أقيمت مساء الأربعاء في النادي الثقافي جلسة نقدية بعنوان "تحديات الناقد الثقافي: التوصيف والتشخيص وأسئلة المستقبل"، وهي الفعالية الأولى التي يقيمها "مختبر النقد"، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا النقد الثقافي ومستقبله في ظل التحولات الفكرية والإبداعية المعاصرة.

ناقشت الجلسة أبرز الإشكاليات التي تواجه الناقد الثقافي، ودوره في تشكيل الوعي النقدي وتحليل الظواهر الثقافية.

قدم فيها كلٌّ من الدكتور حميد الحجري، والدكتور محمد الشحات، وأدار الجلسة الكاتب هلال البادي، لتُعرض فيها عدد من المحاور التي نوقشت من عدة جوانب ترتكز على فكرة استشراف مستقبل النقد في العالم العربي.

وجاءت ورقة الدكتور حميد الحجري لتحمل عنوان: "النقد الثقافي واستحقاق المنهج"، قال فيها: "يمثل النقد الثقافي إضافة مهمة إلى ميدان النقد الأدبي في الساحتين الغربية والعربية، ذلك أنه يتعامل مع الأدب باعتباره ظاهرة اجتماعية معقدة تنطوي على أنساق ثقافية مضمرة تستوجب الكشف والتفكيك، بما يسهم في تحرير العقل البشري مما يرسف فيه من أغلال فكرية واعية ولا واعية، رسّختها السلطة الجمعية من جهة، وموازين القوى الاجتماعية من جهة أخرى".

وأضاف الحجري في حديثه: "وبقدر الأهمية التي يتمتع بها النقد الثقافي، ثمة مزالق كثيرة تتربص بالنقاد الثقافيين، زلت بها أقدام بعضهم، وحامت حولها أقدام البعض الآخر، في مقدمتها: الانفعال ومجافاة الموضوعية، والانحيازات المسبقة، والمبالغة، والتعميمات المخلّة".

واستطرد الدكتور حميد في ورقته فقال: "يمثل الاستحقاق المنهجي التحدّي الأكبر والأخطر الذي يواجه النقد الثقافي باعتباره منهجًا من مناهج النقد الأدبي، فمتى تخطّى النقاد الثقافيون هذه العقبة، وتمكنوا من إخضاع فرضياتهم لمعايير البحث العلمي الرصين، فإنهم عندئذ سيرفدون المكتبة العربية بدراسات نوعية تسهم في تفكيك الأنساق الثقافية اللاواعية".

وقدم الدكتور محمد الشحات ورقته التي قال فيها: "ليس النقد الثقافي خطابًا في الكراهية، ولا خطابًا في التربص، ولا القبض على اللصوص، النقد حسب تصوري عبر سنوات من الاشتغال، خطاب في المساءلة، بمعنى أنه خطاب معرفي، مؤسَّس على منهجيات وتصورات نظرية وتراكمات متتابعة، هي في الأصل أفكار نظرية مستلّة من منظومة العلوم الإنسانية. لكن ما يميز النقد عن علم التاريخ وعلم الاجتماع أو دراسات الآثار هو أن النقد يتعامل مع نصوص أدبية، أما باقي العلوم فتتعامل مع نصوص شفهية كلامية أو آثار أو أيقونات أو لوحات تشكيلية أو أفلام سينمائية. النقد مادته هي النص".

وأضاف الشحات: "لم يعد النقد الأدبي نقدًا قيميًا، ليس الآن فقط وإنما منذ الستينيات. سؤال القيمة غُيّب، لكن تغييب سؤال القيمة في المناهج النصية لم يكن تغييبا قسريًا، بل جاء بحكم ردة فعل على التيارات السابقة، وعلى المنهج الاجتماعي تحديدًا، والتاريخي وأحيانًا النفسي".

وقال: "أنا لا أتصور وجود حركة أدبية في بلد من البلدان دون نقد. خطاب النقد لا يقوم به ولا يمارسه الأكاديميون وحدهم، بل يمارسه كل من يملك أدوات معرفية، لكن في عالمنا العربي لا يُمنح النقد ولا يُمارس إلا في الأكاديميات، والمشكلة أن من يمارسون النقد في الأكاديميات بعضهم يتعطل أو يتوقف عند إنتاج رسالة علمية، لذا لا بد للنقد أن يخرج إلى النطاق الأوسع".

وتطرق الناقدون في الجلسة إلى الحديث عن التحدّيات التي تحول بين الناقد وبين بروز صوته في خطاب النقد العالمي الذي تهيمن عليه أكاديميات غربية منذ سنوات ليست بالقليلة، وقُسّمت التحديات إلى صنفين كبيرين: الأول يواجه المثقف العام، مثل مشكلة العولمة وتنميط الثقافة الإنسانية وغياب الحريّات وأزمة التعليم ومشكلات البيئة. والثاني يواجه الناقد المتخصِّص، مثل تحدّي المنهجية، والمرجعية، وتحدّي الهوية، والجندرية، وتحدّي الأجناسية.

كما ناقش المتحدثون ضرورة نقل الخطاب النقدي من مستوى تحليل النصوص (أي تحليل الجزئيات تحليلًا مجهريًّا دقيقًا)، سواء في تمظهراتها البنيوية أو الأسلوبية أو الثيماتية، إلى تأويل الخطابات والأنساق (أي تركيب الكُلّيّات تركيبًا رؤيويًّا وفلسفيًّا)، ومن تحليل جماليات الأبنية وبلاغتها وشعريّتها إلى تحليل الأنساق وتفكيكها أو نقضها وتعرية مضمراتها، التي هي مضمرات الثقافة المؤثِّرة في تشكّل النصوص.

ومن خلال حديث المشاركين في الجلسة، فُتحت أبواب الحوار لعدد من التساؤلات المتعلقة بالنقد في الوطن العربي، أبرزها: هل يستطيع الناقد العربي استئنافَ مشروع التنوير العربي الجديد؟ هل يمكن أن يُقدّم النقّاد العرب الجدد في السنوات العشر أو العشرين المقبلة ما يجعلهم امتدادًا أصيلًا لمشروعات فكرية عربية تدافع عن وجود الإنسان العربي في القرن الواحد والعشرين؟ وما صورة الناقد بعد عشرين أو خمسين عامًا؟ وما طبيعة التحدّيات التي سيواجهها الناقد أو النظرية ذاتها؟

تجدر الإشارة إلى أن النادي الثقافي يسعى من خلال فعالياته الثقافية والفكرية والنقدية إلى إبراز دور المثقف العماني في الساحة العربية، وما يقدمه من تعزيز للحوار والفكر العربي، وإسهامه في الحراك الثقافي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: النقد الثقافی تحلیل ا خطاب ا

إقرأ أيضاً:

أسرة عمرو دوارة تتلقى العزاء بمسجد عمرو مكرم .. اليوم

تتلقى أسرة الناقد والمؤرخ المسرحى الكبير والمخرج الدكتور عمرو دوارة عزاءه اليوم السبت بعد صلاة المغرب من مسجد عمرو مكرم بوسط البلد.

جيهان الشماشرجي تهنئ صديقتها روبي بعيد ميلادها إلهام شاهين تهنئ إيناس الدغيدي بعقد قرانها بحضور أبطاله.. العرض الخاص لفيلم "أوسكار عودة الماموث" اليوم مسلسل "ورد وشوكولاتة" يكشف عن الإعلان الرسمي قبل طرحه الشهر الجاري انطلاق أولى حفلات جورج وسوف في الولايات المتحدة.. الليلة أزمة صحية تضرب والدة مصطفى كامل.. والسبب خطأ دوائي خطير غزة تُبنى من جديد.. وترامب يكشف خطة مجلس السلام ترامب: غزة ستبنى من جديد.. وسأزور مصر وإسرائيل قريبًا ترامب: يوم الإثنين بداية السلام وإعادة إعمار غزة حسن دنيا: الفن المصري فقد هويته بعد الثورة

ونعت نقابة المهن التمثيلية برئاسة الدكتور أشرف زكى ومجلس إدارتها، ببالغ الحزن والأسى، رحيل الناقد والمؤرخ المسرحى الكبير والمخرج الدكتور عمرو دوارة، الذى وافته المنية اليوم الخميس، بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإبداع في خدمة المسرح المصري والعربي.

وقالت النقابة في بيانها: "رحم الله الفقيد الكبير، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان، ستظل إسهاماته علامة مضيئة في تاريخ المسرح المصري".

ويلقب عمرو دوارة "بحارس ذاكرة المسرح المصري" بعدما أفنى عمره في خدمة الخشبة وتوثيق تاريخها.

 فكل من يبحث عن معلومة أو يسعى لاكتشاف تفصيلة تخص المسرح، كان أول ما يخطر بباله عمرو دوارة، الذي لم يخيب ظن أحد يوماً، إذ كان دائما يمتلك الإجابة والمعرفة والوثيقة التي تحفظ للتاريخ صدقه وذاكرته.

رحل عن عالمنا الدكتور والمؤرخ المسرحي عمرو دوارة، ليملأ الحزن قلوب محبيه وكل عشاق المسرح، بعد رحلة فنية وإنسانية وهب فيها نفسه للفن، وترك خلفه إرثًا لا يقدر بثمن.

مقالات مشابهة

  • مصر للطيران تشارك في جلسة نقاشية بمؤتمر ISTAT بالشرق الأوسط وأفريقيا
  • مصر للطيران تشارك في جلسة نقاشية عن شركات الطيران بمؤتمر ISTAT
  • توروب يقود أول مران للأهلي غدًا.. تفاصيل
  • مصر للطيران تشارك في جلسة نقاشية عن شركات الطيران في مؤتمر «ISTAT »
  • جناح المملكة في إكسبو 2025 أوساكا يُنظّم جلسة “تأثيرها” احتفاءً بريادة المرأة السعودية
  • تشكلن المستقبل.. جناح المملكة في إكسبو أوساكا يحتفي بالمرأة السعودية
  • كلمات للسيسي رسمت موقف مصر من حرب غزة - تحليل خطاب 24 فعالية رسمية
  • وضع ستار على الأضرار التي لحقت بحاملة الطائرات ترومان اثناء خطاب ترامب.. صور
  • الصحف العالمية تتناول عودة نازحين لشمال غزة ومستجدات تنفيذ الاتفاق
  • أسرة عمرو دوارة تتلقى العزاء بمسجد عمرو مكرم .. اليوم