوا خلال العملية العسكرية الأخيرة في شمال قطاع غزة، التي بدأت في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار کلمة أبو عبیدة شمال غزة

إقرأ أيضاً:

الأعراف والأسلاف اليمنية والحرب الناعمة .. معركة على الهوية

يمانيون|خاص| عبدالحكيم عامر
الأسلاف والأعراف اليمنية، باعتبارها موروثًا اجتماعيًا تشكل عبر قرون، وأسهم في بناء مجتمع يمني متماسك قادر على إدارة ذاته، وحماية كرامته، بل هي منظومات اجتماعية راقية ومتقدمة في تنظيم حياة الناس، وتحقيق العدالة، وبناء التماسك الداخلي، والتكافل والضبط الاجتماعي، تشبه في كثير من خصائصها ما تصبو إليه الأنظمة القانونية والدينية الحديثة، إن إحياءها يعتبر تحصينًا للمجتمع أمام حرب ناعمة تحاول أن تفرغه من مضمونه الحضاري والثقافي.
في زمن تبدلت فيه الثوابت، وتُشن الحروب بأدوات ناعمة تخترق العقول والوجدان، تبدو المعركة على هوية المجتمعات أكثر شراسة من أي وقت مضى، هدفًا مركزيًا في سياق صراع يُراد له أن يقتلع الهوية، ويمحو معالم الأصالة العرفية والدينية، ويستبدلها بمفاهيم هجينة تغذّي الانسلاخ والتبعية، فإن الأعراف يمكن أن تتحول إلى “درع مجتمعي” يحصن الهوية، ويمنع الاختراق، ويغرس قيم الشهامة، الغيرة، العزة، والالتزام، وهي القيم نفسها التي تستهدفها حملات التفكيك الثقافي اليوم.
الحرب الناعمة ليست صواريخ تنهمر على الجبهات، بل هي اختراق ناعم يُشن على الجبهة الداخلية، يتسلل إلى العقول والأذواق واللغة والعلاقات الاجتماعية، أدواتها: الإعلام، التعليم، الفن، التكنولوجيا، ومنظمات تدّعي “حقوق الإنسان” بينما تنسف ما تبقى من الكرامة، هدفها: تدمير الهوية، وتحويل المجتمعات إلى نسخ مفرغة من محتواها، يسهل توجيهها والسيطرة عليها.
وفي ظل الحرب الكونية على اليمن يتعرض اليمن لغزو ثقافي مكثف، يحاول إعادة تشكيل المجتمع وفق قوالب مستوردة، تشجع التفاهة، والانفلات القيمي، وتحقّر الموروث المحلي، وخاصة الأعراف القبلية التي طالما شكّلت خط الدفاع الأول عن كرامة المجتمع اليمني وتماسكه.
وعلى مدى قرون، شكّلت الأعراف والأسلاف القبلية اليمنية منظومة حكم مجتمعي متكاملة، قامت على مبادئ الشرف، الإنصاف، الحماية، والصلح، وكانت بمثابة الدستور الشعبي قبل الدولة، بل هي منظومة قيمية حاكمة، من “العيب الأسود” إلى “الدخالة” و”التحكيم”، شكلت شبكة أمان أخلاقية واجتماعية.
ولم يكن المشروع القرآني الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي في تعارض مع الأعراف، بل على العكس، أوجد بينها وبين القيم الإيمانية تكاملًا عضويًا، وقد تمكّن السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، من تفعيل هذا التكامل، بتحويل القبيلة اليمنية تحت راية الهوية الإيمانية، من كيان اجتماعي إلى قوة اجتماعية وسياسية وثقافية، تدافع عن كرامتها ودينها، وتناهض العدوان بشتى أشكاله، ومنها الحرب الناعمة، بل وكانت القبائل في طليعة المدافعين عن فلسطين، والمناهضين للهيمنة الأمريكية والصهيونية، لأنه لامس شرفهم، وغيرتهم، وكرامتهم الأصيلة.
فالأعراف التي تحمي العرض وتجرّم الخيانة وتردع الظلم، ليست بعيدة عن روح الإسلام، بل هي انعكاس لتطبيق القيم القرآنية على الواقع الاجتماعي، ولذلك تحوّلت هذه المنظومة إلى حليف استراتيجي للمشروع القرآني في مواجهة الفوضى الأخلاقية والفكرية القادمة من الخارج في حرب ناعمة.
في زمن التكنولجيا المتوحشة، والتحلل القيمي، تبدو الأعراف اليمنية كجذور عميقة في يمن الوعي، لا تقتلعها العواصف، بل تتجدد مع كل تحدٍّ، وتزداد تماسكًا في وجه كل محاولة استلاب.
وإذا كانت الحروب العسكرية قد فشلت في كسر صمود اليمن، فإن الواجب الآن هو أن نفشل الحرب الأدهى: الحرب الناعمة… ولن يتم ذلك إلا بالعودة إلى أسلافنا، لا لنبكيهم، بل لنحمل رايتهم ونحمي هويتنا بهم ومعهم.

#قبائل اليمنأسلاف وأعرافعبدالحكيم عامر

مقالات مشابهة

  • وقف ترامب الحرب ضد الحوثيين.. هل استراحة تكتيكيةٍ في حرب باتت تتجاوز جغرافيا اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • حماس توضح موقفها بشأن الموافقة على مقترح ويتكوف
  • ويتكوف يتعهد برئاسة مفاوضات السلام ويكشف عن مقترح جديد لوقف إطلاق النار بغزة
  • ويتكوف لـCNN: هناك اتفاق مطروح لوقف إطلاق النار في غزة.. وعلى حماس قبوله
  • الكشف عن بنود اتفاق جديد لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
  • معرض وقف إطلاق النار.. الحرب اللبنانية كما لم يرها أحد من قبل
  • خلال الأيام القليلة المقبلة - ترامب يقترب من إعلان وقف إطلاق النار في غزة
  • ترامب يقترب من إعلان وقف إطلاق النار في غزة مقابل صفقة رهائن
  • نعيم قاسم: الحرب مع إسرائيل لم تنتهِ والخيارات الأخرى مطروحة إذا فشلت الدولة في أدائها
  • الأعراف والأسلاف اليمنية والحرب الناعمة .. معركة على الهوية