لندن- يبدو أن أجواء الارتياح لدى فئات عريضة من الطبقة السياسية البريطانية، التي أعقبت لقاء رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، أثارت أيضا سخط آخرين بشأن تدبير حكومة حزب العمال للعلاقات الثنائية مع إدارة ترامب في لحظة بالغة الحساسية في أوروبا يحذر فيها كثيرون من عواقب التقارب الأميركي الروسي.

وبعودة ستارمر إلى مقر حكومته في لندن قادما من واشنطن، يكون -وبإجماع كثيرين- قد أنجز "الاختبار الأصعب" منذ توليه منصبه قبل أشهر، وفاوض ترامب الذي لا تبدو القواعد الدبلوماسية الناظمة لعالم ما بعد الحرب الباردة مقنعة بالنسبة إليه، ورسَّخ صورة بريطانيا كحليف خاص يحترمه ترامب، وينصت إليه، ولا يناكفه أمام عدسات الصحفيين.

وساطة

ومن المرتقب أن يعرض ستارمر الأحد المقبل في لندن نتائج مفاوضاته مع ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا، وتمويل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وإرسال قوات حفظ سلام لتوفير ضمانات دفاعية ضد أي خطر روسي على طاولة البحث في قمة طارئة استدعي إليها قادة 12 بلدا أوروبيا لبحث تطوير إستراتيجيات دفاعية أوروبية مشتركة، تحسبا لأي قطيعة مفاجئة مع واشنطن.

إعلان

وبالرغم من أن بريطانيا لعبت -وخلال السنوات الثلاثة الماضية- دور رأس الحربة بدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، وضخها مساعدات عسكرية للجيش الأوكراني، وفرضها عقوبات قاسية على موسكو، لم يُغيِّر رئيس وزرائها ستارمر وأثناء زيارته للبيت الأبيض في موقف ترامب المتصلب بشأن الحرب، وعزمه تطبيع العلاقات سريعا مع الروس.

ويرى طاهر عباس البروفسور وأستاذ السياسات العامة والأمن في جامعة ليدن البريطانية أن ستارمر حاول بمهارة ودون استثارة غضب ترامب الدفاع عن الموقف الأوروبي واستغلال المكانة الخاصة لبريطانيا كحليف تقليدي للولايات المتحدة، في محاولة لاستمالة الرئيس الأميركي للعدول عن دعم اتفاق سلام سهل مع موسكو مقابل تجريد أوكرانيا من أي ضمانات أمنية.

وأشار عباس في حديثه للجزيرة نت إلى أن ستارمر رتَّب لهذه الزيارة بعناية شديدة، واستبقها بقرار ضخ ما يقدر بـ6 مليارات جنيه إسترليني في ميزانية الدفاع، تقتطع من الدعم المخصص للمساعدات الخارجية، مقامرا بوحدة الصف داخل حزبه وتعهداته لناخبيه برفع الميزانية المخصصة للمساعدات الإنسانية لتصل إلى 0.7% من الناتج الداخلي الخام عوضا عن تقليصها.

ويهدد النهج الذي اعتمده رئيس الوزراء البريطاني في التقارب مع واشنطن بمزيد من الشروخ داخل حكومة حزب العمال، بعد إعلان وزيرة التنمية الدولية أناليز دودس استقالتها احتجاجا على قرار خفض حجم المساعدات الخارجية، واصفة إياه بمحاولة لإرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب واستنساخ قراره قطع المساعدات التنموية عن الوكالة الأميركية للتنمية دون إدراك لعواقبه على الفقراء عبر العالم.

تعزيز المصالح

وفي السياق، يرى فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في حديث للجزيرة نت، أنه على الرغم من تحذير ستارمر للأميركيين من خطورة فك الارتباط بين الأوروبيين وواشنطن وعدم توفير ضمانات أمنية كافية قبل إبرام اتفاق سلام ينهي الحرب في أوكرانيا، فإن زيارته للبيت الأبيض لم تهدف بالأساس للعب دور وساطة بين الجانبين، بل كان هاجسها الأكبر ترتيب العلاقات الثنائية بين الحليفين وخدمة المصالح البريطانية الداخلية.

إعلان

وبين جرجس أن ستارمر انتزع من ترامب تعهدا بإعفاء البضائع البريطانية من الرسوم الجمركية التي يهدد ترامب بفرضها، مشيرا إلى أن التعاون التجاري يُعد الخيط الناظم لفهم العلاقات البريطانية الأميركية، خاصة وأن البريطانيين يعوّلون على توقيع اتفاق تجارة حرة مع واشنطن يجبُر الخسائر التي تكبدها اقتصادهم منذ خروجهم من الاتحاد الأوروبي.

وبرأي مراقبين بريطانيين، يضيف جرجس، فقد نجح ستارمر بإدارة علاقة صعبة مع ترامب، ورأب الصدع بين إدارته وحكومة حزب العمال، وأكد على رسوخ ما يوصف بـ"العلاقة الخاصة" بين البلدين، والتي دأبت فيها بريطانيا على احتلال موقع الداعم للسياسات الأميركية، والاستفادة من تلك المكانة لخدمة نفوذها الدولي، في وقت لا تبدو فيه لندن في ميزان القوى الأميركي سوى "حليف تابع"، بوصف جرجس، قد لا يُغيِّر كثيرا في موازين القوى كما تراها واشنطن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

ويتكوف: ترامب يتطلع إلى اتفاق سلام شامل مع إيران

وصف مبعوث واشنطن إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، المباحثات الأميركية الجارية حاليا مع إيران بأنها "واعدة".

وفي حديث مع قناة "فوكس نيوز"، أشار ويتكوف إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتطلع الى اتفاق سلام شامل.

وقال: "أكد ترامب بوضوح تام أنه يرغب برؤية اتفاق سلام شامل مع إيران يتجاوز وقف إطلاق النار. هو يأمل في ذلك".

وعن المفاوضات بين واشنطن وطهران، قال: "نحن نتحدث بالفعل مع بعضنا البعض، ليس بشكل مباشر فحسب بل أيضا من خلال وسطاء".

وأكد ويتكوف أن الولايات المتحدة "لن تسمح بأي تخصيب لليورانيوم في الاتفاق مع إيران".

ومن جهة أخرى، علق ويتكوف على تقارير صحفية نشرتها وسائل إعلام أميركية، بشأن تقييم استخباراتي أولي أفاد أن الضربات العسكرية على 3 منشآت نووية إيرانية لم تنجح في تدمير عناصر رئيسية من البرنامج النووي لطهران.

وقال ويتكوف مكذبا التقارير: "تم القضاء على القدرات النووية الإيرانية. سيكون من شبه المستحيل إحياء البرنامج النووي الإيراني في السنوات القليلة المقبلة".

وتابع: "ترامب يملك القدرة على معرفة متى يضغط على الزر ومتى يسحب يده".

وأضاف: "ألقينا 12 قنبلة خارقة للتحصينات على منشأة فوردو (لتخصيب اليورانيوم) ولا شك أنها دُمرت، لذا فإن التقارير المتداولة التي تشير بطريقة ما إلى أننا لم نحقق الهدف هي ببساطة مضحكة للغاية".

واعتبر أن "تسريب هذا النوع من المعلومات، مهما كانت المعلومات ومن أين جاءت، أمر شائن. إنه خيانة. لذا يجب التحقيق في الأمر ومحاسبة من قام بذلك، أيا كان المسؤول عنه".

وقال ويتكوف: "هدف الرئيس الأميركي هو القضاء على تخصيب اليورانيوم وقدرات عسكرة البرنامج النووي لإيران، وقد حققه بعد 12 يوما (من الحرب). لم تكن حربا أبدية أو حربا من أجل الحرب فقط".

مقالات مشابهة

  • العراق وقطر تبحثان هاتفيًا تعزيز علاقات التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك
  • حذاء سندريلا يوقع لصا هاربا في قبضة الشرطة البريطانية
  • اتصال لافت بين السيسي وكير ستارمر يعكس تحولًا بريطانيًا في أولويات الشرق الأوسط
  • عاجل. وزير الدفاع الأميركي: تسريب التقرير الاستخباراتي هدفه التشكيك في نجاح الضربة بإيران والنيل من ترامب
  • ترامب يدعو بوتين لإنهاء الحرب ويتحدث عن تزويد أوكرانيا بمنظومات باتريوت
  • ترامب يعلن إجراء محادثات بين واشنطن وطهران الأسبوع المقبل
  • ترامب يعلن عقد مباحثات بين واشنطن وطهران "الأسبوع المقبل"
  • هل ينجح ترامب في انسحاب أميركي سريع من صراع إسرائيل وإيران؟
  • ليست مسرحية بل لعبة العروش السياسية
  • ويتكوف: ترامب يتطلع إلى اتفاق سلام شامل مع إيران