يمانيون:
2025-06-08@21:05:39 GMT

ترامب تاجر وتهديداته تعكس ضعفه

تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT

ترامب تاجر وتهديداته تعكس ضعفه

أحمد الشريف

المحادثة الهاتفية بين ترامب ومحمد بن سلمان، التي التزم خلالها الأخير باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، قابلة للزيادة، جاءت تنفيذًا لأوامر ترامب، الذي أعلن ذلك صراحة في أول خطاب له بعد أدائه اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية، غير المتتالية.

وقد جعل ترامب هذا الإعلان شرطًا لزيارة السعودية، كما فعل خلال ولايته الأولى، لكن المثير للدهشة هذه المرة أن السعوديين كانوا أكثر كرمًا منه؛ إذ لم يطلب سوى نصف تريليون دولار لإتمام الزيارة، ليضيف ابن سلمان 100 مليار دولار فوق ذلك.

علمًا أن ترامب سبق أن صرّح في خطاب شهير بأن السعودية ليست سوى “حقيبة نقود”، وأن تحصيل الأموال منها أسهل من جمع 113 دولارًا كإيجار شقة في حي متواضع بنيويورك.

وباعتباره رجل صفقات، يقود فريقًا صهيونيًا بامتياز، لم يكتفِ ترامب بهذا المبلغ، بل طالب السعوديين، في خطابه الأخير يوم الخميس، برفعه إلى تريليون دولار، وهو ما لا يُستبعد أن يوافق عليه ابن سلمان. وبهذا، يثبت ترامب مجددًا أنه تاجر، وأن تهديداته تعكس ضعفه، ولا تُخيف إلا الجبناء.

وفي هذا السياق، استغل العملاء والمرتزقة هذا الاتفاق بين ترامب وابن سلمان لبث الخوف في نفوس اليمنيين، زاعمين أن السعودية، في حال تمت الزيارة، ستحرضه على استهداف الشعب اليمني، لا سيما بعد إعادة تصنيف أنصار الله كـ”منظمة إرهابية أجنبية”، في محاولة للانتقام مما قامت به القوات المسلحة اليمنية من عمليات تحدٍّ واستهداف للبوارج والمدمرات الأمريكية في البحرين الأحمر والعربي، مما كشف حقيقة أن أمريكا ليست ذلك “البعبع” الذي تخشاه الشعوب، وأن مواجهتها ممكنة عندما تتوفر الإرادة الحرة لأي شعب، مهما كان بسيطًا في إمكانياته.

لكننا نقول لهؤلاء العملاء: إن تجربة اليمن مع ترامب ليست جديدة، فقد تمكنت القوات المسلحة اليمنية، ممثلة في القوة الصاروخية والطيران المسيّر، من توجيه ضربات قاسية للسعودية في عهده السابق، كان أبرزها استهداف “أرامكو”، مما سبّب إرباكًا كبيرًا لأمريكا نفسها، في وقت كانت السعودية تنتظر منه أن يرد نيابة عنها، لكنه لم يفعل، واضطرت الرياض إلى ابتلاع الصدمة والتقليل من شأنها، حتى أنها اتهمت قوى أخرى غير اليمن بتنفيذ العملية، حتى لا تعترف أمام شعبها بحجم القوة التي بلغها اليمن تحت قيادة شجاعة وحكيمة.

وهنا، يُطرح السؤال: أما آن الأوان للوقوف بموضوعية وإنصاف إزاء العدوان والحصار الظالم المفروض على الشعب اليمني منذ ما يقارب عشر سنوات، والذي يزداد تصعيدًا هذه الأيام؟ خاصة بعد أن عادت دويلة الإمارات لتفعيل دورها التخريبي، ودعم مرتزقتها، واحتلال الجزر اليمنية، وبناء قواعد عسكرية فيها تلبيةً لرغبات أمريكية وصهيونية، دون أن تجد في المحافظات الجنوبية من يعترض على تصرفاتها كقوة احتلال، بل هناك من يتعاون معها؟ وهل سيتم استيعاب المتغيرات وتفهم حقائق الواقع بعيدًا عن عجرفة السعودية والتعصب الأعمى، الذي لا يؤدي إلا إلى مزيد من الشرور والآثام؟

لقد أظهرت سنوات العدوان معدن الرجال، وأسقطت الأقنعة التي خدعت الشعب اليمني لسنوات، وكشفت العملاء والمرتزقة الذين باعوا أنفسهم لأعداء اليمن مقابل حفنة من الدولارات، في محاولة دنيئة لتمزيق الوطن وتفجيره من الداخل. هؤلاء هم أنفسهم الذين يدعون اليوم أمريكا وأذنابها لغزو اليمن واحتلال صنعاء، ظنًا منهم أنهم قادرون على إسقاط التجربة اليمنية، رغم معرفتهم التامة بأن الفارق بين اليمن وسوريا شاسع كالمشرق والمغرب.

إن القوى الوطنية التي تصدرت مشهد الدفاع عن اليمن وسيادته كشفت زيف العملاء، الذين كانوا دائمًا وراء المؤامرات التي تستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي وتقويض الوحدة الوطنية. لكن اليمن اليوم، وبعد كل هذه التضحيات، يستعد لمرحلة جديدة من بناء الدولة الحديثة، وهو ما يتطلب من كل القوى السياسية والشعبية المخلصة الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة التآمرات، والتمسك بوحدة الصف الوطني، وعدم السماح لأحد باختراقه أو المساس به، خاصة أن الحقائق باتت واضحة، ولم يعد هناك مجال للمناورات أو المواقف الضبابية.

إن الشعب اليمني، الذي قدّم التضحيات العظيمة في سبيل تحرير قراره السياسي ووضع حد للوصاية الخارجية، من حقه أن يحتفل بإنجازاته، ومن حق قواته المسلحة، التي سطّرت ملاحم البطولة، أن تعلن انتصارها للعالم أجمع، مؤكدةً أنها قادرة على حماية المكتسبات الوطنية. فاليمن سيظل موطن العروبة، وأرض الأنصار، الذين شهد لهم الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله وسلم، بالإيمان والحكمة.

أما بعض القوى السياسية التي لا تزال تلتزم مواقف ضبابية، فلا تفسير لذلك إلا التذبذب والاضطراب السياسي، في وقت لا يحتمل التردد أو المناورات. ومن المؤسف أن نجد من يحاول شق الصف الوطني، وإثارة النعرات المناطقية والطائفية، في توجه يخدم أعداء اليمن، ولا يعكس إلا إصرار هذه القوى على منع بناء اليمن الجديد.

وفي الختام، فإن القوات المسلحة اليمنية، بعد ما يقارب عقدًا من العدوان، أصبحت اليوم أقوى من أي وقت مضى، وقادرة على الحسم السريع، وإنهاء التساهل مع من لا يفهمون إلا لغة القوة. فالصبر والتسامح كانا خيارًا استراتيجيًا، لكنهما لا يعنيان الضعف، بل يعكسان حكمة القيادة، تأكيدًا لقوله تعالى: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ” (فصلت: 34).

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الشعب الیمنی

إقرأ أيضاً:

ترامب وماسك: فخار يكسّر بعضه

من المؤكد أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية لا تؤثر فقط على مواطنيها، بل على جميع بقاع المعمورة - بما فـي ذلك قريتي الصغيرة التي أقضي فـيها إجازة العيد -، ولكن هذا لا يعني ألا أردد بيني وبين نفسي وأنا أتابع هذا التراشق المضحك بين رئيسها القويّ ومليارديرها الغنيّ: «فخار يكسّر بعضه». ولا أظنني بحاجة إلى شرح أن هذا المثل الشعبي يتردد عادةً عندما يتشاجر اثنان كلاهما مذنب أو لا يستحق التعاطف، فـيكون المعنى أن النزاع بينهما لا يهمنا فـي شيء؛ لأنهما من النوعية أو الأخلاق نفسها.

لو كنتُ مكان إيلون ماسك الآن لاستعدتُ جميع مأثورات الأدب العربي عن الجزاء من غير جنس العمل، بدءًا من بيت المتنبي الشهير: «إذا أنتَ أكرمت الكريم ملكته»، وليس انتهاء بالبيت الأشهر: «ومن يفعل المعروف فـي غير أهله...»؛ فقد وُصِفَ تبرعه لحملة الرئيس ترامب الذي ناهز ربع مليار دولار بأكبر تبرع انتخابي فـي التاريخ. ولم يكتفِ بذلك، بل أسس أيضًا قبل الانتخابات بأسابيع (فـي أكتوبر 2024) لجنة للعمل السياسي أسماها RBG BAC وتبرع لها بأكثر من عشرين مليون دولار، وعَهِد إليها بتبييض صورة ترامب أمام الناخب الأمريكي فـيما يخص قضية الإجهاض، هذا عدا الملايين العشرة التي تبرع بها لصندوق قيادة مجلس الشيوخ الجمهوري. لقد كان سببًا رئيسًا فـي عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ثم يأتي هذا فـي النهاية ويقلب له ظهر المِجَنّ متهمًا إياه بالجنون والانحياز لمصالحه التجارية!

لكن هل كان دعم صاحب شركة «تسلا» لترامب لوجه الله أو أمريكا؟! فـي الحقيقة فإن الإجابة بالنفـي؛ فهو - مثله مثل ترامب - تاجر يؤمن أن الحياة صفقات «أعطني أُعطِك». ومثلما تبرع بــ«سخاء» لأبي إيفانكا فإن ترامب فـي المقابل رد له الجميل، ونقله – بمجرد أن صار رئيسًا - من مجرد رجل أعمال إلى وزير فـي أقوى دولة فـي العالم، بل إنه كان أقوى وزير فـي حكومة ترامب، حين كلفه برئاسة ما سُمِّيَتْ وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، التي وعد ماسك بأنها ستعمل على تقليص الإنفاق الحكومي، وتحسين الكفاءة من خلال إعادة هيكلة الوكالات الفـيدرالية، وتحديث التكنولوجيا. وخلال أربعة أشهر فـي هذه الوزارة فعل ماسك الأفاعيل دون أن يردعه أحد؛ فقد ألغتْ وزارته - بحكم الصلاحيات الواسعة التي منحها له الرئيس – الكثير من العقود، وقلصت العديد من البرامج المخصصة للصحة العامة، والبحث العلمي بمليارات الدولارات، وخفضت التمويل لبرامج أخرى مهمة، وحجّمت دور وكالات مثل مكتب حماية المستهلك، ووكالة التنمية الدولية. كل هذا بحجة توفـير مائة وستين مليار دولار للخزينة الأمريكية. ومع ذلك؛ فإن تحليلًا مستقلًا زعم أن هذه التخفـيضات كلفت دافعي الضرائب مائة وخمسة وثلاثين مليار دولار؛ بسبب تكاليف قانونية، وخسائر فـي الإيرادات، مذكِّرًا إيانا بالمثل الشعبي: «كأنك يا بو زيد ما غزيت»؟ بل إن الحاجة إلى إعادة توظيف موظفـين مفصولين زادت من التكاليف بدلًا من تقليلها. والأدهى والأمرّ الشكوكُ التي ظلت قائمة طوال فترة وزارة ماسك بوقوعه فـي فخ «تضارب المصالح»؛ فقد ذكر تقرير صادر عن مجلس الشيوخ أن شركاته، مثل: «تسلا»، و«سبيس إكس» جنت من قرارات وزارته، ما يزيد على مليارَيْ دولار!

وإذن ظن ماسك - على ما يبدو - أن إضافته القوة السياسية إلى قوته الاقتصادية ستجعل منه أقوى رجل أعمال فـي العالم، غير أنه اكتشف مع الوقت أنه وقع فـي حفرة كان فـي غنى عنها. الملياردير - الذي «يلعب» بالمال كيفما شاء - تزامن توليه الوزارة مع تراجع أداء شركاته، خاصة «تسلا» التي شهدت انخفاضًا فـي المبيعات بنسبة 71%. كما أنه فقد الكثير من شعبيته عند المواطن الأمريكي؛ لأنه بدا عدوًّا لكل ما من شأنه تحسين حياة هذا المواطن من صحة عامة، وبحث علمي، وغيرهما من الخدمات التي قلص الإنفاق عليها، ثم جاءت الضربة القاضية من مشروع قانون الإنفاق الضخم الذي دعمه ترامب، وسماه «مشروع قانون كبير وجميل» («One Big Beautiful Bill»). وقد وصفه ماسك بأنه «تشويه مقزز»؛ لأنه يزيد العجز الفـيدرالي بمقدار ثلاثة تريليونات دولار، ما يجعل جهود وزارته فـي تقليص الإنفاق الحكومي أشبه بهشيم تذروه الرياح. ولأن ترامب لا يحب أن يُقال له إلا «آمين»، ويغضب ممن يخالفه الرأي؛ فقد غضب من انتقاد ماسك، ووصفه بأنه «فقد صوابه»، بل هدده بإلغاء العقود الحكومية مع شركاته، ليرد ماسك باتهام الرئيس بالتورط فـي قضية «جيفري أبستين» (وهي قضية شهيرة تورط فـيها كثير من الشخصيات العامة فـي أمريكا وخارجها بالاستغلال الجنسي لقاصرات)، وأنه يرفض لهذا السبب نشر ملفاتها علنًا.

وبينما يواصل الرئيس القويّ، والملياردير الثريّ التراشق أمام وسائل الإعلام؛ يتفرج العالم، ونحن معهم مبتسمين ومرددين: «فخار يكسّر بعضه».

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

مقالات مشابهة

  • بحرية الصين تؤكد تعلمها من الدروس التي تجرعها الأمريكان على يد اليمن في البحر الأحمر
  • زعيم تنظيم القاعدة في اليمن يهدد ترامب وماسك
  • قتلى وجرحى بهجوم على مسجد وسط اليمن
  • زعيم القاعدة في اليمن يهدد ترامب وماسك في رسالة مصورة
  • زعيم تنظيم القاعدة في اليمن يتوعد ترامب وماسك وقيادات دول الخليج ومصر والأردن
  • ترامب وماسك: فخار يكسّر بعضه
  • إيلون ماسك يحذف تدويناته التي شن فيها هجوما لاذعا على ترامب وأشعل ضجة
  • ما حقيقة ملفات إبشتاين التي فجّرت الخلاف بين ماسك والرئيس ترامب؟
  • إدارة ترامب في سباق مع الزمن لإرجاع الموظفين الفدراليين الذين فصلهم فريق إيلون ماسك
  • مجلة "التايم": ما يجب أن تعرفه عن حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب عن 12 بلد بينها اليمن؟