وول ستريت جورنال: احتضان واشنطن لبوتين يهدد بتقسيم الغرب
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن احتضان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ والحماسي لروسيا و"زعيمها المستبد" فلاديمير بوتين مدفوع جزئيا برغبة إستراتيجية في إحداث شرخ بين موسكو وبكين، اللتين تسعيان منذ مدة طويلة لإنهاء هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي.
وقد أطلق خبراء السياسة الخارجية على هذه المحاولة -حسب تقرير ياروسلاف تروفيموف للصحيفة- اسم "عكس نيكسون" عندما تحرك الرئيس ريتشارد نيكسون في أوائل سبعينيات القرن العشرين لعكس السياسة الأميركية بالتقرب من الصين الشيوعية لتعميق الانقسام بين رئيسها آناك ماو تسي تونغ والاتحاد السوفياتي، مما أعاد ضبط الجغرافيا السياسية للحرب الباردة ومهد للتنمية الاقتصادية في الصين.
غير أن الفصل بين روسيا والصين الآن، بعد أن أعلنت الدولتان عام 2022 أن بينهما صداقة "لا حدود لها"، سيكون صعبا، وسيؤدي تحول واشنطن لدعم روسيا والابتعاد عن أوكرانيا -كما يقول الكاتب- إلى نفور حلفائها في أوروبا الذين يشكلون مجتمعين أكبر شريك تجاري وأكبر مستثمر أجنبي للولايات المتحدة، كما قد يؤدي إلى إثارة مخاوف الشركاء في آسيا كذلك.
ورغم كل هذا، ردد ترامب الدعاية الروسية، ووجه سيلا من الشتائم إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووصفه بالدكتاتور، وألقى باللوم على كييف في بدء الحرب.
إعلانوقد تسبب هذا "الانفجار"، الذي أعقب خطاب جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي اللاذع أمام الزعماء الأوروبيين في ميونخ، في أكبر صدع في العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها عبر الأطلسي منذ عدة عقود.
عكس نيكسونوذكرت الصحيفة أن نيكسون عندما عكس هو ومستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر مسار السياسة الأميركية المتعلقة بالصين، كانا يستغلان الصدام القائم بين موسكو وبكين، اللتين اتهمت كل منهما الأخرى علنا بالانحراف عن التعاليم الشيوعية.
وقد ساعد التعاون اللاحق بين واشنطن وبكين بالفعل في تآكل النفوذ العالمي للاتحاد السوفياتي، ولكن ما يحدث الآن هو عكس "عكس نيكسون"، كما قال المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأميركية إيفان فايغنباوم الذي يعمل الآن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
وأوضح فايغنباوم أن ترامب "يحاول كسر الوفاق بين قوتين لديهما تقارب أيديولوجي ومصالح إستراتيجية مشتركة، ولكن فعله بدلا من ذلك هو تقسيم الغرب، كما أتاح لروسيا أن تتحالف مع الولايات المتحدة ومع الصين في الوقت نفسه".
وكانت العقوبات الغربية بما سببته من ألم لروسيا، قد قربت موسكو من الصين، كما عززت الحرب في أوكرانيا تحالفات موسكو مع إيران وكوريا الشمالية، اللتين تزودانها بالذخيرة والطائرات المسيرة والصواريخ والجنود في حالة كوريا الشمالية.
ويرى المسؤولون الأميركيون في ظهور هذا المحور الجديد من الأنظمة الاستبدادية تهديدا إستراتيجيا من الصعب على الجيش الأميركي التعامل معه في وقت واحد، ويقولون إن رغبة ترامب الملحة في إنهاء الحرب في أوكرانيا مدفوعة بالحاجة إلى إضعاف، إن لم يكن تفكيك، تلك الجبهة المشتركة من الخصوم.
على نهج ترامبوفي هذا السياق، تشير مذكرة أعدتها مؤسسة بحثية تابعة للحكومة الروسية قبل المحادثات إلى أن موسكو قد تقترح إنهاء التعاون مع الصين في القضايا التكنولوجية والعسكرية الحساسة كجزء من صفقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط مواتية لروسيا.
إعلانوقالت المذكرة إن موسكو تعرض أيضا الحد من مشاركة الصين في مشاريع البنية التحتية، كما قد تتعهد بالحد من استئناف صادرات الغاز إلى أوروبا لتقويض القدرة التنافسية الأوروبية والسماح بمبيعات الغاز الأميركي المسال، فضلا عن عروض لمنح الشركات الأميركية حقوقا في الرواسب المعدنية في أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشروط مصممة على نهج ترامب في العلاقات الدولية، ولكن المتشككين في جدوى التواصل مع روسيا يزعمون أن موسكو لا تستطيع فعل الكثير لمساعدة الولايات المتحدة على احتواء الصين.
وحذرت ألينا بولياكوفا الرئيسة التنفيذية لمركز تحليل السياسات الأوروبية في واشنطن، من أن تخلي واشنطن عن أوكرانيا سوف يضفي الشرعية على "عدوان روسيا على أوكرانيا ويفتح الباب لبكين في العدوان المحتمل ضد تايوان".
وقال قائد القيادة الهندية الباسيفيكية الأميركية صمويل بابارو إن "الاعتقاد بأننا قادرون على دق إسفين بينهما خيالٌ"، لأن علاقة روسيا بالصين إستراتيجية ودائمة، في حين أن أي تقارب مع واشنطن مؤقت بطبيعته ما دام بوتين يعلم أن ترامب لن يكون في البيت الأبيض بعد أربع سنوات، وأن احتمال تحول الإدارة الأميركية التالية بشكل مفاجئ في الاتجاه المعاكس أمر وارد.
وخلصت الصحيفة إلى أن الصين التي تراقب تحول ترامب نحو روسيا ببعض القلق، تستفيد من ذلك مكاسب إستراتيجية مثل دعم نظام بوتين وفصل بقية أوروبا عن الولايات المتحدة، حتى إن وزير الخارجية الصيني وانغ يي تحدث عن الحاجة إلى الحفاظ على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ووصف أوكرانيا التي انتقد ترامب رئيسها بشدة بأنها "صديقة وشريكة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
إثيوبيا تنفي حديث ترامب عن تمويل واشنطن لسد النهضة
نفت مسؤولة إثيوبية ادعاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة ساهمت في تمويل سد النهضة الإثيوبي قائلة إنه ادعاء "كاذب ومؤذ".
ورفضت فكرت تامر، نائبة مدير مكتب تنسيق سد النهضة، تصريحات ترامب، مؤكدة أن السد "بُني دون أي مساعدة أجنبية".
ورغم أن مكتب تنسيق سد النهضة يُعد هيئة مستقلة من الناحية الفنية، إلا أن الحكومة أنشأته لحشد الموارد المالية اللازمة لبناء السد.
وقالت فكرت: "فيما يتعلق بما قاله دونالد ترامب، ينبغي على الحكومة الرد بإجراءات دبلوماسية بعيدة النظر ومدروسة بعناية".
وعقب تصريحاتها، تساءل بعض الإثيوبيين عن مدى اطلاع مكتب التنسيق على أي اتفاق محتمل بين الحكومة والولايات المتحدة، بالنظر إلى وضع المكتب كجهة مستقلة.
والأسبوع الماضي صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، بأن السد المثير للجدل بُني "بأموال أمريكية، إلى حد كبير".
ولم يصدر أي رد من الحكومة الإثيوبية على تصريحات ترامب بشأن تمويل السد، الذي بدأ في توليد الكهرباء عام 2022، واكتمل بناؤه بالكامل في وقت سابق من هذا الشهر.
وسبق أن أكد ترامب عدة مرات أن الولايات المتحدة شاركت في تمويل سد النهضة؛ ففي الشهر الماضي، كتب على منصته "تروث سوشيال" أن السد "موّلته الولايات المتحدة الأمريكية بغباء" وأنه "قلّل بشكل كبير من المياه المتدفقة إلى نهر النيل".
وتحدث ترامب عن مخاوف مصر والسودان من أن السد العملاق سيؤثر على كمية المياه التي يحصلان عليها من نهر النيل.
وتابع قائلا: "لو كنت مكان مصر، لأردت أن أضمن وجود المياه في نهر النيل. نحن نعمل على حل هذه المشكلة، وقد بنوا واحداً من أكبر السدود في العالم، قريب جداً من مصر. يبدو أن أمريكا موّلت بناءه، ولا أعلم لماذا لم تُحل هذه المسألة قبل بدء المشروع".
واعتبر ترامب أن النيل هو "شريان حياة مصر"، مضيفاً: "سلب مصر من نهرها أمر لا يُصدّق، ولكنني أعتقد أن هذا الملف سيُحل قريباً جدا".
ويبلغ طول سد النهضة أكثر من ميل (نحو 1.6 كيلومتر) وارتفاعه 145 متراً، ويقع على النيل الأزرق في مرتفعات شمال إثيوبيا، وهي المنطقة التي يتدفق منها نحو 85 في المئة من مياه نهر النيل.
وتعيد هذه التصريحات التذكير بموقف ترامب خلال فترة رئاسته، حين استضاف جولات التفاوض الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان في عامي 2019 و2020، برعاية وزارة الخزانة الأمريكية ومشاركة البنك الدولي. ورغم التوصل إلى اتفاق أولي، رفضت أديس أبابا التوقيع عليه، ما دفع ترامب في حينها إلى انتقاد إثيوبيا بشدة، بل وصرح علناً أن "مصر قد تفجر السد لأنها لا تستطيع العيش بهذه الطريقة".