اختلف الناس عبر العصور في نظرتهم إلى سرقة الكتب؛ فمنهم من يعدها سرقة مكتملة الأركان، ومن يعدها سرقة بيضاء، وثالث لا يعدها سرقة على الإطلاق! وفي استعراض قصير لما ورد عن ذلك في بعض الكتب، يتبدى اختلاف النظرة إلى سارق الكتب من زمن لآخر، ومن مجتمع لآخر.
يقول الكاتب الشهير، ومؤرخ القراءة ألبرتو مانغويل، في كتابه (تاريخ القراءة، ص 385): لم تكن سرقة الكتب جريمة يعاقَب عليها، إن لم يقم السارق ببيع الكتب، حسب رأي الكاتب الاجتماعي من القرن السابع عشر تالمان دي ريو.
ويسمى المصاب بهوس سرقة الكتب علميًّا (bibliokleptomania) ببليوكليبتومانيا، وهو يختلف عن الوصف الذي يطلق على هوس جمع الكتب، الذي يسمى الببلومانيا، ويصنفه البعض أنه نوع من الوسواس القهري.
كما يورد مانغويل سرقات للكتب قام بها الرومان، حين سرقوا المكتبة المقدونية، ومكتبة مثريداس من بونتوس، ومكتبة آبيليكون من تيوس، ونقلوها برمتها إلى روما. (المصدر نفسه، ص 272).
ومن أطرف سرقات الكتب التي ذكرها، سرقتها من أجل استخراج الذهب من أغلفتها، ذلك أنه “خلال حملات السلب والنهب التي شنها الفايكنك على إنكلترا الأنغلو-سكسونية، سرقوا الكتب المصورة من الرهبان طمعًا في نزع الذهب من أغلفتها” (المصدر، ص 272).
وقد عُلق تحذير في مكتبة دير سان بدرو في برشلونة آنذاك، قد نراه اليوم لطيفًا، جاء فيه: من يسرق كتبًا، أو يحتفظ بكتب كان قد استعارها، عسى أن يتحول الكتاب الموجود في يده إلى أفعى رقطاء، وعسى أن يصاب بشلل ارتجافي قاهر، وأن تُشل جميع أطرافه، عسى أن يصرخ عاليًا طالبًا الرحمة، وعسى ألا تنقطع آلامه إلى أن يتحول إلى رمّة متفسخة، وأن تعشعش الديدان في أحشائه مثل دود الموتى الذي لا يفنى. وعندما يمثل أمام يوم الدين، لِتلتهمْه نار جهنم إلى الأبد. (ص 273)
أما الكاتب العراقي علي حسين فقد تحدث عما يسمى سرّاق المعرفة، في كتابه (غوايات القراءة، ص11)، وذكر أن الناقد الإنجليزي وليم هازلت يسميهم “سراق المعرفة الذين يطيلون الوقوف أمام أكوام الكتب ليقرؤوا بمتعة وتلذذ”، حيث يؤكد هازلت أن “سرقة المعرفة، هي السرقة المشروعة الوحيدة في حياة المجتمع”، وكان جبرا (يقصد الروائي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا)- باعترافه- واحدًا من هؤلاء السراق حين تختفي النقود من جيبه فلا يجد بديلًا من أن يقف ساعات ليقرأ بمتعة وتلذُّذ فقرة هنا أو فقرة هناك.
هذه مقتطفات فقط من بعض ما كُتب عن السرقات التي تسمى بيضاء، لكنها مقولة لا تصمد أمام التشريعات التي تجرّم ذلك، ولا تضعه في منزلة أخرى، رغم أن أهدافها نبيلة ومن أجل اكتساب المعرفة.
وتتبقى لدينا مقولة أن “القارئ لا يسرق، والسارق لا يقرأ”، التي لا تصمد أيضا أمام سيل من القصص التي تحكي عن قراء يسرقون كتبًا رغم قدرتهم على دفع أثمانها، وعن سراق رأيناهم يقرؤون، وربما سرقوا الكتب لكي يتكسبوا من بيعها.
yousefalhasan@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
«قمة بريدج» تطلق أمسيات «بريدج الترفيهية»
أبوظبي (الاتحاد)
في إطار رؤيتها لتقديم تجربة متكاملة تجمع بين الإعلام والترفيه، تعلن «قمة بريدج 2025» عن إطلاق أمسيات «بريدج الترفيهية»، سلسلة من الأمسيات الحيّة التي تستضيف مجموعة من أبرز المبدعين ونجوم الترفيه في المنطقة، ضمن عروض مباشرة وتجارب إبداعية جديدة تُقام خلال أيام القمة من 8 إلى 10 ديسمبر في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك).
تمثل أمسيات «بريدج الترفيهية» إضافة نوعية إلى برنامج القمة الذي يستقبل نحو 60 ألف مشارك من 132 دولة، ويضم أكثر من 300 جلسة و430 متحدثاً من رواد الإعلام والمحتوى والترفيه حول العالم، بما يمنح الحضور مزيجاً أوسع من الإبداع الحي والأفكار الجديدة والسرد الترفيهي.
تتضمن فعاليات أمسيات بريدج الترفيهية العرض الأول لبرنامج «ملك المعرفة» الذي يقدمه المؤثر وصانع المحتوى العربي الشهير حسن سليمان «أبو فلة»، أحد أبرز الأسماء في الفضاء الرقمي العربي بقاعدة جماهيرية تتجاوز 47 مليون مشترك على يوتيوب.
كما يقدّم الفنان الكوميدي المصري أحمد أمين تجربة ترفيهية خاصة عبر عرض ستاند أب كوميدي يعكس أسلوبه الساخر وحضوره المميز لدى الجمهور، وذلك ضمن جولة «مين أمين؟!» العالمية.
العرض العالمي الأول لبرنامج «ملك المعرفة» مع أبوفلة في قمة «بريدج» 2025
يقدّم أبو فلة برنامجه المباشر الجديد «ملك المعرفة»، في 8 ديسمبر، وهو تجربة تفاعلية جديدة من نوع المسابقات على مدار 60 دقيقة، تمزج بين الثقافة العامة وروح التحدي الجماهيري، وتحتفي بالعقل العربي وإبداع الشباب، وتنقل محتواه الرقمي إلى الجمهور مباشرة على أرض الواقع للمرة الأولى.
يتضمن برنامج «ملك المعرفة» 3 جولات متصاعدة في الصعوبة، تجمع بين أسئلة معرفية، مهام إبداعية، تحديات زمنية، ومشاركات من الجمهور. تبدأ المسابقة بمرحلة «خلّنا نحمّي» التي تختبر سرعة الاستجابة، وتتضمن من 5 إلى 7 أسئلة متعددة الخيارات، ثم 15 سؤالاً إقصائياً لكل سؤال 12 ثانية، تتناول مواضيع متنوعة كالتاريخ والعلوم والثقافة والجغرافيا والرياضة. تليها جولة «بدا الجد» القائمة على دقة الاختيار، وتتضمن 12 سؤالاً إجاباتها «صح» أو «خطأ» لكل سؤال منها 10 ثوانٍ للإجابة، وتتطلب معرفة عميقة في محاور الثقافة والتاريخ والعلوم والمنطق والأحداث العالمية. ثم المرحلة الثالثة وهي «شد حيلك» التي تتطلب مهارة التفكير تحت الضغط، وتشمل 10 أسئلة صعبة لكل سؤال منها 15 ثانية للإجابة، حتى يبقى متسابقان اثنان، يُطرح عليهما السؤال الأخير الذي يتوّج فيه الفائز بلقب «ملك المعرفة».
يمثل هذا العرض العالمي الأول في قمة «بريدج» تحوّلاً جذرياً في مسيرة أبو فلة من ظاهرة رقمية إلى فنان يتواصل مع الجمهور مباشرة، مقدماً نموذجاً جديداً في عالم «الترفيه المعرفي» يجمع بين التعليم والتفاعل الجماهيري.
تستضيف قمة «بريدج 2025» الفنان أحمد أمين ضمن جولته العالمية لعرضه الكوميدي الشهير «مين أمين؟!»، التي يخصِّص عائداتها لدعم مستشفى معهد الأورام في القاهرة، حيث يقدّم أمسية خاصة في 9 ديسمبر ضمن البرنامج الترفيهي للقمة.
ويقدّم العرض للجمهور تجربة حيّة تستند إلى مزيج فريد من السرد الكوميدي والرؤية الإنسانية التي ميّزت مسيرة أمين، ورسّخت مكانته كأحد أبرز الأصوات التي أعادت تعريف الكوميديا العربية عبر خطاب قريب من الناس، يعالج تفاصيل الحياة اليومية بذكاء وبساطة.
يأتي حضور أحمد أمين في القمة كجزء من جولته العالمية التي يقدّم خلالها أسلوبه المعروف بالمزج بين الكوميديا القائمة على الحكاية والرصد الاجتماعي، ما منحه قاعدة جماهيرية كبيرة على مختلف المنصات الرقمية. كما مكّنته بطولته لأول عمل أصلي على نتفليكس، «ما وراء الطبيعة»، من تعزيز حضوره الدولي وترسيخ موقعه كأحد الأصوات المؤثرة في المشهد الإبداعي العالمي.
يعكس العرض توجّه قمة «بريدج» في إبراز الثقافة والترفيه بوصفهما جزءاً رئيسياً من منظومة اقتصاد المحتوى العالمي، ويأتي ضمن برنامج ثقافي مصاحب يضم أكثر من 300 جلسة وفعالية تغطي قطاعات الإعلام والتقنية والترفيه.