جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@01:15:55 GMT

تكريم واصطفاء

تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT

تكريم واصطفاء

 

 

محمد رامس الرواس

 

يقول المولى عزَّ وجلَّ في مُستهل سورة الإسراء "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".

وذكرى الإسراء والمعراج ذكرى عطرة ومعجزة كبرى تحيا بها نفوسنا كل عام نستذكر من خلالها تكريم المولى عزَّ وجلَّ لنبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بما تحمله من معانِ وعبر وعظات.

وليلة الإسراء والمعراج معجزة ربانية ورحلة مباركة اختص الله بها نبيه الكريم- عليه أفضل الصلاة والسلام- وكانت بمثابة تأييد ومواساة رفع فيها المولى عز وجل ذكر نبيه عليه الصلاة والسلام وأعلى شأنه، ولقد وهبه خلالها منزلة عُليا لا تضاهيها منزلة في الكون كله، وأكرم أمته أيما إكرام وختم الله له في نهايتها بنعمة الإنعام ألا وهي فرض الصلاة لتكون صلة دائمة بين العبد وربه سبحانه وتعالى.

إنَّ رحلة الإسراء والمعراج معجزة إلهية يعجز العقل البشري عن تصورها، ولقد اختصَّ الله- عز وجل- في هذه المعجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمناقب لم تمنح لأحد غيره ومنحه عطايا لم يحصل عليها نبي أو رسول أو أحد من الملائكة المقربين، حيث أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وفيها أمّ الأنبياء، ثم عُرج به إلى السماء لتكون هذه الرحلة العظيمة شاهدة على أفضليته بين سائر الأنبياء والخلق أجمعين.

يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في بُردته:

حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ

وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ

خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ

أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَاِنكَشَفَت لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ

وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ

لقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتثبت نبوة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في العالمين، ولتُؤكد صدق قوله وكانت اختبارًا حقيقيًا لمتبعي الدعوة بمكة، وتثبيتًا لمن صدقَّ بها من المؤمنين، كما كانت دعمًا معنويًا لنفسيته عليه الصلاة والسلام جزاء صبره وثباته جراء ما عاناه من مصاعب لا يحتملها بشر، فقد غسلت رحلة الإسراء والمعراج أحزانه وأدخلت عليه البهجة والسرور، خاصة بعد حزنه لوفاة زوجته السيدة خديجة وعمه أبي طالب وما حصل له عليه الصلاة والسلام شخصيًا من زيادة أذى كفار قريش وتنكيل وتعذيب لمن آمن بدعوته.

إنَّ هذه الرحلة الإلهية المُباركة كانت التكريم الفعلي للنبي عليه الصلاة والسلام من لدن العلي القدير حيث جعله يطلع على الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، كما كشفت عن مكانته عليه الصلاة والسلام عند ربه بما علمه من معارف وعلوم وأسرار، وبما رأى من مشاهد كثيرة في ملكوت السماوات والأرض منها: سدرة المنتهى، وجنة المأوى، وأقطار الكون، لقد كانت بحق رحلة تشريف وتكريم وتثبيتٍ منه عز وجل لنبيه الكريم، وتفريجًا لهمِّه وكربِه، وذهابًا لحزنه، وانشراحًا لصدره الشريف مما لاقاه من مصاعب، لذا جاءت معجزة الإسراء والمعراج منحة ربانية، ومعجزة خارقة لقوانين الطبيعة، تُعلنُ لجميع الخلق مكانة وقدر النبي عليه الصلاة وأزكى السلام ورؤيته لآيات الله الكبرى.

ويقول الله عزَّ وجلَّ في سورة النجم: "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (8) فَكَانَ قَابَ قَوسَينِ أَو أَدنَىٰ (9) فَأَوحَىٰ إِلَىٰ عَبدِهِۦ مَا أَوحَىٰ (10) مَا كَذَبَ ٱلفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَد رَءَاهُ نَزلَةً أُخرَىٰ (13) عِندَ سِدرَةِ ٱلمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلمَأوَىٰ (15) إِذ يَغشَى ٱلسِّدرَةَ مَا يَغشَىٰ (16) مَا زَاغَ ٱلبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَد رَأَىٰ مِن ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلكُبرَىٰ".

ختامًا.. لقد دلَّلت هذه الرحلة على أهمية المسجد الأقصى عند المسلمين وعظيم مكانته وقدسيته؛ فأنزل الله السور والآيات البينات شواهد خالدة على ذلك إلى يوم الدين، ولقد كانت ولا تزال رحلة الإسراء والمعراج رحلة ربانية عظيمة نستلهم منها الدروس والعِبر من ثبات وقوة إيمان وأنه لا بقاء للمحن لأنَّ الله مُصَّرف الكون ومالكه يدفعها ويزيلها متى شاء عزَّ وجلَّ، وعلى المسلم أن يستفيد من هذه الرحلة الربانية العظيمة ويقرأ تفاصيلها بتمعن ويُطابق المشاهد التي وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام على واقعه الحالي كي يُقوم ويُصلحَ ما اعوَّج في حياته لأن ذلك يخرجه إلى علم ونور.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء

قال الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الصلاة فرضها الله على المؤمنين في أوقات محددة، كما قال تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا"، موضحًا أن كل صلاة لها وقت بداية ونهاية، والتزام المسلم بهذا التوقيت من علامات التقوى والطاعة.

فرَّق بين النجاسات المغلظة والمخففة.. أمين الفتوى: الطهارة شرط أساسي لصحة الصلاةكيفية الأذان والإقامة عند الجمع بين الصلاتين.. دار الإفتاء تجيب

وأوضح ربيع، خلال تصريح، أن أفضل الأعمال عند الله هو أداء الصلاة في وقتها، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ عندما سئل: "أيّ الأعمال أحب إلى الله؟" فقال: "الصلاة على وقتها"، مؤكدا أن المقصود بها هو المسارعة إلى الصلاة فور الأذان إن تيسر، ولكن لا إثم في التأخير داخل الوقت ما دام العذر قائمًا.

وأضاف أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة لدى الناس، مثل اعتقاد البعض أن تأخير الصلاة لدقائق بعد الأذان يُعد ذنبًا، مؤكدًا أن التأخير اليسير داخل الوقت ليس فيه حرج، بل الأفضل هو المسارعة إذا أمكن، لأن ذلك يعبر عن المحبة والاشتياق للقاء الله، كما قال النبي ﷺ: "أرحنا بها يا بلال".

وشدد الدكتور هشام ربيع على أن الإشكال الحقيقي يكون في إخراج الصلاة عن وقتها دون عذر شرعي، مؤكدًا أن هذا يُعد ذنبًا كبيرًا، ويجب على من وقع فيه أن يتوب إلى الله ويقضي الصلاة الفائتة، لأنها فقدت فضيلة الأداء في وقتها.

وأكد أنه في حالات الضرورة القصوى، كطبيب داخل عملية جراحية تمتد لساعات أو طيار في رحلة طويلة، فإن تأخير الصلاة لعذر قهري لا حرج فيه، مشيرًا إلى أن الشريعة تراعي الأحوال، لكن التساهل والتأخير بدون عذر شرعي يُعد تقصيرًا كبيرًا لا يجوز الاستهانة به.

طباعة شارك الإفتاء أفضل الأعمال عند الله الصلاة الأذان تأخير الصلاة

مقالات مشابهة

  • هل يجوز ترديد آيات قرآنية في السجود؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجب الاستعاذة قبل الفاتحة في الصلاة؟.. حكم تكرارها بكل ركعة
  • حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها.. دار الإفتاء تجيب
  • فضل الصلاة في جوف الليل .. الأفضل بعد الفريضة
  • هل نسيان البسملة في الفاتحة يبطل الصلاة؟.. الأزهر يجيب
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • تعاني من الألم.. محمود سعد يكشف تفاصيل رحلة علاج أنغام
  • الجامع الأزهر يناقش «حقوق الأبناء» في ملتقاه الفقهي: تكريم الإنسان يبدأ من الطفولة
  • أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء
  • ميمي جمال: استحق تكريم المسرح المصري بعد مسيرة طويله صنعتها بيدي