يكمن جمال اللحظة في قدرتها على الانفلات من قيود الزمن، في كونها شرارة خاطفة تضيء عمق الوجود ثم تختفي دون أن تترك خلفها أثرًا..
نحن نلهث وراء اللحظات كأننا نحاول احتواء ما لا يُحتَوى، بينما هي تمر دون اكتراث بقلقنا واهتمامنا المفرط..
اللحظة لا تحتاج لأن تُسجل أو تُفسر، بل أن تُعاش بكل تبايناتها،، بألمها وفرحها،، برقتها وقسوتها.
يكمن جمالها في كونها الحاضر الذي لا يعرف الانتظار، وفي كونها الحقيقة الوحيدة وسط دوامات الماضي والمستقبل..
كل لحظة تمضي تحمل معها درسًا خفيًا،، وربما يكون أكثرها جمالًا أنها دائمًا تتلاشى، تاركة وراءها شعورًا بأننا على وشك فهم شيء أعمق مما نراه.
لكن التعلق باللحظات هو ما يحاصر أرواحنا ويجعلنا أسرى لتلك الشرارات العابرة...
نحن نتمسك بلحظة مضت كأننا نحاول إحياءها مرة أخرى، نبحث في تفاصيلها عن راحة أو معنى قد لا يكون موجودًا سوى في ذاكرتنا..
التعلق باللحظة هو رغبتنا اليائسة في إيقاف الزمن، في تجميد الحاضر ليبقى كما نريده، متجاهلين أن جمال اللحظات يكمن في عابرية وجودها، وفي تحررها من قيود الدوام..
لكن، هل يمكن للحظة أن تكون أكثر من مجرد ومضة؟ أليس التعلق هو ما يمنحها طابعًا أزليًا في داخلنا؟ ربما نتمسك بها لأننا نخشى الفقد،، نخشى أن لا تأتي لحظات أخرى بجمالها..
ومع ذلك، في تعلقنا ننسى أن الحياة تدور، وأن اللحظة مهما كانت عظيمة أو مؤلمة، ليست إلا جزءا من تيار لا ينقطع..
وأن جمال اللحظات ليس في التعلق بها، بل في قدرتنا على الاستمتاع بها كما هي، والقبول بأنها جزء من رحلة مستمرة نحو الأفضل..
اللحظة التي نتعلق بها قد تكون بذرة لشيء أكبر ينتظرنا في المستقبل، والتعلق لا ينبغي أن يكون عبئًا، بل بوابة للامتنان، نتذكر فيه أن كل لحظة نعيشها تحمل في طيّاتها فرصًا جديدة للنمو، للتعلم، وللاستمتاع بما هو قادم.
حين نتعلم كيف نعيش اللحظات دون أن نخشى فقدانها، نجد أنفسنا أكثر تحررًا، أكثر استعدادًا لاستقبال اللحظات القادمة بأذرع مفتوحة وقلب مطمئن، لهذا أن الحياة مليئة باللحظات الجميلة التي تنتظر اكتشافنا لها، وكل لحظة جديدة تحمل إمكانيات لا حدود لها وجمالها يكمن في عيشها بصدق وامتنان، أما عندما نتقبل زوالها، فإننا نفتح الباب أمام لحظات جديدة تضيء طريقنا للأمام..
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جمال ا
إقرأ أيضاً:
بطولة بلاد الشام… من ملاعب الكرة إلى وحدة الشعوب
#سواليف
#بطولة_بلاد_الشام… من #ملاعب_الكرة إلى #وحدة_الشعوب
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
بمشاعر الفخر والاعتزاز، نحتفل اليوم بتأهل منتخبنا الوطني الأردني لأول مرة في تاريخه إلى نهائيات كأس العالم، في إنجاز رياضي غير مسبوق، كتب اسم الأردن بحروف من ذهب في سجل الكرة العالمية، وأثبت أن الأحلام مهما بدت بعيدة، تصبح واقعًا حين تتوفر الإرادة، وتتوحد القلوب، وتعلو الهِمم.
هذا الإنجاز ليس فقط فرحة كروية عابرة، بل هو لحظة فارقة يجب أن نستثمرها، ونجعل منها منطلقًا لمشروع أكبر، مشروع يحمل في طياته الأمل، ويخاطب الوجدان، ويجمع الشعوب. ومن هنا، أطلق دعوتي إلى إطلاق بطولة كأس بلاد الشام لكرة القدم، التي تضم منتخبات الأردن، وسوريا، ولبنان، وفلسطين. بطولة لا تُقام فقط في الملاعب، بل تُقام في وجدان الشعوب، وتُبنى على تاريخ مشترك، وجغرافيا متصلة، وهوية واحدة، وأحلام تنتظر أن تتحقق.
مقالات ذات صلةإن الرياضة أثبتت مرارًا أنها لغة عالمية تتجاوز الحدود السياسية، وتكسر الحواجز النفسية، وتقرب بين الشعوب أكثر مما تفعله المؤتمرات والبيانات. تخيّلوا فقط لحظة دخول المنتخبات الأربعة إلى أرض الملعب، تصافحها الجماهير بعيون دامعة وقلوب نابضة بالأمل، لحظة تُدوَّن فيها صفحة جديدة من وحدة بلاد الشام، لا بالحبر، بل بالدمع والفرح والتاريخ.
بطولة كأس بلاد الشام يمكن أن تكون أكثر من مجرد بطولة، بل حجر أساس لمشروع تكامل اقتصادي، وتنسيق ثقافي، وتقارب شعبي حقيقي. فشعوب هذه المنطقة التي تربطها روابط الدم واللغة والمصير المشترك، تستحق أن ترى أبناءها مجتمعين لا متفرقين، متعاونين لا متنافرين. ولتكن الرياضة هي الشرارة التي تشعل شعلة الوحدة، خطوة أولى على طريق طويل نحو الحلم الأكبر: نهضة شامية شاملة، تليق بتاريخنا، وتُبنى بسواعد شبابنا.
فلنجعل من هذه الفكرة واقعًا، ومن الحلم مشروعًا، ومن البطولة منصة لتلاقي القلوب قبل تنافس الفرق. لنرفع الصوت عاليًا: نعم لبطولة بلاد الشام! نعم لوحدة الشعوب، نعم لرياضة تصنع التاريخ وتُمهّد للمستقبل.
الآن… وليس غدًا، تبدأ الخطوة الأولى.