كتب: أحمد حسام العربي

تحديات ضخمة تواجه الحكومة السورية الانتقالية مع تصاعد حدة الاشتباكات في ريف حلب بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، والقوات الموالية لتركيا من جهة أخرى، واستمرار صراع هذه القوى على الأراضي السورية، بينما تحاول دمشق الوصول إلى تسوية بطرق سياسية وسلمية لإغلاق الملف الكردي في سوريا وتوحيد البلاد للنهوض بها وبنائها من جديد بعد صراع دام أكثر من 13 سنة.

حيث اشتدت المواجهات على محور سد تشرين المضطرب منذ مدة، وأسفرت عن تدمير نقاط عسكرية للقوات الموالية لتركيا، ومقتل واصابة العشرات، بالإضافة إلى ذلك أكد مدير المركز الاعلامي لقسد أن قواته ألقت القبض على مجموعة من عناصر الاستخبارات التركية على محور الاشتباك، الأمر الذي تتكتم عليه إلى الآن القيادة التركية.

بينما من جهة أخرى أكد المتحدث نفسه أن المعلومات المتاحة تفيد بوجود عناصر الاستخبارات التركية في القصر الرئاسي في دمشق منذ الأيام الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، وأنها تضغط على الإدارة الجديدة، وتتدخل في جميع القضايا وفق زعمه.

يأتي هذا بالتزامن مع دفع قوات التحالف الدولي والولايات المتحدة الامريكية بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى شمال شرق سوريا (مناطق سيطرة قسد)، حيث شهدت قاعدة خراب الجير بريف رميلان شمال الحسكة هبوط طائرة شحن مطلع الشهر، محملة بأسلحة متطورة، ومنظومة رادار، وعدد من الجنود الأمريكيين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأشار المرصد إلى دخول رتل مكون من 50 شاحنة، إلى القاعدة نفسها، تحمل مدرعات، مدافع ثقيلة، ذخائر متنوعة، صناديق مغلقة، أجهزة عسكرية مغطاة بأقمشة سوداء، وصهاريج وقود، حيث  تم تأمين الرتل بحماية جوية من مروحيات عسكرية، حيث هبطت طائرتان مروحيتان في القاعدة بالتزامن مع وصوله، قادمة عبر معبر الوليد على الحدود مع كردستان العراق.

بينما هبطت 5 طائرات مروحية في القاعدة ذاتها مؤخرًا بحسب نشطاء محليين، الأمر الذي ينذر بانفجار وشيك للوضع في الشمال السوري، واندلاع نزاع تصفية حسابات بين القوى الإقليمية وحلفائها على الأراضي السورية بحسب المراقبين.

حيث أكد المحلل السياسي محمد الرافع، على أن الولايات المتحدة الامريكية تحاول كبح جماح تركيا في سوريا، والرد على تهديد مصالحها بالقوة، فهي تعتبر قسد شريكًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب وحليفًا موثوقًا لمشاريعها وأجنداتها في المنطقة، ولذلك تواصل تزويدهم بالمعدات العسكرية والمستشارين والمدربين.

وأضاف الرافع أن وقف تقدم القوات الموالية لتركيا على الجبهة مع قسد، خير دليل على ضعف حيلة تركيا أمام الحشد والدعم الأمريكي لقسد، وهو السبب الرئيسي في سقوط عناصر استخباراتها أسرى بيد قسد.

ولفت الرافع إلى أن واشنطن تعمل بسياسة التصعيد من أجل التهدئة، وترمي بجميع أوراقها على الساحة، وتواصل الضغط على تركيا، فإما تشن تركيا بجيشها النظامي عملية عسكرية مكلفة داخل الأراضي السورية، وتخاطر بعلاقتها الودية مع السلطات في دمشق، وإما سوف تنصاع للغة الحوار والتفاهمات، وتخضع للإرادة الأمريكية وأجنداتها، وتلقي عبائة الانتصار التي ترتديها في سوريا.

وأشار المحلل السياسي إلى أن الحكومة السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، تسعى من جهتها إلى الوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف، وتضمن سيادتها على كامل الأراضي السورية، وضم الفصائل المسلحة تحت جناح وزارة الدفاع، ولكن كل من تركيا وامريكا تتجاهلان هذه المطالب، وتعمل كل منهما وفق أجنداتهما الخاصة، بعيدًا عن مصلحة الشعب السوري.

وبحسب المحلل السياسي ضغطت تركيا على الجيش الوطني السوري، للإبقاء عليه منفصلاً عن وزارة الدفاع السورية، وبالتالي تسييره وفقًا لأجنداتها بقضية محاربة القوات الكردية الانفصالية، بينما الولايات المتحدة الامريكية، مازالت تسيطر على المنابع النفطية في سوريا، وتدعم بالسلاح والعتاد قوات سوريا الديمقراطية.

وتجدر الإشارة إلى انه في أواخر العام الماضي، قدم عضوان في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون مشترك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يهدف إلى فرض عقوبات على تركيا بسبب المخاوف المتعلقة بالعمليات العسكرية التي تنفذها أنقرة أو الجماعات المسلحة التي تدعمها في شمال سوريا. وقد شهدت الليرة التركية تراجعًا حادًا أمام الدولار الأمريكي بعد أن تصدر هذا الخبر وسائل الإعلام التركية.

أتى هذا في وقت صرح فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن "قسد" بين خيارين "إما إلقاء السلاح، وإلا سنقوم بالقضاء عليها"، ملوحاً بإقترابه من إتخاذ خطوات لحل هذه المشكلة جذرياً.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الأراضی السوریة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

قائد قوات سوريا الديمقراطية يكشف عن اتصالات مباشرة مع تركيا

وصباح الجمعة، كشف موقع "المونيتور" عن تطورات جديدة تتعلق بالتواصل الأمريكي مع "قوات سوريا الديمقراطية"، وتحرّكات تركية لفتح قنوات حوار مباشرة معها عبر العاصمة السورية دمشق. اعلان

أعلن قائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي، اليوم الجمعة، أن هناك قنوات اتصال مباشرة بين قواته والحكومة التركية، مشيرًا إلى أنه لا يمانع عقد لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المستقبل.

ويأتي هذا التصريح في وقت يشهد فيه الملف السوري حراكًا متسارعًا، في ظل محاولات إقليمية ودولية لإيجاد تسوية سياسية تنهي أكثر من عقد من الحرب.

وكانت تركيا و"قوات سوريا الديمقراطية"، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، قد توصّلتا في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أميركية، وذلك بعد مواجهات عنيفة شهدتها مناطق الشمال السوري.

وبين عامي 2016 و2019، شنّت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية في شمال سوريا ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية، واستطاعت بسط سيطرتها على مناطق حدودية واسعة داخل الأراضي السورية، في خطوة تعتبرها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان ضرورية لحماية أمنها القومي.

Relatedقوات سوريا الديمقراطية تتوعد بالرد بعد مقتل 6 من عناصرها في قصف استهدف قاعدة أمريكيةقوات سوريا الديمقراطية ترفض تسليم إدارة السجون لحكام دمشق الجدد والسبب.. عناصر داعش

في المقابل، تصرّ الإدارة السورية الجديدة في دمشق على ضرورة إنهاء وجود أي تشكيلات مسلّحة خارج إطار الدولة. وكانت قد دعت "قوات سوريا الديمقراطية" إلى إلقاء السلاح والانضمام إلى الجيش الوطني التابع لوزارة الدفاع، مؤكدة رفضها لأي شكل من أشكال الحكم الذاتي في المناطق ذات الغالبية الكردية.

وشدد رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في دمشق، على أنه "لن يُسمح بأي تشكيلات مسلّحة تعمل خارج مؤسسات الدولة".

وصباح الجمعة، كشف موقع "المونيتور" عن تطورات جديدة تتعلق بالتواصل الأمريكي مع "قوات سوريا الديمقراطية"، وتحرّكات تركية لفتح قنوات حوار مباشرة معها عبر العاصمة السورية دمشق.

Related"قسد" تنسحب من حلب إلى شرق الفرات ضمن اتفاق مع الحكومة السورية الحكومة السورية و"قسد" تتفقان على إجلاء عائلات من مخيم الهول

ونقل الموقع عن مصدريْن مطلعيْن أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، أجرى يوم الخميس مكالمة هاتفية من دمشق مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، أبلغه خلالها باستمرار الدعم الأمريكي لقواته في مواجهة تنظيم داعش، كما حثه على مواصلة المسار الدبلوماسي لخفض التصعيد بين "قسد" وتركيا.

وفي السياق ذاته، أفاد "المونيتور" نقلاً عن مصادر إقليمية مطلعة أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أو رئيس جهاز الاستخبارات التركي، عرضا عقد لقاء مباشر مع مظلوم عبدي في دمشق، في مؤشر على تحوّل محتمل في المقاربة التركية تجاه الملف الكردي في سوريا.

وأضافت المصادر أن اللقاء المرتقب بين عبدي وكبار المسؤولين الأتراك سيكون مرتبطاً بنتائج المحادثات التي كان مقرراً انطلاقها اليوم في دمشق، بين وفد كردي سوري وأعضاء من الحكومة السورية المؤقتة، في محاولة لبحث مستقبل العلاقة بين الطرفين ضمن إطار تفاهمات إقليمية أوسع.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • فتح معبر العريضة الحدودي في محافظة عكار باتجاه الأراضي السورية
  • ابن فرحان: لدى سوريا الكثير من الفرص، والشعب السوري قادر على الإبداع والإنجاز وبناء وطنه، ونحن معه في ذلك
  • الوزير الشيباني: إعادة إعمار سوريا لن تفرض من الخارج، بل من قبل الشعب السوري، ونرحب بكل مساهمة في هذا المجال
  • مواقع عسكرية وثكنات.. غارات إسرائيلية تستهدف الساحل السوري
  • قائد قوات سوريا الديمقراطية يكشف عن اتصالات مباشرة مع تركيا
  • إسرائيل تشن غارات جوية مستهدفة مواقع عسكرية في سوريا
  • بيدرسون: هناك إجماع دولي على دعم الحكومة السورية
  • "قو للاتصالات" توقّع مذكرة تعاون مع وزارة الاتصالات السورية لتسريع التحول الرقمي وتمكين الذكاء الاصطناعي في سوريا
  • السفير الأمريكي لدى تركيا يفتتح مقر السفير في سوريا
  • وزير الإدارة المحلية والبيئة في سوريا : دور دولة قطر في دعم الشعب السوري يمتد إلى سنوات طويلة في مجالي الإغاثة والتنمية