تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لطالما كان الصيام جزءًا أصيلًا من الفلسفات الروحية والأديان القديمة، فهو ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو تمرين على ضبط النفس وترويض الشهوات. في الفلسفات الشرقية، مثل البراهمية، كان الجسد يُعامل على أنه منبع الشرور، وكان التخلص من رغباته يُعتبر طريقًا للخلاص الروحي.

لكن الإسلام أتى ليوازن بين الروح والجسد، فالصيام عند المسلمين ليس إذلالًا للجسد، بل تهذيبًا له، ليكون وسيلة للارتقاء الروحي وليس عبئًا يقيد صاحبه.

في كتابه "الإسلام ما هو؟" يتناول الدكتور مصطفى محمود فلسفة الصيام في رمضان، متسائلًا عن الحكمة الإلهية وراء فرضه: "كيف يخلق الله لنا أسنانًا ومعدة ثم يأمرنا بالصيام؟" ويجيب على هذا التساؤل بأن الجسد ليس السيد، بل هو الخادم، والإنسان ليس عبدًا لشهواته، بل هو القائد الذي يجب أن يروض غرائزه، لا أن يصبح أسيرًا لها.

ويؤكد مصطفى محمود أن رمضان ليس شهرًا للكسل أو الاسترخاء، بل هو ميدان للعمل والجهاد والانضباط. فالتاريخ يشهد أن كثيرًا من المعارك الكبرى، مثل غزوة بدر، وحرب أكتوبر، قد وقعت في رمضان، مما يثبت أن الصيام لم يكن يومًا عائقًا أمام الإنجاز. فالصائم الحقيقي لا ينام طوال النهار أو يتعامل بعصبية وضيق، بل يستغل هذا الشهر لتصفية روحه وتقوية إرادته.

رمضان، كما يراه مصطفى محمود، هو رحلة للبحث عن الله، ودروس يومية في الطاعة والصبر والانضباط. إنه اختبار للإنسان ليعرف مدى تحكمه في جسده، ومدى قدرته على قيادة نفسه نحو الخير. فإذا كان الجسد حصانًا، فالصيام هو اللجام الذي يجعل الإنسان هو الفارس، لا العكس.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الإسلام ما هو رمضان عند الأدباء مصطفى محمود مصطفى محمود

إقرأ أيضاً:

العلاقات السامة

ضع الترمومتر… وقس آلام البشر من حولك، ستكتشف أن هناك أرواحًا تعيش بيننا محمّلة بكمّ هائل من الوجع، وكسرة النفس والخاطر من خذلان أقرب الأقربين لهم كانوا يومًا قلوبًا مسالمة، طيبة، نقية من التعقيدات، لكنهم وجدوا أنفسهم محاطين بأشخاص أنانيين جاحدين، لا يرون إلا أنفسهم، يسعون للبروز حتى ولو على حساب إخماد ضوء الطيبين من حولهم.

شاء الله الخبير القدير أن يُظهر الحق وينصر المظلوم ويفضح الظالم، ذاك الذي لم يتعلم إلا أن يأخذ دون أن يعطي، ويعيش على أن يحمل الآخرون أعباءه بينما هو يكتفي بالتفرج والحكم على الناس، شخص تعوّد على نكران الجميل، وعلى أن يكون العطاء بالنسبة له أمرًا انتقائيًا لا يحدث إلا إذا خدم مصالحه الخاصة — مصالح المنظرة، والكِبر، والمظاهر الفارغة.

هؤلاء الأشخاص يتقنون التظاهر، لكن قلوبهم خاوية، وأرواحهم مثقلة بالعنجهية. يسيرون بين الناس وكأنهم أوتوا الحق في أن يُنهكوا من حولهم، حتى إذا انتفض الطيب وأقام حدودًا لينجو بنفسه وبمن هم في عهدته، انقلبت الأدوار فجأة وصُوِّر على أنه المخطئ أو الجاحد.

لكن الحقيقة أن تلك اللحظة — لحظة رسم الحدود — هي بداية التعافي، وهي النقطة التي يتوقف فيها الاستنزاف ويبدأ فيها استرداد النفس.

جاء منظور الشرع والدين، يحثنا على صلة الرحم والإحسان للناس، لكن دون ظلم للنفس أو تمكين للآخرين من أذيتنا. قال النبي ﷺ: «لا ضرر ولا ضرار»، وهذا أصل عظيم في الإسلام يبيّن أن حفظ النفس والروح مقدم على أي علاقة تُهلك صاحبها، كما قال تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، فالمؤمن مأمور بحفظ قلبه وعقله ودينه من كل ما يفسدهم، حتى لو جاء الخطر من أقرب الناس.

صلة الرحم لا تعني أن نسمح بالإساءة المستمرة، بل قد تكون بالسلام، والدعاء، والتواصل، بقدر ما يحفظ السلام النفسي والكرامة. فالرحمة بالنفس من أصل الرحمة التي أمرنا بها الله، وحماية القلب من القسوة والخذلان واجب، لأن القلب هو موضع الإيمان.

نماذج ناجحة لرسم الحدود:

النبي ﷺ حين هاجر من مكة إلى المدينة، ترك قومه الذين آذوه، لكنه لم يقطع رحمهم، بل زارهم وأحسن إليهم يوم فتح مكة، في أروع مثال على الجمع بين الحزم والإحسان.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان شديد الحزم في التعامل مع من يتعدى على الحقوق، لكنه عُرف بصلته لأقاربه وإحسانه إليهم دون أن يسمح لهم باستغلال مكانته.

في حياتنا المعاصرة، هناك أشخاص وجدوا أنفسهم مع قرابة تستنزفهم نفسيًا، وضعوا حدودًا واضحة — مثل تقليل الزيارات، أو الاكتفاء بالتواصل الهاتفي — فحافظوا على سلامهم النفسي واستطاعوا الاستمرار في العطاء لمن يستحق.

الخلاصة والنصيحة:

لكل من يعيش وسط أشخاص أنانيين، لا تسمح لأحد أن يستهلكك باسم القرابة أو العِشرة، ضع حدودك بثبات، وكن وفيًّا لنفسك قبل أي أحد.تعلم أن تقول رأيك وتدافع عنه بثبات، وكن جريئًا في حقك، وتذكر أن حياتك أمانة، تقبّل أن الخذلان قد يأتي من أقرب القلوب، وأن سلامك النفسي أمانة بين يديك، وجّه مجهودك لمن يستحق حقًا — علاقتك بالخالق، أبناءك، حياتك، عملك — فهم استثمارك الأجمل والأهم، وإنجازك الحقيقي، وهم الأَولى برعايتك.

وتذكّر دائمًا: من يحافظ على قلبه يحافظ على حياته كلها، ويحميها من الفقد أو المرض النفسي، ويعيش عمره في رضا الله وسلام داخلي.

اقرأ أيضاًلماذا غزة؟

لماذا تريد أمريكا السيطرة على قطاع غزة؟

مقالات مشابهة

  • التشابه الغامض بين تجارب الاقتراب من الموت ورحلات المخدرات المهلوسة
  • أجرٌ مريض.. وقلبٌ مثقل بالالتزامات
  • التعادل السلبي ينهي مباراة بتروجت والإسماعيلي ‏بالدوري المصري
  • أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم
  • التعادل يحسم الشوط الأول بين بتروجيت والإسماعيلي ‏في الدوري
  • سيطرة الأحمر وإنذران.. شوط أول سلبي بين الأهلي ومودرن سبورت
  • الأهلي يواصل الضغط أمام مودرن والتعادل السلبي يسيطر بعد مرور 30 دقيقة
  • العلاقات السامة
  • التشكيل المتوقع.. تريزيجيه يقود الأهلي أمام مودرن سبورت في الدوري
  • «زيزو» يقود الهجوم.. تشكيل الأهلي المتوقع ضد مودرن سبورت في الدوري الممتاز