نعيمة وصفي.. موهبة استثنائية حفرت اسمها في تاريخ الفن المصري
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة نعيمة وصفي، التي رغم أدوارها الثانوية، استطاعت أن تترك بصمة واضحة في عالم التمثيل، اشتهرت بأدوار مؤثرة، مثل شخصية الخرساء في فيلم رصيف نمرة 5، ودورها في فيلم واه إسلاماه، حيث جسّدت قاتلة شجر الدر.
وُلدت نعيمة وصفي، واسمها الكامل نعيمة محمد وصفي نذير، في 10 فبراير 1921، بقرية "ظاهر الجمال" التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط.
كبرت نعيمة وسط خمسة إخوة (ثلاث بنات وولدان)، وحرص والداها على تعليمهم جميعًا. وبعد وفاة والدها في أوائل الثلاثينيات، انتقلت الأسرة إلى القاهرة برفقة والدتها لاستكمال دراستهم، التحقت نعيمة بمعهد المعلمات وعملت في التدريس لفترة قصيرة، لكنها لم تجد شغفها في هذا المجال، فاتجهت إلى الكتابة، حيث كانت تهوى الشعر والزجل منذ صغرها، نالت جائزة عن قصة نُشرت لها في مجلة أنا وأنت عام 1948.
كان لدخولها عالم الفن قصة أخرى، حيث شجعتها الفنانة نجمة إبراهيم بعد أن بدأت في متابعة العروض المسرحية. التحقت نعيمة بمعهد التمثيل الذي أنشأه زكي طليمات في منتصف الأربعينيات، وكانت الفتاة الوحيدة ضمن الدفعة الأولى التي ضمت فنانين بارزين مثل صلاح منصور، حمدي غيث، وشكري سرحان. لاحقًا، انضمت إلى فرقة المسرح الحديث، ثم المسرح القومي، وقدمت العديد من المسرحيات، منها جلفدان هانم، الناس اللي تحت، وشيء في صدري.
مع انطلاق البث التلفزيوني، شاركت في العديد من المسلسلات، من أشهرها حكاية ميزو مع سمير غانم. أما في السينما، فقدمت أدوارًا بارزة، مثل دورها في رصيف نمرة 5، وشخصية الزوجة المفجوعة في واه إسلاماه، حيث أدت مشهد مقتل شجر الدر بـ"القبقاب"، إضافةً إلى دور الجدة ذات الأصول التركية في حبيبي دائمًا.
على الصعيد الشخصي، تزوجت من الصحفي عبدالحميد سرايا، أحد مؤسسي قسم الشؤون الخارجية في جريدة الأهرام، بعد قصة حب، وأنجبت ثلاثة أبناء: خالد (طبيب في لندن)، منى (مهندسة ديكور مقيمة في الولايات المتحدة)، ومحمد (مخرج أفلام وثائقية)، كانت شديدة التعلق بزوجها، ورثته بقصيدة مؤثرة لم ترغب في نشرها، كما كتبت العديد من القصائد والقصص القصيرة.
حصلت نعيمة وصفي على جائزة الدولة التشجيعية عن مجمل أعمالها المسرحية، وساهمت في تقديم المسرح العالمي عبر إذاعة البرنامج الثاني. كما كتبت للتلفزيون مسلسلات مثل أم أولادي وأين مكاني، وساهمت في إعداد أكثر من خمسين حلقة من برنامج رسالة.
في عام 1981، حازت على جائزة أفضل ممثلة دور ثانٍ من جمعية الفيلم عن دورها في حبيبي دائمًا، ليظل اسمها محفورًا في ذاكرة الفن المصري بأدوارها المميزة وأعمالها المؤثرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسرح العالمي نعيمة وصفي المزيد
إقرأ أيضاً:
وصفي التل رجل بحجم وطن .. ورمز لا يزول من الذاكرة
صراحة نيوز-اللواء المتقاعد طارق الحباشنة
«إن استذكار وصفي التل هو استحضارٌ لقيمٍ رسَّخت أساس الدولة، ولنهجٍ وطنيٍّ لا تسقط رايته بتعاقب السنين.»
في هذه الذكرى الرابعة والخمسين لاستشهاد وصفي التل، تستيقظ الذاكرة الأردنية على رجلٍ من طرازٍ نادر؛ قائدٍ لم يكن يشبه إلا نفسه، ورمزٍ ما يزال حضوره ممتدًا في الضمير الوطني رغم مرور السنين. فما إن يُذكر اسم وصفي التل حتى تستحضر الأجيال صورة رجلٍ صلب الإرادة، شديد الانتماء، عاش للأردن بكل ما يملك، وقدم للوطن ما لا يقدمه إلا من وُلد وقلبه معقود بعشق الأرض والناس.
لقد كان وصفي التل رجل دولةٍ بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ قائدًا يرى المستقبل بعين ثابتة، ويقرأ المعادلات الوطنية والإقليمية بفكرٍ عميق ورؤيةٍ استراتيجية سبقت عصرها. وفي الطريقة التي أدار بها شؤون الدولة، تجلّى إدراكه العميق لمفهوم السيادة والكرامة الوطنية، فكان مثالًا للمسؤول الذي لا يهادن في الحق، ولا يساوم على مصالح الوطن، ولا يعرف طريقًا غير طريق الشرف.
كان يؤمن بأن الدولة تُبنى بالعمل لا بالشعارات، وبالصدق لا بالمجاملة، وبأن ثقة الشعب هي أساس القوة الحقيقية لأي حكومة. ولذلك، كانت إدارته تتسم بالوضوح والصرامة والانضباط، وبتكامل الفكر مع التنفيذ، وبقربه الدائم من الناس وهمومهم. لم يكن يرفع بينه وبين المواطن أي حواجز، ولم يرَ في المنصب مظلة للنفوذ، بل مسؤولية تُؤدّى بضميرٍ حيّ، وقد كان ضميره هو القانون الذي حكم به نفسه قبل أن يحكم الآخرين.
وعُرف وصفي التل بنزاهته المطلقة، وبانشغاله المتواصل بقضايا الإصلاح ومحاربة الفساد، وبحرصه على ترسيخ قيم الشفافية والعدل والعمل العام الشريف. كان شديد الحساسية تجاه المال العام، رافضًا لأي مظهر من مظاهر الامتياز أو الاستغلال، وكان يتعامل مع مقدرات الدولة كما يتعامل مع ممتلكاته الخاصة: بغيرةٍ وحمايةٍ ومسؤولية. وقد تركت هذه المواقف أثرًا لا يمحى في ذاكرة الأردنيين الذين وجدوا فيه نموذجًا للقائد الذي يشبههم ويشبه أحلامهم.
وكانت وطنيته حجر الأساس في شخصيته؛ عاش للأردن ولأجل كرامته وسيادته، واتخذ مواقف تاريخية تجسد إخلاصه وانحيازه الثابت لمصلحة الدولة العليا. ورغم أن بصماته في بناء مؤسسات الدولة كثيرة، فإن أثره الحقيقي يكمن في النهج الذي رسّخه، وفي الروح الوطنية التي بثها في مؤسسات الدولة وقلوب الأردنيين.
سيظل وصفي التل، في كل ذكرى، وفي كل يوم، صفحةً ناصعة في تاريخ الأردن الحديث، ورمزًا للقائد الذي عاش كبيرًا ورحل كبيرًا، وترك إرثًا من المبادئ لا يزال يبني عليه الأردنيون جيلاً بعد جيل.
رحم الله الشهيد وصفي التل، الرجل الذي أحبّ الأردن فبادله الأردنيون حبًا لا يزول.