قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن احتضان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ والحماسي لروسيا و"زعيمها المستبد" فلاديمير بوتين مدفوع جزئيا برغبة إستراتيجية في إحداث شرخ بين موسكو وبكين، اللتين تسعيان منذ مدة طويلة لإنهاء هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي.

وقد أطلق خبراء السياسة الخارجية على هذه المحاولة -حسب تقرير ياروسلاف تروفيموف للصحيفة- اسم "عكس نيكسون" عندما تحرك الرئيس ريتشارد نيكسون في أوائل سبعينيات القرن العشرين لعكس السياسة الأميركية بالتقرب من الصين الشيوعية لتعميق الانقسام بين رئيسها آناك ماو تسي تونغ والاتحاد السوفياتي، مما أعاد ضبط الجغرافيا السياسية للحرب الباردة ومهد للتنمية الاقتصادية في الصين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: إقالة ترامب لرئيس الأركان تهميش لطيار مقاتل أسودlist 2 of 2أكسيوس: 5 خطوات لزيلينسكي أثارت غضب ترامبend of list

غير أن الفصل بين روسيا والصين الآن، بعد أن أعلنت الدولتان عام 2022 أن بينهما صداقة "لا حدود لها"، سيكون صعبا، وسيؤدي تحول واشنطن لدعم روسيا والابتعاد عن أوكرانيا -كما يقول الكاتب- إلى نفور حلفائها في أوروبا الذين يشكلون مجتمعين أكبر شريك تجاري وأكبر مستثمر أجنبي للولايات المتحدة، كما قد يؤدي إلى إثارة مخاوف الشركاء في آسيا كذلك.

ورغم كل هذا، ردد ترامب الدعاية الروسية، ووجه سيلا من الشتائم إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووصفه بالدكتاتور، وألقى باللوم على كييف في بدء الحرب.

إعلان

وقد تسبب هذا "الانفجار"، الذي أعقب خطاب جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي اللاذع أمام الزعماء الأوروبيين في ميونخ، في أكبر صدع في العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها عبر الأطلسي منذ عدة عقود.

عكس نيكسون

وذكرت الصحيفة أن نيكسون عندما عكس هو ومستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر مسار السياسة الأميركية المتعلقة بالصين، كانا يستغلان الصدام القائم بين موسكو وبكين، اللتين اتهمت كل منهما الأخرى علنا بالانحراف عن التعاليم الشيوعية.

وقد ساعد التعاون اللاحق بين واشنطن وبكين بالفعل في تآكل النفوذ العالمي للاتحاد السوفياتي، ولكن ما يحدث الآن هو عكس "عكس نيكسون"، كما قال المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأميركية إيفان فايغنباوم الذي يعمل الآن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

وأوضح فايغنباوم أن ترامب "يحاول كسر الوفاق بين قوتين لديهما تقارب أيديولوجي ومصالح إستراتيجية مشتركة، ولكن فعله بدلا من ذلك هو تقسيم الغرب، كما أتاح لروسيا أن تتحالف مع الولايات المتحدة ومع الصين في الوقت نفسه".

وكانت العقوبات الغربية بما سببته من ألم لروسيا، قد قربت موسكو من الصين، كما عززت الحرب في أوكرانيا تحالفات موسكو مع إيران وكوريا الشمالية، اللتين تزودانها بالذخيرة والطائرات المسيرة والصواريخ والجنود في حالة كوريا الشمالية.

ويرى المسؤولون الأميركيون في ظهور هذا المحور الجديد من الأنظمة الاستبدادية تهديدا إستراتيجيا من الصعب على الجيش الأميركي التعامل معه في وقت واحد، ويقولون إن رغبة ترامب الملحة في إنهاء الحرب في أوكرانيا مدفوعة بالحاجة إلى إضعاف، إن لم يكن تفكيك، تلك الجبهة المشتركة من الخصوم.

على نهج ترامب

وفي هذا السياق، تشير مذكرة أعدتها مؤسسة بحثية تابعة للحكومة الروسية قبل المحادثات إلى أن موسكو قد تقترح إنهاء التعاون مع الصين في القضايا التكنولوجية والعسكرية الحساسة كجزء من صفقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط مواتية لروسيا.

إعلان

وقالت المذكرة إن موسكو تعرض أيضا الحد من مشاركة الصين في مشاريع البنية التحتية، كما قد تتعهد بالحد من استئناف صادرات الغاز إلى أوروبا لتقويض القدرة التنافسية الأوروبية والسماح بمبيعات الغاز الأميركي المسال، فضلا عن عروض لمنح الشركات الأميركية حقوقا في الرواسب المعدنية في أوكرانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشروط مصممة على نهج ترامب في العلاقات الدولية، ولكن المتشككين في جدوى التواصل مع روسيا يزعمون أن موسكو لا تستطيع فعل الكثير لمساعدة الولايات المتحدة على احتواء الصين.

وحذرت ألينا بولياكوفا الرئيسة التنفيذية لمركز تحليل السياسات الأوروبية في واشنطن، من أن تخلي واشنطن عن أوكرانيا سوف يضفي الشرعية على "عدوان روسيا على أوكرانيا ويفتح الباب لبكين في العدوان المحتمل ضد تايوان".

وقال قائد القيادة الهندية الباسيفيكية الأميركية صمويل بابارو إن "الاعتقاد بأننا قادرون على دق إسفين بينهما خيالٌ"، لأن علاقة روسيا بالصين إستراتيجية ودائمة، في حين أن أي تقارب مع واشنطن مؤقت بطبيعته ما دام بوتين يعلم أن ترامب لن يكون في البيت الأبيض بعد أربع سنوات، وأن احتمال تحول الإدارة الأميركية التالية بشكل مفاجئ في الاتجاه المعاكس أمر وارد.

وخلصت الصحيفة إلى أن الصين التي تراقب تحول ترامب نحو روسيا ببعض القلق، تستفيد من ذلك مكاسب إستراتيجية مثل دعم نظام بوتين وفصل بقية أوروبا عن الولايات المتحدة، حتى إن وزير الخارجية الصيني وانغ يي تحدث عن الحاجة إلى الحفاظ على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ووصف أوكرانيا التي انتقد ترامب رئيسها بشدة بأنها "صديقة وشريكة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

"ستريت جورنال": الحوثيون عدو صعب وشرس أرهقوا البحرية الأمريكية بعمليات معقدة (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن جماعة الحوثي في اليمن هزت البحرية الأمريكية وأحدثت تحولاً في الحرب البحرية لأقوى دول العالم تقدما في التسليح العسكري.

 

واضافت الصحيفة في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن القصف المعارك العنيفة التي دارت رحاها داخل اليمن وفي عرض البحر الأحمر بين الحوثيين والبحرية الأميركية دفع بحّارة الأخيرة إلى حافة الانهيار، قبل أن يوافق الطرفان في أوائل مايو/أيار المنصرم على وقف إطلاق النار.

 

وأكدت أن وتيرة العمليات أثرت على البحارة الذين كانوا مضطرين إلى البقاء متيقظين على مدار الساعة لأنهم كانوا باستمرار في مرمى نيران الحوثيين. ولذلك، لم تقم حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت أيزنهاور" سوى برحلة قصيرة واحدة خلال 7 أشهر من القتال.

 

وبحسب الصحيفة فإن المسؤولين الأميركيين يعكفون الآن على تحليل ذلك الصراع لمعرفة كيف تمكن خصم "مشاكس" من تحدي واختبار أفضل أسطول سطحي في العالم.

 

وذكرت أن واشنطن شارطت بنحو 30 سفينة أمريكية في (العمليات القتالية) بالبحر الأحمر منذ أواخر 2023″، الأمر الذي يشير إلى حجم الردع الذي فرضته الجماعة المتمردة في اليمن، ومدى فشل قوة أمريكا البحرية الهائلة في حماية إسرائيل.

 

ونقلت الصحيفة مسؤولين أمريكيين قولهم: إن القتال مع الحوثيين قدم تجربة قتالية لا تقدر بثمن، مشيرين إلى التنوع المدروس الذي أظهرته القوات المسلحة اليمنية في عملياتها الهجومية على القوات الأمريكية.

 

وأشاروا إلى تنوع أنماط الهجمات الحوثية الليلية على سفننا بالطائرات المسيرة والصواريخ الانزلاقية فوق الأمواج، عقّدت مسألة تتبعها.

 

وأفادوا بأن الحوثيين أثبتوا أنهم خصم صعب المراس بشكل مدهش، إذ اشتبكوا في أعنف معارك تخوضها البحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية "رغم أنهم كانوا يقاتلون من كهوف وأماكن تفتقر إلى أبسط المرافق في واحدة من أفقر دول العالم". مؤكدين أن البحرية الأمريكية أصيبت بالإرهاق إثر العمليات اليمنية ضدها في البحر الأحمر.

 

وطبقا للصحيفة فإن الحوثيين استفادوا من انتشار تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيرة الرخيصة الثمن التي حصلوا عليها من إيران، وأطلقوا صواريخ باليستية مضادة للسفن في أول استخدام قتالي على الإطلاق لهذا السلاح الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة، وابتكروا طريقة لنشر أسلحتهم.

 

وأدى نشر القوات لقتال الحوثيين وفق الصحيفة إلى سحب موارد وعتاد عسكري كانت موجهة إلى الجهود المبذولة في آسيا لردع الصين، وتسبب في تأخير جداول صيانة حاملات الطائرات. ومن المتوقع أن تظل آثار هذا الانتشار ماثلة لسنوات قادمة.

 

مسؤولون في البحرية الأمريكية يعتقدون أن قتالهم ضد جماعة الحوثي قدم لهم خبرة قتالية لا تقدر بثمن، ويُنظر إلى الصراع في البحر الأحمر داخل البنتاغون على أنه إحماء لصراع محتمل أشد ضراوة وتعقيدًا وأثرًا.

 

وبشأن المواجهات التي وقعت بين الحوثيين والأميركيين يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وصفتها الصحيفة بأنها أعنف قتال تتعرض له سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية منذ ما يقرب من قرن، إذ أسقط الحوثيون أكثر من 12 طائرة مسيرة و4 صواريخ كروز سريعة التحليق.

 

وقال برايان كلارك، الخبير الاستراتيجي السابق في البحرية والزميل البارز في معهد هدسون، عن نشر حاملة طائرات في المنطقة: "إنها فرصة سهلة في المنطقة، وفي نطاق أسلحة الحوثيين".

 

واعتادت البحرية العمل في بيئة مماثلة في الخليج العربي، حيث يكون الإيرانيون على مسافة قريبة. لكن ردع الميليشيات مثل الحوثيين أصعب من ردع الحكومة النظامية، وقد أصبحت هذه الجماعات أكثر خطورة مع انتشار الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والطائرات المسيرة الهجومية.

 

واضاف كلارك: "كنا قادرين على العمل بالقرب من الشاطئ بهذه الطريقة، لأن التوقع كان أن الخصوم لن يهاجموا حاملة طائرات خوفًا من العواقب".

 

غالبًا ما كان لدى البحارة أنظمة رادار مضبوطة على حساسية عالية لمنحهم الوقت لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ. كانت مراجعة إعدادات الرادار وتحسينها لتجنب التقاط نتائج إيجابية خاطئة مع الاستمرار في رصد التهديدات على مسافة مناسبة من أصعب المهام ومصدرًا رئيسيًا للتوتر لمشغلي السفن، وفقًا لضابط قضى ستة أشهر في البحر الأحمر.

 

ويخضع فقدان الطائرات المقاتلة الثلاث التابعة لحاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس ترومان" للتحقيق من قِبل البنتاغون. وصرح مسؤول في البحرية الأمريكية: "إنه أمر غير مسبوق. ربما يكون مجرد مصادفة أو سوء حظ - أو ربما هناك بعض المشكلات الكامنة".

 

وخلصت الصحيفة في تقريرها إلى القول "في حين لم ينجح الحوثيون قط في ضرب سفينة أمريكية، إلا أنهم تحسنوا في تتبع الأهداف المتحركة".

 


مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: إيران تطلب من الصين مكونات صواريخ باليستية
  • وول ستريت: إيران تسعى لتعزيز ترسانتها العسكرية بشكل غير مسبوق
  • روسيا: سنرد على هجوم أوكرانيا بالطريقة والموعد المناسبين
  • "ستريت جورنال": الحوثيون عدو صعب وشرس أرهقوا البحرية الأمريكية بعمليات معقدة (ترجمة خاصة)
  • وول ستريت جورنال: كيف استطاع الحوثيون قض مضاجع البحرية الأميركية؟
  • “وول ستريت جورنال”: ترامب نفد صبره من انتقادات ماسك للمشروع “الضخم والجميل”
  • “وول ستريت جورنال”: اليمنيون أرهقوا أمريكا بعمليات معقّدة
  • وول ستريت جورنال تعترف: اليمنيون أرهقوا أمريكا بعمليات معقّدة
  • وول ستريت جورنال: ضربة أوكرانيا لروسيا تكشف أيضا هشاشة الدفاعات الأميركية
  • بعد هجمات السكك الحديد والمطارات.. روسيا تدعو أوكرانيا إلى عدم التصعيد