أصبح التسويق الرقمي عنصرًا مهمًا في نمو الأنشطة التجارية، حيث يمنح الشركات بمختلف أحجامها القدرة على الوصول إلى الجمهور المستهدف وبتكلفة أقل مقارنة بالوسائل التقليدية، ومع تغيّر سلوك المستهلكين وانتشار التقنيات الحديثة واختلاف مواقع التواصل الاجتماعي وتزايدها، تزداد أهمية الاستثمار في استراتيجيات رقمية فعّالة تعزّز القدرة على المنافسة في السوق، وبناء علاقات مستدامة مع العملاء، وتحقيق حضور قوي في الأسواق المحلية والدولية.

وأوضح ماجد بن علي الجهوري المؤسس والمدير الإبداعي لوكالة تشالنج الإبداعية، أن التسويق الرقمي، والمقصود به استخدام المنصات والتقنيات الحديثة، أصبح أداة أساسية للوصول إلى الجمهور المستهدف عبر الإنترنت، وذلك من خلال أساليب تفاعلية يمكن قياس نتائجها بشكل لحظي، موضحًا أن الفرق بينه وبين التسويق التقليدي هو أن الرقمي يمنحك دقة في الاستهداف ومرونة في التعديل الفوري للحملات بناءً على النتائج، بينما التقليدي يعتمد غالبًا على وسائل مثل الصحف، والتلفاز، أو اللوحات الإعلانية التي يصعب قياس أثرها بدقة أو تعديلها بسرعة.

وأوضح الجهوري أن القنوات الأكثر فاعلية حاليًا والتي تعتمد عليها المؤسسات في الوقت الراهن تشمل وسائل مثل الأنستجرام وتيك توك ولينكدإن، ومحركات البحث مثل جوجل، إضافة إلى التسويق عبر البريد الإلكتروني، والإعلانات المدفوعة، والتسويق بالمحتوى، مشددًا على أن اختيار القناة يعتمد على طبيعة الجمهور المستهدف وسلوكياته.

وأشار إلى أن منظومة التسويق الرقمي التي يجب أن يعرفها رواد الأعمال ترتكز على عناصر أساسية، أهمها وضوح الهدف، وتحديد الجمهور بدقة، وصياغة رسالة جذابة، واختيار المنصة المناسبة، وقياس الأداء وتحليل النتائج، مع الاستمرار في التطوير والتحسين، مؤكدًا أن أي خلل في أحد هذه العناصر قد يضعف من أثر الحملة.

وأضاف: إن التسويق الرقمي في المراحل الأولى للمشاريع التجارية يعد أسرع وسيلة لبناء الوعي بالعلامة والوصول إلى الجمهور بأقل تكلفة مقارنة بالطرق التقليدية، كما أنه يتيح للشركات الناشئة التفاعل المباشر مع العملاء وبناء قاعدة وفية منذ البداية.

وشدد الجهوري على أن وجود خطة تسويق رقمي واضحة أصبح ضرورة لا يمكن تجاهلها في ظل المنافسة الشديدة، موضحًا أن الاعتماد على الحظ والعمل العشوائي في الحملات التسويقية يؤدي إلى إهدار الوقت والمال، بينما الخطة الواضحة تحدد لك أين تستثمر مواردك، وكيف تقيس نجاحك، وتمنحك القدرة على التكيف مع تغيرات السوق.

وحول دور التسويق الرقمي في بناء ثقة العملاء، أشار الجهوري إلى أن التواصل المستمر، وتقديم محتوى ذي قيمة، والشفافية في التعامل، هي مفاتيح الثقة، مبينًا أن هذه القنوات لا تقتصر على البيع، بل تتيح مساحة للحوار مع الجمهور، فعندما يشعر العميل أن العلامة تستمع له وتقدّم له ما يناسبه، يتحول من مجرد مشتري إلى داعم دائم.

ولفت الجهوري إلى أن مواقع التسويق الرقمي تمكّن أصحاب المشاريع من تحسين الأداء واتخاذ قرارات مبنية على حقائق، فكل حملة رقمية تترك وراءها بيانات وإحصاءات، مثل عدد المشاهدات والتفاعل والمبيعات وسلوك الزوار، وهي معلومات تسمح لأصحاب المشاريع باتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على بيانات حقيقية، محذرًا رواد الأعمال من الوقوع في أخطاء مثل عدم وضوح الهدف، وتقليد المنافسين دون فهم السوق، والاعتماد على منصة واحدة، وإهمال تحليل النتائج، والتسرع في الحكم على الحملة قبل أن تأخذ وقتها الطبيعي.

وبيّن الجهوري أن أدوات مثل Google Analytics وإحصائيات وسائل التواصل الاجتماعي تساعد المؤسسات على فهم سلوك المستهلكين، ومعرفة ما يجذبهم ومتى يتفاعلون وكيف يتخذون قراراتهم الشرائية، وهو ما ينعكس على تحسين الاستراتيجيات بشكل مستمر.

وأكد أنه يمكن تحقيق نتائج ملموسة حتى بميزانيات محدودة إذا كانت الحملة مركزة وذكية، من خلال استهداف جمهور صغير ومناسب، وصياغة رسالة قوية، وتقديم محتوى جذاب، لافتًا إلى أن الوعي بأهمية التسويق الرقمي في السوق العماني قد تحسن بشكل ملحوظ، خاصة بعد جائحة كورونا، إلا أن مستوى الاستثمار فيه لا يزال متفاوتًا بين المؤسسات.

وفي تقييمه لاستخدام رواد الأعمال العمانيين للتقنيات الرقمية، قال الجهوري: إن هناك نماذج ملهمة في الإبداع واستغلال الأدوات المتاحة، لكن كثيرين لا يزالون بحاجة إلى تدريب وفهم أعمق للاستخدام الاستراتيجي، مشيرًا إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان استفادت من هذه الأدوات للوصول إلى أسواق أوسع، والتواصل المباشر مع العملاء، وقياس العائد على الاستثمار، وبناء هوية قادرة على المنافسة.

وأضاف: إن نمو التسويق الرقمي في سلطنة عمان يتماشى مع أهداف "رؤية عُمان 2040" التي تضع التحول الرقمي والابتكار في صميم التنمية الاقتصادية، حيث تمكّن هذه الأدوات المؤسسات من تبني التقنيات الحديثة وزيادة قدرتها على الوصول إلى الأسواق، وتعزيز ثقافة العمل المبنية على البيانات.

وتوقع الجهوري أن يشهد التسويق الرقمي خلال السنوات المقبلة تطورًا في أتمتة العمليات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وزيادة الاعتماد على الفيديو القصير والمحتوى التفاعلي، لكنه حذّر من تحديات مثل سرعة تغير المنصات، وارتفاع تكلفة الإعلانات، والحاجة إلى تأهيل الفرق التسويقية لمواكبة المستجدات.

ونصح ماجد الجهوري أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بضرورة فهم جمهورهم بدقة، ووضع أهداف قابلة للقياس، واختيار القنوات الأنسب، والاستثمار في محتوى قوي، ومراجعة الأداء بانتظام، معتبرًا أن التسويق الرقمي ليس مجرد حملة مؤقتة، بل جزء مستمر من استراتيجية العمل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التسویق الرقمی فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

د. صبري درادكة يكتب: متحان الثقة قبل امتحان التوجيهي!

د. صبري درادكة يكتب: متحان الثقة قبل امتحان التوجيهي!

مقالات مشابهة

  • 96% من الرؤساء الماليين يعتبرون الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية للنمو
  • حبيب غلوم يمازح زوجته في السوق: تدور الخلاقين.. فيديو
  • خصومات من 5% حتى 50% على مختلف السلع في الأسواق
  • المنظمة العربية للتنمية الإدارية تختتم الملتقى الثالث للتحول الرقمي في المؤسسات
  • ضبط 2 طن أسمدة مدعمة قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة
  • خبير: فقدان الثقة بالسوق مرتبط فقط بنتائج الشركات المخيبة للآمال
  • د. صبري درادكة يكتب: متحان الثقة قبل امتحان التوجيهي!
  • «التسويق» من تلبية الحاجة إلى صناعة الرغبة حشر المنذري يروي القصة
  • عون: في محاربة الفساد.. لا خيمة فوق رأس أحد