في خطوة تعكس التوجهات الاقتصادية الراهنة، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وذلك للحفاظ على السياسة النقدية التقييدية وضمان تحقيق انخفاض مستدام في معدلات التضخم. 

ويأتي هذا القرار في ظل تطورات اقتصادية محلية ودولية مهمة، أبرزها ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 47.

265 مليار دولار خلال شهر يناير، إلى جانب استمرار تعافي النشاط الاقتصادي في البلاد.

تثبيت أسعار الفائدة ودوافع القرار

وأعلن البنك المركزي المصري عن تثبيت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، مع الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. 

وأكد بيان البنك أن هذا القرار يتماشى مع السياسة النقدية الهادفة إلى كبح معدلات التضخم وضمان استقرار الأسواق المالية.

ويرى خبراء الاقتصاد، أن هذه الخطوة ضرورية لضمان بقاء أسعار الفائدة إيجابية مقارنة بمعدلات التضخم، مما يحمي ودائع المواطنين ويشجعهم على الادخار بدلاً من الإنفاق المفرط، وهو ما يسهم في خفض الضغوط التضخمية.

النمو الاقتصادي والمؤشرات الإيجابية

وبحسب بيانات البنك المركزي، أظهرت المؤشرات الأولية للربع الرابع من عام 2024 تسارع نمو النشاط الاقتصادي مقارنة بالربع الثالث من العام نفسه، حيث سجل الاقتصاد نموًا بنسبة 3.5%. 

وكان هذا النمو مدفوعًا بشكل رئيسي بزيادة مساهمة قطاعي الصناعة التحويلية والنقل، مما يعكس التحسن التدريجي في الأداء الاقتصادي.

ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا يزال أقل من طاقته القصوى، إلا أن التوقعات تشير إلى اقتراب الاقتصاد المصري من استغلال كامل طاقته الإنتاجية بحلول السنة المالية 2025/2026، وهو ما سيؤدي إلى تعزيز الاستثمارات وتحقيق مزيد من الاستقرار الاقتصادي.

تأثير القرار على المستثمرين والمودعين

ووفقًا للدكتور هاني الشامي أستاذ الاقتصاد بجامعة المستقبل، فإن تثبيت سعر الفائدة في الوقت الحالي يُعد خطوة ضرورية في ظل ارتفاع معدلات التضخم، حيث يحتاج المودعون إلى سعر فائدة إيجابي يحافظ على قيمة أموالهم. 

وأوضح الخبير الاقتصادي - في تصريحات خاصة لـ صدى البلد - أن هذا القرار قد لا يكون في صالح المستثمرين، حيث يزيد من تكلفة الاقتراض ويؤثر على جدوى بعض المشاريع الاستثمارية، مضيفا أن البنك المركزي ليس لديه خيارات أخري وهذا أفضل قرار في ظل هذه الاوضاع.

وأضاف الشامي أن غالبية صغار المودعين يعتمدون على عوائد ودائعهم للعيش منها، وبالتالي فإن أي خفض في أسعار الفائدة قد يضر بهم. لذا فإن استمرار المعدلات الحالية يضمن لهم عوائد مناسبة، وهو ما يعزز الاستقرار المالي للأفراد.

توقعات الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة

وعند سؤاله عن مستقبل الاقتصاد المصري، أكد الشامي أن هناك مؤشرات إيجابية تدعم استمرارية التحسن، ومن أبرزها انخفاض سعر الدولار، اختفاء السوق السوداء، وزيادة احتياطي النقد الأجنبي. كما أشار إلى انخفاض معدلات البطالة وتحسن القدرة على توفير السلع الاستراتيجية، مما يعزز من قدرة مصر على سداد ديونها بشكل مستدام.

وفيما يخص السياسات النقدية، أوضح أن البنك المركزي لم يفرض قيودًا إضافية على استخدام الدولار، مما يعكس استقرار الوضع المالي، مشيرًا إلى أن المستثمرين لا يواجهون عقبات في تحويل الأموال أو تنفيذ معاملاتهم المالية.

كما أضاف أن من يرغب في السفر إلى الخارج يمكنه الحصول على الدولار من البنوك بسهولة، ما يدل على توافر العملة الأجنبية بشكل جيد. وأكد أن استمرار الأوضاع الاقتصادية الحالية لمدة ستة أشهر أخرى سيؤدي إلى تحسن كبير في الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن المناخ الاستثماري في مصر لا يزال واعدًا ويوفر فرصًا جيدة للمستثمرين المحليين والأجانب.

ويعكس قرار البنك المركزي المصري بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، التزام الحكومة باستراتيجية نقدية حذرة تهدف إلى كبح التضخم وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. 

وبينما قد يؤثر هذا القرار سلبًا على تكلفة الاستثمار، فإنه يضمن حماية المودعين ويدعم استقرار القطاع المصرفي. ومع استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية، فإن التوقعات تشير إلى مزيد من التحسن خلال الأشهر المقبلة، ما يعزز من قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات وتحقيق نمو مستدام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البنك المركزي النقد الأجنبي الاقتصادي الفائدة الاقتصاد المصري المزيد الاقتصاد المصری معدلات التضخم أسعار الفائدة البنک المرکزی هذا القرار

إقرأ أيضاً:

فوربس تحذر من انهيار وشيك في الأسواق بسبب ترامب

في خضم توتر اقتصادي متصاعد، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إشعال الخلاف القديم مع رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، واصفا إياه في منشور على منصات التواصل بأنه "من أغبى وأكثر الأشخاص تدميرا في الحكومة".

هذه التصريحات جاءت مباشرة بعد إعلان الفدرالي تثبيت أسعار الفائدة في نطاق 4.25% إلى 4.5% منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، رغم دعوات ترامب المتكررة لخفضها، بحجة أن الفائدة المرتفعة "تُكلّف الولايات المتحدة المليارات".

لكن فوربس ترى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في التغريدات، بل في إمكانية خضوع الاحتياطي الفدرالي للضغوط السياسية. ففي حال خفّض الفائدة مبكرا، فإن الاقتصاد قد يواجه موجة تضخم ثانية قد تكون أكثر حدة من التي أعقبت جائحة كورونا، وتُعيد الولايات المتحدة إلى دوامة الركود التضخمي التي كلفت الأسواق كثيرا في السبعينيات.

مخاطر كبرى

ووسط تحذيرات متصاعدة، استعرض تقرير فوربس أبرز المؤشرات التي تنذر بانزلاق الاقتصاد الأميركي نحو أزمة قد تعيد إلى الأذهان أشد الفترات ركودا في تاريخه الحديث:

الانخفاض المفاجئ في أسعار الفائدة قبل السيطرة على التضخم قد يؤدي إلى ارتفاع سريع في الأسعار ويجبر الفدرالي لاحقا على رفع الفائدة بشكل أعنف. مؤشر ستاندرد آند بورز 500 قد ينهار بنسبة 50% كما حدث بين 1972 و1974، عندما تسبب التضخم المتفشي بانهيار الأسواق. السياسات الاقتصادية لترامب (رسوم جمركية، ترحيل جماعي، تخفيضات ضريبية) تشكل ما وصفته فوربس بـ"العاصفة المثالية" للتضخم. عجز الميزانية الأميركية تجاوز 6% من الناتج المحلي الإجمالي، والفائدة السنوية على الدين العام تخطت تريليون دولار. فقدان الثقة في استقرار السياسة النقدية قد يؤدي إلى هروب استثماري ضخم من الأسهم إلى السندات والحسابات الادخارية. تزايد القلق في الأوساط المالية من انهيار محتمل في قيمة مؤشر ستاندرد آند بورز قد يتجاوز 50% (الفرنسية) إعادة إنتاج أزمة السبعينيات؟

ويرى تقرير فوربس أن المشهد الحالي يحمل ملامح مرعبة من تجربة سبعينيات القرن الماضي، حينما تسبب تأخير الفدرالي في معالجة التضخم في دوامة ركود عميق، أدت إلى انهيار مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 50%. والآن، مع إصرار ترامب على تطبيق أجندة اقتصادية مقلقة تشمل:

إعلان رفع الرسوم الجمركية على الواردات، مما يرفع أسعار المواد الخام ويقلص العرض. طرد المهاجرين غير النظاميين، ما يؤدي إلى نقص في العمالة الرخيصة وارتفاع أسعار الخدمات. خفض الضرائب الشامل الذي يمنح المستهلكين سيولة أكبر في بيئة تضخمية، مما يُحفز الطلب رغم الأسعار المرتفعة.

كل هذه الإجراءات -بحسب فوربس- ستُشعل الأسعار مجددا، وتجعل من المستحيل على الفدرالي الحفاظ على استقرار السوق من دون تدخلات عنيفة.

السيناريو الأخطر

وتقدّر فوربس أن الانهيار الكامل لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 50% سيؤدي إلى خسارة تفوق 23 تريليون دولار من القيمة السوقية للأسهم، وهو رقم يتجاوز 4 أضعاف الخسائر التي لحقت بالسوق في الأيام الأولى من أبريل/نيسان 2025، والتي بلغت 5 تريليونات دولار.

وتشير فوربس إلى: أن المستثمرين سيطالبون بعوائد أعلى على الأسهم عندما تكون السندات تقدم عوائد خالية من المخاطر تصل إلى 6% أو أكثر. أن المستثمرين سيتخلون عن الأسهم ويتجهون إلى أدوات الادخار الآمنة مثل شهادات الإيداع والسندات قصيرة الأجل. أن الشركات الصغيرة، ذات السيولة الضعيفة، ستتضرر بشدة كما حصل في دورة 2022، حيث خسر سهم إنيفيديا أكثر من 50%. عدم وضوح إستراتيجية إدارة ترامب في مواجهة الأزمة يزيد من حالة التذبذب والارتباك في الأسواق (الأوروبية) تحذيرات من كبار الاقتصاديين

ويتوالى صدور التحذيرات من شخصيات بارزة في عالم المال والاقتصاد بشأن المخاطر المحدقة بالاقتصاد الأميركي، وأبرز هذه التحذيرات:

 صرّح جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان، بأن "نفقات الفائدة السنوية تخطت حاجز التريليون دولار"، محذرا من أن ذلك يشكل "علامة خطر واضحة". المستثمر المعروف بول تودور جونز، توقع أن "يفقد الدولار 10% من قيمته خلال هذا العام"، مما يزيد الضغوط على الأسواق والمالية العامة. أعربت لياه تروب، مديرة المحافظ في شركة "لورد أبِت"، عن قلقها من تآكل الثقة بالسياسة النقدية، مشيرة إلى أن "المستثمرين باتوا يتجهون نحو بدائل خارج الدولار". كتب الخبير الاقتصادي تريفيس تيم في فوربس محذرا: "إذا استمرت هذه السياسات على حالها، فإننا مقبلون على موجة ركود تشبه أزمة السبعينيات، لكن آثارها قد تكون أعمق وأكثر إيلاما". هل يغيّر ترامب مساره؟

ويتساءل تقرير فوربس: عندما تشتد الأزمات، هل يعيد ترامب النظر في سياساته الاقتصادية؟ أم يواصل نهجه الهجومي ويلقي باللوم على الآخرين؟

التقرير يشير إلى أن بصيص الأمل الوحيد يتمثل في قدرة مستشاريه والمقربين منه على إقناعه بتخفيف الإجراءات التي ترفع التضخم وتضرب الأسواق، قبل فوات الأوان.

وإلا، فإن الكارثة المحتملة قد تكون أسرع مما يتوقع كثيرون، وبآثار ممتدة تطال ليس فقط الاقتصاد الأميركي، بل الأسواق العالمية بأكملها.

مقالات مشابهة

  • دون شرط الحضور.. مختص يوضح أبرز تحديثات البنك المركزي بشأن البطاقات الائتمانية
  • خبير اقتصادي: تصعيد الشرق الأوسط يؤجل مشاريع اقتصادية كبرى ويهدد قطاع السياحة
  • تأثير حرب إسرائيل وإيران على الاقتصاد العالمي .. اقتصادي يوضح
  • فوربس تحذر من انهيار وشيك في الأسواق بسبب ترامب
  • سعر الدولار الآن في مصر.. كم يسجل في البنك المركزي؟
  • سعر الدولار اليوم السبت 21 يونيو 2025.. في البنك المركزي بكام؟
  • " تحديث اخير " سعر الدولار وفق البنك المركزي 20/6/2025 للبيع والشراء
  • سعر الريال القطري اليوم 20/6/2025 في البنك المركزي المصري
  • الذهب يتراجع والدولار يصعد مع تبدد آمال خفض الفائدة
  • الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية بضغط من تراجع احتمالات خفض الفائدة