نجحت جامعة نزوى بالشراكة مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالمملكة العربية السعودية في بناء أول جينوم للنمر العربي المهدد بالانقراض، لدراسة الجينات التي تساهم في بقائه وتكيفه في بيئاته الطبيعية، ويأتي هذا الإنجاز ضمن جهود سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية في تعزيز الابتكار العلمي، وتطوير استراتيجيات شاملة وفعّالة للحفاظ على النمر العربي.

ويهدف المشروع إلى دراسة وتحليل الجينوم الكامل للنمر العربي، باستخدام التقنيات الحيوية الحديثة والحواسيب فائقة الأداء، لتحديد الجينات المرتبطة بالطفرات الجينية المهددة لحياة هذا الكائن، وإنشاء قاعدة بيانات دقيقة تُمكّن من تطوير برامج وقائية وعلاجية للحفاظ على هذا الحيوان المهدد بالانقراض، واستطاع الفريق البحثي المشترك بين المؤسستين إنتاج أول جينوم مرجعي عالي الجودة للنمر العربي، وإيداعه في قاعدة بيانات عالمية، لإتاحة الوصول المفتوح للبيانات الجينية للباحثين لدعم الدراسات المستقبلية المتعلقة بالحفظ الجيني.

وقال الدكتور سليمان بن علي الهاشمي، رئيس مختبر الخلايا الجذعية والطب التجديدي بمركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى لـ"عمان": المشروع بدأ عبر تواصل بين علماء من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (كاكست) وجامعة نزوى، حيث يجمعهم الاهتمام المشترك بالحفاظ على التنوع الأحيائي وصون البيئة، وأسفر هذا التواصل عن بناء شراكة بحثية تهدف إلى دراسة وتحليل الجينوم الكامل للنمر العربي، وهو أحد الأنواع المهددة بالانقراض في شبه الجزيرة العربية. ولتعزيز التعاون، قام باحثون من جامعة نزوى بزيارة الفريق البحثي في (كاكست)، حيث تمت مناقشة أولويات البحث وتطوير خطة متكاملة لدراسة جينات النمر العربي بهدف توفير بيانات علمية دقيقة تساهم في جهود حفظ هذا النوع النادر، ودعم استراتيجيات الحماية البيئية المعتمدة على الأسس الجينية.

الخصائص الجينية

وأوضح أن هذا المشروع يحمل أهمية علمية كبيرة في فهم الخصائص الجينية للنمر العربي، مما يسهم في تمييزه عن بقية فصائل النمور الأخرى، ويساعد تحليل السلسلة الجينية على دراسة تاريخ هذا النوع، وفهم بيئته الطبيعية، والتطورات التي طرأت عليه عبر الزمن.. كما يوفر المشروع بيانات حيوية حول الأمراض الوراثية التي قد تؤثر على النمر العربي، مما يساهم في تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية للحفاظ على صحة هذا النوع واستدامة أعداده في بيئته الطبيعية.

الجينوم المرجعي

وأكد أن مشروع بناء الجينوم المرجعي للنمر العربي يعد خطوة محورية في دراسة التنوع الجيني وحماية هذا النوع المهدد بالانقراض، ومن خلال التعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (كاكست) تمكّنا من تأمين عينة دم ذات جودة عالية للنمر العربي بالتعاون مع المديرية العامة للخدمات البيطرية بشؤون البلاط السلطاني في سلطنة عمان، مما وفّر مادة وراثية مناسبة للتحليلات الجينية الدقيقة، بعد ذلك، تم تنفيذ تقنيات التسلسل الجيني عالية الدقة باستخدام أحدث تقنيات التسلسل الجيني، مما أتاح استخراج بيانات شاملة ودقيقة للحمض النووي، ولضمان التحليل المتقدم، تمت الاستعانة بالأدوات المعلوماتية الحيوية واستخدام الحواسيب فائقة الأداء لتحديد الجينات الرئيسية وإنتاج أول جينوم مرجعي عالي الجودة للنمر العربي، وقد تم إيداع الجينوم المكتمل في قاعدة البيانات العالمية، مما يتيح للباحثين حول العالم الاستفادة من هذه البيانات لدعم الأبحاث المتعلقة بالحفظ الجيني.. مضيفًا: يمثل هذا المشروع نقطة انطلاق لدراسات أعمق، حيث يفتَح آفاقًا واسعة لتحليل الأمراض الوراثية وفهم العوامل المؤثرة على صحة النمر العربي، إضافةً إلى دعم خطط الإكثار في الأسر وإعادة التوطين.. كما يعزز المشروع فرص التعاون البحثي بين المؤسسات الأكاديمية والمراكز العلمية، مما يسهم في تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض في المنطقة.

التقنيات الحديثة

وأضاف: اعتمد المشروع على مجموعة من التقنيات الحديثة التي تعزز الابتكار العلمي وتضمن استخراج بيانات جينومية دقيقة وعالية الجودة للنمر العربي، إذ بدأت العملية باستخلاص الحمض النووي عالي الجودة، وهي خطوة أساسية لقراءة الجينوم بالكامل، ولإجراء التسلسل الجيني، تم استخدام تقنية PacBio Revio، وهي من أحدث التقنيات في مجال تسلسل الحمض النووي، حيث تمت معالجة عينتين من النمر العربي من نفس الحيوان، مما أسفر عن إنتاج 162.9 جيجابت من قراءات HiFi عالية الدقة، وتتميز هذه التقنية بقدرتها على توليد قراءات طويلة وعالية الدقة، مما يتيح تجميع الجينوم بدقة أكبر والكشف عن المتغيرات الجينية المهمة، بعد ذلك، خضعت البيانات الجينومية لعمليات معالجة وتحليل مكثفة باستخدام أجهزة حواسيب فائقة الأداء في معامل المختبر الوطني بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، مما مكّن من تجميع الجينوم المرجعي بدقة عالية، وتحديد الجينات الرئيسية، وتحليل البنية الوراثية للنمر العربي، وجميع هذه التقنيات المتقدمة تعزز الابتكار العلمي في مجال علم الجينوم، إذ تمهد الطريق لدراسات أعمق حول التنوع الجيني، وتحليل الأمراض الوراثية، ودعم جهود حفظ النمر العربي من خلال استراتيجيات قائمة على المعرفة الجينية.

البحث العلمي

وتطرق الهاشمي إلى أن البحث العلمي يلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، من خلال تقديم بيانات علمية دقيقة تساعد في فهم سلوك هذه الكائنات وبيئتها الطبيعية واحتياجاتها الحيوية، ويساهم البحث في دراسة العوامل التي تؤثر على استقرار الأنواع وتكاثرها، بما في ذلك التغيرات البيئية، والأمراض، والتداخل البشري، مما يمكّن العلماء من تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ عليها.. كما يساعد البحث العلمي في تصنيف الأنواع بدقة، وتحليل جينوماتها لفهم تنوعها الوراثي، مما يدعم برامج الإكثار في الأسر وإعادة التوطين في البيئات الطبيعية، وإلى جانب ذلك، يساهم في تطوير سياسات بيئية مستدامة للحفاظ على التوازن البيئي، حيث إن حماية نوع واحد قد تؤثر بشكل إيجابي على النظام البيئي بأكمله، من خلال تطبيق التقنيات الحديثة في علم الجينوم، والمراقبة البيئية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، يعزز البحث العلمي الجهود العالمية لحماية التنوع الأحيائي وضمان استدامته للأجيال القادمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تطویر استراتیجیات للعلوم والتقنیة النمر العربی للنمر العربی البحث العلمی للحفاظ على هذا النوع من خلال

إقرأ أيضاً:

الإمارات و«منظمة الصحة العالمية» يطلقان قاعدة بيانات لمكافحة الملاريا في 18 دولة

كشف المعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية «غلايد»، الذي يعمل تحت إشراف مؤسسة إرث زايد الإنساني، عن مشروع «تحليل البيانات الوطنية لفهم قابلية إعادة توطين الملاريا وتراجعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» والذي يهدف إلى دعم جهود القضاء على الملاريا ومنع إعادة توطينها في المنطقة.

وقالت الدكتورة فريدة الحوسني نائب الرئيس التنفيذي للمعهد إن المشروع يتم بإشراف وحدة الملاريا ومكافحة النواقل في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بالتعاون مع جامعة أكسفورد، ومعهد البحوث الطبية في كينيا (KEMRI)، ووحدة القضاء/اعتماد الملاريا في منظمة الصحة العالمية (GMP/WHO)، إضافة إلى المعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية - غلايد (الجهة الممولة بالكامل للمشروع). وأضافت الحوسني في تصريح لوكالة أنباء الإمارات «وام»، أن المشروع يهدف إلى تأسيس قاعدة بيانات عن العوامل التي تسببت في انتشار مرض الملاريا بالمنطقة خلال الأعوام المائة السابقة، مشيرة إلى أن المشروع يشمل حالياً 18 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأشارت إلى أن المشروع سيسهم في تعزيز تبادل المعلومات ودراسة عوامل إعادة ظهور الملاريا في المنطقة من خلال بناء منصة إلكترونية إقليمية حول الملاريا وتعزيز القدرة على رسم خرائط المخاطر الجغرافية، مع التركيز على الامتداد البيئي لبعوض «أنوفيليس» الناقل للملاريا وانتشار المرض تاريخياً إلى جانب دعم القدرات الاستراتيجية للحفاظ على خلو البلدان من الملاريا ودارسة التدخلات المبنية على الأدلة لمكافحة المرض والنواقل. وأوضحت أن قاعدة البيانات التي سيوفرها المشروع ستضم خرائط توضيحية للمواقع الجغرافية، وإحصائيات ومعلومات تفصيلية عن أماكن توالد البعوض وتكاثره، وغيرها من العوامل البيئية التي ساهمت في انتشار الملاريا في المنطقة خلال قرن من الزمن. وأكدت الدكتورة فريدة الحوسني أن قاعدة البيانات ستلعب دوراً بارزاً في توحيد الجهود الإقليمية والعالمية وتعزيز قدرتها على مكافحة الملاريا، ووضع الخطط والدراسات التي تفضي إلى استئصال هذا المرض في العديد من دول العالم التي لا تزل تعاني منه.

أخبار ذات صلة رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس جورجيا بذكرى استقلال بلاده الشيخة فاطمة بنت مبارك تدعم حملة «وقف الحياة» بمبلغ 172 مليون درهم

وأوضحت أن المشروع يشكل أداة رئيسة لتحديد مخاطر عودة انتقال الملاريا محلياً في عدد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحسين تخصيص الموارد لمواجهة هذه المخاطر، وتوجيه التدخلات مع الاحتياجات الخاصة بكل بلد، فضلاً عن تعزيز السياسات والاستراتيجيات الوطنية للوقاية من عودة الملاريا. وكشفت عن توجه مستقبلي لدى الشركاء لتوسيع المشروع ليشمل، ضمن نهج متكامل، أمراضاً أخرى منقولة بوساطة النواقل في المنطقة. وتوقعت الدكتورة فريدة الحوسني اكتمال قاعدة البيانات في يوليو المقبل تغطي دولًا من منطقتين تابعتين لمنظمة الصحة العالمية: EMRO وAFRO، موضحة أن غالبية هذه البلدان خالية حالياً من الملاريا، إلا أن خطر عودة انتشار الملاريا لا يزال مرتفعاً في العديد منها، بسبب تنقل السكان واستمرار وجود البعوض الناقل للملاريا «الأنوفيليس» بها. وقالت إن البيانات التي تم جمعها ستكون متنوعة وشاملة، بما في ذلك الترصد الحشري التاريخي والحديث، ورسم خرائط لنواقل الملاريا لتحديد أماكن وجودها وتوزيعها، بالإضافة إلى العوامل البيئية والمناخية مثل درجة الحرارة، وهطول الأمطار، والغطاء الأرضي التي تؤثر على بيئة النواقل. وأضافت أن هذا النظام المتكامل من البيانات سيسهم في تحديد المناطق الأكثر عرضة لخطر انتقال الملاريا، وستكون بمثابة الأساس لرسم خرائط المخاطر الإقليمية، ووضع استراتيجيات لمنع عودة ظهور الملاريا ودعم جهود القضاء عليه وإصدار شهادات الخلو منه.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الإمارات ومنظمة الصحة العالمية يطلقان قاعدة بيانات لمكافحة الملاريا في 18 دولة
  • أوبن إيه آي تعلن نيتها بناء مراكز بيانات ضخمة في الإمارات
  • إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم بالشرق الأوسط.. نواب: ترجمة حقيقة لبناء الإنسان
  • الإمارات و«منظمة الصحة العالمية» يطلقان قاعدة بيانات لمكافحة الملاريا في 18 دولة
  • بناء الإنسان أولوية.. برلمانية: 4 أهداف رئيسية لمشروع الجينوم الرياضي
  • برلمانية: مشروع الجينوم الرياضى ترجمة حقيقية لبناء الإنسان
  • "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط
  • برعاية الرئيس السيسي .. إطلاق أضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط وتسليم عينات الرياضيين
  • إطلاق المرحلة الجديدة من اختبار الجین الریاضي وتسليم عينات جينوم الرياضيين
  • إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط